مما لا شك فيه أن الدعاء والضراعة إلى الله عزوجل يوجب تقوية روح الإنسان، فإن طلب المعونة من القوة الإلهية تعين في قضاء الحوائج وتسهيل أمور الدين والدنيا، وغفران الذنوب بعد الموت في الآخرة. وربما يخطر في ذهن البعض هذا السۆال: إذا شاءت إرادة الله شفاء المريض مثلاً، فعندئذ لا حاجة إلى الدعاء، وإذا لم تشأ الإرادة الإلهية ذلك فلا أثر للدعاء حينئذ، فما هي فلسفة الدعاء؟ والجواب على ذلك نقول: بأن المسألة لا تنحصر في الحالتين المذكورتين، بل قد تتعلق إرادة الله تعالى بواحدة من الحالات أدناه.. فمثلاً بالنسبة إلى المريض: 1ـ أحياناً تشاء إرادة الله تعالى شفاء المريض من دون دعاء. 2ـ وأحياناً تشاء إرادة الله تعالى بحيث إذا دعا المريض تحسنت حالته وشوفي، وإذا لم يدع لا يشفى. 3ـ أحياناً تشاء إرادة الله تعالى عدم شفاء المريض حتى بالدعاء وذلك لمصلحة يراها الباري عزوجل. قال الإمام الصادق (ع) : «إن الدعاء يرد القضاء وقد نزل من السماء وأبرم إبراما» (1). وقال الراوي: سمعت أبا الحسن (ع) يقول: «إن الدعاء يرد ما قد قدّر وما لم يقدّر» قلت: وما قد قدر عرفته، فما لم يقدر؟ قال: «حتى لا يكون»(2). وقال علي بن الحسين (ع) : «الدعاء يدفع البلاء النازل وما لم ينزل»(3). وقال الإمام الكاظم (ع) : «عليكم بالدعاء، فإن الدعاء والطلب إلى الله عزوجل، يردّ البلاء وقد قدّر وقضي ولم يبق إلا إمضاۆه، فإذا دعي الله وسُئل صرف البلاء صرفاً» (4). وقال أبو عبد الله (ع) : «إن الله عزوجل ليدفع بالدعاء الأمر الذي علمه أن يدعى له فيستجيب، ولولا ما وفق العبد من ذلك الدعاء لأصابه منه ما يجثه من جديد الأرض» (5). وعن علاء بن كامل قال: قال لي أبو عبد الله (ع) : «عليك بالدعاء فإنه شفاء من كل داء»(6). فبناءً على هذا تعرف أهمية الدعاء وطلب المعونة من الباري عزوجل، حيث قال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (7). وقال سبحانه: (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاۆُكُمْ)(8). المصادر: (1) الكافي: ج2 ص469 باب أن الدعاء يرد البلاء والقضاء ح3. (2) وسائل الشيعة: ج7 ص36-37 ب7 ح8647. (3) الكافي:ج2 ص469 باب أن الدعاء يرد البلاء والقضاء ح5. (4) بحار الأنوار: ج90 ص296 ب16 ضمن ح23. (5) وسائل الشيعة: ج7 ص37 ب7 ح8649. (6) الكافي: ج2 ص470 باب أن الدعاء شفاء من كل داء ح1. (7) سورة غافر: 60. (8) سورة الفرقان: 77.
اترك تعليق