شبهة مساهمة الدين في ترويج غير الواقعيات

مفاد الشبهة: يقول البعض ان الدين ساهم في الترويج لكثير من القضايا غير الواقعية كالاعتقاد بالجن والخوارق وغيرها؟ 

الجواب: يكون من خلال وجوه عدة: 

أولا: ان الدين كما هو واضح تاريخيا قد حارب الخرافات والظواهر غير الواقعية كألوهية الاصنام والبشر والشمس والقمر والنجوم ووقف امامها بشدة ودعا الى اتباع منطق العقل والتفكر والتدبر ونفى وجود حقيقة عينية للسحر والشعوذة واعتبره ضربا من الخيال او التخيل ليس الا، اما مسالة الجن فان الدين يرى وبحسب معطياته بانه هنالك اجسام فاقدة للكثافة المادية لا يمكن رؤيتها بالحس وانما لها اثارا واضحة بعد التدقيق والمتابعة الخاصة، وان كان باستطاعته نفيه ولم يوجب ذلك محذورا ولكن وفق معطيات الدين الخاصة  يقر بذلك. 

وكذلك بالنسبة للخوارق الطبيعية فالدين انما يعتقد بها وفق تفسيرات ومعطيات خاصة وعوامل مهمة يتعلق بها هدف الدين وتصديق اصحاب الرسالات وما هو من شؤون الخالق وقدرته، وهذا غير ما عليه اصحاب الخرافات والاوهام فان عواملها تختلف جذريا عما يراه الدين فان الذي يدخل في الخرافات عوامل غير منطقية كعامل الاسترزاق والمزاجيات، وايهام الناس بان مالهم هو عينه ما يحصل للرسل والانبياء وهذه الخرافات غير مختصة بالإسلام فقط وانما هي ظاهرة منتشرة في كثير من البلدان ومنها الاوربية فالمجتمع الاوربي يعتقد بان العدد ١٣ مشؤوم او ان مكانا ما مسكونا ، وغير ذلك العشرات مما لم يعتمد على معطيات ومبادى واهداف عقلانية . 

ثانيا: يتصور البعض ان الغيب من ضمن الأمور الغير واقعية مع انه على خلاف ذلك فان الغيب لا يعني الوهم او الخيال بل هو عبارة عن عالم خارج عن إدراك الحواس المباشرة، فهو عالم قطعي قائم على أسس وادلة عقلية ونقلية من قبيل الايمان بالملائكة والجن واثار الهداية، والمعجزات، وغيرها فكل هذه دلت عليها ادلة لا تقبل الشك والارتياب نعم ان الحواس لا يمكن لها إدراك هذه المفاهيم لعلة في القابل فأنها هي ليس لها القابلية على الوصول والكشف لتلك العوالم. 

وعليه فان الدين لا يروج لغير الواقعيات وانما يروج لواقع أوسع من الحسيات ويجمع بين الذي تدركه العقول، والحواس والذي يثبته النقل والعقل والفطرة. 

ثالثا: من الأدلة التي تدل على ان الدين لا يروج لغير الواقعيات هو التأكيد إقامة البراهين على المتبنيات والمعتقدات قال تعالى: (قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين) البقرة الاية 111، فهذه الآية الكريمة تحث على اتباع الدليل والبرهان سواء كان عقليا ام نقليا وهذا خلال دعوى المستشكل في اتهامه للدين بانه يروج للمخيلات وغير الواقعيات. 

رابعا: يتصور البعض ان المعاجز والأمور الخارقة للعادة التي تصدر من الأنبياء والاوصياء والائمة عليهم السلام انما هي ترويج لأمور غير واقعية وهذا في الحقيقة اشتباه وعدم معرفة تامة بالإسلام وعقائد المسلمين وعدم الاطلاع على القران الكريم وذلك لان المعاجز عبارة حقائق واقعية خارقة للعادة وخاضعة للسن الإلهية في الخلق وخاضعة للأمر الإلهي قال تعالى: (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) الانفال 17. 

وعليه فان الدين يرفض الخرافة نعم، ويرفض التقليد الاعمى، والوهم ولكنه يقبل الغيب إذا قام عليه الدليل الصحيح عقلا ونقلا او مشاهدة، ويطالب بالأدلة والبراهين ويحث على التفكر والتأمل والتدبر في الخلق وغيره.  

: الشيخ وسام البغدادي