عمر عبد الغني الرافعي: (1299 ــ 1384 هـ / 1881 ــ 1965 م)
قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):
عـشرُ المحرَّم كلّ عامٍ أَجتَلي أَنــوارهُ وَأراهُ نــاراً مُــحـرقـــي
فيه الفَظائِع كلّها في (كربلا) مـاذا أَقـولُ وَمـا يـكـون تـشَـوُّقي
لِلَّهِ يـومُ الـطـفّ إذ غربت بهِ شَمسُ الحسينِ السبطِ تاجُ المفرقِ (1)
الشاعر
تقي الدين عمر بن عبد الغني بن أحمد بن عبد القادر الرافعي، عالم وأديب وشاعر ولد في صنعاء باليمن من أسرة علمية، كان والده رئيسا لمحكمة الإستئناف، وتنقل الرافعي في لبنان وسوريا وفلسطين ومصر وتركيا حتى توفي في طرابلس (لبنان). وهو أول من لقب بهذا اللقب ــ الرافعي ــ من أسرته وإليه يُنتسب الرافعية في مصر والشام. (2)
درس في مدرسة الحقوق في إستانبول كما درس في الأزهر عند الشيخ محمد عبده، والشيخ حسين المرصفي، والشيخ بخيت وغيرهم.
عمل في الصحافة في حلب، والمحاماة في طرابلس عام 1913 كما عمل في السلك التربوي مدرساً في مدارس وكليات بيروت ودمشق، ثم عين معاوناً للمدعي العام، ثم مستنطقاً ثم قاضي تحقيق في لبنان وانتخب مفتياً لطرابلس عام 1948.
له نشاطات أدبية وصحفية ونضال سياسي ضد الاستعمار العثماني تعرض للاعتقال من قبل العثمانيين عام 1916 بسبب مواقفه الوطنية المناهضة للاحتلال، وتعرض للتعذيب الجسدي والنفسي وحكم عليه بالإعدام غير أن الحكم خفف فلما خرج من السجن ساءت حالته النفسية فالتجأ إلى التوسُل بالنبي وأهل بيته (عليهم السلام) لتخليصه من كربته فاقتصر شعره عليهم، ثم آثر العزلة والقراءة ومال إلى التصوف وقد ترك مكتبة ضخمة.
نشر قصائده في الصحف والمجلات منها: الصباح، والبرق، والحوادث، والأحد، وصدى الشعب، والرأي العام، ومجلة العرفان.
غلب على شعره مدح النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) وقد صدر له:
1 ــ مناجاة الحبيب / ديوان شعري في مدح النبي وأهل بيته (عليهم السلام) وهو يحتوي على أكثر من اثني عشر ألف بيت ــ طبع بصيدا في مجلدين ــ 1952
الحرب العامة، أو اليتامى والأيامى / مطولة شعرية
أما بالنسبة إلى التأليف فقد كتب الرافعي في الأدب والسياسة ومن مؤلفاته:
1 ــ أساليب العرب في الشعر والرسائل والخطب
2 ــ الغضبة المضرية في القضية العربية (3)
قال عنه الشيخ عبد الكريم عويضة الطرابلسي: (مجد الأدب الروحي في دنيا العرب) (4)
وقال عنه محمد أحمد درنيقة: (لقد قصر الرافعي شعره على مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، تعبيراً عن خالص محبته لهذا الرسول الكريم، داعيا الجميع إلى الفناء في محبته عليه السلام؛ لأن من صحة المحبة إقتفاء أثر المحبوب واللوذ به، وطلب شفاعته. وسبب اندفاع الرافعي نحو هذا اللون من الأدب يعود إلى الأزمة النفسية التي عصفت به والتي أعجزت الأطباء؛ لكنه خرج منها زاهداً، شغوفاً بحب الرسول صلى الله عليه وسلم، معتبراً أن مدحه دليل الإيمان، وعنوان اليقين، وأثر من آثار السعادة، وسبيل من سبل الهداية، وسبب لغفران الذنوب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم باب الله تعالى وصاحب الشفاعة، ولأن في رضاه رضاء الله وفي طاعته طاعة لله سبحانه) (5)
وقال عنه الدكتور عمر تدمري: (وكان ممتلئ الجسم، طويل القامة، منور الوجه والشيبة، مستدير الوجه عليه سيماء الصلاح والتقوى، محترماً من الجميع، له هيبة ووقار، وكان ديّناً ورعاً، تقياً، صالحاً). (6)
قال من قصيدة في التوسّل بالنبي (صلى الله عليه وآله):
يا قِـبـلـةَ الـعُـشّاقِ فيكَ المُنى رُحـمـاكَ قـولـي لأَبـي القاسمِ
الـنـعـمَةُ الكُبرى لكلِّ الوَرى وَالرَحمةُ العُظمى من الراحِمِ
يا سَيِّدَ السـاداتِ حـقِّـقْ رجا صَبِّكَ وَاِرحَمْ مُـهـجةَ الـهـائِـمِ
أَما لِـهـذا الـصـبّ من عودَةٍ إلى الـحِـمـى كَــزورةِ الـقـادِمِ
رحماكَ رحماكَ أَجبْ سؤله فـي يَـقـظَـــةٍ أَو حُلُـمِ الـحـالِـمِ
وَامنُنْ بِفَـتـحٍ عـاجِـل عــلَّـه يَراكَ في الــيَـقـظَـةِ كَـالـنـائِـمِ
صَلّى عَـلَـيـكَ اللَهُ سُـبـحانهُ وَالآلِ خــيـرِ الآل مـن هـاشِـمِ
وقال فيه (صلى الله عليه وآله) أيضاً:
أَرى كلَّ مَدحٍ في النَبِيِّ مُـقَـصّراً وَلَو صيغَ فيه كُلُّ عِقدٍ مجوهَرا
وَهل يَـقـدرُ الـمُـدّاحُ قَـــدرَ محمّدٍ وَإِن بـالَـغَ الـمثني عَلَيهِ وَأَكثَرا
إِذا اللَهُ أَثـنـى بِـالَّـذي هــو أَهـلُـهُ عَلى مَن يَراهُ لِلـمَـحـامِدِ مَظهرا
وَخَصَّصهُ في رفعه الذكر مُثنياً عَلَيهِ فَما مِقدار ما تمدح الوَرى
وقال في أهل البيت (عليهم السلام):
أهيلَ الـعـبـا رِفـقـاً بِـمَـن لَـيـلُـهُ لَـيلُ وَما زالَ مـشـغوفاً بكم شُغلُهُ شـغـلُ
سَقاه الـهَـوى نَـهلاً وَعَـلا بـحـبّـكــم فَـغَـيّـبَ مـنـهُ حـسّـه الـنَـهـلُ وَالعَلُّ
وَأَلـقـاهُ فـي لَـيـلٍ دجـــىً بـبـعـادكـمْ أَما لـلّـقـا صـبـحٌ فَـيُـجـلـى بهِ اللَيلُ
يَقول وَطيبُ الـوَصـلِ أكـبـرُ هـمِّـهِ أَما منكمُ وَصلٌ أَما يُرتَـجى الوَصلُ
صِلوني عَلى ما بي فَإِنّي لوصلكُم إِذا لَـــم أَكـن أَهـلاً فَـأَنـتُـم لـهُ أَهـلُ
فَيا سَـعـد أَسِـعـدنـي بِـمَـدحِ مـحمّدٍ وَأَهلِ الـعَـبا ما مِثلهُم في العُلى مِثلُ
مـحـمّـدُ سِـرُّ الـسـرّ فـي كـلّ كائِنٍ مـحـمّـدُ في كلّ الوُجودِ هو الأَصلُ
نَبِيَّ الهُـدى هل لِـلـفُـتـوحِ وَسـيـلَـةٌ سِوى الحُبِّ وَالمِفتاحُ عندَكَ وَالقِفلُ
فَـلَـم أَرَ مِـثـلَ الـحبّ وَهو وَسيلَتي إِلَـيـكَ بِـمـا أَرجـو شَـفـيـعاً لَه دَخلُ
عَلى أنَّني أنـمى لِـعُـلـيـاكَ سـيّـدي بـكـلِّ سَـبـيـلٍ إِن تَـفَـرَّقـتِ الــسُـبلُ
وقال في التوسل بالصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (عليها السلام):
وافى البَتولَ وَتِـلـكَ سـيّـدةُ النِسا يَرجو القبولَ وَيـسـتَـقيلُ عِثارا
يَرجو بـسـيّـدةِ الـنِـسـاءِ شَفاعَةً مـن سـيّـدِ الـشـفعاءِ وَاِستَغفارا
بـوجاهَةِ الزَهراءِ جاءَ مـؤمِّـلاً وَوَجاهَةُ الزَهراءِ لَيسَ تجارى
أمّاهُ سـيِّـدتـاهُ يـا بِـنـتَ الـرَسـو لِ سلي بِفَضلِك جَدِّيَ المُختارا
هل آنّ عودي زائِراً وَمُجاوِراً حيثُ المُنى أغدو لـجـدّي جارا
طابَ المقامُ بطيبَةٍ لأُلي الـنُهى فَمَتى بِـطيبَة أنـتَـحـي لـي دارا
وقال في مدحها (سلام الله عليها) والتوسل بها:
سَلامٌ عَلى الزَهراءِ في حضرَةِ القُدس وَمَن نورُها الأَسنى يَزيدُ عَلى الـشَـمسِ
سَـلامٌ عَـلـى الــزَهـرا وَأَلـفُ تـحـيَّــة عَـلـى بِـضـعـةِ الـمُـختارِ طـيِّـبَةِ الـغرسِ
سَـلامٌ عَــلـى الـزَهـراءِ سـيّــدةِ الـنِسا وَسـيّـدةِ الأَمــلاكِ والــجِــنِّ وَالإِنــــــسِ
سَـلامٌ وَتَـسـلـيــمٌ عَـلــــى أُمِّـيَ الَّـتـي بـأَهـلِ الـعَـبـاءِ الـخَمـسِ واحِـدَةُ الـخمسِ
نـمـتَـنـي إلـى الـكـرّارِ حـيدَرةَ الوَغى نَمتني إلى المُـخـتـارِ في النَوعِ وَالجِنسِ
وَمـا زلـتُ فـي كُـلِّ الـشُؤونِ مُلاحظاً بِأَنظارِ خير الخَلقِ إن أضحي أَو أمسي
....................................................................
1 ــ قصائده عن: موقع بوابة الشعراء
2 ــ معجم الشعراء العرب ص 1777
3 ــ موقع ديوان
4 ــ مقدمة ديوان مناجاة الحبيب ص ٩- ٢٩ وص ٢١٣
5 ــ معجم أعلام شعراء المدح النبوي ج 1 ص 278
6 ــ مجموعة علماء المسلمين ج 3 ص 398
كما ترجم له:
الشيخ عبد الكريم عويضة الطرابلسي / مقدمة في الأدب الروحي ص ٧ ــ 8
إميل يعقوب / معجم الشعراء منذ بدء عصر النهضة ج 2 ص 864
يحيى مراد / معجم تراجم الشعراء الكبير ج 1 ص. 554
اترك تعليق