أشار ممثل المرجعية الدينية العليا الشيخ عبد المهدي الكربلائي، إلى أن ما شهدته منطقتنا، ولا سيما في العام المنصرم، من أحداث معروفة يمثل معركة من المعارك المحتدمة بين جبهة تدافع عن الحق والعدالة والخير، وجبهة يتمثل فيها الظلم والطغيان والشر بأبشع صوره، حتى فاق كل الحدود المتصورة، جاء ذلك في كلمته الثانية التي القاها خلال مراسم تبديل راية قبل الامام الحسين (عليه السلام).
وقال ممثل المرجعية الدينية العليا في كلمته، إن "هذه المعركة، التي لا تزال مستمرة، قد استنزفت دماء غزيرة وعزيزة، وأدت إلى الكثير من الأذى والضرر بإخوتنا وأخواتنا، من تشريد وتجويع وتخريب لبيوتهم وممتلكاتهم وغيرها، وقدم فيها أصحاب الحق تضحيات جسيمة قل نظيرها، إلا أن كل ذلك لا ينبغي أن يؤدي إلى الشعور بالضعف والانكسار".
وأضاف، أن "أئمة أهل البيت (عليهم السلام) أوصوا بإحياء فاجعة الطف واستذكارها باستمرار، لما بلغت من ذروة الظلم والجريمة بحق العترة الطاهرة، وما قدمه الإمام الحسين (عليه السلام) من تضحيات خالدة في سبيل إحياء الدين ومقارعة الظلم والانحراف".
وزاد، أن "الشعائر الحسينية ليست مجرد ممارسات ظاهرية بل هي سبيل لإحياء معالم الدين وفرائضه"، داعيا إلى "إدراك جوهرها الحقيقي والانطلاق فيها من منطلقات إيمانية خالصة".
ولفت إلى، أن "إقامة المآتم وإظهار الحزن والأسى، وإن كانت من أبرز أساليب إحياء القضية الحسينية، إلا أنها وسيلة لا بد أن تقود إلى جوهر الأهداف التي نهض من أجلها الإمام الحسين (عليه السلام)، وفي مقدمتها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو واجب إلهي عظيم تقام به الفرائض وتصلح به الأمة".
وتابع، أن "هناك أهمية لإحياء الشعائر الحسينية بوعي وبصيرة"، مشددا على أن "هذه الشعائر تمثل عبادة خالصة يتقرب بها المؤمن إلى الله عبر مواساة النبي المصطفى وآله الأطهار (عليهم السلام) في مصابهم الجلل بفاجعة كربلاء".
وأوضح، أن "هذا الواجب لا يقتصر على رجال الدين، بل يشمل كل فرد بحسب موقعه وظرفه، مع ضرورة الالتزام بضوابطه الشرعية"، مشيرا إلى أن "مخالفة هذه الضوابط قد تؤدي إلى نتائج عكسية".
وأستطرد قائلا، أن "سنة الله في خلقه قائمة على الابتلاء والاختبار، وأن الصراع بين الحق والباطل مستمر إلى قيام الساعة، وستبقى ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) نبراساً يوجّه المؤمنين نحو الموقف الصحيح في هذا الصراع".
وبين أن "ما شهدته المنطقة، لاسيما في العام المنصرم، من أحداث دامية، يعكس استمرار المعركة المحتدمة بين جبهة الحق وجبهة الباطل، وأن ما قدمته جبهة الحق من تضحيات جسيمة لا ينبغي أن يؤدي إلى شعور بالضعف والانكسار، بل يستدعي المزيد من الثبات وتقوية العزائم، والعمل الجاد لتجاوز الإخفاقات ونقاط الضعف بطرق واقعية بعيدة عن الأوهام".
وأشار إلى، أن "هذه المعركة تشهد جولات وصدمات على مر الزمن، وعلى أبناء الحق أن لا يغتروا بالمظاهر والشعارات الخادعة، وأن على أولياء الأمر استخلاص العبر من الخسائر الجسيمة والمآسي التي مرت بها الشعوب".
وحذر الشيخ الكربلائي من "خطورة الظروف الراهنة في المنطقة، وأن الشعب العراقي ليس بمنأى عن تداعياتها عاجلا أم آجلا"، داعيا إلى "التسلح بالوعي واليقظة، والعمل على إصلاح الأوضاع الداخلية، وبناء البلد على أسس صحيحة".
وأكمل، إنه "إذا لم يبذل جهد حقيقي لبناء العراق بناء سليما، فإن المستقبل لن يكون أفضل من الحاضر"، منبها إلى أن "من بيدهم زمام الأمور مطالبون بتقوى الله، ومراعاة مصالح الشعب والبلد والمنطقة، لأن مصالح الشعوب مترابطة ومتشابكة".
وفي ختام خطبته، شدد ممثل المرجعية الدينية العليا على "ضرورة الحفاظ على المكتسبات الدستورية التي نالتها البلاد بعد سنوات من الاستبداد، وعدم السماح بالعودة إلى عهود الظلم والقهر، رغم الإخفاقات والأخطاء المتراكمة خلال العقدين الماضيين".
واستشهد الشيخ الكربلائي ببيان سابق للمرجعية الدينية العليا، دعت فيه إلى استخلاص العبر من التجارب الماضية، والعمل على تصحيح المسار، مشيرة إلى أن تحقيق مستقبل أفضل للعراق لا يكون إلا عبر إعداد خطط علمية وعملية لإدارة البلد، والاعتماد على الكفاءة والنزاهة في تسلم مواقع المسؤولية، ومنع التدخلات الخارجية، وتحكيم سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الفساد على جميع المستويات.
اترك تعليق