883 ــ محمد حسين الأصفهاني (1296 ــ ١٣٦١ هـ / 1878 ــ 1942 م)

محمد حسين الأصفهاني (1296 ــ ١٣٦١ هـ / 1878 ــ 1942 م)

قال من أرجوزته الكبيرة (الأنوار القدسية) ومنها في عقيلة بيت الوحي السيدة زينب بنت أمير المؤمنين (عليهما السلام) وتبلغ (59) بيتاً:

فــــــــإنّها وليدةُ الفصاحةْ     والـــــدُها فارسُ تلكَ الساحةْ

وما أصابَ أمَّــها مِن البلا     فــــهوَ تراثها بطفِّ (كربلا)

لكنها عــــــــظيمةٌ بلواها     مِن الخطوبِ شاهدتْ أدهاها (1)

ومنها في شبيه رسول الله أبي الحسن علي بن الحسين الأكبر (صلوات الله عليهم) وتبلغ (60) بيتاً:

هوَ النبيُّ في مــــــــعارجِ العلا     لكن عروجَـــــــــه بطفِّ (كربلا) 

نالَ مِن العروجِ منتهى الشرفْ     ومِن رياضِ القدسِ أفضلَ الغُرفْ 

والحربُ قد بانتْ لــها الحقائقُ     مـــــــــــــُذ في يمينِه تجلّى البارقُ (2)

الشاعر

الشيخ محمد حسين بن محمد حسن بن علي أكبر بن آغا بابا بن آغا كوچك ابن الحاج محمد إسماعيل ‌بن الحاج محمد حاتم الغَرَوي الأصفهاني (3) المعروف أيضاً بـ(الكُمباني)، (4) عالم وفقيه كبير وفيلسوف ومفكر وأديب وشاعر، لقب بـ(أستاذ الفقهاء) و(فقيه الفلاسفة)، ولد في الكاظمية من أسرة أصلها من (نخجوان ــ التابعة لأذربيجان حالياً) ثم انتقل جدّه الحاج محمد إسماعيل إلى تبريز ومنها إلى أصفهان التي استقر بها. (5)

وكان والده الحاج محمد حسن من تجار الكاظمية ومن أهل الفضل والإحسان ومحباً للعلم والعلماء، وقد هاجر إلى الكاظمية من أصفهان وسكنها، وكان يرغب أن يسلك ابنه الوحيد مسلكه في التجارة لكن رغبة الابن كانت متجهة إلى دروس العلم والفقه والحكمة، وفي الأخير تحققت رغبة الولد ففي أحد الأيام كان الإبن والأب في صحن الإمامين الجوادين عليهما السلام فتوجه الابن إلى الإمام الكاظم عليه السلام وسأل الله بجاهه أن يليّن موقف أبيه المعارض لرغبته وتوجهه، فما إن أتم توسله وإذا بأبيه يسأله: هل لا زلت على رغبتك في التفرغ للدراسة الحوزوية؟ فأجابه بالإيجاب، فقال له: اذهب إلى النجف وادرس. (6)

وكان الأصفهاني قد بدأ دارسته الدينية الأولية في الكاظمية، فانتقل إلى النجف الأشرف لإكمال دراسته قبل بلوغه العشرين من عمره، فحضر دروس الفقه، والأصول، والفلسفة عند أعلام العلماء في النجف أمثال: الشيخ محمد كاظم الخراساني المعروف بـ(الأخوند)، والميرزا جواد آقا الملكي التبريزي، والسيد محمد الأصفهاني الفشاركي، والشيخ رضا الهمداني النجفي، الفيلسوف الميرزا محمد باقر الاصطهباناتي، والشيخ حسن التويسركاني، الشيخ أحمد الشيرازي المعروف بـ(شانه ساز) (7)

وأبرز أستاذ له هو الشيخ محمد كاظم الخراساني حيث لم يفارق دروسه لمدة ثلاث عشرة سنة كتب خلالها جملة من حاشيته‌على (كفاية الأصول) لأستاذه، قال الشيخ محمد علي الأُردوبادي: (انتماء شيخنا الأصفهاني إلى أستاذه هذا ــ أي الخراساني ــ أكثر وأشهر لأنه طالت مدته فدأب على التلمذة عليه ثلاثة عشر عاماً فقهاً وأُصولًا حتّى قضى نحبه فاستقلّ شيخنا بالتدريس) (8)

وقد أجازه بالرواية من العلماء الأعلام: المحدث الكبير الحاج الميرزا حسين النوري الطبرسي ــ صاحب مستدرك الوسائل ــ، السيد حسن صدر الدين الموسوي المعروف بالصدر الكاظمي ــ مؤلف كتاب تأسيس الشيعة ــ، الميرزا محمد باقر اصطهباناتي الشيرازي، الشيخ أحمد الشيرازي المعروف بـ(شانه ساز)، شيخ الشريعة فتح الله الأصفهاني.

وبعد وفاة أستاذه الآخوند الخراساني سنة (1329 هـ / 1911 م) تصدر الأصفهاني مجلس التدريس، فتخرج على يديه كثير من العلماء الأعلام والفقهاء الكبار والمراجع العظام قال الشيخ جعفر محبوبة: (كان يحضر دروس الشيخ الأصفهاني كثير من أهل العلم والنبوغ، ويمكن القول بأن كلاً من طلابه كان مؤهّلاً لحمل أعباء المرجعية). ومن تلامذته: (الشيخ عبد العظيم الربيعي البحراني، والشيخ عبد المهدي مطر، والشيخ قاسم محي الدين، والسيد محمد هادي الميلاني، والسيد أبو القاسم الخوئي، والشيخ محمد تقي بهجت الرشتي، والسيد محمد حسين الطباطبائي ــ صاحب تفسير الميزان ــ، والشيخ محمد علي الأراكي، والسيد عبد الأعلى السبزواري، والشيخ محمد علي الأوردبادي، والشيخ محمد رضا المظفر، والشيخ عبد الحسين الأميني، والشيخ سلمان الخاقاني، والشيخ محمد طاهر آل راضي، والشيخ محمد طه الكرمي الحويزي، الشيخ أبو الفضل النجفي الخونساري، السيد مرتضى الموسوي الخلخالي، السيد محمود الموسوي الزنجاني، السيد علي محمد البروجردي، السيد محمد الحسيني الهمداني، السيد صدر الدين الجزائري الموسوي، السيد محمد حسن القوجاني، الشيخ محمد حسين المظفر، السيد هادي الخسروشاهي، السيد عباس القوجاني، السيد مسلم الحلي، السيد حسن الحسيني اللواساني، السيد مرتضى الحسيني الفيروزآبادي، السيد محمد تقي آل بحر العلوم، السيد محمد الحجة الكوه كمري، السيد علي البهشتي البابلي، السيد محمدحسن الالهي الطباطبائي، السيد نورالدين الميلاني الحائري، الشيخ نصر اللّه الاشكوري، الشيخ يوسف البياري (9)

ويذكر الإمام الخوئي بأن الشيخ محمد حسين الأصفهاني، والشيخ النائيني أكثر من تتلمذ عليهم فقهاً وأصولاً، فقال: (أكثر من تتلمذت عليه فقها وأصولاً، حضرت على كل منهما دورة كاملة في الأصول وعدة كتب في الفقه حفنة من السنين) (10)

مؤلفاته

أثرى الأصفهاني المكتبة العلمية والأدبية بمؤلفاته القيمة التي تنوعت بين الفقه والأدب والحكمة يقول الشيخ محمد رضا المظفر: (لعل بعض القراء يدخلهم الشك عندما يقرأون ما كتب بحق الـشيخ الأصفهاني، لكثرة الإشادة به وبطول باعه، لكنني أطلب من هؤلاء أن يطلعوا على تصانيفه وتعليقاته، وإن شاء اللّه سيزول عنهم هذا الشك وهذا الإبهام). (11)

ومن مؤلفاته

(1) كتاب في أصول الفقه على أحدث طرز، وأحسن أسلوب، حاول فيه تهذيب هذا العلم واختصاره اختصارا فنيا ضمنه دقائقه، غير أن من المأسوف عليه قد حالت المنية دون إكماله.

(2) حاشيته على كفاية الأصول للمحقق لا خراساني رحمه الله سماها نهاية الدراية.

(3) رسالة في الصحيح والأعم.

(4)  و(5) رسالتان في المشتق.

(6) رسالة في الطلب والإرادة.

(7) رسالة في علائم الحقيقة والمجاز.

(8) رسالة في الشرط المتأخر.

(9) رسالة في الحقيقة الشرعية.

(10) رسالة في تقسيم الواضع إلى شخصي ونوعي.

(11) رسالة في أن الألفاظ موضوعة للمعاني بما هي هي، أو من حيث كونها مرادة.

(12) تعليقة على رسالة القطع لشيخ الطائفة الإمام الأنصاري رحمه الله.

(13) رسالة في اشتراك الألفاظ.

(14) رسالة في موضوع العلم.

(15) رسالة في أقسام الوضع والبحث عن المعنى الحرفي.

(16) رسالة في أن إطلاق الأمر هل يقتضي التعبدية، أو التوصلية، أو لا.

(17) رسالة في إطلاق اللفظ وإرادة نوعه وصنفه وشخصه.

(18) رسالة في تحقيق الحق وما يتعلق به. وقد طبعت ملحقة بأول المجلد الأول من حاشية المكاسب

(19) حاشيته على كتاب المكاسب لشيخ الطائفة الإمام الأنصاري رحمه الله، كبيرة ضخمة، ومن أمعن فيها علم أنها أولى الحواشي وإن تأخر ظرفها.

(20) رسالة في أخذ الأجرة على الواجبات.

(21) رسالة في أربع قواعد فقهية، وقاعدة التجاوز، وقاعدة الفراغ، وأصالة الصحة، وقاعدة اليد.

(22) رسالة في الإجارة، مبسوطة.

(23) رسالة في صلاة المسافر.

(24) رسالة في الطهارة.

(25) منظومة في الاعتكاف.

(26) منظومة في الصوم.

(27) رسالة في صلاة الجماعة.

(28) الوسيلة في أهم أبواب الفقه، طبعت ببغداد.

(29) تحفة الحكيم، منظومة في الفلسفة العالية نسيج وحدها في تضمنها أصول الفن، وفي جودة السرد، وحسن السبك، وقوة النظم.

(30) رسالة في المعاد.

(31) رسالة في الاجتهاد والتقليد والعدالة.

(32) ديوان شعره الفارسي في مدائح ومراثي آل بيت الوحي صلوات الله عليهم، وكل شعره مشحون بالفلسفة والعرفان الناضج، ويلحقه ديوان غزلياته العرفانية الحكيمة.

(33) مجموع أراجيزه في كل من المعصومين الأربعة عشر صلوات الله عليهم، وفي بعض رجالات بيت الوحي عليهم السلام (12)

في سجل التاريخ

كتب تلميذه الشيخ محمد علي الغروي الأردوبادي مقدمة لأرجوزته الأنوار القدسية قال فيها: (شيخنا الإمام، نابغة الدهر، وفيلسوف الزمن، وفقيه الأمة، حجة الاسلام، آية الله الشيخ محمد حسين الأصفهاني النجفي رحمة الله واسعة وقدس نفسه الزكية.

لا عتب على اليراع إن وقف عن الإفاضة في تحديد هذه الشخصية الفذة المستعصية على البيان، فهي في أرجائها الاسترسال عما يعييها، سارية مع العقل والمنطق.

إن التعريف الفني لا يفي ببيان ما هو أجلى منه، وإن حقيقة ملكوتية لا يتسنى لبحاثة عالم الناسوت تحليلها، فقصارى ما يمكن من الإشادة بهذه النفسية الكريمة التي أكسبها وضوحها غموضا، أن صاحبها هو ذلك الانسان الكامل الذي خضعت له العقول والنفوس، أو الجوهر الفرد الذي ليس بمستطاع لشكل الدهر أن ينتج له نظيرا.

إن من المستصعب أن يخوض الباحث في هذا التيار المتدفق فيلتطم به أو اذي ذلك الدأماء.

هب أنه تقحم لجة من هاتيك اللجج، فمن ذا الذي يستن به في الطريق المهيع إلى أن أياً منها يستحق التخصيص أو التقديم، فإن شيخنا المترجم فذ في كل نواحيه، ونسبة الفضائل إليه كأسنان المشط لا نفاضل بينها لأنه واقع في نقطة المركز من الدائرة، فالخطوط إليه متساوية فتدخله في أي من العلوم من حكمة وكلام وفقه وأصول وتفسير وحديث وشعر وأدب وتأريخ ومعارف وأخلاق وعرفان، وفي أي من الملكات الفاضلة، والنفسيات الكريمة، والمآثر الجمة، والفواضل الموصوفة، من دؤوب على العبادة، وتهالك في الزهد، وقيام بالليل، وسجدات طويلة ورياضة وتهذيب ومحاسبة، فتدخله في أي منها شرع سواء على الضد مما هو المطرد بين المشاركين في العلوم والمناقب غالبا من تقاعس درجاتهم في كل منها عمن هو متخصص به (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه)، غير أن في فجوات الدهر معاجز، وللمولى سبحانه بين الفترات مواهب يخص به أفذاذا حقت لهم العبقرية والنبوغ ومن أولئك (شيخنا المترجم) فهو حين تراه فيلسوفا يعرفك حقائق الأشياء على ما هي عليه بقدر الطاقة البشرية تبصر به متكلما يفيض البرهنة كالسيل الآتي فيدع معاقد الشبه كالريشة في مهب الريح، وبينما هو فقيه متبحر يرد الفرع إلى الأصل فلا يدع في قرار عبابه الخضم ثمينة إلا استخرجها فإذا هو في أصوله محقق نسائله يأتي بما تركته له الأوائل، وقصرت عن مثله الأواخر، فتعرف منه نظريا يميز من أجزاء العلوم الذرة من الذرة، ويفرق بين الشعرة والشعرة.

وعلى حين أنه كأحد الحفاظ في دراسة الحديث وروايته ودرايته يألفه الباحث النقيد الفذ في تطبيقها على النواميس المطردة والحكم الفاصل في القبول والرد، وربما عطف على آي من الكتاب الحكيم نظرة عميقة فتحسب أنه ينظر إلى الغيب من وراء ستر رقيق.

ومتى تنازل إلى نضد الشعر أو سرد القريض فلا يعلم الشاهد أهو وحي يوحى أو سحر يؤثر، نعم (إن من الشعر لحكمة، وإن من البيان لسحرا). وإليك شواهد صدق لما سردنا من الدعاوى آثرنا إيقافك عليها لئلا يذهب بك الحسبان إلى أنها فتوى مجردة، وهي ما أبرزه مزبره القويم من منتوجات فكرته النابغة) (13)

ثم يقول: (التقت هذه المبادئ الفياضة بمحل قابل من تابعيه في التفكير، ونضوج في الرأي، وصفاء في الذهن كالمرآة الصافية ينعكس فيها ما يقابله من حقائق ودقائق فلا يكاد أن يزول، كل ذلك منبعث عن دفاع خارق للعادة، وكان من سلامة طبعه، وحدة فكره وذكائه يتوصل إلى عالم يدرسه من العلوم فيحل عويصاته كفتى فيه، ولم تكن الاستفادة منه مقصورة على مجلس درسه لكنه كان:

هوَ البحرُ مِن أيِّ النواحي أتيتَه     فنائله الإفضالُ والعلمُ ساحله

فكان يسمعنا حتى في غير وقت الدراسة ما لمن تقرط به أذن الدهر من علم وحكمة وفلسفة وأخلاق وأدب وتأريخ ونظم ونثر وفكاهة حتى خسرناه وخسره العلم والدين). (14)

وقال عنه السيد عبد الحسين شرف الدين: (المحقق المدقق الشيخ محمد حسين الأصفهاني شارح الكفاية، كان من العلماء المؤملين للمرجعية العامة بعد الطبقة الأولى في ذلك العهد، وكان ذا مدرسة خاصة في علم الأصول، وقد توّسع فيه فلحقه بأصول الفلسفة، وأخضع الفكر للمنطق إلى أبعد حد، فكانت مدرسته تسيطر على حلقة ذات شأن في النجف، وكان هو قائماً على أساسها، وله في نفوسهم مقام شامخ يتطوعون له ويدعون إليه، ويفضلون أسلوبه نقضاً وإبراماً على سائر الأساليب العلمية المعروفة يومئذٍ في تربية ذوي الملكات العلمية، وتخريج أولي الفكر في الفقه والأصول، وكان من المنتظر أن يرقى إلى قمة الزعامة الكبرى لو امتدت به الحياة). (15)

وقال السيد جواد شبر: (نابغة دهره وفيلسوف عصره وفقيه الأمة، اتجهت الأنظار اليه وتخرّج على يده جملة من العلماء الأعلام ومن الكمال والأدب بمكان منشأ بليغاً باللغتين العربية والفارسية وخطه من أجمل الخطوط....

كان بعد الفراغ من دروسه في الحكمة والفقه والأصول يتلو قطعة من نظمه فتلتذ العقول وترتاح النفوس وتعدّ تلامذته وجود هذه الذات من أعظم الرحمات مضافاً إلى سيرته التي هي مثال عملي عن خلقه وأدبه) (16)

وقال عنه تلميذه الشيخ محمد رضا المظفر: (كان من زمرة النوابغ القلائل الذين لا يضن الزمان بهم إلّا في الفترات المتقطّعة، ومن أُولئك المجدّدين للمذهب، الذين يبعث الله تعالى واحداً منهم في كلّ قرن، ومن تلك الشخصيات اللامعة في تاريخ قرون علمي الفقه والأصول و إذا صح أن يقال في أحد إنه جاء بما لم يجئ به الأوائل فهو هذا العمود لفجر الإسلام الصادق الّذي انطفأ قبل شروق شمس نهاره لتراه كل عين. ما سلك طريقاً في بحث مسألة إلا و تطاير فضول ما علق بها من الأوهام هباء، و ما حبرت يراعته بحثاً إلا و حيّرت العقول كيف تذهب آراء الباحثين جفاء.

لو قُدر لهذا النابغة- و للَّه في خلقه شئون- أن تثنى له الوسادة ليتربع على كرسي الرئاسة العامة و كانت منه قريبة، لقلب أُسلوب البحث في الفقه و الأصول رأساً على عقب، و لتغير مجرى تاريخها بما يعجز عن تصويره البيان، و لعلم الناس أن في الثريا منالًا تقربه النوابغ إليهم من حيث يحسون و يلمسون. و لذا كانت فاجعة العلم بموته فاجعة قطعت على البحث طريقه اللاحب إلى ساحة الحقائق الواسعة، و أخّرت عليه شوطاً بعيداً من السير كان يقطعه في زمن قريب لو قدر له طول عمره أكثر.

واني أتفأّل للجيل العلمي الآتي أن يبلغ هذا الشوط حينا يقدّر لكنوز مؤلفات شيخنا المترجم له أن تُدرس و تحقق من جديد، ليعلم الناس أن في هذه الكنوز الثمينة من الآراء الناضجة ما يعطي للعلم صبغته الجديدة التي يستحقها، ومن التحقيقات النفيسة ما ينسخ أكثر ما نسج عليه السابقون.). (17)

وقال أيضاً: (لقد استبطن كل دقائق الفلسفة، ودقق في كل مستبطناتها، وله في كل مسألة رأي محكم، وفي كل بحث تنقيح رائع، وتظهر آراؤه وتحقيقاته الفلسفية على جميع آثاره وأبحاثه، حتى في أرجوزته مع مدح النبي وآله الأطهار عليهم جميعا الصلاة والسلام). (18)

وقال عنه الشيخ آقا بزرك الطهراني: (و لمّا توفّي شيخنا الخراسانيّ (الآخوند) برز بشكل خاص و حفّ به جمع من الطلاب و استقل بالتدريس في الفقه و الأصول وكان جامعاً متفنّناً في الكلام والتفسير والحكمة، والتأريخ والعرفان والأدب إلى ما هنالك من العلوم، وكان متضلّعاً فيها

وله في الأدب أشواط بعيدة، وكان له القدح المعلى في النظم والنثر، امتاز ببراعة وسلاسة ودقة وانسجام، وأكثر نظمه أراجيز، بالجملة فهو من نوابغ الدهر الذين امتازوا بالعبقرية وبالملكات والمؤهلات وغرقوا في المواهب

كان محترم الجانب، موقراً من قبل علماء عصره، مرموقاً في الجامعة النجفية، اشتغل بالتدريس في الفقه والأصول والعلوم العقلية زمناً طويلاً، كانت له قدم راسخة في الفقه وباع طويل في الأصول، وآثار في ذلك تدل على أنظاره العميقة وآرائه الناضجة لكنّه غلبت عليه الشهرة في تدريس الفلسفة لإتقانه هذا الفن بل و تفوقه فيه على أهله من معاصريه استمرّ على نشر العلم و نهض بالأعباء الثقيلة فكان العلم الماثل و الموئل المقصود الّذي تتهافت عليه الطلاب زرافات و وحداناً، و قديماً قيل (و المنهل العذب كثير الزحام). (19)

وقال السيد محمد حسين الطباطبائي: (كان عالماً جامعاً للعلم والعمل والتقوى والذوق، وكان يمتلك طبعاً رصيناً وكلاماً جميلاً) (20)

وقال الشيخ محمَّد حرز الدين: (كان عالماً محققاً فيلسوفاً ماهراً في علمي الكلام و الحكمة وله الباع الطويل في الأدب العربي والفارسي والتاريخ والعرفان وأجاد في شاعريته ونظم عدّة قصائد وأراجيز ملؤها المعاني الجسيمة والإبداع والرقة والانسجام وكان مدرّساً بارعاً في علمي الفقه والأصول وآخر أيامه صار مرجعاً للتقليد رجع إليه بعض الخواصّ والتجار في بغداد وأفراد من بعض المدن العراقية وسمعت هكذا في طهران، والشيخ من خلّص أصحابنا في النجف وكان مدرّساً قديراً أجاز كثيراً من أهل الفضل إجازة الاجتهاد) (21)

وقال الأستاذ علي الخاقاني: (فيلسوف كبير، وحكيم شهير، وفقيه أوحد، وأصولي مفنن ظهر في سماء النجف كالوكب الوقاد، واهتدى بنوره وإرشاده مئات الأعلام وأرباب الصناعة من المتأخرين..) (22)

وقال عنه الحاج حسين الشاكري: (عالم فاضل فيلسوف شاعر. فهو في الحكمة والفلسفة والفقه والأصول كوكب وقاد، نهل من علوم فحول عصره... كان ذا خلق رصين، مترفعاً عن حب الشهرة، تطلبه المرجعية ولا يطلبها، يرعى الوافد إليه بكل حفاوة وتكريم وكأنه يعرفه من أزمان. منصرفاً إلى خدمة الحقيقة حتى أنه كان يمنح من مكتبته مخطوطات نادرة لمن يشاء ذلك في سبيل نشر العلم ومن دون أن يتحقق من شخصية الآخذ... له من الآثار العلمية الشيء الكثير، وكلها معدودة من أمهات أبوابها). (23)

وقال عنه السيد عبد العزيز الطباطبائي: (كان لدى الشيخ الأصفهاني شوق وافر، وحب مفرط بأهل البيت عليهم السلام وكلما تحين الفرص المناسبة تراه يذهب إلى زيارة الأئمة عليهم السلام، وحين فراغه من الزيارة يصلي صلاة جعفر الطيار بدل ركعتي صلاة الزيارة، ويهدي ثوابها للأرواح المطهرة للأئمة عليهم السلام وقد حافظ على هذه السنة طيلة حياته. وكان لديه حب خاص للإمام الكاظم عليه السلام ويهتم اهتماما كبيرا بزيارته) (24)

وقال محمد أمين نجف: (كان الشيخ الأصفهاني رجلاً بمعنى الكلمة، جمع بين العلم والعمل، وبين الذوق والتقوى، وكان صاحب طباع حميدة وكلام جميل، ومن صفاته الأخرى الوقار والسكينة، وحسن المعاشرة، والتواضع مع الجميع حتى مع الأطفال، وكان طلابه يحبونه حباً كثيراً لسببين:

أولهما: ما كان يتمتع به من مقامه الشامخ، وتبحره العميق في العلوم، وذوقه الرفيع وعزة نفسه

وثانيهما: أنه كان أباً روفاً ورحيماً لطلابه) (25)

توفي الأصفهاني في النجف الأشرف ودفن فيها

شعره

كتب الأصفهاني الشعر باللغتين العربية والفارسية وأغلب شعره في أهل البيت (عليهم السلام)، وبرع في فن الرجز. وقد نشر الأستاذ علي الخاقاني قصائد الأصفهاني في كتابه (شعراء الغري)، وله مجموعة أراجيز في الصوم، والاعتكاف، وصلاة الجماعة، وله أرجوزة فلسفية بعنوان (تحفة الحكيم)، كتبها باللغة العربية تبلغ حوالي ألف بيت، وتعتبر من آثاره الفلسفية والعرفانية، وقد طبعت في النجف سنة (1334هـ / 1915م)، وله أيضاً ديوان شعر بالفارسية تضمن أغراض عدة أغلبه في مدائح ومراثي آل بيت الوحي صلوات الله عليهم، وكل شعره مشحون بالفلسفة والعرفان الناضج، ويلحقه ديوان غزلياته العرفانية الحكيمة.

قال عنه علي الخاقاني: (والغريب إن من يشاهد هذه الشخصية لا يحسب أنها وقفت على أسرار الأدب الفارسي والعربي كأديب تخصص بهما، وإن القطع الشعرية التي كان ينشدها بالفارسية والتي يصغي لها أعلام الأدب كانت مثار الاعجاب، وصلاته بالأدب العربي لا تقل عن سابقه، فقد أبقى لنا آثاراً دلّت على تمكنه من هذه الصناعة التي لا يتقنها إلا أبناؤها من مارسوها) (26)

أما أرجوزته (الأنوار القدسية) فقد نشرتها مؤسسة المعارف الإسلامية بتصحيح وتعليق الشيخ علي النهاوندي وتقديم الشيخ محمد علي الغروي الأردوبادي وتحتوي هذه الأرجوزة على أربع وعشرين قصيدة في النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته المعصومين (عليهم السلام)، والسيدة زينب بنت أمير المؤمنين، وعلي الأكبر، وقمر الهاشميين أبي الفضل العباس، وعبد الله الرضيع، والقاسم بن الحسن، وأول شهداء الثورة المسلم بن عقيل، والشهيد جعفر الطيار، وشيخ الأمة ووالد الأئمة أبي طالب، وأسد الله وأسد رسوله عم رسول الله حمزة بن عبد المطلب، والسيد محمد ابن الإمام علي الهادي (عليهم السلام) وتبلغ هذه الأرجوزة (2038) بيتاً وقد أضيفت إليها الغديرية التي تبلغ (53) بيتاً فأصبحت في (2091) بيتاً:

يقول الشيخ محمد رضا المظفر: (نشأ أستاذنا ميّالا لكل علم وفضيلة، وكانت عبقريته تساعده على إتقان ما تصبو إليه نفسه، فلم يفته أن يتجه إلى ناحية الأدب العربي، فيضرب فيه بسهم‌ وافر، و ساعدته نشأته العربية في محيطي الكاظمية والنجف الأشرف على أن يكون أديباً يقرض الشعر و يجيد النثر، و له في الشعر قصائد تدل على ذوق أدبي مستقيم، ولكنه لم يكن يحتفل بها فلذا لم يطلع عليها إلا القليل من خواصه. و عسى أن تكون أتلفتها يد الإهمال نتيجة عدم عنايته بها.

على أن له اليد الطولي في الأدب الفارسي، فله ديوان منه في مدائح آل البيت و مجموعة في الغزل العرفاني الرمزي أودع فيها من المعاني الفلسفية ما يبهر المتأدبين) (27)

قال الأصفهاني من أرجوزته الأولى وهي في خاتم الأنبياء محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وتبلغ (128) بيتاً:

رقا إلى أرقـــى معارجِ الهِممْ     وجازَ عن ذاتِ الـبروجِ والقلمْ 

مقامُه المحمودُ في قافِ القدمْ     وهــــــــــــوَ مقامٌ لا يمسُّه قدمْ 

واشتّقه مِـــن نورِه ربُّ الفلقْ     أينَ الترابُ منه بل أينَ العلقْ؟ 

الشمسُ كـــــوّرتْ لنورِ بدرِهِ     والنجمُ يهوي لعــــــــــلوِّ قدرِهِ 

والنبأ الــــعظيمُ بعضُ سيرتِهِ     والفجرُ رمزٌ لجمالِ طـــــلعتِه 

والتينُ والزيتونُ فرعُ دوحتِه     وطورُ سينينَ حــــــريمُ ساحتِه 

مولدُه في البـــــــــــلدِ الأمينِ     أكرمْ بهِ مِن بلدٍ ميمـــــــــــونِ 

بيمنِه الحجُّ إليهِ مُفتـــــــرضْ     كأنّه مِن قصدِه هوَ الــــغرضْ 

والمؤمنونَ أفلحوا بالتلبـــــية     وفي سبيلِ دينهِ بالتضــــــحية  

قاموا بأمرهِ بصــــدقٍ وصفا     صفا كأنّهمْ صفـــــــائحُ الصفا  

وانشرحتْ صدورُهـم بنورِهِ     كطارقِ السماءِ في ظـــــهورِه 

قلوبُهم خالصةٌ ممتحــــــــنةْ     حقيقة الحقِّ علــــــــــــيها بيِّنةْ (28)   

وقال من أرجوزته في أمير المؤمنين (عليه السلام) وتبلغ (109) أبيات:

سَــــــــلْ خندقاً وخيبراً وبدرا     فإنّــــــــــــها بما أقولُ أدرى 

سَلْ أحداً ففيهِ بالنصِّ الـــجلي     نادى الأميـنُ لا فتى إلّا علي  

للهِ درُّ ضربةٍ أفضــــــــلُ مِن     عبادةِ الجميـعِ مِن أنسٍ وجِنْ 

يا ضربةً قاضيةً عــلى العدى     نفسي وأمّـــي وأبي لكَ الفدا 

وكمْ لذلكَ الرهــيفِ المنتضى     مِن ضربةٍ تكادُ تسبقُ القضا 

وكمْ وكمْ بعضبِهِ قـــــــدٌّ وقطْ     لا مثله صــاعقةُ العذابِ قَط 

ومكرماتُه بــــــــحيثُ لا تُعدْ     وهلْ لظلِّ الأحــدِ الواحدِ حَدْ 

بشرى لمَن يرى الغديرَ عيدا     له الهنا عاشَ به ســــــــعيدا 

يـــومٌ بـه تحيى قلوبُ الشيعة     فاللهُ قد أحيــــى بهِ الشريعة 

جُدِّدَ فــــــــيه العهدُ والميثاقُ     فضاءتِ الأنفـــــسُ والآفاقُ  (29)

وقال في الصديقة الطاهرة سيدة النساء فاطمة (سلام الله عليها) وتبلغ (109) أبيات: 

جوهرةُ القدسِ مِن الكنزِ الخفي     بدتْ فأبدتْ عالياتِ الأحرفِ 

وقد تجلّى من سماءِ العــــظمةْ     مِن عالمِ الأسماءِ أسمى كلمةْ 

بلْ هيَ أمُّ الكلماتِ المُحكــــمة     فـــي غيبِ ذاتِها نكاتٌ مُبهمة 

أمُّ أئمةِ العقولِ الــــــــــغرِّ بلْ     أمُّ أبيــــــــــها وهوَ علّةُ العللْ 

روحُ النبيِّ في عـظيمِ المنزلةْ     وفي الكفاءِ كفوُ مَن لا كفوَ له 

تجرَّعتْ مِن غـصصِ الزمانِ     ما جاوزَ الحــــــــدَّ مِن البيانِ 

وما أصـــــــابَها مِن المُصابِ     مفتاحُ بابِه حديثُ الــــــــبابِ 

إنَّ حــــديثَ البابِ ذو شجونِ     مـــــــــما جنتْ به يدُ الخؤونِ  

أيَهجمُ العدى على بيتِ الهدى     ومهبط الوحي ومنتدى الندى 

أيَضرمُ النارَ ببــــــابِ دارِها     وآيةُ النــــــــــورِ على منارِها 

وبابُها بابُ نبيِّ الـــــــرحـمة     وبابُ أبوابِ نـــــــــجاةِ الأمةْ 

بلْ بابُها بابُ العليِّ الأعـــلى     فثمَّ وجـــــــــــــهُ اللهِ قد تجلّى 

ما اكتـسبوا بالنارِ غيرَ العارِ     ومِـــــــن ورائه عــذابُ النارِ 

ما أجــهلَ القومِ فإنَّ النارَ لا     تُــــــــطفئ نورَ الله جلَّ وعلا (30)

وقال في الإمام أبي محمد الحسن السبط المجتبى (صلوات الله عليه) في أرجوزته التي تبلغ (100) بيت: 

زكتْ ثمــــــــــــارُ العلمِ بالزكيِّ     أكرمْ بهذا الــــــــثمرِ الجنيِّ  

سمَّـــــــــــــــاهُ سيدُ البرايا سيِّدا     كفاهُ فضـــلاً لو نظرتَ جيدا 

فهوَ له الســـــــــــــموُّ والسيادةْ     في ملكــوتِ الغيبِ والشهادةْ 

أعـــــــــــطاهُ جدُّه نبيُّ الرحمةْ     سُــــــــــــؤدُدَه وعلمَه وحلمَه 

مِن رشحاتِ بحرِ علمِه الخضمْ     جرتْ ينابيعُ العلومِ والـــحِكَمْ 

هوَ الكتابُ المحكــــــــمُ المبينُ     في لوحِه التشريعُ والـــتكوينُ 

بأمرِه جرى بما جـــــرى القلمْ     والأمرُ منه أمرُ بـــارئ النسمْ  

وحلمُه له المقامُ السامــــــــــي     في حلمِه ضلّتْ أولوا الأحلامِ 

وســـــــــلمُه في موقعِ التسليمِ     مِن نفــــــــــــحاتِ قلبِه السليمِ 

رضاهُ فيـــــــما كانَ للهِ رضا      قضى على حـــقوقِه بما قضى (31)  

وقال من أرجوزته في الإمام أبي عبد الله الحسين (صلوات الله عليه) وتبلغ (111) بيتاً: 

قامتْ به قواعــــــــدُ التوحيدِ     مُذ لجأتْ بركنِها الـــــــــــشديدِ 

وأصبحــــــــتْ قويمةَ البنيانِ     بعزمِه عـــــــــــــــزائمُ القرآنِ 

غــــــــــدتْ به ساميةُ القبابِ     مــــــــــــــعاهدَ السنَّةِ والكتابِ 

أفاضَ كالحيا علـــــى الورَّادِ     ماءَ الحياةِ وهوَ ظـــــــامٍ صادِ 

وكظّه الظما وفي طيِّ الحشا     ريّ الورى واللهُ يقضي ما يشا 

والــتهبتْ أحشاءه من الظما     فأمطرتْ سحائبُ الــــقدسِ دما 

وقد بـــــــكته والدموعُ حمرُ     بيضُ السيوفِ والرمـاحُ السمرُ  

تفطّرَ القلــبُ مِن الظما وما     تفترَّ العـــــــــــــــــزمُ ولا تثلّما 

ومن يدكُّ نــورُه الطورَ فلا     يندكُّ طودُ عـزمِـــــــه مِن البلا 

تعجَبُ من ثبــــاتِه الأملاكُ     ومِن تـــــــــــــــجوِّلاتِه الأفلاكُ 

لا غروَ أنّه ابنُ بــجدةِ اللقا     قد ارتقى في الـمجدِ خيرَ مُرتقى 

شبلُ عليٍّ وهوَ لــيثُ غابه     لا بــــــــلْ كانَ الـغابُ في إهابه (32)  

وقال من أرجوزته في الإمام السجاد زين العابدين (صلوات الله عليه) وتبلغ (100) بيت: 

سبحانَ مَن أبــــدعَ في الايجادِ     بسرِّهِ المــــودعِ في السجَّادِ 

أبانَ ســـــــــرَّ الحقِّ والحقيقة     بــــــــصـــــورةٍ بديعةٍ أنيقة  

تصــــوَّرتْ في أعظمِ المجالِ     حقيقةَ الــــــــجلالِ والجمالِ 

جـــــــلَّ عن الثناءِ في جلالِه     عزَّ عن الأطرافِ في جمالِه 

بدرُ سماءِ عالمِ الأســــــــماءِ     وزينُ أهلِ الأرضِ والـسماءِ 

غرَّةُ وجهِ عــــــــالمِ الإمكانِ     قرَّةُ عــــــينِ العلمِ والعرفانِ 

نورُ الهدى وبهـجةُ اللاهوتِ     روحُ التقى ومهجةُ الناسوتِ 

قطبُ محيطِ الغيبِ والشهادة     وقبلةُ الأقطـــــارِ في العبادة 

وكــــــــعبةُ الأوتادِ والأبدالِ     ومستجارُ الكـلِّ في الأهوالِ 

نتيجةُ الــــــجواهرِ الزواهرْ     وصفوةُ الكلِّ مِـــــن القواهرِ (33)  

وقال من أرجوزته في الإمام محمد الباقر (عليه السلام) وتبلغ (100) بيت:

جوامـــــــــعُ الحكمةِ مفرداتُه     سحائبُ الرحمةِ مُرسلاتُه 

وهوَ لسانُ اللهِ فـــــــــي بيانِه     وســرُّه المودعُ فـي لسانِه 

قامَ بحمـــــــــلِ رايةِ الرسالة     بمحكـــــمِ البيـانِ والدلالة 

فــــــــــطبَّقَ الأرضَ بلابتيها     بالعلمِ إشــفاقاً بـمَن عليها 

وشيَّدَ الدينَ الحنيفَ الــسامي     حتى علتْ دعـائمُ الإسلامِ 

قامتْ به قواعدُ الــــــــتوحيدِ     واستحكــمتْ برأيهِ السديدِ 

فرَّقَ جمعَ الـــغيِّ والـضلالِ     بجمعِ شمـلِ العلمِ والكمالِ 

أحيا دوارسَ الربوعِ الخالية     فأصبحتْ ذاتَ قبابٍ عالية 

أنارَ وجهَ الـــــحقِّ والحقيقة     بأحسنِ البيــــانِ والطريقة 

أحيا بما فيه مــــن اللطائفْ     لطيفة العـارفِ والمكاشفْ (34)  

وقال من أرجوزته في الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) وتبلغ (96) بيتاً: 

شقَّ ظلامَ الجهلِ فجرٌ المعرفةْ     بصبحِه الصادقِ رسماً وصفة 

أصــــــبحَ مشرقاً محيطُ الدينِ     بــــــضوءِ صبحِ العلمِ واليقينِ 

وأصبحــــــــتْ دائرةُ الحقائقِ     مشرقـــــــةً بنورِ علمِ الصادقِ 

وأصبحتْ به أصـولُ المعرفة     على أساسٍ جلَّ عَن كلِّ صـِفة 

وأصبحتْ قـــــــواعدُ التوحيدِ     قائمةً برأسِـــــــــــــــهِ الـسديدِ 

وأصبحتْ لطــائفُ المعارفْ     جليّةً في قلبِ كلِّ عـــــــــارفْ 

وأصبحتْ معاهدُ الـــــــعلومِ     واضـــــــــحةَ الحدودِ والرسومِ 

وأصبــــحتْ به معالمُ الهدى     زاهرةً لمَــــــــــنْ تحرَّى رشدا 

وأصبحــتْ سنّةُ خيـرِ الأنبيا     كالقمرِ البازغِ نـــــــوراً وضيا 

وأصبحــــــتْ دقائقُ الكتابِ     تلمعُ كالشمسِ بلا حـــــــــجابِ (35)  

وقال من أرجوزته في الإمام باب الحوائج موسى بن جعفر (عليهما السلام) وتبلغ (104) أبيات: 

ذلكَ نورُ كــــــــعبةِ الأعاظمِ     وقبلةُ الحاجاتِ موسى الكاظمِ 

أبو العقــولِ والنفوسِ النيِّرةْ     أمُّ الكتابِ وابنُ خــــيرِ الخيَرَة 

بلْ هـــــوَ نورُ كعبةِ التوحيدِ     وقبلةُ الشاهدِ في الــــــــشهودِ 

نورُ سماءِ الذاتِ والصــفاتِ     به حياةُ عالـــــــــــــــمِ الحياةِ 

فالقُ صبحِ الأزلِ الــــــمنيرِ     بهِ اســـــــــتنارَ كـــلُّ مستنيرِ 

أضاءتْ السبعُ العلى بنورِه     كأنّها تدورُ حولَ طـــــــــورِه 

تودُّ وهـــــــــــيَ ركَّعٌ ببابِهِ     تكونُ سجَّداً عــــــــلــى ترابِه 

وبابُه كعبةُ كـــــــــلُّ سالكِ     ومستجارُ الـــكلِّ في الــمهالكِ 

وبابُه مـــــــــلتَزمُ الأرواحِ     بابُ المـــــــقامِ قبلةُ الضــراحِ 

وهـوَ مطافُ كعبةِ الإسلامِ     ومـــــــشعرُ المشاعرِ العظــامِ 

وبابُه بابُ القضاءِ الجاري     كيفَ وهذا الــبابُ بابُ الباري (36)  

وقال من أرجوزته في الإمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) وتبلغ (100) بيت: 

قد استوى سلطانُ إقليمِ الرضا     باليمنِ والعزِّ على عرشِ القضا 

عــــــرشُ الخلافةِ الإلهيةِ في     عبادِه فيالـــــــــــــــه مِن شرفِ 

لا بلْ عـــــــلى أريكةِ الـهويةْ     ومركـــــزِ المشيَّةِ الـــــــــفعلية 

له الولايةُ المـــــــــــــــحمدية     فـــــــــي ســرِّ ذاتِه على البرية 

ولايةُ التكويـــــــــنِ والإبداعِ     أكرمْ بـــــــــــهذا الملكِ المُطاعِ 

إذ يدُه العليا يدُ الأيـــــــــادي     فـــــهوَ مثالُ مـــــــــبدأ المبادي 

أسماؤه الحسنـى له صفـــاتُ     وهيَ لـذاتِه تجلّيـــــــــــــــــــاتُ 

سلطانُه على الـورى سلطانُه     فما أعزّه تعــــــــــــــــالى شأنُه 

أعظمُ ما أحـبَّ أن يُعرفَ به     في ذاتِه وفـي معالــــــــي رتبتِه 

فهوَ مِن الكـنزِ الخفي الباهرْ     ذاتاً ووصفاً أعظمُ المظــــــــاهرْ 

مقامُه الرفيعُ فـي أعلى القلمْ     ولوحُ ذاتِــــــــــه صحيفةُ الحِكمْ 

فاتحةُ الكتابِ فـي الجـــلالةْ     إذ هـــــوَ سرُّ خــــــــاتمِ الرسالة (37)  

وقال من أرجوزته في الإمام محمد بن علي الجواد (عليهما السلام) وتبلغ (101) بيت: 

هوَ الجوادُ بالوجــــــــــودِ الساري     وجودُه مظهرُ جـــــودِ الباري 

هوَ الجوادُ الــــــــــمحضُ لا لغاية     فإنّه الــــــــــــــــمبدأ والنهاية 

وكلُّ مــــــا في الكونِ فيضُ جودِه     والجودُ كالذاتيِّ فــــي وجودِه 

ومِن بديعِ جودِه الإبـــــــــــــــداعُ     فإنّه في أمـــــــــــــــرِه مطاعُ 

فالمبدعاتُ مِــــــــن معالي هـممِه     والكــــــــائناتُ نبذةٌ مِن كرمِه 

وجـــــــــــــــنّةُ النعيمِ مِن نعمائِه     وكيفُ والجوادُ مِن أســـــــمائِه 

هوَ الجوادُ بالعلومِ والحــــــــــكمْ     بل كلُّ ما في اللوحِ يسطرُ القلمْ 

له يدُ المعروفِ بالــــــــــمعارفِ     فإنّها قــــــــــــرّةُ عينِ العـارفِ 

بل يدُه البيضا تعـــالتْ عن صفة     إذ هيَ بـيضاءٌ ســـماءُ المعرفة 

وهيَ يدُ الـــــــــــجوادِ بالإفاضة     أكـــــــــرمْ بهذهِ اليــــدِ الفيَّاضة 

وبــــــــــــابُ أبوابِ المرادِ بابُه     والــحرزُ مِن كلِّ البــــلا حجابُه 

كهفُ الورى وغوثُ كلِّ ملتجي     في الضيقِ والشدّةِ بــــابُ الفرجِ (38)  

وقال من أرجوزته في الإمام علي الهادي (عليه السلام) وتبلغ (100) بيت: 

لقد تجلّى مبدأ الإيـــــــــــــــجادِ     فــــــي غايةِ الوجودِ باسمِ الهادي 

أحسنَ خلقَ كــــــلِّ شيءٍ فـهدى     وباسمِه الهادي اهتدى مَن اهتدى 

ميَّزَ بـــــــــــينَ الماءِ والسرابِ     بالعَلَــــــــــمِ الهادي إلى الصوابِ 

فبانَ وجهُ الحقِّ ذاتــــــاً وصِفة     بنيِّرِ العلمِ ونـــــــــــــورِ المعرفة 

وانفجرتْ لـــــــــكلِّ قـلبٍ صادِ     عينُ الحياةِ مِن مُحيَّا الــــــــهادي 

منه حــــــــــياةُ الروحِ بالهداية     بلْ مُطلقُ الــــــــــــــحياةِ بالعناية 

بــــلْ هوَ في العقولِ والأرواحِ     كالروحِ في الأجســــادِ والأشباحِ 

كيفَ ومِن مشرقِه صبحُ الأزلْ     فلا يزالُ مُشرقاً ولمْ يــــــــــــزلْ 

به حــــــــــــــياةُ عالمِ الإمكانِ     فإنّه كالنَفَسِ الرحمــــــــــــــــاني  

معنى الحقيقــــــــــــــةِ المحمديةِ     وصــــــــــــــــورةُ المشيَّةِ الفعلية 

ووجهُه في مصحــفِ الإمكان     فاتحةُ الكتابِ فــــــــــــــي القرآنِ (39)  

وقال من أرجوزته في الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وتبلغ (100) بيت: 

لقد بدا سرُّ المـــــــليكِ الأكبرِ     في قائدِ الحقِّ الزكيِّ العسكري 

وهو أبو المهديِّ وابنُ الهادي     فلا أحقَّ منـــــــــــــه بالإرشادِ 

لطيفةُ النبيِّ علّةُ العـــــــــــللْ     واســطةُ الفيضِ وإن دقَّ وجَلْ 

ليسَ لفضلِه المبيــــــــنِ كاتمُ     مـــــــــــــــــبدأهُ ومنتهاهُ الخاتمُ 

فهو سليلُ خــــــــاتمِ الرسالة     وصاحــبُ الرفعــــــةِ والجلالة 

وهـــــــــوَ أبو الخاتمِ للولاية     مَن هوَ مــــــــــأمولٌ لكلِّ غاية 

قاسى عظيماً في عظيمِ شأنِه     مِن خلفاءِ الــجورِ فـــــي زمانِه

حتى إذا ألقيَ في الــــــسباعِ     وهوَ ابنُ ليثِ غـــــــابةِ الإبداعِ 

شبلُ عـــــــــليٍّ أسدُ اللهِ ولا     يُرى لديــــــــــهِ الأســدَ إلّا مثلا 

وكيفَ وهوَ مـــالكُ الأرواحِ     بـــــــــــأمرِه تحلُّ في الأشــباحِ 

تطايرتْ أرواحُــــــها لهيبتِه     واضطربتْ أشباحُها من خــيفتِه (40)

وقال من أرجوزته في الإمام المهدي بن الحسن (عليهما السلام) وتبلغ (113) بيتاً: 

يا غائباً مثاله عـــــــــــــــــــــيانُه     إنهضْ عـلى اسمِ اللهِ جلَّ شـأنُه 

يا كعبةَ التوحـــيدِ مِن جورِ العدى     تـــــهدَّمـتْ واللهِ أركانُ الهـدى 

يا صاحــــــــبَ البيتِ ومستجارَه     ألا تــــــــرى قد هتكوا أستـارَه 

يا شرفَ المشاعـــــــــــرِ العِظامِ     عطفاً علـــــــى شعائرِ الإسـلامِ 

يا غايةَ الآمــــالِ يا أقصى المنى     نهضاً متى تحلُّ في وادي مـنى 

يا دوحــــــةَ المجدِ العظيمِ شانُها     لهفي لها تقـــــــطّعتْ أغـصانُها 

متى نراها والـــــــــقطوفُ دانية     متى نراها والثمــــــــــارُ زاكية 

يا أيُّها الـــــقصرُ المشيدُ السامي     كيفَ دهاكَ حــــــــــــادثُ الإيامِ 

حتى تداعى منكَ ما يسمو على     سمكِ الضراحِ والسماواتِ العُلى 

مـــــــــتى نراكَ بعدَ طولِ المدّة     مـــــــــــــــــــــــُشيِّداً بعِدَّةٍ وعُدَّة (41)  

وقال من أرجوزته في عقيلة بيت الوحي زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين (سلام الله عليهما) وتبلغ (59) بيتاً وقد قدمناها: 

ولَّيتُ وجهيَ شطرَ قبلةِ الورى     ومَن بها تـــــشرَّفتْ أمُّ القُرى 

قطــــــــبُ محيطِ عالمِ الوجودِ     في قوسِ النزولِ والــــصعودِ 

ففي النــــــــزولِ كعبةُ الرزايا     وفي الصعودِ قـــــــبلةُ البرايا 

بلْ هيَ بابُ حــــــطَّةِ الخطايا     وموئلُ الــــــــــهباتِ والعطايا 

أمُّ الكتابِ في جوامـــــعِ العلا     أمُّ المــــصابِ في مجامعِ البلا 

رضيعةُ الوحي شقيــقةُ الهدى     ربـــــــيبةُ الفضلِ حليفةُ الندى 

ربَّةُ خدرِ القدسِ والطـــــهارةْ     في الصونِ والعفافِ والخفارةْ  

فإنّها تــــــــــمثلُ الكنزَ الخفيْ     بالــــــــسترِ والحياءِ والتعفُّفِ 

تمثّل الغيبَ الــــمصونَ ذاتُها     تعربُ عــــــن صفاتِه صفاتٌها 

مليكةُ الدنيا عقيلـــــــــةُ النسا     عديلةُ الخامسِ مِــن أهلِ الكسا 

شريكةُ الشهيدِ في مصــــائبِه     كفيلةُ السجَّادِ في نـــــــــــوائبِه

وقال من أرجوزته في شبيه رسول الله أبي الحسن علي بن الحسين الأكبر (صلوات الله عليهم) وتبلغ (60) بيتاً وقد قدمناها:

تُمثّلُ الــــــــــــنبيَّ في سليلِه     في خلقِــــــــــه وخُلقِه وقيلِـه 

كما تجلّى اللهُ فـــــــــــي نبيِّه     فـــــــــقد تجلّى هوَ في ولـيِّه 

وقد تــــــــــــجلّى قلمُ الأقلامِ     في لوحِ سرِّ الوحي والإلهامِ 

فيه تجلّى محكمُ الـــــــتنزيلِ     كما تجلّى باطـــــــنُ التـأويلِ 

وكيفَ وهوَ صـــفوةُ الولايةْ     ونخبةُ المبعوثِ بالـــــــهدايةْ 

شمائلُ النـــــــبيِّ في شمائلِه     وصولةُ الوصيِّ مِن فضائلِه 

هوَ الوصـــيُّ في علوِّ همَّتِه     وفــــــــــــي إبائِه وفي فتوَّتِه 

كلُّ جــــــميلٍ هوَ في جمالِهِ     وكلُّ عزٍّ هــــــــوَ في جلالِه 

هـــــوَ ابنُ مَن دنا إلى أدناهُ     فما أجلّه وما أعــــــــــــــلاهُ 

ريحانةُ الحسينِ أزكى ثمرة     لمهجةِ الــــــنبيِّ خيرِ الخيرَة

وقال من أرجوزته في قمر الهاشميين أبي الفضل العباس ابن أمير المؤمنين (صلوات الله عليهما) وتبلغ (66) بيتاً: 

أبو الإباءِ وابنُ بــــــــــجدةِ اللقا     رقى مِن العلياءِ خيرَ مُرتقى 

ذاكَ أبو الفـــــضلِ أخو المعالي     سلالةُ الجلالِ والــــــــجمالِ 

دافعَ عـــــــن سبطِ نبيِّ الرحمة     بهمَّةٍ لا فـــــــوقها مِـن همَّة 

بـــــــــهمةٍ مِن فوقِ هامَةِ الفلكْ     ولا يـــــــنالها نـبيٌّ أو مـلكْ 

واستعرضَ الصفوفَ واستطالا     عـلى العدى ونكَّسَ الأبطالا  

لفَّ جيوشَ البغي والفســــــــادِ     بـنـشرِ روحِ العدلِ والرشادِ 

كـــــــــــــرَّ عليهمْ كرَّةَ الكرَّارِ     أوردهـــم بالسيفِ وردَ النارِ 

آثرَ بالماءِ أخـــــــــــاهُ الظامي     حتى غـــدا معترضَ السهامِ 

ولا يهمُّه السهامُ حاشــــــــــــا     مَن همُّه ســـــــقايةُ العَطاشا 

فجادَ باليميــــــــــــنِ والشمالِ     لنصرةِ الديـنِ وحــــفظِ الآلِ (42)

وقال من أرجوزته في عبد الله الرضيع (سلام الله عليه) وتبلغ (58) بيتاً: 

فدى بنحرِه أباهُ الـــــــــــــسامي     غدا رميةً لســــــهمِ الرامي 

فازَ وحــــــــــــــازَ قدحَه المُعلّا     فما أجلَّ ســـــــهمِه وأعلى 

وكـــــانَ سهمُه النصيبُ الأوفى     صفى له كـالعسلِ المصفّى 

فهوَ وإن أصبحَ ظــــامئ الحشا     مِن نارِ شوقِه تـلظّى عطشا 

لمْ تبردِ الــــــــــــغلّة مِن أحشاهُ     حـــتى سقاهُ السـهمُ ما سقاهُ 

ومــــــــــا رماهُ إذ رماهُ حرملة     وإنّمـــــــا رماهُ مَن مهَّدَ له 

سهمٌ أتى من جانبِ الــــــسقيفةِ     وقوسُه على يـــــــدِ الخليفةِ 

ويلٌ له ممّــــــــــــــا جنتْ يداهُ     وهلْ جنى بما جنــــى عداهُ 

وما أصابَ سهمَه نحو الصبي     بلْ كبدَ الدينِ ومهجةَ الـــنبي 

لـــــــــــــهفي على أبيهِ إذ رآهُ     غارتْ لــــــشدةِ الظما عيناهُ (43)

وقال من أرجوزته في القاسم بن الحسن (صلوات الله عليها) وتبلغ (49) بيتاً: 

تمثَّلتْ محاسنُ النـــــــــــــــبيِّ     في القاسمِ بنِ الـــــحسنِ الزكيِّ 

والمكرماتُ الـــــــغرُّ مِن أبيهِ     على المقاديرِ تجلَّتْ فــــــــــــيهِ 

يشبهُ عمَّــــــه الشهيدَ في الإبا     وفى الحيا سرُّ أبــــــيهِ المُجتبى 

بدرُ الــــكمالِ في سماءِ المجدِ     ووارثُ الـــــــــمجدِ أباً عن جدِّ 

أزكى فروعِ دوحةِ الـــــــنبوَّةِ     في المجدِ والمنعةِ والفـــــــــتوَّةِ 

بدرُ الدجى في أفــــقِ الكرامة     شمسُ الضحى في فلكِ الشهامة 

هوَ الفتى بكلِّ مــــعنى الكلمةْ     بلْ أسدُ الأســــــودِ يومَ الملحمة  

وكيفَ وهوَ لـــــيثُ آلِ غالبِ     وعنده الأسودُ كـــــــــــــالثعالبِ 

أكرمْ بهِ مِــن فـارسٍ يومَ اللقا     مَن لا يخافُ الشرَّ عــندَ المُلتقى 

قطبُ محيطِ الحربِ في ثـباتِه     تغنيكَ حـربُ الطفِّ عــَن إثباتِه (44)  

وقال من أرجوزته في أول الشهداء مسلم بن عقيل (سلام الله عليه) وتبلغ (51) بيتاً:

كفاهُ فخراً مـــــــــــــنصبُ السفارة     وهوَ دليلُ القـدسِ والطهارة 

كفاهُ فضلاً شرفُ الـــــــــــــرسالة     عَـــن معدنِ الـعزَّةِ والجلالة 

وهوَ أخُ ابــــــــــــنِ عمِّه المظلومِ     نائبُــــه الخاصُّ على العمومِ 

وعــــــــــــــــــينُه كانتْ به قريرةْ     حيــــــــثُ رآه نافذَ البصيرة 

لسانُه الـداعــــــــــي إلى الصوابِ     بمحكمِ الــــــــــسنَّةِ والكتابِ 

مــــــــــــــــنطقُه الناطقُ بالحقائقِ     فهوَ ممثّلُ الكتـــــابِ الناطقِ 

وليّه المنصوبُ للــــــــــــــــهداية     فهوَ وليُّ صاحبِ الــــــولاية 

له مِن الــــــــــــــعلومِ ما يليقُ به     بمقتضى رتبتِه ومنـــــــصبِه 

فـــــــــــارسُ عدنانٍ وليثُ غابِها     وسيفُها الصقيلُ في حـــرابِها  

بلْ هوَ سيفُ السبطِ سيفُ الباري     وليثُ غابِ عترةِ المختــــــارِ (45) 

وقال من أرجوزته في ابن عم الرسول الأعظم الشهيد جعفر الطيار (صلوات الله عليهما) وتبلغ (54) بيتاً: 

صنوُ عليٍّ في عـــــــــلوِّ المرتبة     فيا لها فضيـــــــــــلةٌ ومنقبةْ 

صنوانِ فـــــــي الجلالِ والجمالِ     مِن دوحـــــةِ العلياءِ والكمالِ  

هــــــــــــــما رضيعا لبنِ الولاية     غذتـــــــهما الحكمةُ والعنايةْ 

هما جناحا سيِّدِ الــــــــــــــــبرايا     عوناهُ في الخطوبِ والرزايا 

وفيــــــــــــــــــــهما لخاتمِ النبوَّةِ     أتمُّ عدَّةٍ وأقــــــــــــــوى قوَّةِ 

يداهُ في المعـــــــروفِ والأيادي     وفي شديدِ البطشِ بالأعــادي 

وصــــــــــــلّيا معَ النبيِّ السامي     والناسُ عُكَّفٌ على الأصــنامِ 

وافتخرَ الــــــــــــوصيُّ بالطيارِ     وفــــــيهِ كلُّ الفضلِ والفــخارِ 

وكــــــــمْ به استغاثَ عندَ الشدَّةِ     وهوَ بغــــــــــــيرِ عُدَّةٍ وعِـدَّةِ 

مذ هجمَ العِدى على بيتِ الهدى     ولم يجدْ عوناً عـــــليهم أحــدا (46)  

وقال من أرجوزته في شيخ الأمة ووالد الأئمة أبي طالب (عليه السلام) وتبلغ (51) بيتاً: 

إيمانُه بالغيبِ غيـــــبُ ذاتِه     لــــــــــه التجلّي التامُ في آياتِه 

آياتُه عندَ أولــــي الأبصارِ     أجلى من الشمسِ ضحى النهارِ 

وهوَ كــــــفيلُ خـاتمِ النبوَّة     وعنه قــــــــــد حامى بكلِّ قوة 

ناصــرُه الوحيدُ في زمـانِه     وركنُه الشديـــــــــــدُ في أوانِه 

عـــميدُ أهلِه زعيمُ أسـرتِه     وكهفُه الحصينُ يـــــومَ عسرتِه 

حجابُه العزيزُ عن أعـدائِه     وحرزُه الحريزُ في ضـــــرَّائه  

فمَن أجلُّ شرفاً وجــــــاها     مِن حرزِ ياسينَ وكهفِ طــاها 

قامَ بنصرةِ النبيِّ السـامـي     حتى اســـــتوتْ قواعدُ الإسلامِ 

جاهدَ عنه أعظمَ الجهـــادِ     حتى علا أمـــــــرُ النبيِّ الهادي 

صابرَ كلَّ محنةٍ وكـــربة     والشعبُ مِن تلكَ الكروبِ شُعبة 

أكرمْ بهِ مِن ناصرٍ وحـامِ     وكافلٍ لسيدِ الأنــــــــــــــــــــامِ 

كفاهُ فخرَ أشرفِ الكفالــة     لصــــــــاحبِ الدعوةِ والرسالة (47)

وقال من أرجوزته في أسد الله وعم رسول الله حمزة بن عبد المطلب (عليهما السلام) وتبلغ (51) بيتاً: 

وهوَ ملاذُ أهـلِ بيـتِ العـــصمةْ     والغوثُ في الــــشدائدِ الملمّة 

وفـارسُ الإسلامِ فــي حروبِــها     ومفزعُ الأيـــــامِ في خطوبِها 

مـــــــفترسُ الذئــابِ والأســودِ     وليثُ غابِ الغيبِ والشهـــودِ 

بلْ أســـــــدُ اللهِ فجـلّتْ قـــدرتُه     تقضي على كلِّ كـميٍّ صولتُه 

تفرُّ منه الأســـــــــدُ كالثــعالبِ     قرَّتْ به عيونُ آلِ غــــــــالبِ 

ترعدُ من صولتِه الضـــراغمة     وكيفَ وهوَ ضيغمُ الـضياغمة 

بلْ فيهِ مِن مهابةِ الــــــــرسولِ     ما كادَ أن يذهــــــــبَ بالعقولِ 

بلْ هوَ سيفُ اللهِ في هامِ العدى     وليسَ سيـــــــفَ اللهِ يــنبو أبدا 

وسهمُه الصائبُ في مرمــــــاهُ     فليــــــــــسَ يعـدوهُ إلـى سواهُ

له مواقفٌ ببــــــــــــــدرٍ وأحدْ     والفضلُ للساعدِ مـنه والعضدْ (48)  

وقال من أرجوزته في أبي جعفر محمد ابن الإمام علي الهادي (عليهما السلام) وتبلغ (50) بيتاً:

يا طالبَ المـعـروفِ والأيادي     لُذ بمـــــــحمدٍ سليلِ الهادي 

فــــــــإنّه الـــسيدُ وابنُ السادة     في ملكوتِ الغيبِ والشهادة 

أكرمْ بـــــــه مــن سيدٍ مُطـاعِ     في عالــمِ التكوينِ والإبداعِ 

وكيفَ لا وهــوَ ابنُ مَن تـدلّى     ســــــــرُّ أبــيهِ فيه قد تجلّى 

يمثلُ الــمبعــــــوثَ بالرسـالة     في العزِّ والــرفعةِ والجلالة 

أخــلاقُه الغرُّ مــــــــــحمـدية     وكلُّ مكرماتِه عــليـــــــــــة 

خــلاصةُ الأمجادِ والأكــارمْ     وصفوةُ الإيجادِ فــي المكارمْ 

صفاتُه الفاضلةُ القدســــــــية     ديباجةُ الـــــفضائــلِ النفسية 

وكيفَ وهوَ وارثُ الـنــــبوَّة     في المجــدِ والـمنــعةِ والفتوّة 

ومِن مصادرِ العلـومِ الــحقّة     علـــــــــــومُه مـشــتقةٌ بالدقّة 

إذ هوَ غصنُ دوحـةِ الإمامةْ     في العلمِ والحكـمةِ والــكرامة 

بلْ هوَ في ولايــــةِ الإرشادِ     إلــى الهدى سرُّ أبـيهِ الــهادي (49)  

وقال من غديريته التي تبلغ (53) بيتاً:

قُمْ واروِ عني حديثُ عـــهدٍ     قد كـــــــــــــانَ ميثاقُه أكيدا 

لمّا أتى الوحيُ يـــــــومَ خمٍّ     وقد حوى الـوعدَ والوعيدا 

قامَ نبيُّ الـــــــــهدى خطيباً     وكانَ ربُّ الـورى شـــهيدا 

فـــــــــــبلّغَ الأمرَ في عليٍّ     بكلِّ ما يرغمُ الحـــــــسودا 

فقالَ في خطبـــــــــةٍ تفوقُ     بلفظِها الجوهـــرَ النضــيدا 

ألستُ أولـــــــى بكمُ فقالوا     بلى وقد أضمروا الحـــقودا 

فقالَ مَـــن كنتُ مولاهُ هذا     مولاهُ أكـــــــرمْ بهِ عميـــدا 

فــــــــــقد تغذّى بعلمِ ربّي     إذ كـــــــــانَ فـي بيتِه وليدا 

وأمرُه مِن ماضيهِ أمـضى     على البـــرايا بـيضاً وسودا

ورأيُه في الأمورِ طـــــرَّاً     كـــــــرمحـــِه قـد بدا سديدا (50)

.......................................................................

1 ــ الأنوار القدسية وتبلغ (24) أرجوزة في (2038) بانضمام غديرية لم تطبع تبلغ (53) بيتاً ــ صححه وعلق عليه الشيخ علي النهاوندي ــ مؤسسة المعارف الإسلامية ــ قم المقدسة، إيران الطبعة الأولى 1415 هـ ص 133 ــ 137

2 ــ نفس المصدر ص 138 ــ 142

3 ــ مقدمة نهاية الدراية في شرح الكفاية للمترجم ــ تحقيق مؤسسة آل البيت لإحياء التراث ــ بيروت ، لبنان الطبعة الثانية 1429 هـ / 2008 ص 10

4 ــ علماء في رضوان الله ــ نبذة مختصرة عن حياة (200) عالما ــ تأليف محمد أمين نجف ــ انتشارات الإمام الحسين ــ مطبعة بهمن الطبعة الثانية 1430 هـ / 2009 م ص 401

5 ــ مقدمة بحوث في الأصول للمترجم ــ مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة 1409 هـ تقديم الشيخ محمد رضا المظفر ج 1 ص 5 / الهامش

6 ــ مقدمة نهاية الدراية في شرح الكفاية ص ١١

7 ــ مقدمة الأنوار القدسية ص 11 ــ 12

8 ــ مقدمة بحوث في الأصول ج 1 ص 6

9 ــ علماء في رضوان الله ص 403 ــ 404

10 ــ معجم رجال الحديث - السيد الخوئي ج ٢٣ ص ٢١

11 ــ مقدمة بحوث في الأصول

12 ــ مقدمة نهاية الدراية ص 15 ــ 16 / مقدمة الأنوار القدسية ص 9 ــ 10 / شعراء الغري ج 8 ص 185 ــ 186 / مقدمة بحوث في الأصول ج 1 ص 15 ــ 16

13 ــ مقدمة الأنوار القدسية ص 7 ــ 8

14 ــ نفس المصدر ص 12

15 ــ الشيخ محمد حسين الغروي الأصفهاني مقال لمحمد جعفر الزاكي ــ موقع الشيخ علي آل محسن

16 ــ أدب الطف ج 9 ص 222 ــ 223

17 ــ مقدمة بحوث في الأصول ج 1 ص 9

18 ــ مقدمة نهاية الدراية ص 12

19 ــ نقباء البشر ج 1 ص 560 ــ 561

20 ــ علماء في رضوان الله ص 403

21 ــ معارف الرّجال ج 2 ص 263

22 ــ شعراء الغري ج 8 ص 183

23 ــ علي في الكتاب والسنة والأدب ج ٥ ص ٨٢

24 ــ علماء في رضوان الله ص 401 ــ 402

25 ــ نفس المصدر ص 402

26 ــ شعراء الغري ج 8 ص 186

27 ــ بحوث في الأصول ج 1 ص 13 

28 ــ الأنوار القدسية ص 14 ــ 27

29 ــ نفس المصدر ص 28 ــ 36

30 ــ نفس المصدر ص 37 ــ 45

31 ــ نفس المصدر ص 46 ــ 52

32 ــ نفس المصدر ص 53 ــ 62

33 ــ نفس المصدر ص 63 ــ 71

34 ــ نفس المصدر ص 72 ــ 79

35 ــ نفس المصدر ص 80 ــ 86

36 ــ نفس المصدر ص 87 ــ 94

37 ــ نفس المصدر ص 95 ــ 101

38 ــ نفس المصدر ص 102 ــ 108

39 ــ نفس المصدر ص 109 ــ 116

40 ــ نفس المصدر ص 117 ــ 123

41 ــ نفس المصدر ص 124 ــ 132

42 ــ نفس المصدر ص 143 ــ 148

43 ــ نفس المصدر ص 150 ــ 154

44 ــ نفس المصدر ص 155 ــ 159

45 ــ نفس المصدر ص 161 ــ 164

46 ــ نفس المصدر ص 165 ــ 169

47 ــ نفس المصدر ص 169 ــ 172

48 ــ نفس المصدر ص 173 ــ 177

49 ــ نفس المصدر ص 177 ــ 181

50 ــ نفس المصدر ص 182 ــ 185

كما ترجم له:

الميرزا محمد حسن بن جعفر الآشتياني / بحر الفوائد في شرح الفرائد ج ٨ ص 786

محمد علي تبريزي / ريحانة الأدب ج ٥ ص ٩٠

الشيخ أغا بزرك الطهراني / الذريعة ج ١ ص ٢٧١

كوركيس عواد / معجم المؤلفين العراقيين ج ٢ ص ١٤٩

الشيخ محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب ج ١ ص ١٣٤

الشيخ محمد هادي الأميني / معجم المطبوعات النجفية ص ٦٥ ، ٦٦ ، ٨٧ ، ١٠٠

إميل يعقوب / معجم الشعراء منذ بدء عصر النهضة ج 3 ص 993

معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين

موقع ويكي شيعة

موقع الاجتهاد

شبكة المعارف للتراث الإسلامي

عادل نويهض / كتاب معجم المفسرين من صدر الإسلام وحتى العصر الحاضر ج 2 ص 523

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار