هذه اللوحة تجسّد واحدة من أعمق اللحظات المأساوية في تاريخ الإسلام، لحظة وداع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو يتولّى بنفسه أمر دفنه وتشييعه، ومعه سبطا النبي، الإمام الحسن والإمام الحسين (عليهما السلام)، في مشهد يقطر حزناً ووفاءً.
لقد رُوي في المصادر المعتبرة عند المسلمين أنّ عليّاً (عليه السلام) هو الذي تولّى غسل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وتكفينه، والصلاة عليه، ثم أنزله إلى مثواه الأخير بيده.
جاء في الكافي للكليني (ج1، ص 450): "غسّل أمير المؤمنين (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحده، ومعه الفضل بن العباس يناوله الماء، وكان الحسن والحسين (عليهما السلام) يبلّان وجههما من ماء غسل جدّهما".
كما ورد في الإرشاد للشيخ المفيد (ج1، ص 199) أنّ الإمام عليّ (عليه السلام) هو الذي تولّى وضع الجسد الطاهر في اللحد، قائلاً: «إنّ رسول الله إمامنا حيّاً وميتاً».
إنّ هذا المشهد ليس مجرّد حادثة تاريخية، بل هو درس خالد في الوفاء والثبات على العهد، فعليٌّ (عليه السلام) كان أوّل الناس إسلاماً، وأشدّهم نصرةً للنبي (صلى الله عليه وآله)، وكان أيضاً آخر من ودّعه بيديه، يضعه في قبره الشريف بدموعٍ تخالط تراب المدينة.
أمّا الحسن والحسين (عليهما السلام)، فقد عاشا صغاراً مرارة فقد الجدّ النبي، وهي ذكرى سترافقهما وتُشكّل جزءاً من مسيرتهما الرسالية.
إنّ اللوحة تعكس بعمقٍ معاني الليل الحزين الذي غاب فيه نور الوحي، والقمر الذي بدا وكأنّه يشارك أهل بيت النبوة حزنهم، والعبارة المرسومة في السماء "فداك أبي وأمي يا رسول الله" تذكّر بأنّ رحيل النبي الأعظم (ص) لم يكن رحيل شخص، بل رحيل النور الذي أضاء الدنيا.
في تلك الليلة، كان عليٌّ يقف على حافة القبر، بيدٍ تمسك المعول وبقلبٍ يشتعل بالحزن، وفي خلفه يقف الحسن والحسين، يراقبان المشهد بعيونٍ صغيرة تحمل هول الفقد.
دفن الإمام عليّ النبي (صلى الله علبه وآله) بيديه، لكنه دفن معه قلبه وروحه، إذ كان يقول: «لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك من النبوة والأنباء وأخبار السماء» (نهج البلاغة، الخطبة 23).
هكذا بقيت الأرض شاهدة على أن أعظم فاجعة بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) هي أن الأمة لم تحفظ وصاياه، لكن عليّاً وأهل بيته ظلّوا الأمناء على العهد، إلى أن استكملت كربلاء فصول هذه المأساة.
ملاحظة: تم توليد هذا النص عبر الذكاء الاصطناعي
اترك تعليق