الإعلام الألكتروني ودوره في نشر وترسيخ فكر أهل البيت(عليهم السلام)

في محاولةٍ للوقوف على الدور الذي يلعبه الإعلام الألكتروني في ترسيخ ونشر فكر أهل البيت (عليهم السلام) لاسيما في خضم التطور التكنلوجي الواسع والتنوّع المتسارع في وسائل الإتصال والمعلوماتية الذي يشهده العالم كان لموقع العَتبة الحُسينية المُقدَّسة لقاءٌ مع سماحة السيد ليث الموسوي رئيس قِسم الشؤون الفكرية في العَتبة العبّاسية المُقدَّسة ليتحدّث عن أهمية هذا الدور والمسؤولية المُلقاة على عاتقه في البناء الفكري للمجتمع بصورةٍ عامَّة والفرد بصورةٍ خاصَّة ، وعن أهمية الإعلام الألكتروني وتأثيره في المجتمع تحدَّث سماحته " لا يخفى على الجميع وخصوصاً من يعمل في مجال الصحافة إنَّ لكل عصرٍ وعملٍ أدواته الخاصَّة ومن هذه الأعمال العمل الإعلامي ، وقد شهِد عصرنا الحالي والذي نستطيع أن نُسميه الألفيني توسُّعاً في أدوات الإعلام وأدوات الفِكر والنقلة التقنية التي شهِدها العالم خلال السنوات الأخيرة أعطت سعةً وقُدرةً للإعلام في الوصول الى أبعد مدياته بأقل كُلفة وبأدنى جُهدٍ ممكن ، مضيفاً إنَّ مايلاحظ على الإعلام الألكتروني بشكلٍ عام مسألتين هما : المسألة الأولى : خلوه من المصداقية المُتعارفة عند بقيّة وسائل الإعلام بكل أصنافه المطبوعة منها والمسموعة والمرئية وذلك لأنَّ جميع وسائل الإعلام تكون خاضعة لقانون يحمكها ويُنظّم عملها وحاصلة على إجازة تُرخِّصها بالبث ، إذ إنَّ هذه الإجازة تعمل على الحد من الكثير من الإخفاقات التي تقع فيها المؤسَّسات الإعلامية ،وكذلك الذي يلاحظ الإعلام الألكتروني يجده غير خاضع لأي نوعٍ من أنواع الرقابة حيث بإمكان أي شخص بمجرد الإشتراك في خدمة الأنترنت عمل صفحة خاصة به ينشر عليها مايشاء من البيانات , وبالنتيجة ينشأ إعلام غير مُنضبط وغير خاضع للموازين والقواعد . المسألة الثانية : الإعلام الألكتروني بشكلٍ عام لايُعطي المعلومة الدقيقة والوافية وهذا يعني عند قيام المُتصفّح بالرجوع الى المواقع والمنتديات يجد فيها معلومات سطحية وغير مُسندة الى مصادر تُدلِّل على صدقها وبالتالي يجعل هذا النوع من الإعلام المُتصفح يشعر إنَّه إستحصل المعلومة الحقيقية والوافية لكن الحقيقة في الواقع تختلف تماماً " . وتابع " ينبغي على من يتصدّى للإعلام الملتزم ونشر فكر أهل البيت (عليهم السلام) من خلال هذه الشبكة العملاقة الأنترنت والذي يُسمّى الإعلام الألكتروني أن ينطلق بعمله من قاعدتين يتلخصان في: 1- أن يجد البديل بإعلام خاضع لكل الضوابط والمعايير التي تجعل منه إعلاماً صادقاً . 2- أن يعتمد المعلومة الوافية التي يأخذها من أمَّهات المصادر والكتب بحيث يُثري المُتصفح الذي يدخل هذا الموقع أو المنتدى أو الصفحة التابعة للجهة السائرة على نهج أهل البيت(عليهم السلام)ويجد المعلومة الصادقة المُتبناة من قِبل هذه الجهة . 3- لكي نستطيع أن نوازن مابين الكم الهائل من المواقع الألكترونية والتي لاتخلو من الإخفاقات التي يجدها المُتصفح من خلال المواقع الكثيرة والمنتديات والصفحات ومايُسمى اليوم بمواقع التواصل الإجتماعي يجب أن نواجهها بالإعلام المُلتزم والذي نستطيع أن نطلق عليه تسمية "الإعلام الشيعي" وأن يقوم بالتواصل والتوافق مع هذه الجهات بحيث نستطيع ومن خلال هذا التوافق أن يكون هنالك نوع من التخصُّص أي كل جهة تختص بتقديم مادة معينة لكي لايحصل التداخل او التكرار للمعلومات وبالتالي يقل الجهد المبذول ويوفَّر الوقت وهذا يحصل عندما تكون هنالك آلية وهيكلية للعمل ". وفي سؤالٍ عن أهم المقترحات للنهوض بواقع الإعلام الألكتروني أجاب سماحته : " بعد التنوّع الذي حصل لوسائل الإعلام وبصورةٍ كبيرةٍ إلا إنَّه تبقّى لدينا مشكلة في ضبط المشروع والكادر القائم أو الهرم الوظيفي وهذه الأدوات تعطينا سعة المقروئية أو ضيقها فهنا لانجد أي نوع من أنواع المقارنة بين الأنترنت والفضائية مع المطبوع الورقي حيث تتمتّع بجمهورٍ واسعٍ ،وأن يكون هدف القائمين على هذه المسألة وغايتهم نُصرة مذهب أهل البيت(عليهم السلام) ". مضيفاً " يتوجب على الإعلام الناجح أن يرسم خطة عمل لتحقيق الهدف الذي يُراد الوصول إليه وفق منهجية معيَّنة وكذلك هذه المنهجية تضيق وتتَّسع بحسب المادة الإعلامية أو الموضوع الذي تُحدِّده هذه الجهة أو فريق العمل وقد يكون الموضوع بصورة عامّة لكل الفئات العمرية وقد يكون مختص بشريحةٍ معينةٍ مثلاً شريحة الأطفال وقد يكون أكثر تخصّص بالنسبة للاطفال مثل يتناول الفكر الديني او الفكري للأطفال فالنتيجة وفي كلا النوعين من الإعلام يجب أن تكون هناك سياسة إعلامية للعمل لتحقيق الهدف المنشود،إنَّ أغلب وسائل الإعلام حالياً تعمل بدون سياسة معلومة حيث يواجه الكادر بين فترةٍ وأخرى تغيّر في طريقة العمل أو سياسة جديدة للعمل مما يؤدي الى تخبّطٍ وإرتباكٍ في العمل الإعلامي وكذلك حصول العديد من الإخفاقات والثغرات أثناء العمل . أمَّا عن طريقة الطرح المُثلى التي يجب أن يتبنّاها الإعلام الألكتروني في إيصال المعلومة أوضح سماحته : " يجب أن تكون المعلومة تهم المجتمع ككل وغير بعيدة عنه وعن حاجاته وتحتاج هذه العملية لمجموعة من الأدوات لتصل بشكلٍ سريعٍ ، كما يجب إستخدام الأدوات القريبة من المجتمع ويعني أن تكون هذه الأدوات مُنسجمة مع المجتمع تماشي العادات والتقاليد وتفكير أبناء المجتمع ، فلو نأخذ شريحة الشباب على سبيل المثال نجد أفضل طريقة في الطرح هي طريقة الحوار والذي يطلق عليه مصطلح ورشات العمل والتي يُطرح فيها الموضوع ومن ثمّ يناقش من جميع الجوانب وسماع جميع وجهات النظر وهذا يقودنا الى طريقة أخرى هي الطريقة التفاعلية والتي لاقت إعجاباً منقطع النظير من قِبل شريحة الأطفال ، حيث نشاهد اليوم أغلب المؤسَّسات الإعلامية الواعية والتي تريد أن تصنع من الطفل شيئاً تستخدم الطُرق التفاعلية بغض النظر عن المادة المطروحة والتي يمكن أن تُستخدم في نشر ودعم فكر أهل البيت ، وكذلك من خلال هذه الطريقة نستطيع أن نعرف المستوى الثقافي الذي يتمتّع به الفرد. وعن سؤالنا عن مدى تلبية الإعلام الألكتروني لتطلعات الناس ورغباتهم ، والمضمون الذي يجب على الإعلام ان يحمله ويتحلَّى به أجاب الموسوي : " الإعلام الألكتروني أصبح في الوقت الحاضر واسع الإنتشار حيث بدأ الإنترنت يدخل جميع البيوت والمؤسَّسات ومقاهي الأنترنت بدأت تنتشر بشكلٍ جيّدٍ ولكن مع التسليم بالكمية الكبيرة المُستخدِمة للأنترنت ، تبقى مسألة إسلوب الإستخدام هي العائق إذ مازال الإستخدام عشوائياً غير منتظم يشوبه اللهو والإنبهار ببعض المقاطق والأفلام الخيالية وغيرها من الأمور . أمَّا من ناحية المضمون فإنَّ الغاية والغرض من جميع المؤسَّسات الإعلامية هي نشر فكر أهل البيت(عليهم السلام) لكن الخلل يقع في التطبيق ورسم السياسة فلتحقيق الأهداف بشكلٍ حقيقي يجب أن يكون العمل خالصاً لله تعالى ، كما إنَّ المهارات والكفاءات أيضاً لها الدور واليد الطولى في تحقيق الهدف المنشود لأنَّ عمل هؤلاء يكون مختلفاًتماماً عمّن يمارس العمل بصورة الهواية ، فلتطوير هذا الإعلام نحتاج لمزيدٍ من البرامج الثقافية والتوعوية للشباب ، وعلى الكوادر أن تعمل بصورةٍ مستمرةٍ على تطوير مهاراتها ولاتقف عند حدٍّ معينٍ ، كل هذه الامور ستؤدي إن شاء الله الى تطوير العمل الإعلامي ". وفي كلمةٍ أخيرةٍ إختتم بها اللقاء بيّن سماحته " إنَّ مسؤولية الإعلام في الوقت الحاضر هي مسؤولية كبيرة ، فالإنسان عندما يفقد أدوات التبليغ ولأيِّ سببٍ كان لعلّه يكون معذوراً أمام الله لأنَّه قاصر لايستطيع توصيل فِكر أهل البيت (عليهم السلام) ولكن عندما تكون هناك سعة بالعمل والتمكّن من كلِّ الأدوات هنا يتحتَّم علينا الشعور بالمسؤولية تجاه الله وتجاه من حمَّلنا هذه الأمانة ، لذا ينبغي أن نكون جادِّين وأن نُجهد أنفسنا بالشكل الذي يُخرجنا عن هذه المسؤولية ، مضيفاً " إنَّ الساحة مفتوحة والمجتمع بحاجة الى هذا النشاط وخصوصاً نحن نواجه هجمة لايعلم قدرها الا الله فيتحتَّم أن يكون هناك إخلاص وجهد وإسناد والعمل الجماعي بروح الفريق الواحد وهذا يحتاج الى وعي من قِبل الفريق العامل " كما عبَّر سماحته عن شكره وتقديره للجهود الكبيرة التي يبذلها موقع العتبة الحسينية المُقدَّسة في إيصال صوت الإمام الحُسين(عليه السلام) والأفكار العظيمة لثورته الخالدة الى كافَّة بقاع العالم ، متمنياً له دوام الموفقية والسداد . مصطفى مُلا هذال

المرفقات