تفعيل دور (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) بأن تتحول هذه الفريضة العظيمة إلى حالة من (الرقابة الاجتماعية) التي توفّر أرضية التحصين من الانحراف، فالشاب المنحرف الذي يلقى صدوداً من أهله وأصدقائه وزملائه وأقربائه سيجد نفسه محاصراً، وأنّ شعوره بأنّه منبوذ سيضغط عليه لمراجعة مواقفه، هذا هو دور النهي عن المنكر، وفي موازاة ذلك إذا وجد مَن يحتضنه ويرعاه ويوجهه التوجيه الصحيح ويأخذ بيده برفق وأناة كما يفعل الطبيب مع مريضه فإن احتمالات الشفاء من الانحراف ستكون كبيرة ذلك أن ترك المريض يكابد مرضه قد يفتك به، وهذا هو دور الأمر بالمعروف ولا نغالي إذا قلنا إنّ إسقاط دوّر هاتين الفريضتين من التعامل الاجتماعي اليومي، أو من برنامج الإنسان المسلم والتزامه الصمت واللاأبالية، هو الذي أسفر عن هذه القائمة الطويلة من الانحرافات حتى بات المنكر معروفاً والمعروف منكراً ، وكما أنّ الأسرة والمدرسة بحاجة إلى إعادة اعتبار، لابدّ أيضاً إعادة اعتبار لهاتين الفريضتين المتكاملتين اللتين تبشران بالإيجابية وتجذّرانه وتنذران من مساوئ السلبية وتقمعانه، فما دبّ الانحراف في صفوف الشباب والفتيات وغيرهم من الشرائح الاجتماعية إلا بعد أن تخلّينا عن تفعيل دور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باعتبارهما أعظم العبادات كلّها، ذلك أنّك كشاب لابدّ أن تعرف أنّ غاية العبادات هو الوصول إلى مستوى العمل بهاتين الآليتين في تحجيم المنكر وحصره في أضيق نطاق وتجفيف منابعه وموارده، وإفساح المجال للمعروف بأن يسود إذ كان الامام الصادق-عليه السلام- يقول: (لا تدع النفس وهواها فإن هواها رداها) وبغض النظر عن البعد المعنوي والإيماني يتوجب على المرء تحديد غرائزه وشهواته النفسية ، فالإنسان الذي يود أن يكون إنساناً حقيقياً على الصعيد المعنوي، ويبلغ الكمال الحقيقي في ظل التعاليم الإلهية السمحاء، وأن يعيش حياة هانئة متمتعاً بكل الصفات الأخلاقية والإنسانية بالمقدار الصحيح ، والحيلولة دون تمردها وإفراطها ،لأن الانجرار دون وعي وراء هوى النفس يجرد الإنسان من إنسانيته، ويمي به إلى مستنقع الرذيلة والفجور، فعلى الإنسان تحكيم عقله وعدم الانجرار للضياع والانحراف لكي لايخسر الدنيا والآخرة ، ولطالما حذَّرَنا الباري تعالى في كتابه الكريم وجاءت الروايات بذلك.
اترك تعليق