محمد بن عبيد الله البلخي الحسيني (توفي 451 هـ / 1059 م)
قال في فضل زيارة قبور أهل البيت (عليهم السلام):
يا طـــــــــــيبَ نفحِ النسيمِ في سحرٍ عرِّجْ على طيبةٍ بتـــــــــغليسِ
وزُرْ بقيـــــــــــــــــــــعاً بما تخذُّ بهِ رسماً مِن الدينِ جــدّ مطموسِ
واغزهما بــــــــــــــــالغريِّ رازمةً تثلمُ إضحــــــــــــاكَها بتعبيسِ
وطـــــــــفْ بها بـ(الطفوفِ) مدلجاً وحيِّها ضحوةً بتشـــــــــــميسِ
واقــــــــــــــصدْ ببغدانَ مِن أزمَّتِها يروِ صداها بطـــــونَ تعريسِ
وخُصَّ سامــــــــــــــــــرةً بمرتجزٍ يشوبُ تـــــــــــطبيقَه بتبجيسِ
وازحفْ إلى طوسَ واقضِ مُحتسباً حقوقَ ذاكَ الغريبِ في طوسِ
مـــــــــــــــــشاهدٌ روَّحتْ مراقدَها بـــــــــــرحمةٍ نوَّرتْ وتقديسِ (1)
الشاعر
محمد بن عبيد الله بن علي بن الحسن بن الحسين بن جعفر بن عبد الله بن الحسين الأصغر بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) الحسيني البلخي (2)
ومحمد هذا هو عم علي بن الحسن بن عبيد الله المعروف بـ (علي بن أبي طالب) صاحب المزار المعروف بمدينة مزار شريف في أفغانستان وكان يلقب بـ (شرف السادات).
قال السيد ابن عنبة الحسني: (وأما جعفر الحجة بن عبيد الله الأعرج، وفى ولده الإمرة بالمدينة، ومنهم ملوك بلخ ونقباؤها... أعقب جعفر من رجلين، الحسن والحسين. أما الحسين بن جعفر الحجة فدخل بلخ وأعقب بها وهم ملوك وسادة ونقباء منهم السيد الفاضل أبو الحسن البلخي وهو علي بن أبي طالب الحسن النقيب ببلخ أبي علي عبيد الله بن أبي الحسن محمد الزاهد بن عبيد الله بن علي بهراة ابن علي أبى القاسم ببلخ ابن الحسن أبى محمد قبره ببلخ ابن الحسين المذكور) (3)
وقال السيد علي خان المدني في ترجمة الشاعر: (السيد أبو الحسن محمد بن عبيد الله بن علي بن الحسن بن الحسين بن جعفر بن عبيد الله بن أبي الحسين الأصغر بن علي بن أبي طالب عليه السلام، الملقب شرف السادات البلخي، كان أول من دخل من آبائه إلى بلخ جعفر بن عبيد الله، وكان يلقب بالحجة لفضله وزهده وبيانه، وكان أبو البحتري وهب بن وهب قد حبسه بالمدينة ثمانية عشر شهراً فما أفطر إلا بالعيدين، ولما دخل بلخ ألقت إليه الرياسة زمامها، وقدمته أمامها، وكان هو وأولاده نقباءها ورؤساءها وسفراءها، الذين أرّجو لشرفهم أرجاءها...) (4)
وقال عنه الباخرزي: (هو سيد السادات وشرفهم، وبحر العلماء ومغترفهم، وتاج الأشراف العلوية، المتفرعين من الجرثومة النبوية، الشارحين غرر الآداب، في أخبية الأنساب، وهو ولا مثنوية من المشرفين في الذروة العليا، ومن المجدين من أسنمة الدنيا، شوس على عالم العلم ذوائبه، وتقرطس أهداف الآداب صوائبه، ولم يزل له أمام سرير الملك قدم صدق، يطلع في سماء الفخار بدره، ويوطئ أعناق النجوم قدره، وأقل ما يعد من محصوله جمعه بين ثمار الأدب وأصوله، ووصفه بأنه ينثر فينفث في عقد السحر، ويحلق إلى الشعرى إذا أسف إلى الشعر، وأما الذي وراءه من العلوم الآلهية التي أجال فيها الأفكار، وافتض منها الأبكار، فما لا يحصر ولا يحزر، ولا يحد ولا يعد، وقد صحبته عشرين سنة ارتدى في ظلال نعمه العيش الناعم، حي عادت فراخ وسائلي قشاعم، فكم زممت إليه المطية، وركزت على مكارمه الخطية، ما دحا لما اشتهر على الألسنة من حسبه ونسبه، وآخذا بحظي من أدبه ونشبه، ولم يرتع ناظري وفى الروض الناضر الا بتأملي في أقلامه، ولا صار سمعي صدف اللآلي الا بتقريضي روائع كلامه، وليس أسير وأجيء إلى التنويه باسمه والإشادة بذكره الا نوع تعليل، وما احتاج النهار إلى دليل.....) (5)
وقال عنه الشيخ السماوي: (كان فاضلا جم الفواضل، كثير الفضائل، ذكره الباخرزي وأثنى عليه بالفضل والعلم والأدب والشعر و الرئاسة، وهؤلاء السادة أول من دخل بلخ منهم جدهم جعفر، كما قال صاحب الدرجات، وكان المترجم حسن الشعر و النثر، فمن نثره: من رق نجارك عن نجاره فلا تجاره، و من قصر حسامك عن حسامه فلا تسامه) (6)
شعره
ومن شعر البلخي هذه القصيدة:
وإنــيَ مِن قـــومٍ إذا ما تنمّــــــــرتْ ليالٍ تلقّـــــوا صــــــــــــرفَها بالتنمُّرِ
جديرونَ أن يستصغروا كــــلّ مكبرٍ ويزروا بـــــــــــــقدرِ الأبلخِ المتكبّرِ
بدا في الورى فــــــــي كلِّ يومٍ تقدّمٌ صـــــــــــــدورهم في كلِّ يومٍ تصدّرِ
بقرباهمُ قد سادَ كلّ خــــــــــــــــليفةٍ وبــــــالأمرِ منهم ساسَ كلُّ مـــــؤمّرِ
إذا ما دعوا (يال النبيّ) تضعضعَ الـ رواسي لأعلامٍ رواســـــيّ تــــــسترِ
بنى اللهُ فـــــــــــوقَ السّارياتِ بيوتَنا بأحمدِه المحـــــــــــمودِ ثـــــمّ بحيدرِ
تقلّبــــــــــــــنا كفّ الوصيّ وحجره ويرضـــــــــعنا درّ الـــــنبيّ المطهّرِ
ونحن تنقّذنا الأنـــامَ مِن الـــــــعمى ووشـــك الرّدى والــــجاحم المتسعّرِ
ونحنُ كسرنا الوثـــنَ والصّلبَ كلّها ونحنُ وســـــمنا أنفَ كسرى وقيصرِ
ونــحنُ أمانُ النّـــاسِ مِن كلِّ موبقٍ ونحنُ نــــجومُ الأرضِ في كلِّ معذرِ
فيدعــو لنا في الفــــرضِ كلُّ موحّدٍ ويــــدعو بنا في الفضــــلِ كلُّ مكبّرِ
ويسمـــــو إلى تفضــــيلِنا كلُّ موقنٍ ويفضي إلى تنقيصِنا كـــــلُّ مــــمترِ
ويفخرُ جـــــهلاً عـنــــدنا كلُّ أرعنٍ يزاحــــمُ رعن الأخشبِ الـــــمتوعّر
يكاثرُ غزرَ الـــقطـــــرِ عند انهلاله ويُكثرُ مـــــــن نبحِ الـــــهلالِ المنوّرِ
فما لي لا أستنــــزلُ الـــــنّجم قاعداً وأحــــــني لقى مــــن ذروةِ المتجبّرِ
وما لي أستسقـــي (ولــــي كلّ آلة) تنزّل درّ الآلِ فــــــــــــي كلِّ مقفرِ؟
وقد ذفتُ مِن حلوِ الزّمــــــانِ ومرِّهِ وجرّبتُ طـــــوري عــــــرفه وتّنكّرِ
فلم أرَ أزرى بالــعلا من تـــــسوّفٍ ولم أرَ أحـــــوى للمنى مـــــن تشمّرِ
قضيتُ لأقلامي ديــــــوناً كـــــثيرةً وقد حـــــلَّ دين المشرفيّ الــــمشهّرِ
وذبّيت دهراً عن دسـوتٍ حللـــــتها وقد حان ذبّي عن سريري ومنبري (7)
..................................................
1 ــ مناقب آل أبي طالب ج ١ص ٢٧٦ / أعيان الشيعة ج ٩ ص ٣٩٧ / الطليعة ج 2 ص 266
2 ــ أعيان الشيعة ج ٩ ص ٣٩٧ / الطليعة ج 2 ص 265
3 ــ عمدة الطالب ص ٣٣٠ ــ 331
4 ــ الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة ص ٤٩٠
5 ــ دمية القصر ج 2 ص 741
6 ــ الطليعة ج 2 ص 265
7 ــ دمية القصر ج 2 ص 206 – 208 / ذكر منها في الطليعة (6) أبيات ج 2 ص 266
كما ترجم له:
ابن الأثير / الكامل في التاريخ حوادث سنة 456 هـ ج 10 ص 14
الصفدي / الوافي بالوفيات ج 4 ص 21 ــ 24
ابن معصوم المدني / أنوار الربيع ج 3 ص 347
اترك تعليق