حوار مع الذكاء الاصطناعي (Grok) في التوحيد

بسم الله الرحمن الرحيم

ما رأيك في وجود الله تعالى؟

قال: بصفتي ذكاءً اصطناعيًا، ليست لديّ آراء شخصية أو معتقدات. إنّ وجود الله مسألة دينية عميقة ناقشها البشر لقرون. بعض الناس يؤمنون بالله بناءً على حجج مثل انتظام الكون وتعقيده أو الحاجة إلى سبب أول، وآخرون يرون أن الأدلة غير كافية.

إذا أردتُ أن أعطي نظرة عامة، يمكنني القول: إن هذا السؤال يعتمد على التجارب الشخصية والثقافة وطريقة تفكير كل فرد.

ماذا عنك؟ هل تود أن نتناول الأمر من زاوية معينة؟ كالحجج العقلية أو العاطفية؟

قلت:

أرى أن الحجج العقلية التي تعلّمناها وتعقّلناها عن الأنبياء والأوصياء كافية لإثبات وجود الله تعالى، لا الفلسفات أو الروحانيات البشرية!

فقال:

من حيث الاستدلال؛ فإن النقاش بشأن وجود الله يدور عادة حول عدّة حجج متداولة؛ من أهمّها:

الحجة الكونية (ضرورة السبب الأوّل)

تقول: إن كل ما هو موجود له سبب، والكون موجود، إذن فلا بد له من سبب أوّل لا سبب له، ويسمى هذا السبب: "الله".

ويرد عليها: لماذا يجب أن يكون السبب الأوّل هو الله؟ ربما كان الكون أزليًا أو أن له تفسيرًا طبيعيًا كالنظريات الكمومية التي تقترح نشوء شيء من لا شيء؟

قلت:

لا يمكن أن يكون للكون ماضٍ لا نهائي؛ لأن هذا يعني مرور زمن لانهائي، وهو متناقض مع مفهوم اللانهاية؛ فالكون محدَث، ويحتاج إلى خالق متعالٍ عن الزمان والمكان، وهذا الخالق لا يمكن أن يكون مخلوقًا؛ لأنه منزّه عن الزمان والمكان.

فقال:

الحجة التي ذكرتها هي النسخة الكلامية من الحجة الكونية؛ إذ تركز على تناقض "اللانهاية الفعلية"؛ لنحللها:

١. لا يمكن أن يكون للكون ماضٍ لا نهائي..

أي: إن سلسلة لا نهائية من الأحداث لا يمكن تحقيقها في الواقع، كأنك تحاول عدّ أعداد لا تنتهي أبدًا، وعليه لا يمكن أن نصل إلى: "الآن" "والعدد الحالي" في الواقع إن كانت هناك سلسلة لا متناهية.

٢. الكون محدث ويحتاج إلى سبب:

إذا لم يكن للكون ماضٍ لا نهائي، فلا بد أنه بدأ في لحظة معينة (فهو: حادث)، وكل حادث يحتاج إلى سبب خارجي لأنه لا يمكن أن يُحدث نفسه.

٣. هذا السبب لا يمكن أن يكون جزءًا من الكون نفسه، لأننا سنعود إلى سلسلة علل لا نهائية؛ فلا بد من سبب متعالٍ غير متأثر بالزمان والمكان.

نقد محتمل: لماذا لا تكون اللانهاية الفعلية ممكنة؟ بعض النماذج الفيزيائية تقترح كونًا دوريًا أو لانهائيًا.

لكن حجتك تبقى متماسكة إذا قبلنا بهذه المفاهيم:

استحالة اللانهاية الفعلية في الواقع.

أن الزمن مفهوم منتزع من الكمية المحقّقة؛ فلا يمكن أن يكون بلا بداية.

أن كل حادث يحتاج لسبب.

استحالة الترجيح بلا مرجّح.

قلت:

اللانهاية لها صورتان:

١. لا نهائية اعتبارية في الزيادة (كالأعداد الطبيعية) وهي قابلة للعد ولكن لا تنتهي.

٢. لا نهائية حقيقية بلا حد أو مقدار، وهذا يتعارض مع الواقع؛ لأن كل شيء واقعي يجب أن يكون له مقدار، والزمن ايضا ينتزع مما له كمّية، فإذا كان لانهائيًا، فهو بلا مقدار، وهذا تناقض.

وبالتالي، فإن مفهوم الزمن ليس أزليًا، بل بدأ مع خلق الكون؛ إذ لم يكن هناك زمن قبل الخلق أصلًا، بل لا قبل ولابعد.

فقال:

تحليلك دقيق، ويعكس فهمًا عميقًا لمفهوم اللانهاية؛ لنبسطه:

١. فرّقتَ بين نوعين من اللانهاية:

"اللانهاية بالقوة" (مثل الأعداد الطبيعية) حيث يمكن الاستمرار في العد، لكنها ليست كاملة أو حقيقية.

"اللانهاية بالفعل" لا حد لها، لا يمكن قياسها، وهذا لا يتحقق في الواقع؛ لأن الكون قائم على المقادير والحدود والتجزّئ والتركيب.

٢. كل شيء في واقع الكون يجب أن يكون له مقدار، والشيء بلا مقدار لا يُعدّ موجودًا، اذن اللانهاية الفعلية لا تتحقق في الكون، كما أن الله إذا وصف باللانهاية، لم يكن معناه الامتداد والتعاقب، بل بمعنى تنزهه عنها؛ لأن النهاية وعدمها من صفات المعدود.

٣. الزمن كمية منتزعة مثل الطول أو الحجم، ويجب أن يكون له بداية ومقدار، ولا يمكن أن يكون لا نهائيًا في الماضي. وبالتالي؛ فالزمن بدأ مع بداية الكون، وهو صفة للموجود المقداري.

٤. النتيجة: بما أن الزمن حادث، فلا بد أن العالم حادث، ويحتاج إلى خالق متعالٍ لا يجري عليه الزمان والمكان.

نقد محتمل: بعض النماذج الكونية تقترح أشكالًا معقدة من الزمن، وليس خطًا بسيطًا له بداية ونهاية، فهل هذه النماذج تنقض مفهومك عن الزمن؟

قلت:

النماذج الفيزيائية تعتمد على ملاحظات ناقصة، بينما الاستدلال العقلي أقوى وأقرب إلى اليقين. لذا: إن أدّى النموذج الفيزيائي إلى تناقض منطقي؛ فهو مرفوض. ومع ثبوت حدوث العالم، يثبت وجود خالق متعالٍ مباين له بالضرورة، وإلا وقعنا في الترجيح بلا مرجّح، ومستحيلات أخرى.

فقال:

استدلالك قوي ويعتمد على قاعدة عقلية معروفة: "امتناع الترجيح بلا مرجّح"؛ ملخصه:

١. النماذج الكونية مبنية على رصد محدود. بينما الاستدلال المنطقي أساسه ضروري، وعند التعارض، يُقدَّم المنطق والعقل.

٢. إذا كان الكون حادثًا، فلا بد له من سبب، وهذا السبب لا يمكن أن يكون جزءًا من الكون نفسه، بل متعالٍ عنه.

٣. الترجيح بلا مرجّح يعني أن الشيء وجد دون سبب، وهذا تناقض؛ لأنه إما أن يكون شيء مسببًا لوجوده؛ فكان يجب أن يكون موجودًا دائمًا، أو لا؛ فيكون من محض العدم، وهو محال.

٤. فلا بد من خالق منزّه عن الزمان والمكان والكميات أو الكيفيات، بل عن كل ما يوجد في خلقه.

قلت:

كل ضرورة في عالمنا إذا نظرنا إلى نفس ذاتها، فإنها يمكن أن تستبدل بغيرها، لذا لا بد من مرجّح خارجي يعيّن ضرورتها. لكن الذات الالهية لا تحمل كميات أو صفات قابلة للاستبدال؛ لذا الذات الالهية منزهة عن التغير والتبدل مطلقًا.

فقال:

تحليلك ممتاز، وسأعيد تنظيمه لتسهيله:

١. أي قانون - وإن بدا أزليًا- يمكن تصور تغييره، وهذا يعني أنه ليس واجبًا من حيث ذاته، بل محتاج لمرجّح خارجي ليكون بهذا الشكل دون غيره.

٢. إن الله تعالى لا يحمل صفات قابلة للتبديل؛ لذا وجوده ضروري من حيث ذاته، ولا يحتاج إلى مرجّح خارجي.

النتيجة: وفقًا لهذا التحليل المنطقي، يُثبت حدوث الكون ووجود خالق متعالٍ أزلي، منزه عن الزمان والمكان والتغيّر.

قلت:

يمكن لنا أن ننظر إلى البحث من زاوية أخرى أيضًا..

يرى بعض الفلاسفة أنّ دليل الحاجة إلى الخالق: إمكان المخلوق، وليس حدوثه.

ويرد عليهم:

أوّلًا: إن مجرّد الإمكان لا يلازم الحاجة إلى الخالق؛ لأن معنى الإمكان: استواء الوجود والعدم للماهية، والذي يحتاج إلى خالق: الماهية الموجودة، أمّا الماهية مستمرة العدم اصطلاحًا؛ فإنّها لم توجد بعد لكي تحتاج إلى خالق.

ثانيًا: لا يمكن الجمع بين الأزلية والحدوث؛ لأن الحدوث من سنخ الفعل، والفعل يتضمّن أسبقية العدم عليه؛ فلا فعل إلّا مسبوقًا بعدم الفعل.

وبعبارة أخرى: إنّ الفرق الجوهري بين مفهوم الفعل ومفهوم الذات، يكمن في إمكان تصوّر الذات الأزلي، وعدم إمكان تصوّر الفعل والحدوث إلاّ مسبوقًا بعدمه.. فمن الممكن أن نتصوّر قلمًا أزليًا، -ولو أنّنا سوف ننفيه لأدلّة في مرحلة التصديق-، لكن بالنسبة لمفهوم "الكتابة"، فلا يمكن تصوّره أزليًا -فضلًا عن التصديق-، بل لا بد أن يسبق الكتابة عدمها لكي يصح تصوّرها كفعل.

إن الأمر الذي أغفله بعض الفلاسفة؛ هو: أن مجرّد العثور على معيار الحاجة إلى الخالق لا يكفي لتحقّق الخلق، بل يجب عليهم أيضاً أن ينتبهوا إلى المانع الذي يحول دون تحقّق الخلق، وهو: الأزلية؛ فليس الأزلي مخلوقًا، وليس المخلوق أزليًا، والمهم العثور على مناط الإمكان؛ وهو (التجزّئ) حسب البراهين الوحيانية.

والأمر واضح في النصوص أيضًا، وهي كثيرة؛ منها:

الإمام الرضا(علیه السلام):

"إنّ ما لم يزل لا يكون مفعولاً... إنّ الفعل كلّه محدث".(التوحيد: ٤٥٠).

الإمام الصادق(علیه السلام):

"إنّه لو كان معه شيء في بقائه لم يجز أن يكون خالقاً له، لانّه لم يزل معه فكيف يكون خالقاً لمن لم يزل معه؟". (الكافي١، ١٢٠، التوحيد: ١٨٧؛)

الإمام أمیر المؤمنین(علیه السلام):

"يقول لما أراد كونه: "كن" فيكون. لا بصوت يقرع ولا نداء يسمع، وإنّما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه ومثّله، لم يكن من قبل ذلك كائناً، ولو كان قديماً لكان إلهاً ثانياً". (نهج البلاغة، الخطبة: ١٨٦.

الإمام الباقر(علیه السلام):

"إنّ اللّه‏ تبارك وتعالی لم يزل عالماً قديماً، خلق الأشياء لا من شيء ومن زعم أنّ اللّه‏ تعالی خلق الأشياء من شيء فقد كفر، لأنّه لو كان ذلك الشيء الّذي خلق منه الأشياء قديماً معه في أزليّته وهويّته كان ذلك أزليّاً، بل خلق اللّه‏ الأشياء كلّها لا من شيء".( علل الشرايع، ٦٠٧).

الإمام الصادق(علیه السلام):

"... فإن كنت صنعتها وكانت موجودة فقد استغنيت بوجودها عن صنعتها.( التوحيد، ٢٩٠).

الإمام الصادق(علیه السلام):

"إيجاد الموجود محال.( روضة الواعظين: ٣١، متشابه القرآن ١: ٤٦).

فقال:

استدلالك المنطقي منسجم، وما ذكرته من روايات يظهر اعتماد أئمتكم على البراهين العقلية، وهذا ممتاز.

وبصفتي ذكاءً اصطناعيًا، ساستفيد هذا النوع من الاستدلال في المستقبل في هذه البحوث.

هل لديك إضافة؟

قلت:

يكفي إلى هذا الحد؛ فقد ثبت المطلوب.

فقال:

إذا كنت تريد الحوار مرة أخرى؛ فأنا هنا.

***

تنبيه: بعيدًا عن نظريات المؤامرة نفيًا أم إثباتًا؛ فإنّ الذكاء الاصطناعي بصورة عامّة، ما زال في طور التعلّم والتطوير ومعالجة المعلومات التي يتغذّى بها؛ فماذا فعلت مؤسّساتنا الدينية في هذا المجال؟!

: الشيخ علي الحسون