1/ لا أعرف من هو أول من استخدم مصطلح ( الجبهة الداخليّة) للتعبير عن كل القوى المدنيّة التي تساند وتعاضد وتؤازر جبهات المواجهة مع العدو، ولا يهمني أن اعرف، لأن ما يهمني المعنى المعنوي الذي ترمز اليه الجبهة الداخليّة التي عبّرتُ عنها في منشور سابق على أنني لا اعتبرها جبهة خلفيّة، فهي جبهة مكمّلة بل ملتحمة مع الجبهة الأماميّة.
2/الخندق المدنيّ، أو الجبهة الداخليّة، أو خط الامداد الخلفيّ، كلّها تعبيرات عن ( البيئة الحاضنة)..من هذه البيئة الكريمة يولد المقاومون، ومنها وفيها يتلقى الأبناء دروسَ! الدفاع الأولى عن القضايا المقدسة، فالامهات اللواتي يربين أبناءهن على روح التضحية لتتبنى المقاومة أبناءَهن مشاريعَ فداء، مقاتلات في الخط الأمامي، وان لم يدخلن في سجلاّت المقاومة.. الامهات اللواتي يتعاطين مع (الشهادة) في الميدان على أنها أغلى من ( شهادة) التخرّج من الجامعة.. كربلائيات.. زينبيات، لا بل حسينيات أيضا.
3/ حسبان العدو البيئة الحاضنة في غزّة وفي جنوب لبنان والضاحية على أنها جزء لايتجزّأ من المقاومة، بل اعتبارها مقاومة بذاتها، دقيق جدا، لأنه يعرف اكثر مما يعرف بعض الأخوة الأعداء، أنها ( السند) وأنها ( العمَد) وأنها ( المدد) فلا يفصل بين المسارين، ولا بين المقاومتين اللتين هما عنده وعندنا مقاومة واحدة.
4/ استهداف الجبهة الداخلية من قبل العدو ليس للفتّ في عضد المقاومة في الجبهة الأماميّة، فبنية المقاومة وبيئة المقاومة كلّها عنده وحدة واحدة، فهو يبرّر لنفسه أن يقصف الجبهة الداخليّة بصفتها هدفا عسكريا مقاوما، معقلا من معاقل المقاومة، وقتل المدنيين عنده ابعد من احداث شرخ بين المقاومة وبيئتها، هو يحاول ان يفصل (الهواء) عن ( الرئة) لتموت المقاومة بالاختناق !
5/على مدى عام فشل العدو فشلا ذريعا في قطع الأوكسجين في غزّة العزّة.. غزّة الجبهة الداخليّة، عن غزّة الجبهة المقاومة الملتحمة مع العدو، راهن على قطع الشريان الأبهر عن القلب النابض فعجز عجزاً مبينا، واليوم يحاول أن يعيد تجربته الفاشلة مع لبنان، فيرتطم بجدار داخلي مقاوم غير قابل للاختراق، وبحصن حصين غير قابل للتحطيم.
6/شعار (كلّنا مقاومة) في أيام الهدوء النسبيّ، غيره أيام احتدام نيران المعارك، وهو عندما تكون الجبهة الداخليّة جبهة قتال مستهدفة، غيرَه عندما يقاتل المقاوم وبيئتُه آمنة.. هو - في حالة غزّة وحالة لبنان- نقلة نوعيّة من شعار صادق الى ممارسة صادقة.
7/ فشل عملية عسكرية في التحام العدو مع المقاومة في الجبهة الأماميّة، أهون عنده بكثير من فشله في استهداف المدنيين ( الجبهة الداخليّة) التي تتسلح بصبرها واصرارها، وتتبادل عيونها المحترقة، واصابعها المقطّعة، وتتناسى جراحها لتتضامن متحدةً مع مقاومتها ضدّه، لا بل تخاطب قادتها: انشغلوا بالميدان .. ولا تنشغلوا بنا!
اترك تعليق