من عاشوراء الحسين الى عاشوراء المهدي عليهما السلام

( الدم الذي لا يسكن الا بيد القائم )

ورد في المناقب (ج٣، ص٣٢٨) ان الحسين عليه السلام قال لابنه زين العابدين عليه السلام: ( يا ولدي يا علي، والله لا يسكن دمي حتى يبعث الله المهدي فيقتل على دمي من المنافقين الكفرة الفسقة سبعين ألفًا).

هذه الرواية من البيانات النادرة والمهمة التي يوضح فيها الامام الحسين عليه السلام ابعاد نهضته يوم عاشوراء .

فقد اوضح النص ان كربلاء ليس مجرد تعبير وجداني ومعركة مرحلية بل هي إعلانٌ عن خريطة إلهية تبدأ بكربلاء، وتنتهي بظهور القائم عجل الله فرجه الشريف حيث تُستكمل العدالة، ويُقتصّ لدم المظلوم الأكبر.

ماذا يعني الامام عليه السلام بقوله: (لا يسكن دمي)

الدم في لغة العرب قد يعبّر عن القتل وقد يرمز إلى المظلومية، كما في قولهم: (ثأر الدم)، و(صخب الدم)، و(دم لا يبرد)، و(دم لم يُغسل) .

وقوله عليه السلام: (لا يسكن)أي لا يهدأ لا يُنسى،ولا تُطفأ جذوته، ولا يُغلق ملفه، فهو دم لم يُقتصّ له، ولا تزال آثاره ونتائجه قائمة في الأمة.

فقوله عليه السلام:( لا يسكن دمي) يشير إلى بقاء آثار هذه المظلومية مفتوحة في سجل التاريخ والسماء، وأن العدالة لم تُستكمل، وأن الغليان الربّاني لم يُخمد بعد بل لابد ان يأتي اليوم الذي يأخذ بهذا الثأر وذلك حينما يظهر صاحب الامر عجل الله فرجه الشريف .

استمرار قصة الثأر الحسيني من قبل الائمة عليهم السلام

ان مسالة تعليق الدم الحسيني وعدم سكونه لحين الظهور الشريف لم تنتهي عند هذا البيان الحسيني وانما اخذ الائمة بعد الحسين عليه السلام هذه الحقيقة وجعلوها شعار يصرحون به بين الحين والاخر ويربون شيعتهم على حمله وترديده في زياراتهم وادعيتهم منها ما ورد في تفسير العياشي ج٢ ص ٢٩٥ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام : فِي قَوْلِهِ: وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنٰا لِوَلِيِّهِ سُلْطٰاناً فَلاٰ يُسْرِفْ فِي اَلْقَتْلِ إِنَّهُ كٰانَ مَنْصُورا) قَالَ هُوَ اَلْحُسَيْنُ بْنُ عَلِي عَليه السلام قُتِل مَظلوماً وَ نَحنُ أوْلِياؤه وَاَلْقَائِمُ مِنا إِذَا قَامَ طَلَبَ بِثَأْرِ اَلْحُسَيْنِ عليه السلام ..) .

ومنها ما ورد في بعض الزيارات والادعية التي اكد فبها اهل البيت عليه السلام على مسالة الثأر الحسيني تربية لشيعتهم فورد في دعاء الندبة قوله عليه السلام : ( اين الطالب بدم المقتول بكربلاء) وورد في زيارة عاشوراء :( اللهم ارزقني طلب ثارك مع امام منصور من اهل بيت نبيك… الخ) .

وورد في كتاب المزار ج١ ص١٥٢ في زيارة احد الائمة عليهم :( اَلسَّلاَمُ عَلَی‌ اَلْإِمَامِ اَلْعَالِمِ، اَلْغَائِبِ عَنِ اَلْأَبْصَارِ...اَلْحَاضِرِ اَلَّذِي يَظْهَرُ فِي بَيْتِ اَللَّهِ ذِي اَلْأَسْتَارِ، وَ يُنَادِي بِشِعَارِ يَا لَثَارَاتِ اَلْحُسَيْنِ أَنَا اَلطَّالِبُ بِالْأَوْتَارِ).

فهذه النصوص هي تاكيد على البيان الحسيني المتقدم الذي ينص

على ان الثأر الحسيني لا يسكن ولا يهدأ ابدا بل هو مشروع عدالة ممتد لا يكتمل إلا بقيام الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، مما يجعل من عاشوراء محطة انطلاق في مسار الانتظار، لا نهاية لقصة الحسين عليه السلام.

المنتظرون حملة الثأر الحسيني في آخر الزمان

إن دم الحسين عليه السلام لم يكن دم شخص عادي بل هو مشروع مرهون بالعدالة الكاملة، ولا يكون ذلك إلا على يد الإمام المهدي عج، فمن أراد أن يكون من أنصار المهدي عجل الله فرجه الشريف فليكن من حملة هذا الشعار عبر البكاء على الحسين عليه السلام، وزيارته واحياء امره ويكون من الرافضين لسكوت الدم حتى يتحقق الوعد وتُقام الدولة الإلهية.

وقد وردت روايات عديدة تدل على ان اتباع اهل البيت عليه السلام هم الذين سيحملون شعار (الثار الحسيني ) وسيبقى هذا الشعار في مشروعهم لحين الالتحاق بدولة العدل الالهي فعن أبي عبدالله عليه السلام في وصفه لانصار المهدي عجل الله فرجه الشريف قال هم: ( رجال كأنّ قلوبهم زبر الحديد لا يشوبها شكّ، في ذات اللّه… لو زاحموا الجبال لأزالوها، يتمنّون أن يقتلوا في سبيل اللّه، شعارهم «يا لثارات الحسين عليه السلام».

احياء الشعائر الخطة الالهية لبقاء قضية الثأر الحسيني 

ان اكل دم انما يُسكَن بالسكوت وبالنسيان وبدفن الذكرى وعدم المطالبة المستمرة به أما دم الحسين عليه السلام فقد شاء الله تعالى ضمن خطة محكمة ان يبقى في وجدان الأمة ويحمل ذلك الدم شيعة اهل البيت عليه السلام في عصر الغيبة الكبرى، وذلك عن طريق تأسيس اهل البيت عليه السلام لمنهج احياء الامر عبر اقامة المجالس وزيارة الحسين عليه السلام والمشي إلى كربلاء والبكاء والجزع واللطم والنحيب واعلان الحداد والتفجّع المستمر لمصيبة الامام الحسين عليه السلام ، وهذا منهج اقامه الائمة عليهم السلام بما فيهم الامام المهدي فقد ورد في زيارة الناحية دليل على بقاء الدم الحسيني واستمرار المظلومية، ورد عنه عجل الله فرجه الشريف قال:  (فلأندبنك صباحًا ومساءً، ولأبكينّ عليك بدل الدموع دمًا) وهذا اعلان من الحجة عجل الله فرجه الشريف على اهمية بقاء مظلومية الحسين في وجدان انصاره لحين ظهوره عجل الله فرجه الشريف .

: الشيخ وسام البغدادي