قمر الوفاء... تجف عند ابوابه منابع العطاء

 ها هنا قد ثوى أبا الفضل دُنياً         تـسحر الروح روعة وصفــاء

ها هنا مشرق العقـــيدة زهـوُ         بشـعاع غطى الوجــود ســــنـاءُ

كيف لا ؟ وهو ابن غاية الهدى على المرتضى ... كيف لا ؟ وهو القمر الهاشمي المشرق الذي أضاء سماء الدنيا بفضائله ومآثره ، وأضاف للهاشميين مجداً وذكراً خالداً ندياً عطرا ، وكيف لا ؟ وهو من استحوذ على  قلوب العظماء ومشاعرهم  واصبح أنشودة الأحرار في كل زمان ومكان بعظيم تضحيته لأخيه الحسين " عليهما السلام " ، الذي ثار في وجه الظلم والطغيان وبنى للمسلمين عزا ومجداً لم يكن إلا به ... فسلام عليك ايها اﻷخ المدافع عن أخيه المجيب إلى طاعة ربه .. والراغب فيما زهد فيه غيره من الثواب الجزيل والثناء الجميل .. فانت نعم الصابر المجاهد المحامي الناصر ..

لعبت القبة دورا كبيرا في حياة الانسان وعلى مر الزمن ،اذ انها تعد واحدا من اقدم سقوف الابنية ، فباتت بكل تجلياتها واشكالها رمزا يدل على الجلال والاحترام والاكبار، فقد استخدمت كسقوف للدور السكنية تارة ودور العبادة والابنية الحكومية تارة اخرى،فالقباب جاءت كوحدة عمرانية لنوع من الاقبيةالمستخدمة للتسقيف او مداخل الابنية بشكل نصف كروي مجوف،وأبسط أشكالها هو نصف كرة مجوفة تعلوا الابواب او تنتشرشاغلة الاسيجة المحيطة بباحات المساجد والاضرحة المقدسة مشكلة رؤوس الاواوين ومحاريب الصلاة فيها ،وقد عرفت تقنية بناء القباب واستخدامها بشكلها البدائي الاول في عصرما قبل الإسلام ،حيث اتت صغيرة الحجم ومبنية من عدة طبقات مركبة تفتقر للجمالية والمتانة ، ليأتي الاسلام بعدها مستخدما القباب بهيئتها الحالية المتميزة بانها ذات هيكل متجانس موحد يتسم بالمتانة العمرانية وجمالية الشكل.

لم تكن القباب كروية الشكل تماما ، فقد اختلفت بأختلاف مواد البناء المستخدمة في انجازها فضلا عن تقنية بناءها والطرز المعمارية السائدة في اماكن بناءها وغيرها من المؤثرات الاخرى ، فهناك قباب مستديرة ذات " استطالة او قصيرة " واخرى مضلعة كأن تكون ثمانية او خماسية الاضلاع او غيرها ، ومنها ماهي مؤلفة من طبقة واحدة ، أوطبقتين أو قد تكون أكثرمن ذلك فضلا عن ، النقوش المميزة لبعض القباب وطريقة تغليفها وطلاءها بصفائح من صفائح مختلفة الخامات كصفائح الذهب والفضة ومعادن اخرى مميزة الشكل والهيئة كما هو الحال في قبة الامام الحسين واخيه ابي الفضل عليهما السلام في كربلاء .

في المصورة اعلاه لقطة ليلية للقبة الذهبية التي تعلو السطح الشريف لمرقد ابي الفضل العباس " عليه السلام " ، وهي ذات قوام اسطواني ذي استطالة مرتفعة ، يبلغ محيطها 46.5م وقطرها 15م وهي تتوسط المأذنتين الذهبيتين ، وترتفع قمة القبة في اعلى نقطة لها " بأستثناء سارية الراية  "عن سطح الحرم المقدس قرابة 20 م ، فيما ترتفع القبة عن سطح أرض العتبة المقدسة قرابة 33 متراً ، وترتكز هذه القبة من اسفلها في داخل الضريح على أربعة جدران ضخمة مبنية من الاجر المدعم بالخرسانة الكونكريتية من اسفله .

يتألف بناء القبة في واقع الحال من قبتين متداخلتين فوق بعضهما البعض ، حيث تكون القبة الخارجية منهما مغطاة بالذهب وهي الاكبر حجما ، اما الداخلية فهي الأصغر ويظهر منها للمشاهد باطنها المتمثل بباطن السقف الكائن فوق الضريح المقدس والمغلف بالنقوش وبعض المخطوطات المصنوعة من المرايا ، مشكلة لوحة فنية رائعة الجمال قطعت وشكلت بهيئة زخرفية إسلامية ، ومن الملاحظ قمة القبة الداخلية وجود مخطوطات مميزة بخط أسود بارز لأسماء الإئمة الأثنى عشر" سلام الله عليهم "،وأما من الخارج فالقبة مكسوة بطابوق نحاسي مغلف بشرائح الذهب الخالص لتكسبها صفة الخير والقداسة ، كون اللون الاصفريدل على كل ماهو نفيس ومقدس لدى الفنان المسلم .

اما فيما يخص المسافة بين قمتي القبتين " الخارجية والداخلية " من الداخل فتبلغ قرابة التسعة امتار، ترفعها عن ارض الحرم المقدس اثنا عشرعمودا من الطابوق " ساندة للقبة الخارجية " ، ويقع كل عمود منها في موقع بين شباكين من شبابيكها الإثني عشر من الداخل ، اما الشبابيك فتقع ضمن قاعدة القبة المكونة من جزئين،الأسفل منها ذا قوام مثمن الهيئة اما الجزء الأعلى منها " القاعدة " والمتمثل بعنق القبة الدائري فيستقر فوق الجزء المثمن بثبات ، مكونة بذلك هيكلا متكاملا لقبة ترتفع  في قلب السماء مضيئة لعتمة الليل.. متلألأة في وضح النهار تشدو بايثار ابي الفضل العباس وجوده وكرمه ..

 

سامر قحطان القيسي

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة