يخلط الكثير من الناس، بل وبعض من يحسب على أهل العلم بين (التقية) و (الجهاد الدفاعي) فيتصور أن هناك تنافيًا بين موضوع التقية والجهاد، ويكفي لتصور مدى السخف في هذا الخلط أن تمثل له بهذا المثال: أن يأتي شخص ليقتلك وأنت لا تدافع عن نفسك لأنك تلتزم التقية!
فالتقية مشرعة من الأساس من أجل أن يحقن الإنسان دمه أو دم غيره من القتل، فإذا بلغ الأمر القتل فلا يأتي موضوع التقية أساسًا، ومن هنا جاء في رواية أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد الله (عليه السلام) : (إنما جعلت التقية ليحقن بها الدم، فإذا بلغت التقية الدم فلا تقية...).
وجاء في تكملة الحديث: (وأيم الله لو دعيتم لتنصرونا لقلتم لا نفعل إنما نتقى، ولكانت التقية أحب إليكم من آبائكم وأمهاتكم، ولو قد قام القائم (عليه السلام) ما احتاج إلى مسائلتكم عن ذلك ولأقام في كثير منكم من أهل النفاق حد الله) [تهذيب الأحكام ج ٦ ص ١٧٢].
على كل حال فالجهاد الدفاعي هو كما قال صاحب العروة: (أن يتهاجم على المسلمين عدو من الكفار يخشى منه على بيضة الإسلام، أو يريد الاستيلاء على بلادهم وأسرهم وسبيهم وأخذ أموالهم).
وعلق عليه السيد عبد الأعلى السبزواري بقوله: (الظاهر أن لزوم هذه المدافعة وجداني لكل ذي شعورولا يحتاج إلى تكلف الدليل) [مهذب الأحكام ج ١٥ ص ١٠١]، ولكن من يخلط بين التقية والدفاع بلا شعور! فما ربط من يدافع عن أرضه وعرضه بالتقية؟!
لا يظن بمتفقه التفوه بعدم وجوب الجهاد
قال السيد محمد صادق الروحاني: أما الدفاع عن الاسلام والمسلمين فيشهد لوجوبه: أكثر الادلة الدالة على وجوب الجهاد، وما دل على أنه لا يجوز الجهاد مع الجائر فهو مختص بما إذا كان الجهاد ابتدائيًا، بل في بعضها التصريح بذلك.
وبذلك يظهر أن ما قيل: (لو أراد الكفار ملك بعض بلدان الإسلام أو جميعها في هذه الازمنة من حيث السلطنة مع إبقاء المسلمين على إقامة شعائر الإسلام وعدم تعرضهم في أحكامهم بوجه من لوجوه يحرم القتال.
ضرورة عدم جواز التغرير بالنفس من دون إذن شرعي، بل الظاهر اندراجه في النواهي عن القتال في زمن الغيبة مع الكفار في غير ما استثني إذ هو في الحقيقة إعانة لدولة الباطل على مثلها).
من غرائب الكلام لا ينطبق على شيء من الموازين الشرعية خصوصًا، وأن الكفار المسلطين أعم من اسرائيل المسلطة على فلسطين أو الكفار المسلطين على بلاد إيران محط نظرهم الأوّل محو الإسلام ودرس شعائره وعدم ذكر محمد صلى الله عليه وآله وشريعته، ولا يظن بمتفقه التفوه بعدم وجوب الجهاد [فقه الصادق ج ١٩ ص ٥٠ - ٥١].
اترك تعليق