دلالة اللون الأبيض في القرآن الكريم

البياض: ضد السواد، يقال: ابيضَّ الشـيء أي صار أبيضاً، وهي بيضاء والجمع بيض[1]، وقد ورد هذا اللون في القرآن في أحد عشـر موضعاً، وتختلف دلالته بحسب ما يقتضيه المقام، والآن نحاول بيان دلالات هذا اللون من خلال تتبعه في النصوص القرآنية.

الأول: قال تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[2] قال الطبري في تفسير هذه الآية: هؤلاء أهل طاعة الله، والوفاء بعهد الله، قال عز وجل: {فَفِي رَحْمَةِ اللهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} أي فمن كان من أهل نور الحق وسم ببياض اللون وإسفاره وإشـراقه، وابيضت صحيفته وأشـرقت، وسعى النور بين يديه وبيمينه[3]، ومن هذا نعلم أنَّه من يكون على هذه الحالة فهو من أهل الله وخاصته، ولكن ما المقصود من اللون الأبيض في الآية ولماذا اختص بالذكر؟ خير ما نستعين به لمعرفة هذه التساؤلات هي كتب التفسير فلعلماء التفسير فيه قولان:

أحدهما: إنَّ البياض مجاز عن الفرح والسـرور، ويقال لفلان عندي يد بيضاء أي جلية سارة، ولبعضهم[4] في الشيب:

يا بياضَ المشيبِ سوَّدتَ وجهِي

عندَ بيضِ الوجوهِ سودِ القرونِ

فلعمرِي لأُخفينَّكَ جُهدي

عنْ عَيانِي وعنْ عَيانِ العيونِ

بسوادٍ فيهِ بياضٌ لوجهِي

وسوادٍ لوجهكَ الملعونِ [5]

وتقول العرب لمن نال بغيته وفاز بمطلوبه: ابيض وجهه، ومعناه: الاستبشار والتهلهل عند التهنئة بالسـرور؛ يقولون: الحمد لله الذي بيض وجهك، فعلى هذا معنى الآية: أي إن المؤمن يرد يوم القيامة على ما قدمت يداه، فإن كان ذلك من الحسنات ابيض وجهه واستبشـر بنعم الله وفضله[6].

الآخر: إن هذا البياض يحصل في وجوه المؤمنين؛ لأن اللفظ حقيقة فيه، ولا دليل يوجب ترك الحقيقة، فوجب المصير إليه، وذهب إلى هذا القول الشيخ الطبرسي(548هـ) بقوله: (وإنما تبيض فيه الوجوه للمؤمنين ثوابا لهم على الإيمان والطاعة)[7].

والرازي (ت606هـ) لا يذهب إلى هذا القول إذ يقول: (لأنه تعالى قال: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشـرةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ}[8] فجعل الغبرة والقترة في قبال الضحك والاستبشار، فلو لم يكن المراد بالغبرة والقترة على ما ذكرنا من المجاز لما صح جعله مقابلاً له، فعلمنا أنَّ المراد من هذه الغبرة والقترة الغم والحزن حتى يصح هذا التقابل)[9].

وأمّا دليل القائلين بالحقيقة: إنَّ الحكمة في ذلك أنَّ أهل الموقف إذا رأوا البياض في الوجه عرفوا أنَّ هذا من أهل الثواب، فزادوا في تعظيمه فيحصل له الفرح بذلك من وجهين:

أحدهما: أنَّ السعيد يفرح بأن يعلم قومه أنه من أهل السعادة، قال تعالى: {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْـمُكْرَمِينَ}[10].

الآخر: أنَّهم إذا عرفوا ذلك خصوه بمزيد من التعظيم، فثبت أنَّ ظهور البياض في الوجه سبب لمزيد من السـرور في الآخرة[11].

والحمل على الوجهين أولى وهو عموم المجاز[12]،أي يجوز استعمال اللفظ في معنى مجازي - وهو الفرح والسـرور - يندرج تحته المعنى الحقيقي لما تصيبه من نعمة ورخاء وطمأنينة قال تعالى: {لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلاَ زَمْهَرِيرًا}[13] هذا في الآخرة.

امّا في الدنيا فهذه الآية تدخل في باب الترغيب إلى عمل الطاعات وترك المحرمات لكي يكون في الآخرة من قبيل من يبيض وجهه لا من قبيل من يسود وجهه[14].

ومثله قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}[15] كناية عن إشـراق الوجوه وإضاءتها؛ لأنَّ (البياض) من لوازم الإشـراق والإنارة والإسفار، ويكون هذا بما قدمت يد العبد من الطاعات، فهي تحث على عمل الطاعات، وهذا من باب الترغيب وتحث على ترك المحرمات، وهو من باب الترهيب.

فمن هذا نخلص إلى أنَّ اللون الأبيض يدل على الفرح والسـرور والترغيب على ما عند الله عز وجل كما يدل اللون الأبيض على النقاء قال زهير بن أبي سلمى:

وأَبْيَضَ فَيّاضٍ يَداهُ غَمامَةٌ

على مُعْتَفِيهِ ما تُغِبُّ فَواضِلُهْ[16]

فيكون على هذا المعنى النقاء من أدناس الشـرك والظلم.

الثاني: قال تعالى: {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ}[17] انصـرف نبي الله يعقوب عليه السلام واعرض عن ولده لشدة الحزن لمّا بلغه حبس بنيامين، وهاج بذلك وجدا بيوسف، وقال: يا طول حزني على يوسف وفي تفسير (ابيضت عيناه من الحزن) قولان:

احدهما: كناية عن غلبة البكاء، فعندها يكثر الماء في العين فتصير وكأنها ابيضت من ذلك الماء، وهذا ما ذهب إليه الرازي. وعلل ذلك بقوله: إنَّ تأثير الحزن في غلبة البكاء لا في حصول العمى، فلو حملنا الابيضاض على غلبة البكاء كان هذا التعليل حسناً ولو حملناه على العمى لم يحسن هذا التعليل، لأنَّ اللفظ مجاز لا حقيقة فلو كان يعقوب عليه السلام أعمى لكان بياض العين يستلزم تغيير شكلها حقيقة. وعليه فإنَّ دلالة اللون الأبيض في هذه الآية هي شدة حزن نبي الله يعقوب عليه السلام على ولديه[18].

الآخر: أنَّ المراد من البياض هو العمى؛ لأنَّ ابيضاض العين كناية عن العمى، وهو لازم لذهاب سوادها، وهذا ما روي عن مقاتل[19]، والقمي إذ قال: (يَعْنِي عَمِيَتْ مِنَ الْبُكَاء)[20]. واستدل السيد الطباطبائي على أنَّ البياض هو كناية عن العمى؛ لقوله تعالى: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِـي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا}[21] وإلّا ما المناسبة من ذكر يأتي بصيرا[22].

الراجح هو القول الأول؛ وذلك أنَّ هذا لا يتفق مع مقام النبوة كما ان التعبير بأنْ يرتد بصيرا يحمل على رفع الحزن الذي فيه النبي يعقوب عليه السلام، قال السيد الشيرازي: (وليس في قوله سبحانه {ارتد بصيرا} شاهد لذلك؛ فإنَّ هذا التعبير كثيرا ما يؤتى به لإفادة جلاء البصر وذهاب الحزن، فلا منافاة لذلك مع قاعدة وجوب كون الأنبياء تامي الخلقة)[23].

الثالث: قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشـربُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ}[24] المقصود من قوله تعالى (الخيط الأبيض) ضوء النهار وبقوله (الخيط الأسود) سواد الليل قال الإمام الصادق عليه السلام: (هُوَ بَيَاضُ النَّهَارِ مِنْ سَوَادِ اللَّيْل)[25]، فيكون المعنى للآية (كلوا في شهر صومكم واشـربوا وباشـروا نساءكم مبتغين ما كتب الله لكم من الولد من أول الليل إلى أنْ يقع لكم ضوء النهار بطلوع الفجر من ظلمة الليل وسواده)[26] وكذا قول المهلهل بن ربيعة:

وَأَنْقَذَنِي بَيَاضُ الصُّبْحِ مِنْهَا

لقدْ أنقذتُ منْ شرًّ كبيرِ[27]

فقد أضاف البياض إلى الصبح، فمن هذا نعرف أنَّ المقصود من اللون الأبيض في هذه الآية هو الصباح الذي يحرم فيه ممارسة المفطرات، واختلف في استعمال هذا اللفظ على قولين:

أحدهما: أريد بذكر هذا اللون التشبيه، وهذا قول الزجاج، ويستدل الزمخشـري على ذلك بقوله: (وأخرجه - من الفجر - من الاستعارة إلى التشبيه فقوله (من الفجر) كقولك: رأيت أسدا من زيد، فلو لم يذكر من زيد كان استعارة، وكان التشبيه هنا ابلغ من الاستعارة؛ لأنَّ الاستعارة لا تكون إلا حيث يدل عليه الحال أو الكلام، وهنا لو لم يأت من الفجر لم يعلم إلا استعارة)[28].

الآخر: جعل البياض استعارة، ودليلهم أنَّهُ لم يبين وفي كلِّ استعارة دليلٌ على حذف المشبه[29]، وعلى هذا: القول يكون المعنى: حتى يتبين لكم - البياض من السواد شبه الخيط الأبيض.

فمن خلال هذا العرض يتضح لنا مدى أهمية اللون خصوصاً في هذه الآية، التي تحتاج إلى ذوق أدبي في معرفة مقاصدها حتى أنَّ هذه الآية أشكل فهم المراد منها على بعض الصحابة فقد أخذ بعضهم[30]خيطاً اسود وآخر ابيض، فشـرع يأكل وهو ينظر إليهما، فلم يتبين له الفجر حتى جاء الرسول صلى الله عليه وآله واخبره، فتبسم النبي صلى الله عليه وآله وقال له: (إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْقَفَا، إِنَّمَا ذَلِكَ بَيَاضُ النَّهَارِ وَسَوَادُ اللَّيْل)[31].

وهذا من باب العناية والاختراع، أو ما يسمى باللطف الإلهي؛ لأنَّه لا تكليف الا بمقدور، فلو لم تكن هناك دلالة على الإمساك والإفطار لأحتج المبطلون بحجة عدم معرفة الوقت الذي يتم الإمساك والإفطار، فقال تعالى: {وَكُلُوا وَاشـربُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}[32].

فاللون في هذه الآية يدل على دلالات عدة تتعلق بفعل المكلف الذي يثاب عليه إنْ فعله، ويعاقب عليه إنْ تركه، فهو ذو دلالة شـرعية فمن هذه الدلالات:

أولاً: إن (من) الأولى لابتداء الغاية، ويفيد معناها لأنها متعلقة بـ (يتبيّن) فتتضمن معنى التميز، والمعنى كي يتضح (لكم الفجر) متميزاً عن غبش الليل، فالغاية إباحة ما تقدم كي يتبين احدهما من الآخر[33]، وفيه قال أَبُو جَعْفَرٍ الثَّانِي - محمد بن علي الجواد - عليه السلام: (... الْفَجْرُ يَرْحَمُكَ اللهُ هُوَ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ الْمُعْتَرِضُ لَيْسَ هُوَ الْأَبْيَضَ صُعَدَاءَ، فَلَا تُصَلِّ فِي سَفَرٍ ولَا حَضَرٍ حَتَّى تَتَبَيَّنَهُ، فَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ خَلْقَهُ فِي شُبْهَةٍ مِنْ هَذَا، فَقال: {كُلُوا واشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} فَالْخَيْطُ الْأَبْيَضُ هُوَ الْمُعْتَرِضُ الَّذِي يَحْرُمُ بِهِ الْأَكْلُ والشُّـرْبُ فِي الصَّوْمِ وكَذَلِكَ هُوَ الَّذِي تُوجَبُ بِهِ الصَّلَاةُ)[34].

ثانياً: الحرمة للوقاع والأكل والشـرب بعد هذه الآية الكونيّة، التي تحدد وقت الصوم.

ثالثاً: واستدل بالآية على صحة صوم الجنب؛ لأنَّهُ يلزم من إباحة المباشـرة إلى تبيّن الفجر وإباحتها في آخر جزء من أجزاء الليل متصلاً بالصبح فإذا وقعت كذلك أصبح الشخص جنباً، فأنه يصح صومه ما لم يتجاوز وقت التبيّن[35].

الرابع: قال الله تعالى: {وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ}[36]، وقوله تعالى: {وَادْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ}[37]، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ عليه السلام: (...قَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي قِصَّةِ مُوسَى عليه السلام {ادْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ}يَعْنِي مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ...)[38]، وفي رواية أخرى (أَيْ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ وَذَلِكَ أَنَّ مُوسَى عليه السلام كَانَ شَدِيدَ السُّمْرَةِ - فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ جَيْبِهِ - فَأَضَاءَتْ لَهُ الدُّنْيَا)[39] وهذا البياض بياض نوراني خارج عن العادة - المعجزة -، وقوله (للناظرين) فيها دلالتان الأولى: أنَّ الناظرين هم من يطلبون النظر إلى الشيء بالبصر وهذا الأمر لم يعهد في زمن فرعون. والثانية: أنَّها جاءت جمعا يدل على كثرة من وقف لرؤيتها تعجباً من أمرها، وكان هذا البياض كما تقدم عن غير مرض أو علة، ويروى أنَّ موسى عليه السلام أرى لفرعون يده وقال: ما هذه؟ قال يدك ثم أدخلها جيبه وعليه مدرعة صوف ونزعها فإذا هي بيضاء بياضاً نورانياً غلب شعاعها شعاع الشمس، وكان موسى عليه السلام آدم شديد الأدمة[40]، فذكر اللون بهذه الصفة - وأنَّ هذه اليد شديدة السمرة تخرج هذا البياض - يدل على أنَّ هذه اليد ستظهر شـرائع تغلب أنوارَها المعنوية الأنوارَ الحسية ويتقوى بها الإيمان بالله[41].

ومن الصور القرآنية التي استعملت لفظة (بيضاء) قوله تعالى: {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ}[42]، وأختلف في هذا البياض على قولين:

أحدهما: أنه صفةٌ للكأس[43]، فهي بيضاء صافية، وهي ببياضها وصفاؤها يلذ الناظر بها، وتملأ عينه بهجة وحبوراً.

الآخر: إنه صفة للخمر، وهذا ما ذهب جمع من المفسـرين، وقالوا: خمر الجنة اشد بياضاً من اللبن[44]، وجاء في الأمثل إنَّ فيها دلالة على: (إنّها أشربة طاهرة، خالية من الألوان الشيطانية، وبيضاء اللون شفّافة)[45].

وعلى كلا المعنيين فإن اللون الأبيض يدل على النقاء من شوائب الدنيا وأدرانها، وهي باب ترغيب في نعيم الآخرة، فهي تحث الإنسان على التصبر قِبل ملذات الدنيا والعمل في طاعة الله.

الخامس: قال تعالى: {وَمِنْ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ}[46]. فالآية معرض من معارض الخلق والإبداع لقدرة الله سبحانه وتعالى، وفيه إلفات إلى هؤلاء السادرين في غيهم الهائمين في ظلمات جهلهم وضلالهم فهي الدليل على قدرة الله وإرادته؛ لأنَّ كون الجبال في بعض نواحي الأرض دون بعضها، والاختلاف الذي في هيأة الجبال فأنَّ بعضها يكون اخفض وبعضها ارفع دليل على القدرة والاختيار، ثم زاده بيان وقال: (جددٌ بيض) أي مع دلالتها بنفسها هي دالة باختلاف ألوانها[47].

فهذه سطور من صفحة الوجود يرى فيها الناظرون بألبابهم قدرة الله عز وجل وإبداعه في هذا الجماد الناطق عن وحدانيته، فإنَّ الناظر فيها يرى أن يداً قادرةً مدبرةً قد أقامتها بحساب دقيق وتدبير محكم إذ إنَّ وراء هذا اللون صفات أخرى لتلك الجبال، ففي هذه الألوان علم ينفذ منه العقل إلى حقائق التوحيد، ولكن من الذي يرى هذا ويدرك الفروق الظاهرة أو الخفية بين هذه المخلوقات إنه لا يرى هذا إلا أهل العلم وأصحاب النظر الذين ينظرون بعقولهم لا بعيونهم، قال تعالى: {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}[48]؛ ولهذا جاء قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}[49] تعقيباً على هذه الدعوة الداعية إلى النظر في تلك الأشياء والموجودات.

الهوامش:--------------------------------------------------------------------------------

[1] عبد الباقي: محمد فؤاد: معجم الفاظ القرآن الكريم 1: 141.

[2] سورة آل عمران: 107. 

[3] ظ: الطبري: أبو جعفر محمد بن جرير: جامع البيان2:40. والزمخشري: الكاشف 1:398 - 399. 

[4] ابن الرومي علي بن العباس بن جريج، من طبقة بشار والمتنبي. روميّ الأصل، كان جده من موالي بني العباس. ولد ونشأ ببغداد، ومات فيها مسموماً. 

[5] النويري: شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب: نهاية الأرب في فنون الأدب ط1- 1424 هـ - 2004م دار النشر: دار الكتب العلمية بيروت- لبنان 2: 35. 

[6] ظ: الرازي: فخر الدين: مفاتيح الغيب 8:182. والخفاجي، أحمد بن محمد: حاشية الشهاب المسمات عناية القاضي وكفاية الراضي:84 - 85. 

[7] الطبرسي: مجمع البيان2: 360.

[8] سورة عبس: 38 -41.

[9] الرازي: فخر الدين: مفاتيح الغيب 8: 182.

[10] سورة يس: 26- 27.

[11] ظ: الرازي: فخر الدين: مفاتيح الغيب 8: 182.

[12] ظ: زيدان: عبد الكريم: أصول الفقه:335.

[13] سورة الإنسان: 13. 

[14] ظ: الرازي: فخر الدين: مفاتيح الغيب 8: 183.

[15] سورة آل عمران: 106.

[16] زهير بن أبي سلمى: الديوان: 91. 

[17] سورة يوسف:84. 

[18] ظ: مفاتيح الغيب للفخر الرازي ج 8 ص195

[19] ظ: الطبرسي: مجمع البيان 4: 106 وحاشية الشهاب المسماة عناية القاضي وكفاية الراضي5: 201.

[20] تفسير القمي 1: 350.

[21] سورة يوسف:93.

[22] الطباطبائي: الميزان في تفسير القرآن 11: 233.

[23] محمد الحسيني: تقريب القرآن إلى الأذهان ط1-1424-2003م الناشر: دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع بيروت - لبنان3: 32.

[24] سورة البقرة: 187.

[25] تفسير القمي 1: 67.

[26] ظ: الطبري: محمد بن جرير: جامع البيان عن تأويل آي القرآن 4: 106.

[27] ديوان الأدب إبراهيم إسحاق إبراهيم الفارابي: 64.

[28] ظ: الزمخشري: الكشاف 2: 52.

[29] ظ: حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي 2: 281.

[30] وهو عدي بن حاتم الطائي.

[31] البخاري: صحيح البخاري 5: 156. والاصفهاني: مفردات ألفاظ القرآن: 302.

[32] سورة البقرة: 187.

[33] ظ: الآلوسي: روح المعاني2: 66.

[34] الكليني: محمد بن يعقوب: الكافي 3: 282 ك12 ب7 ح1. 

[35] ظ: ابن حيان: البحر المحيط: أثير الدين الاندلسي الغرناطي 2: 67.

[36] سورة الأعراف: 108.

[37] سورة النمل: 12.

[38] ابنا بسطام، عبد الله وحسين: طب الأئمة عليهم السلام: 55-56.

[39] القمي: علي بن إبراهيم: تفسير القمي 140:2

[40] ظ: الزمخشري: تفسير الكشاف 2: 138.

[41] المهائمي: علي بن أحمد: تفسير القرآن: المسمى تبصير الرحمن وتيسير المنان ط2- 1403 هـ. ق الناشر: عالم الكتب بيروت 1: 261.

[42] سورة الصافات: 45 -46.

[43] ظ: الطبري: محمد بن جرير: جامع البيان عن تأويل آي القرآن 4: 106. الخطيب: عبد الكريم: التفسير القرآني للقرآن الكريم 6: 981. الزمخشري: الكشاف 4: 42. 

[44] ظ: السمرقندي: نصر بن محمد: تفسير السمرقندي المسمى بحر العلوم ط1-1416 هـ. ق المحقق: العمروي، عمر الناشر: دار الفكر بيروت 3: 141. والطبراني: سليمان بن أحمد التفسير الكبير تفسير القرآن العظيم ط1- 23/ 12/ 1428 هـ. ق الناشر: دار الكتاب الثقافي أربد 5: 304. والطبرسي: مجمع البيان 8: 692. والفخر الرازي: مفاتيح الغيب 26: 136. 

[45] الشيرازي: ناصر مكارم 14: 320.

[46] سورة فاطر:27.

[47] ظ: الفخر الرازي: مفاتيح الغيب 26: 136.

[48] سورة الحج:46.

[49] سورة فاطر:28.

 

: د. ضرغام كريم الموسوي