لماذا وجب أتباع العترة الهادية المهدية

الحق قد لا يحتاج لتطويلات ومجلدات كثيرة لإثباته، يكفي التدبر الحكيم والبصيرة المستقيمة في ذلك، وأقرب مثال على ذلك مسألة الإمامة الذي قال عنها المؤرخ الشهرستاني الشهير: ما سُل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سل على الإمامة في كل زمان.

ورغم كل الأختلاف وكثرة الكلام الذي تتشعب منه كثرة الأجوبة والردود يمكننا إثبات ذلك بإيجاز قصير، فنقول؛ نحن علمنا مسبقًا أن النبي الأعظم صلى الله عليه واله لا ينطق عن الهوى ان هو إلا وحي يوحى، وعلمنا أن قوله وفعله حجة ملزوم بها العباد، فوجب إتباع قوله لنص القرآن الكريم الذي هو كلام الله عز وجل، وعلمنا إنه صلى الله عليه وآله خطب فقال إني تركت فيكم ثقلان ما أن تمسكتم بهما بعدي لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي.

فوجب أتباع العترة الهادية المهدية وإنها معصومة عن الخطأ ومن القبيح أن يرشد العاقل لأتباع شيء فيه خلل فكيف بالرسول الكريم صلى الله عليه واله !

وزاد الرسول صلى الله عليه واله الأمر بيانًا وتوضيحًا فقال في خطبة الوداع أمام مئة ألف او يزيدون من الصحابة (ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من واله واخذل من خذله [بألفاظ متفاوتة])

فعلمنا من الحديثن إن العترة الهادية من آل محمد صلى الله عليه واله واجبة الأتباع والأنقياد لها وإنها متمثلة بشخص الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام فلزم أتباعها.

هذا كله ناهيك عن الأحاديث المستفيضة في فضل علي عليه السلام والسيرة التي سار بها.

ولم يترك النبي صلى الله عليه واله أمته سدى فهو لم يكن يؤسس لمشروع مؤقت ينتهي بوفاته أو بوفاة وصيه وخليفته عليه السلام الذي كان منه بمنزلة هارون من موسى عليهما السلام، بل جاء ليحمل رسالة سماوية وهدية ربانية للخلق أجمعين.

فقال صلى الله عليه وآله: (يكون بعدي إثنا عشر أمير او خليفة كلهم من قريش) والحديث متواتر رواه الجمهور، ولما علمنا ذلك أن اولهم كان علي بن أبي طالب عليه السلام لزم كون الإمام الذي بعده من قريش ومن ذريته؛ فقلنا بإمامة الحسن وثم الحسين عليهم السلام.

ثم فتشنا الفرق المتشيعة ولم نجد أي فرقة تقول بإمامة إثني عشر إمام سوى الإمامية ولو قلنا بالتشيع الزيدي أو الإسماعيلي لبطل حديث الإثني عشر من جهتين،

الجهة الأولى: عدد أئمة هؤلاء يتخطى الإثني عشر بكثير.

والجهة الثانية: إن ليس كل هؤلاء ممن يتصف بأوصاف الإمامة والخلافة كجده علي عليه السلام فبطلت إمامة هؤلاء

وطالعنا مصنفات الشيعة فوجدناهم يروون سلف عن سلف وبالمئات من الأحاديث من مختلف الرواة من شتى المدن على أختلاف مشاربهم وأهواءهم النص على الأئمة الإثني عشر والخلافة والوصاية إمام للإمام الذي بعده، وعقليًا يستحيل كذب كل هؤلاء بل هو محال فأقررنا بصحة هذه الأحاديث كتلك التي رواها الكليني في كتاب الحجة والصدوق في إكمال الدين والنعماني في الغيبة والخزاز القمي في كفاية الأثر والطوسي في الغيبة أيضًا وغيرهم من الأعلام رحمهم الله تعالى.

هذا الإيجاز كافي ووافي لمن كان له بصيرة، ورغم ذلك فقد سطر أصحابنا وعلماءنا الآف المجلدات في الأنتصار لمذهبنا والرد على الشبهات، وبالإمكان مراجعة فهرست النجاشي رحمه الله والشافي في الإمامة للسيد المرتضى رحمه الله من المتقدمين ومن المتأخرين

كتاب الذريعة لآغا بزرك الطهراني وكتاب إحقاق الحق للتستري رحمهما الله لتعرف كم كتابًا كتب في ذلك وكم دليل أقاموا !

والحمد لله رب العالمين ونسأله سبحانه التوفيق لكل خير وأن يجعلنا ممن ينتصر لدينه ولا يستبدل غيرنا بنا.

: الشيخ محسن الكربلائي