العقل ودوره في صيانة النهضة الحسينية

العقل ودوره في صيانة النهضة الحسينية وتكريس قابلية التكرار والمحاكاة

مقدمة

تتعرَّض هذه المقالة إلى العقل بوصفه مانعاً عن تحريف النهضة الحسينيّة، وكذلك بوصفه عاملاً وسبباً في إمكان محاكاتها، وتتوصل في قسمها الأول إلى أنّ العقل في مقام الثبوت ـ وسيأتي توضيح معنى مقام الثبوت ـ يلعب دوراً كبيراً في غربلة الحوادث التاريخيّة وتصفيتها، ومن جملتها واقعة كربلاء، فلو تأمّلنا في الاستنتاجات العقليّة الفاسدة التي تنشأ من بعض أخبار النهضة الحسينيّة لطرحنا تلك الأخبار بسهولة قبل أن نبحث في مقام الإثبات ـ وسيأتي توضيح لهذا المعنى ـ عن إسنادها، أو نفكّر في عقلنتها وتبريرها، وسننزه بذلك ثوب النهضة الحسينيّة المقدّسة عن كثير من التحريفات اللفظيّة والمعنويّة، التي  يمكن أن تُلصَق بها من دون وعي تارة، وعن قصد أُخرى.

وينتهي البحث في القسم الثاني من المقالة إلى أنّ الأخبار التي لا مشكلة فيها ثبوتاً ـ على تقدير صحّة إسنادها ـ يمكن أن توجّه في مقام الإثبات توجيهاً عقلائياً، وتكون صالحة تماماً للاستدلال بها؛ وبهذا يمكن الردّ على مَن يريد أن يفسِّر حركة الإمام الحسين عليه السلام على أنّها حركة محدودة وضيّقة، وهي مختصّة بشخص الإمام عليه السلام، أو بزمان ومكان محددين، في حين أنّ القسم الأخير من أبحاث هذه المقالة في صدد بيان ـ مع ذكر الشواهد الكثيرة ـ أنّه يفترض من أي قائد ديني أو ثوري يرفض الاستسلام أن يتّخذ نفس الطريقة التي سار عليها الإمام الحسين عليه السلام.

 فجميع تحرُّكات الإمام الحسين عليه السلام من المدينة إلى كربلاء وحتى استقباله للشهادة كل ذلك كان له مبرِّر عقلائي، وطريقه هو الطريق الأفضل والممكن من بين الطرق الأُخرى.

وبهذا يتّضح أنّ حركة كربلاء لا تمثّل مهمة خاصّة غير قابلة للتكرار ولا تحمل رسالة للآخرين، بل الأمر على العكس تماماً، فهي نهضة تُعلّم الأُمم الأُخرى والقادة ـ بوصفها قانوناً عامّاًـ كيفيّة القيام بالمهام المختلفة، التي تُلقى على عواتقهم في الظروف المختلفة، وتعلّمهم وجوب اتّخاذ الموقف العقلائي المناسب للمكان والزمان، وفي الوقت نفسه تحفظ حرمة الدين والشرف والعزّة.

هذه هي الرسالة الخالدة والأبدّية التي تبثّ الحياة في النهضة الحسينيّة، وتجعلها رسالة ترنّ في أسماع مَن ينادي بالحقّ والعدالة والحريّة، وفي كلّ زمان ومكان.

ومن هنا؛ فإننا نثبت في هذه المقالة أنّ النهضة الحسينيّة قابلة للتكرار والمحاكاة والمماثلة؛ أي لا بدّ أن نكون حُسينيين في كلّ زمان، وفي كل مناسبة تشبه عاشوراء، ولا بدّ من السير دائماً في طريق طلب الحقّ والعدالة، وكل القيم الأُخرى، مع الأخذ بنظر الاعتبار ظروف الزمان والمكان.

إن البُنية التحتية لدراسة حركة كربلاء دراسة عقليّة للبحث تقوم على فرضين أساسيين:

الأول: إنّ الإمام الحسين عليه السلام كان عالماً عاملاً بكل ما للكلمة من معنى، وكان بصدد تطبيق الأحكام الإسلاميّة.

الثاني: إنّ الإمام عليه السلام هو شخصيّة رسالية أبيّة، وفي الوقت نفسه شخصيّة منطقية وعقلانية، وهو بالرغم من رفضه الصلح كان بصدد اتّخاذ أفضل موقف متناسب مع الأوضاع الزمانيّة والمكانيّة المختلفة. 

وقبل الدخول في صلب البحث في هذه المقالة نتطرَّق إلى مطلبين مهمّين في هذا السياق ـ لهما الأثر البالغ في إلقاء الضوء على جوانب البحث ـ لتتكشّف الصورة أكثر وتبدو أكثر وضوحاً:

المطلب الأول: الحديث عن أنواع الرؤى والنظريات في التعاطي مع التاريخ، وما هي المناهج الموجودة في دراسة التاريخ، والتعامل مع موادِّه.

المطلب الثاني: أثر ودور العقل في مقام الثبوت والإثبات في معالجة الحوادث التاريخية.

وعند الحديث في المطلب الأول، فإننا نقول: إنّ هناك عدّة رؤى ومناهج في دراسة التاريخ وكيفيّة التعامل مع موادِّه، ويمكن تقسيمها على ثلاثة أقسام[2]:

الأول: التاريخ النقلي

ويُطرح في التاريخ النقلي وقائع وأحداث الناس وأحوالهم في الزمن الماضي على شكل سردٍ توثيقي، مجرد من تحليل أو دراسة.

الثاني: التاريخ العقلي

وهو العلم بالقواعد والسنن الحاكمة على حياة الماضين التي تحصل عن طريق دراسة وتحليل الحوادث التاريخية السابقة والوقائع الماضية، ويكون المؤرِّخ بهذا المعنى في صدد الكشف عن طبيعة الحوادث التاريخية ورابطة السببية بينها؛ كي يصل إلى سلسلة قواعد وضوابط عامّة يمكن تعميمها على الحالات المشابهة في الماضي والحاضر.

وهكذا لا يكتفي التاريخ العقلي ـ خلافاً للتاريخ النقلي ـ بسرد الحوادث، بل يقوم بتعليل الوقائع، بمعنى أنّه يسعى في هذه النظرية لتفسير علل وقوع كل حادثة في مرحلتها الزمانية والمكانية  الخاصّة.

الثالث: فلسفة التاريخ

يطرح في فلسفة التاريخ العلم بتغييرات المجتمعات وتطوراتها من مرحلة إلى أُخرى، والقوانين الحاكمة على هذا التطوّر والتغيّر، فهو العلم بكيفيّة صيرورة المجتمع لا بكيفيّة وجوده، فليس المقوِّم لتاريخيّة مسائل فلسفة التاريخ هو ارتباطها بالماضي، بل هو العلم بقضية حدثت في الماضي، وهي مستمرة وستستمر إلى المستقبل.

وهذه المقالة تبحث حادثة كربلاء بلحاظ النوع الثاني من البحث التاريخي، أي إنّها تضع التاريخ العقلي التحليلي تحت البحث والتدقيق، ولم تتعرَّض إلى التاريخ النقلي بما هو سرد للواقعة، بل لو اعتمدنا أيضاً على وقائع ما، فهو من باب أنّها تعدّ المادّة الأوليّة للتاريخ العقلي ومقدمة للبحث.

وقد استفدنا هنا من العقل بمعنيين: العقل بصفته الميزان في معرفة صحّة أو سقم الحوادث التاريخية المتعلقة بكربلاء، والعقل بمعنى الوسيلة التي تفي بتحليل وقائع هذه النهضة وتسعى إلى تعميمها[3].

أثر العقل في مقامي الثبوت والإثبات في تحليل الحوادث التاريخية

في البداية من الضـروري أن نذكر توضيحاً مختصـراً لاصطلاحي الثبوت والإثبات:

 مقام الثبوت: هو مقام الواقع؛ لأن لواقع كلّ شيء حدَّاً ودرجةً، وهو مقام الشيء في حدِّ نفسه، والبحث في مقام الثبوت هو البحث عن إمكان وجود الشيء، وأنّه هل يلزم من فرض وجود قضية ـ أو حادثةٍ ما ـ  محذورٌ عقلي فاسد أو لا؟

وأمّا مقام الإثبات: فهو مقام الشيء بالنسبة إلينا ـ في مقابل مقام الشيء في نفسه ـ وهو يرتبط بمرحلة التحقق الخارجي، ويُبحث في مقام الإثبات حول وجود دليل عقلي أو نقلي يدل على الموضوع الذي  افترضناه ممكناً في عالم الثبوت أو لا.

ولو درسنا الحوادث التاريخية على أساس مقاميّ الثبوت والإثبات، لوجدنا فيهما جهة اشتراك وجهة افتراق، أمّا جهة اشتراك مقامي الثبوت والإثبات، فهي: إنّ للعقل تاثيراً فيهما معاً. وأمّا جهة افتراقهما، فهي أنّ الحادثة التاريخية في عالم الثبوت تُعرَض على العقل.

وبعبارة أُخرى: إنّ العقل في مقام الثبوت هو المعيار والمُحكّم في الحوادث التاريخية، أي إنّ العقل هو الميزان في معرفة أنّ هذه الحادثة التاريخية ـ مثلاً زواج القاسم في واقعة كربلاء ويوم عاشوراء ـ هل هي ممكنة ثبوتاً أو لا؟ أي إنّ أصل قبول هذه الواقعة التاريخية ـ وبقطع النظر عن إمكان إيجاد دليل لها من الناحية التاريخيّة ـ هل يلزم منه محاذير فاسدة أو لا؟

وأمّا إذا بُحثت قضية زواج القاسم من ناحية مقام الإثبات، فأحد جهات تلك القضية هو البحث في الأدلّة النقليّة ودراستها، فالعقل ـ باعتباره الوسيلة ـ بصدد استنتاج أنّه لو فرضنا أنّ تلك القضية لا تستتبع محاذير فاسدة على مستوى الثبوت، وفرضنا أنّ أدلّتها صحيحة أيضاً، فلماذا؟ ولأي سبب تقع هذه القضية في ذلك الزمان والمكان؟ وهل كان هذا العمل منطقياً ومعقولاً أو لا؟

 العقل في مقام الثبوت مانع من تحريف النهضة الحسينية

من جملة ما تتبنَّاه الشيعة: إنّ قول المعصوم وفعله وتقريره حجّة، ومن هذه الجهة يكون التحريف في الدين عموماً، وفي شخصية وحياة الأئمة خصوصاً خطيراً ومدمِّراً جدَّاً؛ ومن هنا فمنع التحريف اللفظي أو المعنوي هو الهدف لكلّ ذي لبّ، ومن جملة طرق الوقوف بوجه التحريف هو التمسّك بالعقل في مقام الثبوت الذي وقع البحث حوله بشأن النهضة الحسينيّة في هذه المقالة.

أمّا كيف يصير العقل في مقام الثبوت مانعاً عن تحريف الحوادث التاريخية؟

فنقول في صدد الجواب عن ذلك: إنّه يُطرح تساؤل في مقام الثبوت ـ وقبل أن نلتمس الأدلّة العقليّة أو النقليّة للحادثة التاريخيّة، ولا بدّ أن يُجاب عن ذلك التساؤل بالإيجاب؛ كي ينفتح البحث عن التاريخ النقلي وتعليل الحوادث ـ وذلك التساؤل الأساسي هو: هل يلزم من نقل حادثة ما محذور عقلي فاسد أو لا؟ مثلاً ما يذكر عادَّة:>إنّه لمّا عزم علي الأكبر في يوم عاشوراء على القتال، نذرت أُمّه: لئن أرجع الله تعالى عليّاً الأكبر سالماً ولم يقتل في كربلاء لأزرعن طريق الطف ريحاناً، أي أنّها نذرت أن تزرع ثلاثمائة فرسخ 1800 كيلو متر ريحاناًأنّ عدد جيش عمر بن سعد في كربلاء مليون وستمائة... وقد قتل الإمام الحسين عليه السلام لوحده في يوم عاشوراء ثلاثمائة ألف رجل. فلو فرضنا أنّ السيف يقتل في كل ثانية رجلاً، فقتل ثلاثمائة ألف رجل يحتاج إلى ثلاثة وثمانين ساعة وعشرين دقيقةإنّ مَن يقول بأنّ الإمام علياً عليه السلام كان يخطب على المنبر، لا بدّ أن يعلم أنّ الإمام علياً عليه السلام لم يخطب على المنبر إلاّ في مدّة خلافته، فلا بدّ أن تكون تلك الحادثة في الكوفة، وفي هذا الوقت كان عمر الحسين ثلاثاً وثلاثين سنة، فكيف يكون هذا الكلام معقولاً؟!أمّا بعد فخذ حسيناً وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذاً شديداً، ليس فيه رخصة حتى يبايعوا، والسلامإذا أتاك كتابي هذا، فاحضر الحسين بن علي، وعبد الله بن الزبير، فخذهما بالبيعة لي، فإن امتنعا فاضرب أعناقهما، وابعث لي برؤوسهماكيف أبايع ليزيد، ويزيد يشرب الخمر ويلهو، ويقضي يومه بملاعبة الكلاب والفهود وليله باللهو واللعبكان يبعث إليه في كل عام ألف ألف درهم من بيت المال، ويرسل إليه ـ ما عدا هذا المبلغ ـ السلع والجوائز الكثيرةيزيد متجاهر بالفسققام فجمع إليه مواليه وأهل بيته.. وقال لأصحابه: إنّي داخل فإن دعوتكم أو سمعتم صوته قد علا؛ فاقتحموا عليَّ بأجمعكم، وإلاّ فلا تبرحوا حتى أخرج إليكمأمّا ما سألتني من البيعة فإنّ مثلي لا يعطي بيعته سراً، ولا أراك تجتزئ بها مني سراً دون أن نظهرها على رؤوس الناس علانيةً. قال: أجل. قال: فإذا خرجت إلى الناس فدعوتهم إلى البيعة دعوتنا مع الناس فكان أمراً واحداًفأين أذهب يا أخي؟ قال: انزل مكة... فقال عليه السلام: يا أخي قد نصحت وأشفقت، وأرجو أن يكون رأيك سديداً وموفّقاً، وأنا عازم على الخروج إلى مكة وقد تهيّأت لذلكوأقبل أهلها يختلفون إليه ومَن كان بها من المعتمرين وأهل الآفاقيا أبا هرّة، إنّ بني أُمية أخذوا مالي وشتموا عرضي فصبرت، وطلبوا دمي فهربتلو لم أعجل لأُخذتإنّ أبي حدَّثني أنّ بها كبشاً يستحلّ حرمتها فما أحب أن أكون ذلك الكبشوالله، لئن أُقتل خارجاً منها أحب إليَّ من أن أُقتل داخلاً منها بشبربسم الله الرحمن الرحيم: للحسين بن علي من شيعته المؤمنين، أمّا بعد، فحَيَهل، فإنّ الناس ينتظرونك لا رأي لهم غيرك، فالعجل العجل، ثمّ العجل يا بن رسول اللهوقد بعثت إليكم أخي وابن عمّي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل، وأمرته أن يكتب إلي بحالكم وأمركم ورأيكمفإنّ الناس كلهم معك، وليس لهم في آل معاوية رأي ولا هدىمن الخبير سألت: قلوب الناس معك، وسيوفهم مع بني أمية...أمّا أشراف الناس، فقد أعظمت رشوتهم وملئت غرائرهم، يستميل ودّهم، ويستخلص به نصيحتهم، فهم إلبٌ واحد عليك، وأمّا سائر الناس بعد، فإنّ أفئدتهم تهوى إليك، وسيوفهم غداً مشهورة عليكأيّها الناس، إنّي لم آتكم حتى أتتني كتبُكم وقدِمتْ عليّ رسلُكم: أن اقْدِم علينا؛ فإنّه ليس لنا إمام، لعل الله أن يجمعنا بك على الهدى والحقّ، فإن كنتم على ذلك، فقد جئتكم فأعطوني ما أطمئن إليه من عهودكم ومواثيقكم، وإن لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي جئت منه إليكمإنّهم جدّوا في إلقاء القبض عليه، أو قتله غيلة ولو وجدوه متعلقاً بأستار الكعبةأمّا بعد، فجعجعْ بالحسين حين بلغك كتابي هذا ويقدم عليك رسولي، ولا تنزله إلاّ بالعراء في غير خضر وعلى غير ماء، وقد أمرت رسولي أن يلزمك ولا يفارقك حتى يأتيني بإنفاذك أمري، والسلامكتَبَ إليّ أهلُ مصـركم هذا أن اقْدِم، فأما إذ كرهوني فأنا أنصرف عنهمأيّها الناس، إن كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمني من الأرضأمّا بعد، فإنّي لم أبعثك إلى حسين لتكفّ عنه ولا لتطاوله، ولا لتمنّيه السلامة والبقاء، ولا لتقعد له عندي شافعاً، انظر، فإن نزل حسين وأصحابه على الحكم واستسلموا فابعث بهم إليّ سلماً، وإن أبوا فازحف إليهم حتى تقتلهم وتمثل بهم؛ فإنّهم لذلك مستحقون، فإن قُتل حسين فأوطئ الخيل صدره وظهره؛ فإنّه عاقّ مشاقّ قاطع ظلوم... وإن أبيت، فاعتزل عملنا وجندنا، وخلِّ بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر، فإنّا قد أمرناه بأمرنا، والسلامألا وإنّ الدّعي وابن الدّعي قد ركز بين اثنتين، بين السلّة والذلّة، هيهات منّا الذلّةألا قد أعذرت وأنذرت، ألا وإنّي زاحف بهذه الأسرة مع قلّة العدد وكثرة العدو وخذلان الناصروالذي دعا معاوية لإيثار ابنه يزيد بالعهد دون مَن سواه إنّما هو مراعاة المصلحة في اجتماع الناس واتفاق أهوائهم، باتّفاق أهل الحلّ والعقد عليه حينئذٍ من بني أُميةوأمّا الحسين، فإنّه لمّا ظهر فسق يزيد عند الكافة من أهل عصره بعثت شيعة أهل البيت بالكوفة للحسين: أن يأتيهم فيقوموا بأمره. فرأى الحسين أنّ الخروج على يزيد متعيّن من أجل فسقه، لا سيما مَن له القدرة على ذلك وظنها من نفسه بأهليته وشوكته، فأمّا الأهلية فكانت كما ظن وزيادة، وأمّا الشوكة فغلط يرحمه الله فيها؛ لأن عصبية مضر كانت في قريش وعصبية عبد مناف إنّما كانت في بني أُمية ... فقد تبيّن لك غلط الحسين، إلاّ أنّه في أمر دنيوي لا يضره

[4] المطهري، مرتضى، تحريفات عاشوراء، حزب الجمهورية الإسلامية: ص18، ومن الضروري الانتباه إلى أنّ هذا الكتاب قد ناقش هذه الحوادث مفصّلاً.

[5] لم يُتوسع في البحث من هذه الناحية، ولكن هناك كتباً بحثت هذا الأمر، أفضلها: اللؤلؤ والمرجان للمرحوم النوري، وتحريفات عاشوراء للشهيد المطهري الذي اعتمد فيه على كتاب المرحوم النوري.

[6] المطهري، مرتضى، تحريفات عاشوراء: ص21.

[7] المصدر نفسه: ص 6ـ 15.

[8] المصدر نفسه:  ص3ـ 62.

[9] لأجل أن لا تكون هناك مشكلة من حيث السند، قمنا بنقل أهم شواهد هذا القسم عن مصدر يبدو أنّه من أفضل المصادر التاريخية سنداً في واقعة كربلاء، وقد طبع هذا المصدر من قبل مؤسسة  النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية، وهو كتاب وقعة الطفّ لأبي مخنف، لوط بن يحيى الأزدي الغامدي الكوفي، تحقيق: الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي، طبع سنة 13677ش، وهذا الكتاب يتمتع بمزايا كثيرة، وأرى من الضروري أن أتحدَّث عن هذا الكتاب ومؤلفه ليتعرَّف المحققون على حادثة كربلاء.

من الأُمور الواضحة لمحققي تاريخ الإسلام أنّ أبا مخنف المتوفّى سنة158 هجري قمري أول مَن ألّف كتاباً بشأن واقعة كربلاء باسم مقتل الحسين، ومن تلامذته هشام بن محمد بن سائب الكلبي الكوفي، وقد كتب هشام الكلبي أيضاً كتاباً بنفس ذلك العنوان بعد أن استفاد من كتاب أُستاذه وأضاف إليه، وقد اعتمد مشهور المؤرخين لتاريخ الإسلام ـ كالواقدي، والطبري، وابن قتيبة، والمسعودي، والشيخ المفيد، والشهرستاني، وابن أثير الجزري وإلخ.. ـ على هذين الكتابين في بحثهم حول وقعة كربلاء.

وكتاب مقتل الحسين لأبي مخنف مفقود في الوقت الحاضر، وقد أُوردت على الكتاب ـ المطبوع بنفس هذا العنوان، والموجود في المكتبات والذي يستند إلى كتاب وقعة الطفّ ـ عدّة إشكالات؛ لعدم العلم بزمان ومكان تأليفه وطبعته الأُولى؛ ولوجود مشاكل في محتواه؛ فإنه توجد فيه عدّة أحاديث تعدّ مرسلة؛ ولأجل وجود الأخطاء الفاحشة في هذا المقتل المتداول والشائع الآن فقد أُشكل عليه بعشرين إشكالاً أساسياً؛ ولذلك فهو ساقط عن الاعتبار.

ومن جملة مزايا كتاب وقعة الطفّ أنّه توجد في بداية الكتاب مقدمة تحتوي على 66 صفحة قد بُحث فيها بشكل تحقيقي عن أبي مخنف وإسناد أبي مخنف وردّ المقتل المشهور، وبعد أن استُخرجت مطالب أبي مخنف الموجودة في الكتاب من الكتب التاريخية المشهورة تمّ تطبيق تلك المطالب في الحاشية مع الكتب التاريخية المشهورة، مثل تاريخ الطبري، وإرشاد الشيخ المفيد و...

وبكلمة واحدة: إنّ هذا الكتاب جامع لكلّ المقاتل والمصادر المعتبرة في واقعة كربلاء.

[10] من الواضح أنّ الطريق الذي يوضّح واقعة كربلاء لا ينحصر بالتاريخ العقلي، وهذه المقالة لا تنكر وجود طرق أُخرى أعلى من العقل كالقلب و المودّة و..، بل إنّها تدّعي أنّ التبيين العقلي لواقعة كربلاء يتمتّع  بأنّه القدوة الفضلى عند الناس.

[11] أبو مخنف، لوط بن يحيى، وقعة الطفّ: ص75.

[12] المصدر نفسه: ص74، في الحاشية.

[13] محمد تقي، ناسخ التواريخ: ج6، ص6ـ 165. اُنظر: ابن أعثم،  الفتوح: ج5، ص12.

[14] المصدر نفسه: ص118.

[15] لاحظ الحاشية رقم 2.

[16] أبو مخنف، لوط بن يحيى، وقعة الطفّ: ص80

[17] روي أنّ العدد الذي حاصر القصر 30 إلى 50 شخص. اُنظر: ناسخ التواريخ: ج 6، ص166.

[18] أبو مخنف، لوط بن يحيى، وقعة الطفّ: ص80 .

[19] الأمين، سيد محسن، الإمام الحسن وا