ان العلامات التجارية والرموز والموضة وغيرها التي يتم وضعها ولصقها على المنتجات والملبوسات، والسيارات والحاملات والمؤسسات والكتب والمصنوعات ليست مجرد شعارات او اسماء للسلع بل اليوم هي ادوات استراتيجية ومصادر رئيسية للحرب الناعمة حيث تشكل مادة جاذبة لتحقيق الكثير من الاهداف وجذب العديد من الافراد والمجتمعات وتهدف الى صناعة شعوب مقلدة مستوردة لأنها تحمل قيما رمزية أكبر من المنتج نفسه واصبحت مادة لنشر القيم والمبادئ والمعتقدات والعادات والتقاليد لأهداف متعددة ومتنوعة، اهمها تغييب ثقافات الشعوب المستهدفة وتغييرها بثقافات الغرب العلماني حيث انها تقدم نمطا للحياة خال من التقيدات والدين وتوصل المجتمعات والافراد الى ان هذه العلامات او الموضة او الرموز كأنها هي سبيل التطور المواكبة للعصر فكم من الالبسة المنتشرة التي تحمل رموز وعلامات لها اثير بليغ في تغيير العادات والتقاليد والقيم الاخلاقية الثقافية للمجتمعات ، وهذا ما يعاني منه المجتمع الاسلامي الى غزته الثقافة الغربية عبر هذه الاشكال من التصدير للقيم .
الرموز العلامات التجارية:
هي الإبداعات التي تكون على شكل أسماء كلمات، إمضاءات، حروف، رموز، وأرقام عناوين وأختام، وكذلك التصميمات والرسوم والصور والنقوش المميزة، أو طريقة تغليف عناصر تصويرية؛ أو أشكال، أو لون أو مجموعة ألوان أو مزيج من ذلك أو أية إشارة أو مجموعة إشارات إذا كانت تستخدم أو يراد استخدامها في تمييز سلع أو خدمات مؤسسات وشركات.
تأثير العلامات والرموز والموضة على مجتمعاتنا
ان تأثير العلامات التجارية والرموز والمودة ليس شيئاً من الخيال أو أنه خارج عن الواقع الذي نتحدث به بل هو واقع عمل عليه الغرب منذ سنين طوال وإلى يومنا المعاصر حيث تشكل الرموز والعلامات التجارية والموضة أبرز الوسائل التي من خلالها يتم تحقيق بعض الأهداف والرسائل التي يراد توصيلها إلى الخصوم وقد صرح بذلك بعض قادة العالم.
يقول جوزيف ناي - في معرض حديثه حول تأثير الصور المتعددة من الأفلام والرسوم المتحركة والسينما على الواقع وأنها أقوى من الكلمات - فقال:( ان المؤرخ الهولندي روب كروز يشير الى أن الملصقات المنتجة لحساب خطوط السفن وجمعيات الهجرة إلى أوربا في القرن التاسع عشر كانت تخلق للغرب الامريكي صورة تجعله رمزاً للحرية.
وقال ناي أيضا:( إن بعض الاشياء البسيطة كسراويل الجينز القطنية الزرقاء او الكوكاكولا أو ماركة معينة من السجائر اكتسبت قيمة إضافية ساعدت تلك الأجيال الشابة عن التعبير عن هوية خاصة بهم تماماً).
ويقول ناي: (وتستطيع الشركات الأمريكية الخاصة أن تعلب دوراً مهماً هي الأخرى إذ أن لممثليها وعلاماتها التجارية علاقات مباشرة تمس حياة أناس أكثر ممن يتصل بهم الممثلون الحكوميون).
وكان الشباب الأوربيون يترعرعون وهم يبنون عوالم ذات معان مستمدة من مكونات ورموز أمريكية، وكانت الإعلانات التجارية الأمريكية في عام 1944 تشير إلى الحريات الأربع التي تبناها الرئيس فرانكلين روز فلت وتوسع في ذكرها وبذلك تعزز درس الحقوق المدنية الرسمية.
بل اهتم العالم في الرموز والعلامات في ترسيخ القيم والاهداف الكبرى في نفوس المجتمع حتى الرموز التي توجد في أعلام الدول فهذا علم الصهاينة الذي يرمز في الخطين الازرقين إلى النيل والفرات وهي الفكرة اليهودية التي تنص على أن حدود دولتهم ليس المكان الذي استوطنوا فيه وإنما يمتد من النيل إلى الفرات.
وكذلك هوليود كعلامة تجارية للأفلام ليست ترفيها فقط بل تصنع صورة العالم وتؤثر في الهوية صوم والدين والقيم بل وتدير هذه المؤسسات منظمات امنية كبيرة لغرض استهداف الخصوم وتحقيق الاهداف يقول جوزيف ناي: (كانت منظمة مخابرات هي مكتب الخدمات الإستراتيجية تشمل وظائفها نشر المعلومات المضللة ايام الحرب عام 1942، وهذا المكتب عمل على تشكيل منتجات هوليوود لتصبح أدوات دعاية فاعلة، اقتراح اشياء وحذف أشياء أو حرمات أفلام اخرى من الرخصة) .
الاهداف الكبرى لثقافة الرموز والموضة
ان هناك اهداف متعددة من الرموز والعلامات التجارية والموضة ومن اهمها:
اولاً: الاختراق الثقافي: فان العلامات التجارية تدخل البيوت والمؤسسات والمدارس والجامعات وتغرس في الناس ذوقا معينا في الطعام واللباس وحتى الهوية، وهذا امر خطير جدا ويعمل عليه الغرب العلماني الذي يريد طمس هوية المسلمين عبر تصدير هكذا امور جاذبة ومغرية.
ثانياً: اعادة تشكيل الوعي: ان انتشار الرموز والعلامات والموضة في المجتمع تساهم في تشكيل وعي جديد لدى الناس وذلك لأنها تجعل الفرد يرى ان المواكبة والحداثة والتطور والحرية مرتبطة بمثل هذه الرموز والموضات والعلامات لذلك ترى الكثير من الناس المتأثرين بالموضات والرموز والعلامات يربطون ذلك بالتطور مع انها عناصر مستوردة لتهديم المجتمعات دينيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
ثالثاً: تثبيت النفوذ: ان الدول القوية تستعمل هذه العلامات كوسيلة لفرض القوة الاقتصادية الناعمة دون السلاح وتحاول السيطرة على السوق التجاري عبر نشر هكذا رموز وعلامات وماركات وموضات.
رابعاً: التطبيع مع الهيمنة: حين تعتاد الشعوب على منتجات معينة تصبح مرتبطة نفسيا وعقليا بالثقافة المنتجة لتلك الماركات والرموز والعلامات وتتعلق بالثقافة المصدرة لهذه الامور وهذا نوع من انواع التطبيع العملي والهيمنة الاقتصادية والسياسية.
اساليب المواجهة:
ان هناك طرق متعددة لمواجهة هذا المد وهذا النوع من الحرب الناعمة التي يستخدمها العدو ومن اهمها:
1- الوعي الثقافي: لابد ان تكون هناك مؤسسات وحمالات ومنابر ومنصات تبث الوعي في ان الاستهلاك بالعلامات والرموز التجارية والموضات والاهتمام الزائد بها هو استهلاك للهوية وتغييب للثقافات والقيم والعادات الاصيلة.
2- احياء البديل المحلي: لابد ان تفكر الشعوب والدول بصناعة بدائل للعلامات التجارية تعكس تماما قيمنا وثقافتنا واخلاقنا ومبادئنا وعاداتنا وتقاليدنا وهذا ما نعاني منه في بلداننا فأصبحت بلدان مستهلكة غير مصدرة وهذا ما يهدف اليه الغرب والصهاينة والعدو حيث يريدون من شعوبنا الاسلامية ان تكون شعوب مقلدة من دون تدبر ووعي والتفات وتستورد كل ما يرمز الى الغرب ويقوي شوكته.
3- التربية الاعلامية: من المهم جدا ان توجد لدينا مؤسسات ومنصات تربوية اعلامية الهدف منها تعليم الاجيال من الشباب والناشئة وترسيخ القيم الاصيلة في اذهانهم، وتعريفهم بمشروع الغرب المقيت الذي يهدف الى طمس الهوية الاسلامية وهذا دور المؤسسات التعليمية والتربوية من المدارس والجامعات والمعاهد، وهذا ايضا مما نعانيه في بلداننا فلا يوجد أي اهتمام من هذا النوع يهدف الى تربية اجيالنا على حمل هويتهم والحفاظ عليها وعدم الاعجاب بثقافة الغير التي تهدف الى اضعاف جبهة الحق.
واخيراً فإن هذه الرموز والعلامات والموضة التي يصدرها الغرب العلماني الى شعوبنا الاسلامية هي اسلحة ناعمة تهدف الى تصدير القيم الغربية وتهديد الاقتصاد المحلي وانهائه وغزو العقول والقلوب لتحقيق اهداف كبرى بعضها دينية واخرى سياسية واقتصادية، ومن لا يملك البديل في المواجهة سيستهلك لا محالة داخل مشروع التبعية والتقليد للغرب العلماني وستتحول المجتمعات المستهدفة الى ادوات بيد العدو واعوان الشيطان.

اترك تعليق