يُعدُّ أبو عبدِ اللهِ حذيفةُ بنُ اليمانِ العبسيّ منَ الشّيعةِ الموالينَ، بل مِن أكابرِ الشيعةِ وأعاظمِ المؤمنينَ، وقد وردَت بعضُ الرّواياتِ المعصوميّةِ في مدحه والثناءِ عليه، كما يُستفادُ حسنُ سريرتِه وصفاءُ باطنِه وولاؤهُ الخالصُ مِن سيرتِه ومسيرتِه، وجاءَت كلماتُ الأصحابِ رضوانُ اللهِ عليهم في تعديله والإطراءِ عليه.
والمعروفُ عندَ الفريقين: أنّه كانَ يعرفُ المُنافقينَ بأعيانِهم وأشخاصِهم، عرفَهم ليلةَ العقبةِ، حتّى أرادوا أن ينفروا ناقةَ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله في مُنصرفِهم مِن تبوك، وكانَ حذيفةُ تلكَ الليلة قد أخذَ بزمامِ النّاقةِ يقودُها، وقد كانوا منَ المُهاجرينَ والأنصارِ، وفي روايةٍ عَن أميرِ المؤمنينَ عليه السّلام: «هوَ أعلمُ أصحابِ محمّدٍ بالمُنافقين». (الطبقاتُ الكُبرى ج2 ص346).
ذكرَهُ الشّيخُ الطوسيّ في (الرّجالِ ص16) مِن أصحابِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وآله، وقالَ: «سكنَ الكوفةَ، وماتَ بالمدائنِ بعدَ بيعةِ أميرِ المؤمنينَ عليه السّلام بأربعينَ يوماً»، وذكرَه أيضاً في (ص37) من أصحابِ أميرِ المؤمنينَ عليه السّلام، وقالَ: «وعدادُه في الأنصارِ، وقد عُدَّ منَ الأركانِ الأربعةِ». وقد سُئلَ الفضلُ بنُ شاذان عن إبنِ مسعود وحذيفةَ، فأجابَ: «لم يكُن حذيفةُ مثلَ إبنِ مسعود؛ لأنّ حذيفةَ كانَ رُكناً..»، وفي نسخةٍ: «زكيّاً» بدلَ «ركناً». (إختيارُ معرفةِ الرّجال ج1 ص187).
وذكرَ بعضُ الأعلامِ: أنّ الرّكنَ في إصطلاحِ المُحدّثينَ هوَ الصّحابيُّ الذي نافسَ جميعَ الصّحابةِ في الفضلِ والتمسّكِ بأهلِ البيتِ عليهم السّلام، وواساهُم ظاهراً وباطناً، ولم يوالِ أحداً مِن مُخالفيهم. (ينظر: تنقيحُ المقالِ ج18 ص136 الهامش).
روى الكشيّ والصّدوقُ وغيرُهما بأسانيدِهم عن أميرِ المؤمنينَ عليه السّلام قالَ: «ضاقتِ الأرضُ بسبعةٍ، بهم تُرزقونَ، وبهم تُنصرونَ، وبهم تُمطرونَ، منهم سلمانُ الفارسيّ والمقدادُ وأبو ذرٍّ وعمّارٌ وحذيفةُ رحمةُ اللهِ عليهم»، وكانَ عليٌّ عليهِ السّلام يقولُ: «وأنا إمامُهم، وهُم الذينَ صلّوا على فاطمةَ عليها السّلام». وفي بعضِ المصادرِ: «خُلقتِ الأرضُ لسبعةٍ..». (رجالُ الكشيّ ج1 ص34، الخصالُ ص375، الإختصاصُ ص17، تفسيرُ فرات ص570، شواهدُ التّنزيل ج2 ص449). ولا يخفى دلالتُها على جلالةِ هؤلاءِ السّبعةِ ورفعةِ شأنِهم وسموّ مقامِهم.
قالَ السيّدُ بحرُ العلوم: «وجلالةُ حذيفةَ رضيَ اللهُ عنه وشجاعتهُ وعلمهُ وبجدته وتمسّكُه بأميرِ المؤمنينَ عليه السّلام، ظاهرةٌ بيّنةٌ، وهوَ مِن كبارِ الصّحابة». (الفوائدُ الرجاليّة ج2 ص172). وقالَ السيّدُ الخوئيّ: «إنّ جلالةَ حذيفةَ وولاءَه لأميرِ المؤمنينَ عليه السّلام واضحةٌ مشهورةٌ». (معجمُ رجالِ الحديث ج5 ص227).
اترك تعليق