941 ــ حسين العلوي (توفي 1364 هـ / 1944 م)

حسين العلوي (توفي 1364 هـ / 1944 م)

قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام):

للهِ قبرٌ ضمَّ جــسـمَكَ قد غدا    بـ(الطفِّ) ركناً للنجاةِ شديدا

للهِ قــــــــبرٌ لمْ يـزلْ بجوارِهِ    غرُّ الــملائكِ رُكَّعاً وسجودا

يا قبرَ مَن في كـلِّ قلبٍ قبرُه    ولــهُ مـصابٌ لا يزالُ جديدا

قد أودعتْ فيكَ النبوَّةُ سرَّها    وكذا الإمـامةُ تاجَها المعقودا (1)

وقال من قصيدة تبلغ (14) بيتاً بمناسبة وضع الحجر الأساسي لمئذنة الرضة الحسينية المطهرة عام (1357 هـ / 1938 م):

مرقدٌ بـ(الطفِّ) قد شاءَ الإلهُ    مَن له زارَ فقد نالَ رضاهُ

قد حوى للقدسِ أعلى جوهرٍ    أشــــرقَ العالمُ طرَّاً بسناهُ

حارَ ذو الألبابِ في أوصافِهِ    وبمعناهُ جميعُ الخلقِ تاهوا

هـوَ سبطُ المصطفى مَن أمُّه    فاطمٌ والـمرتضى كانَ أباهُ (2)

الشاعر

السيد حسين بن محمد علي بن جواد بن مهدي بن هاشم الموسوي، ولد في كربلاء من أسرة علوية شريفة تسمى بـ (آل العلوي) يعود نسبها إلى الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) (3) قال عنها السيد سلمان هادي آل طعمة:

(من أسر الأدب والفضل التي تنتسب إلى السيد أحمد شاه جراغ بن الإمام موسى الكاظم عليه السلام، قطنت كربلاء في أواخر القرن الثالث عشر الهجري، واندمجت ضمن خدمة الروضتين ... ومن رجالها: السيد حسين بن السيد محمد علي بن جواد بن مهدي بن هاشم الموسوي الشهير بالعلوي.. كان شاعراً مطبوعاً اشتهر بجميل الذكر وحسن المعاشرة، جمع بين الموهبتين موهبة النظم في الفصحى والعامية وحلق في كليهما. وله قصائد كثيرة في المناسبات الاجتماعية والوطنية. حدثني بعض المعمرين أنه كان يعتمد في قرضه للشعر على السليقة والذوق الأدبي) (4)

وقال عنه السيد سلمان أيضاً: (أديب نابه وشاعر مفلق في الفصحى والعامية، أجهد نفسه أعواما طويلة في قرض الشعر حتى برع فيه، وبذل قصارى جهده في توسيع طاقاته الفكرية، حيث كان يحضر المناظرات الشعرية في مجالس الأدب التي تنعقد في أرجاء كربلاء...) (5)

والسيد حسين العلوي هو والد الشاعر إبراهيم العلوي (1342 ــ 1381 هـ / 1923 ــ 1962 م) الذي ترجم له آل طعمة (6)

توفي السيد حسين العلوي في كربلاء ودفن في الروضة العباسية المقدسة

شعره

قال من قصيدة في مولد النبي (صلى الله عليه وآله) تبلغ (29) بيتاً:

حضيرةُ القدسِ فيها النورُ قـــد سطعا    لمَّا بأفلاكِها بدرُ الهــــــــــــــدى طلعا

وأزهـــــــــــرَ الملأ الأعـــلى بطلعتِه    والكفرُ عن أفقِهِ قـــــــــد زالَ وانقشعا

للهِ مِن مولدٍ آيــــــــــــــــــاتُه ظهرتْ    ولمْ يكنْ قبلـــــــــــــها مرآىً ومَستمعا

تساقطَ النجمُ مِن أعلى مـــــــــــراتبِهِ    وانشقَّ إيــــوانُ كسرى بعدما انصدعا

والماءُ غاضَ ونارُ الفـــرسِ خــامدةٌ    كـــــــــــــأنّما لم يكونا في الوجودِ معا

والبرقُ يخطفُ بالأبـــصارِ مُلتــهبٌ    مِن ومضهِ الكفرُ أبدى الروعَ والجزعا

وسَــلْ مِن البيتِ عمَّا حلَّ في هُبـــلٍ    يُــــــــــــــجبكَ عنه وبالأصنامِ ما وقعا

خرَّتْ مَــــن بيمناهُ الحصى نطقـــتْ    كما الأراكُ بـــــــــــلا رجلٍ إليهِ سعى

وانشقَّ بدرُ الــسما تصديقَ دعـــوتِهِ    مِن أفقهِ آيةٌ للأرضِ قـــــــــــــــد وقعا

بهِ النبوَّةُ والأديـــــــــانُ قد خُـــتمتْ    وكلُّ علمٍ إلـــــــــــــــــــــهيٍ به اجتمعا

فاقَ النبيينَ عندَ اللهِ مـــــــــــــــنزلةً    فلمْ ينلها نبيٌّ أو بها طمــــــــــــــــــــعا

مَــــــن المظلّلُ منهمْ بالغمامِ ومَـــن    لــــــــــــقابِ قوسينِ أو أدنى قد ارتفعا؟

ومَن لـــــــه اللهُ نادى يا حـــبيبُ ألا    فادنِ وما لـــــــــــــــــــسواهُ بالدنوِّ دعا

وحلَّ منه مــــــــــحلّاً لــيـسَ يعرفُه    في الدهرِ خلقٌ ولا علــــــــــمٌ بهِ اطّلعا

لذا أحاطَ بما في الكــــونِ مِن عظمٍ    فـــــــــكلُّ شيءٍ سوى الباري له خَضَعَا

مِن معدنِ القدسِ لطفاً نفسُه صُنِعتْ    قبــــــــــــلَ الوجودِ تعالى مَن لها صَنَعا

وقـــــد تجلّتْ بساقِ العرشِ مشرقةً    ونـــــــــــــــــــــورُها بسناءٍ للهدى لمعا

بحـــــــــــــسنِه هوَ فردٌ لا نظيرَ له    فجوهرُ الحسنِ فــــــــــي سيمائِه انطبعا

فأيّ نفسٍ كنفسِ المصطفى عظمتْ    وأيّ دينٍ كدينِ المصطـــــــــــفى شرعا

وأيّ صنوٍ يـــــضاهي صنوَه شرفاً    ومَن تصدَّقَ بالمحرابِ إذ ركــــــــــــعا

ومَـــــن أتى هلْ أتى والعادياتُ بهِ    ولا فـــــــــــتى غيرُه الروحُ الأمينُ دعا

ومَن بـــــــــــهِ آيةُ التبليغِ قد نزلتْ    يومَ الغديرِ إلــــــــــــــيهِ الأمرُ قد رجعا

ومَن لمرحبَ أرداهُ بـــــــــضربتِهِ    وبابُ خيبرَ لمَّا هزَّه انقـــــــــــــــــــــلعا

وشــــــــــادَ أركانَ دينِ اللهِ ساعدُه    كـــــــــما لعمروِ بنَ ودٍّ في اللقا صَرَعا

تاللهِ ما غـــــــــزوةً سارَ النبيُّ بها    إلا وحامـــــــــي الحمى فخراً لها ادَّرعا

ماذا أقولُ لمَن قـــــــــالَ الغلاةُ بهِ    هوَ الإلهُ الذي لــــــــــــــــــــلعالمِ ابتدعا (7)

وقال في مولده (صلى الله عليه وآله) أيضاً من قصيدة تبلغ (32) بيتاً:

مهما نردِّدُ بالمسرَّةِ ذكـــــــــــــرَه    معنا ملائكةُ الـــــــــــسماءِ تُردِّدُ

وِلدَ الـــــــــــــنبيُّ محمدٌ تمَّ المُنى    تمَّ المُنى ولدَ الـــــــــــنبيُّ محمدُ

فـــــــارتاعَ كسرى مُذ غدا إيوانُه    ينشقُّ إعــــــجازاً ويهوى الفرقدُ

وغدتْ طواغيتُ المجوسِ بدهشةٍ    لــــــــــــخمودِ نارٍ جمرُها يتوقّدُ

وتساقطَ الأصنـــــــامُ مِن أبراجِها    قد أخرسَ الفصحاءَ مـنه المشهدُ

والمـــاءُ غاضَ بـ(ساوةٍ) وبعكسِهِ    وادي الــــــــسماوةَ ماؤهُ يتصعَّدُ

آياتُ قــــــــــــدسٍ ما لغيرِ محمدٍ    ظهرتْ وفيها كـــــلُّ شـيءٍ يشهدُ

وله تجلّتْ معجـــــــــزاتٌ أبهرتْ    كلَّ الأنامِ بما يقرُّ الــــــــــــجُحَّدُ

فانــــــــشقَّ إعجازاً له بدرُ السما    وغدا يكلِّمُه الــــــحصى والجلمدُ

وكذا الأراكـــــــةُ أقبلتْ تسعى له    شــــــــــــوقاً وأغصانٌ لها تتأوَّدُ

ختمَ الإلهُ بهِ النــــــبوَّةَ في الورى    إذ لا نـــــــــــــــبيٌّ بعدَ طهَ يُولدُ

وقد اصطفاهُ ذو الجـــــلالِ لنفسِهِ    مِن خلقِه فهوَ الحــــــبيبُ الأوحدُ

ودعـــــــــــــاهُ للمعراجِ حتى أنّه    عن كلِّ مخلوقٍ بــــــــــــه يتفرَّدُ

فرقـــــــــــى البراقَ مُرحِّباً بلقائِهِ    بــــــــــــــشراً يُكبِّرُ تارةً ويُمجِّدُ

وسرى فسبـــحانَ الذي أسرى به    حتى دنا إذ لا هــــــــــــناكَ تبعُّدُ

عن قابِ قوسيــــــنِ استزادَ دنوُّه    وإليهِ يأتي الصوتُ إذنٌ أحـــــمدُ

كشــــــفَ الغطاءَ له وعادَ مُؤيَّداً    مِــن ذي الجلالِ له الشفاعةُ تُسندُ

وحباهُ قرآنـــــــــينِ ذكراً مُحكماً    بهمــــــــــا لجيشِ المشركينِ يُبدِّدُ

قرآنَ قدسٍ صامـــــــتٍ يَهدي بهِ    ويردُّ أقوالَ الـــــــــــــعدى ويفنِّدُ

واقـرأ عن الثاني الذي هوَ ناطقٌ    ومُــــــــــــــــــنفّذٌ أحكامَه ومُؤيِّدُ

ذاكَ الـــــــذي يومَ الغديرِ بنصبِهِ    نفسُ الإلهِ له الـــــــــــولايةُ تُعقدُ

وبحقِّه قالَ الـــــــــــــــنبيُّ مُبلِّغاً    قولاً عن الباري المهيمــــنِ يُوردُ

مَن كنتُ مولاهُ فذا مولـــــــىً له    يا قومِ منّي فاسمعوا وتأكّـــــــدوا

وبـ (هلْ أتى) أوصـــافُه ونعوتُه    مـــــــــــا غيرُه فيها يُرادُ ويُقصدُ

قالوا بــــــــلى سمعاً فــأنتَ نبيُّنا    حقاً وحيــــــــــدرةُ الإمامُ المرشدُ

للهِ عـــــــــــــــرشٌ للوصيِّ وآلهِ    لم يـــــــــــــــعتريهِ تزلزلٌ وتَبدُّدُ (8)

وقال من قصيدته الحسينية التي قدمناها:

يا باذلاً في اللهِ نــــــــــــــــفسَكَ جودا    أثبتّ لــــــــلدين الحنيف وُجودا

يا آيةَ النورِ التي قد أشــــــــــــــرقتْ    للسالكينَ فأدركوا المــــــقصودا

مِن قبلِ آدمَ كــــــــــــنتَ نوراً مُحدقاً    بالعرشِ تتلو الحمــــدَ والتوحيدا

يا خامسَ الغرِّ الذينَ بمجــــــــــــدِهمْ    سادوا البريَّة بـــــيضَها والسودا

فيكمْ ملائكةُ السمـــــــــــــــاءِ تعلّمتْ    أورادَهـــــــــا التسبيحَ والتمجيدا

يا واحدَ الـــــــــــــدهرِ الذي في جدِّهِ    كلُّ الــورى في وحَّدوا المعبودا

جَلَّتْ عن التحديدِ منكَ فــــــــــضائلٌ    كالشهبِ تأبى الحصرَ والتحديدا

حيَّرتَ كلَّ العــــــــــــــالمينَ بموقفٍ    هــــــزَّ الجبالَ وصَدَّعَ الجلمودا

لمَّا رأيــــــــــتَ بني الضلالةِ والشقا    حشَـــــــدتْ عليكَ كتائباً وجنودا

نبـــــــــذتْ كتابَ اللهِ خلفَ ظهورِها    كفراً وخــــــــــانتْ للنبيِّ عُهودا

فنشرتَ أعــــــــــــــــظمَ رايةٍ قدسيةٍ    للدينِ طاولتِ الــــسماكَ صعودا

ونـــــــــــــهضتَ نهضةَ سيِّدٍ لمْ تنثنِ    عـمَّا ترومُ وإن قـــضيتَ شهيدا

فظفرتَ في مسعاكَ يا ابنَ المصطفى    واللهُ يـشكرُ سعـــــيَكَ المحمودا

للهِ قبرٌ ضمَّ جـــــــــــــــسـمَكَ قد غدا    بـ(الطـفِّ) ركـناً لـــلنجاةِ شديدا

للهِ قــــــــبرٌ لمْ يـزلْ بجــــــــــــوارِهِ    غرُّ الـــــملائكِ رُكَّـــعاً وسجودا

يا قبرَ مَـــــــــــــن في كلِّ قلبٍ قبرُه    ولــهُ مــــصابٌ لا يـــزالُ جديدا

قد أودعتْ فيكَ الـــــــــــــنبوَّةُ سرَّها    وكذا الإمـــامةُ تاجَها الـــمعقودا

أصبحتَ للإسلامِ كعبةَ نــــــــــسكِها    والحـــجُّ فيــها لم يزلْ مشـــهودا

...................................................

1 ــ شعراء كربلاء ج 1 ص 313

2 ــ تاريخ المراقد للكرباسي ج 2 ص 314 / وفي شعراء كربلاء ج 2 ص 314 أربعة أبيات منها

3 ــ شعراء كربلاء ج 1 ص 307

4 ــ تراث كربلاء ص 169

5 ــ شعراء كربلاء ج 1 ص 307

6 ــ شعراء كربلاء ج 1 ص 19

7 ــ نفس المصدر ص 309 ــ 310

8 ــ نفس المصدر ص 311 ــ 312

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار