992 ــ علي بن محمد الرمضان (1184 ــ 1270 هـ / 1771 ــ 1853 م)

الشيخ الشهيد علي بن محمد بن عبد الله بن حسن بن علي بن عبد النبي آل الشيخ رمضان الخزاعي الإحسائي، ينتهي نسبه إلى شاعر أهل البيت دعبل الخزاعي، ولد في الهفوف بالسعودية من أسرة علمية جليلة عرفت بآل الرمضان برز منها كثير من العلماء الأعلام، وأصل هذه الأسرة من العراق، وقد هاجر جدهم الأعلى الشيخ رمضان بن سلمان بن عباس الخزاعي من العراق إلى البحرين واستوطنها ثم هاجر بعض ذريته إلى الإحساء واستوطنوها وهي اليوم من الأسر الكبيرة والمعروفة فيها.

علي بن محمد الرمضان (1184 ــ 1270 هـ / 1771 ــ 1853 م)

قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام):

حتى أتى أرضَ (الطفوفِ) فـلمْ يسرْ     عنها لمحتومٍ مِن الأقــــــــــــدارِ

فعدتْ عليهِ مِن العـــــــراقِ عصابةٌ     مِن كلِّ رجــــــــــسٍ فاجرٍ غدَّارِ

منعوا عليهِ الـــــــــــماءَ حتى كضَّه     وقبيلُه حرُّ الأوامِ الـــــــــــواري (1)

قال من قصيدة في التوسل إلى الله بالأئمة المعصومين والأنبياء والأولياء والشهداء وتبلغ (29) بيتاً:

بِأَنصَارِ الحُسَينِ ذَوِي الوَفَاءِ     بِشُربِهُم المَنُونَ عَــــلَى ظَمَاءِ

بِأجـــــسَامٍ لَهُم فِي (كَربَلاءِ)     مُخَضَّبَةً بِلَـــــــــونِ العَندَمِيِّ

وَبِالسَّجادِ مُـعتَــــصَمِ البَرايَا     بِبَاقِرِ عِـــــــلمِهمِ خَيرِ البَرايَا

بِجَعفَرٍ الـــــــــمُرَجَّى لِلبَلايَا     بِمُوسَى وَالرَّجَى الحِبرِ النَّقيِّ

وَبالنَّـدبِ الجَــوَادِ بِـلا سُؤَالِ     وَبِــــالهَادِي وَبِالحسَنِ الفِعَالِ

بِحُجَّةِ عَصـرِنَا بَـدرِ الـكَمَالِ     سَليــلِ الأَصفَيَا العَلَمِ الصَّفيِّ (2)

الشاعر

الشيخ الشهيد علي بن محمد بن عبد الله بن حسن بن علي بن عبد النبي آل الشيخ رمضان الخزاعي الإحسائي، ينتهي نسبه إلى شاعر أهل البيت دعبل الخزاعي، ولد في الهفوف بالسعودية من أسرة علمية جليلة عرفت بآل الرمضان برز منها كثير من العلماء الأعلام، وأصل هذه الأسرة من العراق، وقد هاجر جدهم الأعلى الشيخ رمضان بن سلمان بن عباس الخزاعي من العراق إلى البحرين واستوطنها ثم هاجر بعض ذريته إلى الإحساء واستوطنوها وهي اليوم من الأسر الكبيرة والمعروفة فيها.

درس الرمضان مقدمات العلوم في الهفوف على يد علماء الإحساء وعلى رأسهم والده الشيخ الشهيد محمد بن عبد الله الرمضان المستشهد في سلماباد في البحرين سنة 1240 ه‍ـ ــ صاحب قصيدة خير الوصية ــ والذي كان من أبرز الفقهاء الأعلام في الإحساء.

بعد دراسة المقدمات في الأحساء هاجر إلى إيران لإكماله دراسة العلوم الدينية، فأقام في شيراز ودرس على يد العلماء فيها وكان بها عدد من علماء الأحساء والبحرين، فدرس على يد:

السيد حسين بن عيسى بن السيد هاشم البحراني ــ صاحب تفسير البرهان ــ

السيد صدر الدين العاملي

الميرزا سليمان الحسيني الطباطبائي النائيني

الشيخ عبد المحسن بن محمد بن مبارك اللويمي الأحسائي.

وتنقل الرمضان في المدن الإيرانية، كيزد وكرمان وسعيد آباد وزار الإمام الرضا عليه السلام في مشهد المقدسة، وكان من أسباب تنقله في مدن إيران هو الظلم والاضطهاد الذي مارسه الوهابيون بحق الشيعة وكان الرمضان ممّن لحقه هذا الظلم حيث عاد إلى الإحساء بعد معاناة طويلة في الغربة فاشتاق إلى موطنه واستقر فيه عالماً كبيراً ومرشداً، وانشغل بالتأليف وتصدر التدريس، وكان من أبرز تلامذته العلامة الجليل الشيخ أحمد بن محمد بن مال الله الصفار الإحسائي والذي جمع ديوانه في مجلدين.

وقد شهد الرمضان حادثة استشهاد أبيه فأثر فيه ذلك الحدث أثره البالغ، وشعر بعد والده بالحزن العميق والمصاب الفادح، وفي ذلك كتب رسالة حزينة بليغة إلى أستاذه في إيران السيد حسين بن السيد عيسى البحراني، ومما جاء في الرسالة:

(أما بعد، فإن أخاك قد أصيب بفقد الشيبة الطاهرة، والنعمة الظاهرة، والدي الأسعد، وسيدي الأمجد، فأصبحت بفقده مجذوذ الأصل، مقطوع الوصل، مكسور الصلب، موتور القلب - إلى أن قال: - فلم يكن بأسرع من أن دعاه ربه إلى جواره، ليريحه من الدهر وأكداره، فأجاب غريباً سعيداً كريماً شهيداً، فانقلبت عند ذلك القرية بأهلها على فقد إمامها، واضطربت بنسائها ورجالها على انجذاذ سنامها.

مصاب لم يدع قلباً ضنيناً     بغلّته ولا عيناً جمادا

فإنا لله وإنا إليه راجعون (3)

يقول الطهراني في ترجمته: (أن الشيخ محمد بن عبد الله الرمضان - صاحب (خير الوصية) - قُتل شهيداً في البحرين بسبب الضرب الموجع من قبل الوهابيين) (4)، وكان ابنه الرمضان بصحبته فأثر فيه هذا الحادث كثيراً فرثاه رثاء المفجوع بمثل هذا الوالد العالم الجليل.

وقد مضى الرمضان على النهج الذي سبقه إليه والده حيث مضى شهيداً محتسباً وقد ناهز عمره الثمانين، فقد بقي يتنقل بين البحرين والإحساء يقول السيد هاشم الشخص: (ويظهر أن المترجم كان يعيش بعد سنة 1240 ه‍ بين البحرين والأحساء إلى أن قتل شهيداً في الأحساء حدود سنة 1270 ه‍ـ) (5)

وكان من قصة استشهاده أنه: (اطلع أحد علماء الوهابية المتعصبين - وهو قاضي الأحساء الرسمي في ذلك الحين - على بعض الكتب العقائدية من تأليف صاحب الترجمة فأثارت غضبه وحنقه لمخالفتها لعقائد الوهابية، كما حصلت بينه وبين المترجم مناظرات في مجالس مختلفة أدت إلى هزيمة العالم الوهابي وعجزه عن الرد العلمي، عندها وشى العالم الوهابي بشيخنا المترجم إلى السلطة الحاكمة آنذاك وحرضها على النيل منه، فما كان من السلطة إلا أن أودعته السجن، حيث لاقى فيه - على شيخوخته - ألوان العذاب والإهانة.

وبعد مدة أطلق سراح المترجم وسمح له بالعودة إلى منزله، وقبل وصوله إلى دار سكناه علم القاضي الوهابي بالإفراج عنه فاستشاط غضباً وحقداً، وأصدر حكماً ظالماً بقتل الشيخ المترجم أينما وجد، وأمر مناديه أن ينادي في السوق: من أراد قصراً في الجنة فليضرب شيخ الرافضة علي بن رمضان!

وكان المترجم له في طريقه من سجنه إلى منزله مارّاَ بسوق البلدة، فانهال عليه الأوباش وسفلة السوق والقصابون من أتباع الوهابية، ورشقوه بالحجارة وضربوه بالحديد والأخشاب والسكاكين حتى سقط إلى الأرض مضرجا بدمائه، وبينما هو يجود بنفسه إذ قصده أحد القصابين - واسمه علي أبو مجداد - وبيده عظم فخذ بعير، فضرب شيخنا الشهيد على رأسه وفلق هامته، ففاضت روحه الطاهرة ومضى إلى ربه مظلوماً شهيداً صابراً محتسباً

وكانت شهادته في مدينة (الهفوف) بالأحساء حدود سنة 1270 ه‍ـ

وقد رثاه تلميذه العلامة الجليل الشيخ أحمد بن محمد بن مال الله الصفار الإحسائي بقصيدة يبين فيها الطريقة الوحشية التي قتل بها، قال منها:

أصــــــــــــابنا حادثُ الأقدارِ بالخطَبِ     وشـــبَّ نـــارَ لظى الأحزانِ في اللبَبِ

مِن حينِ أخبرنا الناعي المشومُ ضحىً     عن مـقــتلِ الماجدِ الموصوفِ بالأدبِ

العالمُ الفاضـــــلُ الشيخُ المُهذّبُ ذو الـ     ـفضـــــلِ الجليِّ على في عاليَ الرُّتبِ

العابدُ الساجدُ الــــــــــباكي بجنحِ دجىً     كـــهفُ الأنـــامِ وغوثُ اللهِ في الكُرَبِ

لهفي على ذلكَ المـقتــــــولِ يومَ قضى     بينَ العداةِ بـــــــــــلا جرمٍ ولا ســببِ

هذا بأمرٍ مِن الطاغــــــــــــوتِ يحبسُه     وذاكَ يشتمُه ظلماً بـــــــــــــــــلا أدبِ

وذاكَ يـــــــــــــــــــــجذبُه قهراً بلحيتِه     وذاكَ يـــــــسحبُه جهراً علـــى التُرَبِ

وذاكَ مِـــــــــــــــن حقدِه أخزاهُ خالقُنا     يوجي ظلوعَ تقيٍّ طـــــــــــــاهرٍ أرِبِ

وجسمُه بعدَ حسنِ اللــــــــــحفِ يلحفُه     قتامُ ضربٍ مِـــــــن الأحجارِ والخشبِ

والرأسُ مُنكشفٌ قد شُجَّ مِـــــــــــفرقُه     وشـــــــــــــــــيبُه قد علاهُ عِثيرُ الكثبِ

والدمُّ يجري على وجـــــــــــــهٍ به أثرٌ     مِن السجودِ كجري الغيثِ في الهُضُبِ

وطالما في ظـــــــــــــــلامِ الليلِ عفَّره     حالُ السجــــودِ لربِّ الخلقِ في التُرُبِ

للهِ شيخٌ عزيزٌ في عشيـــــــــــــــــرتِهِ     يُساقُ في ســــــــــــوقِهمْ بالذلِّ والنكبِ

فيا شهيداً قضى في اللهِ مُــــــــــحتسباً     وفي الجنانِ حباهُ عـــــــــــــاليَ الرُّتَبِ

ويا هلالاً أحالَ الخـــــــــــسفُ مطلعَه     فــــــــــــــغابَ في جدثٍ عنّا ولمْ يؤبِ

وكهفُ عزٍّ لأيتــــــــــــــامٍ تطوفُ بهِ     رماهُ صرفُ الــــــقضا بالهدمِ والعطبِ

ويا أنيساً أتــــــــــــــــــــانا ثمَّ أوحشنا     وبحرُ علمٍ وجودٍ غــــــــابَ في التربِ

تنعاكَ كتبُكَ، والمحـرابُ يـــــــندبُ إذ     فيهِ تقومُ تناجي اللهَ في رهـــــــــــــــبِ

يا قلبُ فاحزنْ علــــــى ذاكَ الفقيدِ ويا     عــــــــــــــينيَّ جودا بدمعٍ هاملٍ سكبِ (6)

قال عنه السيد هاشم محمد الشخص: (كان قدس سره علامة فاضلاً جليل القدر، له بين أقرانه المقام الشامخ والمكانة السامية، وعرف عنه شدة تورعه وتقواه وكثرة عبادته وتهجده لله تعالى) (7)

وقال عنه الشيخ علي البلادي البحراني: (الشيخ علي من العلماء العاملين والعباد المعروفين، وله يد قوية في الشعر، قُتل شهيداً في الأحساء في ملك الوهابية ظلماً وعدواناً، كما قتلت ساداته خير الخلق فضلاً وشأناً) (8)

وقال الشيخ عبد الحسين الأميني: (العالم البارع... أحد الأعلام المبرزين في العلم، ضم إلى علمه الجم ورعه الموصوف، وله من الأدب العربي قسطه الأوفى، وفي صياغة الشعر له يد قوية، قتل شهيداً في (أحساء) على ملك الوهابية ظلماً) (9)  

مؤلفاته:

قال السيد هاشم الشخص: (له عدة مؤلفات (10) لكن لم نطلع - مع الأسف - على شيء من مؤلفاته، ولم يبق منها سوى كتابين هما:

1 - ديوان شعر، كبير في مجلدين، فقد منه المجلد الأول، والمجلد الثاني يضم نحو ألفي بيت

2 - الكشكول، في مجلدين أيضا.

وكلاهما موجودان عند أحفاد المترجم في الأحساء)

شعره

كان الرمضان يعد في عصره من الشعراء والأدباء البارزين (11)

وقال الشيخ علي البلادي: (له شعر كثير في المدائح والمراثي وسمعت بعضه ونقل أن له روضة على الحسين (عليه السلام) يعني قصائد في الرثاء على جميع حروف الهجاء وله في رثاء النبي صلى الله عليه وآله ورثاء الزهرا والأئمة جميعا مراثي كثيرة) (12)

قال من قصيدة في أمير المؤمنين (عليه السلام) تبلغ (22) بيتاً:

تفرَّقتْ في الأنبياءِ البــــــــــــــررة     فضائلٌ تجمَّعتْ فـــــــــــــي حيدرَه

ومحكمُ الذكرِ بــــــــــــــــهذا شـاهدٌ     ينقلُه والــــــــــــــسُّنةُ الـــــمطهَّرَة

قد استوى الولــــــــيُّ والــــعدوُّ في     أوصافِه فجَلَّ مولـــــــــــى صوَّرَه

أنظرْ إلـــــــــى الدينِ تـــــجدْ لواءَه     هوَ الذي مِن طـــــــــــــيِّه قد نشرَه

وأنـــــظرْ إلى الكفرِ تجـــــدْ عمودَه     هوَ الذي بــــــــــــــذي الفقارِ بترَه

سَلْ عنه عمرواً من بـــــرى وريدَه     ومرحـــــــباً مَن بالترابِ عَـــــفَّرَه

واستخبرِ الجيشَ غــــــــــــداةَ خيبرٍ     مَـــــــن الذي إلى اليهـــــودِ عبرَه

هوَ الــــــــمرادُ بالرضــــا مِن ربِّهِ     مِن دونِ مَن بايعَ تحـــــتَ الشجرَه

شاهدُه ثباتُـــــــــــــــــــــــه وفرّهم     يومَ حنينٍ والمنايا محــــــــــــضرَه

وشاهدٌ آخــــــــــــــــــــرَ فتحُ خيبرٍ     فهوَ له فضـــــــــــــــيلةٌ منحصرَه

أثابَه اللهُ بـــــه لـــــــــــــــــــصدقِه     والـــــــــــصدقُ لا بـدَّ له مِن ثمرَه

وكــــمْ له مِـــــــــــــــــــن آيةٍ بيِّنَةٍ     في الدينِ أضحتْ في الملا مُنتشره

لا يستطيعُ حصرَها الــــــخلقُ ولو     أفـــــــــــنى بصدقِ الجدِّ كلٌّ عُمرَه

وقد أرادَ اللهُ أن يـــــــــــــــــظهرَه     فهلْ يطيـــــــــــــــقُ أحدٌ أن يسترَه

فاســــــــــــــتمــــسكنْ بحيدرٍ فإنّه     للعروةِ الوثقى ومـــــــــولى البررَه

وأبشرْ بــــجامٍ مُـــــترعٍ تُروى به     مِـــــــــــــــن كفِّه إذا وردتَ كوثرَه

تباً لــــقومٍ صيَّروه تـــــــــــــــارةً     في ستّةٍ وتــــــــــــــــارةً في عشرَه

مــــا قدروا الــــــرحمنَ حقَّ قدرِه     إذ وازنوا حجَّتَه بالفجــــــــــــــــرَه

يا غيرةَ الــــرحمــــــنِ هلْ لحيدرٍ     مِن مشبهٍ لـــــــــمنصفٍ قد أبصرَه

كلا ولكــــن كان ذا مِــــن عصبةٍ     قد عُمِيتْ عن رشــــــــــدِها فلمْ ترَه

هل أحدثَ الوصيُّ مِن ذنبٍ سوى     أن قــــــــــــد أطاعَ اللهَ فـي ما أمرَه

ستــــــــعلمونَ في غدٍ إذا رأى الـ     إنسانُ ما قدَّمَــــــــــــــــــــــه وأخرَه (13)

قال من قصيدته الرائية في الإمام الحسين (عليه السلام) وقد قدمناها:

أتغرُّكَ الـــــــــــــــدنيا وأنتَ خبرتها     علماً بما فــــــــــيها من الأكدارِ

دارٌ حوتْ كلَّ المصـــــــــائبِ والبلا     والــــــــشرِّ والآفـاتِ والأخطارِ

اللهُ ما فعلتْ وهل تـــــــــــــدري بما     فعلتْ بعترةِ أحمدَ المـــــــــختارِ

سلَّبتهمُ ميراثَــــــــــــــــــهمْ ونفوسَهمْ     ظلماً بأيدي مـــــــــــعشرٍ فجَّارِ

وأجَــــــــــــلَّ كلِّ مـصيبةٍ نزلتْ بهمْ     رزءُ الــحسينِ ورهـطه الأبرارِ

تلكَ الرزيَّةُ ما لها من مـــــــــــــشبهٍ     عــــمرُ الـزمانِ ومدَّةُ الأعصارِ

تاللهِ لا أنـــــــــــــــــــــساهُ يقدُمُ فـتيةً     كالأسدِ يقدُمها الهزبرُ الضـاري

حتى أتى أرضَ الطفوفِ فــــلمْ يسرْ     عنها لمحتومٍ مِن الأقــــــــــــدارِ

فعدتْ عليهِ مِن العـــــــراقِ عصابةٌ     مِن كلِّ رجــــــــــسٍ فاجرٍ غدَّارِ

منعوا عليهِ الـــــــــــماءَ حتى كضَّه     وقبيلُه حرُّ الأوامِ الـــــــــــواري

فأجـــــــــــابَهم وهوَ ابنُ بنتِ محمدٍ     الموتُ أولى مـــــن ركوبِ العارِ

تأبى ركوبَ الذلِّ مِـــــــــــــنَّا أنفسٌ     طهرتْ ونلناها مــــــــن الأطهارِ

وثنى العنانَ إلـــــى الطغاةِ تراهُ في     ليلِ الوغى كالكوكبِ الــــــــسيَّارِ

ويــــــــــــــــــكرُّ فيهمْ تارةً فتراهمُ     قطعاً بحدِّ الــــــــــــــصارمِ البتَّارِ

أبدى لهمْ وهوَ ابنُ حيدرَ في الوغى     حملاتِ والدِه الفتى الــــــــــكرَّارِ

وقال في أمير المؤمنين وأولاده المعصومين (عليهم السلام):

لَكَ الحَمدُ يَا مَن بِالــــهِدايَةِ خَصَّنا     وَأَسعَدنَا دُونَ البَريَّةِ بِــــــــــالرُّشدِ

أَرَانَا سَبِيلَ الحَــــقِّ يُشرِقُ مُسفِراً     وَقَالَ اسلُكُوا فِيهِ فَدُمـنَا عَلى القَصدِ

فَلم نَتَّبع في الـدِّينِ مَن كَانَ ظَـالِماً     وَمَا نَالَ ذُو ظُلمٍ مِـــنَ اللهِ مِـن عَهدِ

وَقَائِــــــــــــدُنَا نَجمُ الهِدَايِـة حَيدرٌ     وَأبنَاؤهُ الغُرُّ الــــــكِرَامُ ذَوُو المَجدِ

هُــــمُ الحَبلُ مَا بينَ العِبَـادِ وَرَبَّهِم     وَذَلَكَ طُـــــــولَ الدَّهرِ مُتَّصِلُ المَدِّ

طَهَارَتُهُم فِي الذِّكرِ لَم يَستَطِع لَهَا     مُعَادِيهُمُ وَالحمدُ لِلَّهِ مِـــــــــــــن رَدِّ

فَطَاعَتُهُم فَرضٌ وَتقدِيـــمُهُم هُدىً     وَحُبُّهُم مُنجِ وَبــــــــــغضُهُمُ مُـردِي

وَبَيَّنَهُ الرَّحــــــــمنُ فِي إنَّما وَفِي     أَطِيـــــــــــــــعُوا وَبِاللهِ الهِدَايَةُ لِلعَبدِ

وَفِي أَنتَ مِنّي لِلــــــــــنَّبِيِّ دَلالَةٌ     عَــــلَيهِ وَفِي مَن كُنتُ مُستَوثقُ العَقِد

فَهذَا هُوَ النَّهجُ القَوِيمُ فَــــــسِر بِهِ     تَصِل بِرِضَى البَارِي إلى جَنَّةِ الخُلدِ (14)

وقال في يوم الغدير:

جَاءَ الغَديرُ فَمَرحباً بِقُدُومِــــــهِ     وَبِــــــــــــنُورهِ وطُـلُوعِهِ من فَجرِه

يَومٌ هُوَ العيدُ العَظيمُ لِـــــمؤمِنٍ     مَا شَابَ مَـحضَ الـرِّبحِ مِنهُ بِخُسرِهِ

يَومٌ بِهِ الرَّحمنُ أَظـــــهَرَ عَدلهُ     رَغماً عَلَى مَــــــــــن قَد أَبَاهُ بِكُفرِهِ

يَومٌ بِهِ المُختَارُ أَعــطَى حَيدَراً     مَا يَستَحِقُّ لُبُّهُ مِن قِـــــــــــــــــشرِهِ

وَيَقُولُ مَن أَنــــا مِنكُمُ أَولَى به     مِـــــــــــــــن نَفسِهِ حَتَّى يَحُلَّ بِقَبرِهِ

فَالعَدلُ أَجـمَعُ وَالشَّجاعَةُ جُملةً     وَالجُودُ فِيـــــــــــهِ وَالعُلومُ بِـصدرِهِ

وَالعِصمَةُ المأمُونُ ظُلمُ قَرينِهَا     أَدنّى فَضَائِلِهِ وَأَيــــــــــــــسَرُ فَخرِهِ

وَهُــو الكَـفيلُ إذا أَطــعتُم أَمرَهُ     بِــــــــــصَلاح أَمرِكُــمُ وَرِفعَة قَدرِهِ

إذ مَــا عَلَيَّ لَكُم مِنَ الـتَّبلِيغ قَد     أَدَّيـــتهُ وَجَـــــــــــــلَوتُ كَامِلَ بَدرِهِ

وَعَليكُـــــــــــمُ قُبلانَهُ وَلَـكُم بِهِ     رُشدٌ تُـــوَافُونَ الفَــــــــــلاحَ بِأَجرِهِ

يَــــــــــا رَبِّ مَـا بَلَّغتُهُ مِمَّا بِهِ     تَنجُو البَرِيُّةُ قَد أَحَطتَ بِـــــــــخُبرِه

وَإفَاضـــةُ التَّوفيـقِ مِنَك فَهَبهُمُ     مِنهُ سَحَاباً يَرتُــــــــــــــوونَ بِقَطرِهِ (15)

قال من قصيدته التي قدمناها في التوسل إلى الله بالأئمة المعصومين والأنبياء والأولياء والشهداء:

إلهِي بالنَّبِي الهَــــاشمـــــــــــــيِّ     وَبـــــــــــــالكَرَّارِ مَولانَا عَلِيّ

بفَاطمَ رَبَّة الــــــــــــــقَدرِ العِـليّ     بَحُرمَةِ نَجلِها الحَسَنِ الـــزَّكِيِّ

وَبِالسِّبـــــــــطِ الشَّهِيدِ عَلَى أَوَامِ     بِمَنحَرهِ الَّــذي هُوَ فِيـــكَ دَامِي

بِــــــجُثَّتِيهِ تلُوحُ عَلَى الــــرُّغَامِ     مُبضَّعَةً بِوَقــــــــعِ الـــمشرَفيِّ

بِمَا قاسَاهُ مِن جَورِ بــــنِ حَربِ     شَقِيّ الأَشقِيَا نَسلِ الـــــــــدَّعيِّ

بِنسوَانِ الحُسَينِ عَــــلى الجِمَالِ     يُسَقنَ مُرَبَّـــــــــــــقَاتٍ بِالحِبَالِ

يَرَاهُنَّ العَدُوُّ بِـــــــسُوءِ حَــــالِ     وَهُنَّ وَدَائِعُ الــــهَـــــادِي النَّبيِّ

بِأَنصَارِ الحُسَينِ ذَوِي الــــوَفَاءِ     بِشُربِهُم المَنُــــونَ عَلَـــى ظَمَاءِ

بِأجسَامٍ لَهُــــم فِي كَربَــــــــلاءِ     مُـــــــــخَــــضَّبَةً بِلَونِ العَندَمِيِّ

وَبِالسَّجـــــادِ مُعتَــــصَمِ البَرايَا     بِبَاقِرِ عِــــلـــــــمِهمِ خَيرِ البَرايَا

بِجَعـــــفَرٍ المُرَجَّى لِلبَلايَــــــــا     بِمُوسَـــى وَالرَّجَـى الحِبرِ النَّقيِّ

وَبالنَّـــــدبِ الجَـــوَادِ بِلا سُؤَالِ     وَبِالـــهَادِي وَبِالحـــــسَنِ الفِعَالِ

بِـــــحُجَّةِ عَصرِنَا بَــدرِ الكَمَالِ     سَـــليلِ الأَصفَيَا العَلَـــمِ الصَّفيِّ

بِمَن أَرسَلتَهُم مِن أَنــــــــــــبِيَاءِ     بِمَن صَفَّيتَهُم مِن أَصـــــــــفِيَاءِ

بِما أنزلتَ مِن كُتبِ الــــــسَّمَاءِ     وَبِالقُـــــــرآنِ وَالــنُّور المُضِيِّ

بِكُلِّ اسمٍ لِذَاتِكَ تَـــــــــصطَفِيهِ     وَفِعلٍ لِــــــــــــلخَلائقِ تَرتَضيِهِ

وَبالبَيتِ الـــــــحَرَامِ وَقَاصِدِيهِ     وَبِــــــالشَّرعِ الشَّريفِ الأَحمدِيّ

بِكُلِّ مُــــــسَبِّحٍ لَكَ فِي الوُجُودِ     يُنَاجِي فِي الرُّكُوع وَفي السُّجُودِ

يُجَافِي الجَنبَ مِنهُ عَنِ الهُجُودِ     يِسُحُّ الدَّمعَ فِي اللَّيلِ الـــــــدَّجِيِّ

أجِــــرنَا مِن مُصِيبَاتِ الدُّهُورِ     جَمِيعاً فِي الرَّوَاحِ وَفي البُــكُورِ

إِلهِي وَاكــــــــــفِنَا مُرَّ الأمُورِ     وَإن كُــــــــنَّا أُولِي جُرمٍ جَـــنِيِّ

وَنَرجُو مِنكَ غُفــرَانَ الذُّنُوبِ     وَكَشفَـكَ للنَّوائِـــــبِ والكُـــرُوبِ

وَسَتركَ يَا إلهِي لِلــــــــعُيُوبِ     بِسِتــــرٍ فَوقَهَا ضَـــــافٍ سَـــنِيِّ

فَإِنَّكَ أَنتَ ذُو الطَّولِ العَــظِيمِ     وَإنَّـكَ أنت ذُو الكَرَمِ الــــــــعَمِيمِ

أجِرنَا يَا مُــــجيرُ مِنَ الجَحِيمِ     فَإِنَّـــــــكَ أنتَ ذُو الكَرَمِ الـــوَفِيِّ

وَإِنِّي عَبدُكَ الجَانِي عَلـــــــيُّ     أجِـرنِي مِـــــن عَذَابِكَ يَا عَـــليُّ

وَأنتَ بِرَحمةِ الجَانِي حَـــرِيُّ     وَلَـستُ بِمَا دَعَـــــوتُكَ بِالشَّـــقِيِّ

وَصَلِّ عَلَى أَجـــــلِّ العَالَمِينَا     رَئِيسِ الرُّسلِ طُرَّاً أَجــــــــمَعِينَا

وَعِترَتِهِ الكِرامِ الأَنـــــــجَبِينَا     مَتَى مَا اشتاقَهُم قَلبُ الوَلــــــــيِّ

وقال في أهل البيت عليهم السلام:

لا شيءَ أحـلي في فمي من ذكركمْ     إلّا مـــــــــــديحُ السادةِ النُّجَبَـاءِ

أهلِ الجلالِ أولوا الكمالِ وخيرةٍ الـ     ـمُتعالِ مِن أرضٍ له وســـــماءِ

آلُ النبيِّ الطـــــــــــهرِ زينةُ يثربٍ     وجمالُ مَن قد حلَّ بالــــبطحـاءِ

غوثُ الأنامِ وغيثهمْ وعـــــــمادهمْ     وملاذهمْ فـــــي شــــدَّةٍ ورخـاءِ

نزلَ الكتابُ بدورِهمْ في فضــــلِهمْ     والأنبياءُ حكتــــــــه في الأنـباءِ

خزَّانُ علمِ اللهِ مـــــــــــوضعُ سرِّهِ     أمناؤه في الجـــــــهرِ والإخـفاءِ

آتــــــــــاهمُ في العلمِ ما قد كان أو     هوَ كائنٌ مِن جـــــــملةِ الأشـياءِ

سَلْ عن مـــــــــناقبِهمْ عدوَّهمُ تجدْ     ما تبتغي منها لــــــدى الأعـداءِ

واسمعْ مِن الصــلواتِ ما يُتلى بها     مِن فضلِهمْ واسمعْ مِن الـخطباءِ

أبداهمُ الرحمنُ نـــــــــــــورَ هدايةٍ     إذ جاشَ ليـــــلُ الكفرِ بـالظلماءِ

وقضى محبَّتَهم وطاعـتَهم على الـ     ـثقلينِ مِن دانـــي المحلِّ ونـائي

لا تُقبلُ الحسناتُ مِن عـملِ امرئٍ     ما لم يجئ لهمُ بــــــمحضِ ولاءِ

نطقَ الكتابُ وسنةُ الهـــــــادي به     وبدا لدى الجُهَّالِ والـــــــــعلماءِ

يا ليتَ شعري كيفَ يقــدرُ قدرَهمْ     قولي ولو بالغتُ في الإطـــــراءِ

ماذا أقولُ ومــــــــا عسى أنا بالغٌ     مِن وصفِهمْ في مدحتي وثــنائي

تلكَ المناقبُ ما لها عَــــــــــدٌّ ولو     كانتْ مِـــــــــــــداداً لجَّةُ الدأماءِ

يا ســـــــــــــــادتي يا آلَ طهَ أنتمُ     أملي وذخري فـــي غدٍ ورجائي

أعددتُ حبَّكمُ لــــــــــنيلِ سعادتي     في النشأتينِ معاً ومحـــوِ شقائي

فتشفَّعوا في عبدِ عبـــــــدِكمُ وفي     آبائِه طـــــــــــــــــرَّاً معَ الأبناءِ

وعليكمُ صلّى وسلَّمَ خالـــــــــــقٌ     أنتمْ لديهِ أكرمُ الشفـــــــــــــــعاءِ (16)

.....................................................................................................

1 ــ ذكر منها (48) بيتا في ديوان القرن الثالث عشر عن مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢٨ ص ٨٣ ــ 86 / مستدرك أعيان الشيعة ج 7 ص 184

2 ــ موقع البيت العربي / موقع ديوان

3 ــ ترجمته عن: من التراث الأدبي المنسي في الأحساء / السيد هاشم محمد الشخص، مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت ج ٢٨ ص ٧٣ ــ 77

4 ــ الذريعة إلى تصانيف الشيعة ج ٧ ص 286

5 ــ مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت ج ٢٨ ص ٧٧

6 ــ نفس المصدر ص 79 ــ 81

7 ــ نفس المصدر ص 82

8 ــ أنوار البدرين: 416 – 417

9 ــ شهداء الفضيلة ص 361

10 ــ مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت ج ٢٨ ص 83 عن كتاب: التعريف بآل رمضان (مخطوط) للأديب محمد حسين الرمضان ــ حفيد الشاعر ــ

11 ــ نفس المصدر والصفحة

12 ــ أنوار البدرين ص ٤١٧

13 ــ مجلة تراثنا ص 88 ــ ٨٩

14 ــ موقع ديوان

15 ــ موقع البيت العربي

16 ــ ذكر منها (32) بيتاً في مجلة تراثنا ج ٢٨ ص ٨٦ ــ 87

كما ترجم له:

السيد هاشم محمد الشخص / أعلام هجر من الماضين والمعاصرين ج 2 ص 345 ــ 385

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار