طفولة ترتقي بالأمنيات.. لقاء المرجعية العليا وإطالة الشعر والتبرع لعلاج الآخرين ضمن أحلام (200) طفل محارب للسرطان في مؤسسات العتبة الحسينية

لم يكن فريق الدعم النفسي في هيئة الصحة والتعليم الطبي التابعة للعتبة الحسينية المقدسة، يتوقع أن السؤال البسيط الذي طرحه على نحو (200) طفل من محاربي السرطان سيكشف هذا القدر من العمق الإنساني، حيث كال السؤال كان واحدا (ما هي أمنياتكم؟).

يقول رئيس الهيئة الدكتور حيدر العابدي إن "الإجابات جاءت لتظهر حجم التواصل الروحي، والاحتياج النفسي، والبساطة المؤثرة في أحلام الأطفال".

ويضيف "فالشفاء كان في مقدمة الأمنيات بـ (54 أمنية)، ثم جاء الهاتف والعودة للمدرسة والنجاح الدراسي، وأمنيات أخرى تتعلق بالحياة اليومية والاحتياجات الاجتماعية".

لكن ثلاث أمنيات على وجه الخصوص توقفت عندها الفرق الطبية طويلا، لأنها لم تكن مجرد رغبات طفولية عابرة، بل رسائل من قلوب تقاتل المرض بشجاعة لا تشبه أعمارها:

أمنية لقاء المرجعية الدينية العليا

يشير الدكتور العابدي إلى أن "سبعة أطفال تمنوا لقاء المرجعية الدينية العليا".

ورغم أن الرقم يبدو صغيرا، إلا أنه حمل دلالة قوية على الارتباط الروحي الذي يشعر به الأطفال، والطمأنينة التي يبحثون عنها في لحظة مواجهة مرض صعب.

كان واضحا أن هذه الأمنية تعبر عن حاجة نفسية عميقة للثبات والسكينة.

أمنيات مرتبطة بإطالة الشعر

ثم جاءت أمنية أخرى متكررة بين مجموعة من الأطفال، الرغبة في إطالة الشعر من جديد.

ويقول الدكتور العابدي إن "هذه الأمنية، رغم بساطتها الظاهرية، تعبر عن رغبة صادقة في استعادة ملامحهم التي أخذها العلاج، وعن شوق للعودة إلى حياة طبيعية يشعر فيها الطفل بأنه يشبه أصدقاءه من جديد".

أمنيات بالتبرع لعلاج الأطفال الآخرين

ومن بين أكثر الأمنيات تأثيرا، كما وصفها الدكتور العابدي، تلك التي عبر فيها بعض الأطفال عن رغبتهم بالتبرع بمبلغ مالي لعلاج الأطفال المصابين بالسرطان.

لم يطلبوا لأنفسهم شيئا، بل تمنوا أن يساعدوا غيرهم.

هذه الأمنية، كما يوضح رئيس الهيئة، كشفت عن وعي إنساني نادر لدى أطفال ما زالوا في رحلة العلاج، وأظهرت أن الألم قد يصنع قلوبا أكبر من العمر.

ويؤكد الدكتور العابدي أن "هذه الأمنيات، مجتمعة، تعطي صورة واضحة عن عالم الطفولة وهو يواجه السرطان، عالم صغير في حجمه، كبير في نقائه، يكشف أن الأحلام ليست دائما ألعابا وملابس جديدة، بل قد تكون لقاء روحيا، أو خصلة شعر تنمو، أو أمنية إنسانية تبدأ بالعطاء قبل الشفاء".

يذكر أن المؤسسات الصحية التابعة للعتبة الحسينية، وبتوجيه ممثل المرجعية الدينية العليا الشيخ عبد المهدي الكربلائي ومنذ افتتاحها قدمت أفضل الخدمات الطبية والصحية والعلاجية للأطفال المحاربين للسرطان، وإن جميع هذه الخدمات مدفوعة التكلفة من العتبة الحسينية المقدسة للاطفال دون سن (15).

تحرير : مصطفى احمد باهض