المقدمة
إن تراث أهل البيت عليهم السلام جدير بالدراسة والتحليل؛ فهو المَعين الذي لا ينضب من جهة تكوينه الفلسفي والعقدي والفقهي واللساني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والتربوي، وغير ذلك من المجالات.
ولأجل إضفاء المشروعية على تلك المعارف حاول أهل البيت عليهم السلام إقامة الأدلة الساطعة، والحجج القوية لإثبات هذه المضامين الحقة، وإقناع المتلقي بها عن طريق تقنيات حجاجية جمة سجلتها اللسانيات الحجاجية في العصر الحديث، ومن تلك التقنيات: السؤال.
لا يخفى أن حجاجية السؤال ذات أهمية كبرى في الخطاب، تعود إلى كونه حجاجاً موقفيّاً أكثر التصاقاً بالجمهور، يرومُ مُلقيه استمالةَ المتلقي وإذعانه، والتراجع عمَّا هو متوغِّل فيه، ومنعه من الانخراط في طريق مغاير لما يراه المُحاجّ.
وحينئذ؛ إذا كان المتكلم والسائل يجهل الجواب فإنَّ كلامه يخلو من أيّ حجاج، وأما إذا كان يعيه، فيحمل هذا شحنة حجاجية يريد أنْ يوصلها صاحب السؤال إلى المتلقّي لتغيير قناعاته. فالبحث ـ هنا ـ يهدف لتحقيق ما يأتي:
1ـ الكشف عن أدوات الاستفهام التي حملت معنىً حجاجيّاً في خطاب الإمام الحُسين عليه السلام.
2ـ إبراز المتلقّي المعني بإلقاء الحجة من لدن الإمام.
3ـ التعريف بأهم الدلالات والأغراض التي جيء من أجلها الحجاج.
وعليه، فسيكون البحث موزّعاً على محورين رئيسين: وضع الأول للتعريف بالحجاج وبيان معناه لدى اليونان والمسلمين، وعند الغرب في العصر الحديث وصولاً إلى ميشال مايير Michael Mayer ونظريته القائمة على المساءلة، والنظر من خلالها إلى السؤال في الخطاب الحُسيني.
ووضع المحور الثاني لإجلاء صور السؤال، وهي أدوات الاستفهام المعروفة بحسب ما وردت في خطابه عليه السلام مع بيان عَلَاقات الخطاب وأثرها في إبداء الحجة.
المحور الأول: معنى الحجاج والخطاب
يتناول هذا المحور إيضاحاً لمفهومين اثنين، هما مفهوم الحجاج، ومفهوم الخطاب مطلقاً، وسيتم تطبيقهما على خطابات الإمام الحسين عليه السلام، وهما:
1ـ معنى الحجاج
يعدّ الحجاج من أخصب المجالات اللسانية في العالم العربي هذه الأيام، وقُدِّمت دراسات عديدة للمساوقة بينه وبين البلاغة، ويمكن تلمُّس ذلك من جانبين:
الجانب الأول: في البُعد الكلي الذي يتمثل بمهمة البلاغة الكلية القائمة على الجمال والإقناع، وهذه هي هُويَّة الحجاج؛ كونه يرتبط بالإقناع والتواصل.
الجانب الثاني: في البعد التجزيئي، من خلال تناول البلاغيين له في موضوعات البلاغة وأبوابها، نحو: إلجام الخصم بالحجة أو المذهب الكلامي، وغير ذلك من قبيل: التقسيم والتشبيه والاستعارة والمجاز عند حملها شحنات حجاجية وإقناعية.
وفضلاً عن فكرة التأصيل تلك انشغل العرب ببيان مفهومه وأنواعه وتطبيقاته في المنظومة اللسانية العربية. وهو مشتق من الجذر الثلاثي ح. ج. ج الدالة مشتقاته في المعجم العربي على: الحج، والطريق، والدليل، والبرهان، والوجه الذي يكون به الظفر عند الخصومة، وانتزاع الحجَة، والغَلَبة فيها[1].
وقال طه عبد الرحمن في تعريفه ـ بعدما ساواه بالمجاز ـ: ((المجاز: كل منطوق به موجَّه إلى الغير لإفهامه دعوى مخصوصة يحق له الاعتراض عليها بحسب القيمة التي تحملها))[2].
ولم يرض البعض كـعبد الهادي الشهري عن هذا التعريف مبدياً حجّته: ((وبالرغم من صحة هذا التعريف، إلّا أنَّه لا يشمل سوى الجانب الشكلي، أو الإطار الذي يظهر به الحجاج، أي: التلفظ، ومن ثَمَّ الإفهام، لكنه لا يتجاوز ذلك إلى الغرض التداولي من الحجاج، وهو تحصيل الإقناع))[3].
ويطرح الشهري تعريف شايم بيرلمان Chaïm Perelman ويراه الأجدر، ومفاده: ((غاية كل حجاج أنْ يجعل العقول تذعن لما يُطرح عليها، أو يزيد في درجة ذلك الإذعان، فأنجع الحجاج ما وفِّق في جعل حدة الإذعان تقوى درجتها لدى السامعين بشكل يبعثهم على العمل المطلوب إنجازه أو الإمساك عنه، أو هو ما وفِّق على الأقل في جعل السامعين مهيئين لذلك العمل في اللحظة المناسبة))[4].
وإذا أردنا في هذه المقدمة ذكر مصدر هذه النظرية، فهي انبثقت من صلب نظرية أفعال الكلام لأوستين Austin. L. J في نظر الدارسين[5]، وهو نظر منطقي صائب.
وتوضيح ذلك: أنَّ نظرية أوستين Austin لها أركانها الثلاثة: فعل القول، وعمل القول، والتأثير في القول. والتأثير لا يحدث إلّا عِبْر الحجة والإقتناع.
وهذه النظرية تنفع في الاعتراف بالعَلَاقة بين التداولية والحجاج، ويشهد لذلك طه عبد الرحمن بقوله: ((وحدُّ الحجاج أنَّه فعالية تداولية جدلية، فهو تداولي؛ لأنَّ طابعه الفكري مقاميّ واجتماعي، إذ يأخذ بعين الاعتبار مقتضيات الحال من معارف مشتركة ومطالب إخبارية وتوجهات ظرفية، ويهدف إلى الاشتراك جماعيّاً في إنشاء معرفة عملية، إنشاءً موجّهاً بقدر الحاجة))[6]. وهذه العَلَاقة الموقفية تنعكس على السؤال الحجاجي القائم على تغيير القناعات، وإذعان الأذهان في المقام التداولي المنطلق من التواصل والإقناع.
وبناءً على هذا التأسيس المفهومي للحجاج وعَلَاقته بالمسار التداولي ظهرت نظريات حجاجية لدى الغرب، وقبل أنْ نعرضها باختصار، نودّ عرض إرهاصات هذه النظرية لدى اليونان والمسلمين، ورعاية للاختصار نقتصر على ما بيّنه أرسطو في كتابه الخطابة عن اليونان، ونجم الدين الطوفي ت716ﻫ في كتابه علم الجذل في علم الجدل عن المسلمين.
إرهاصات النظرية لدى اليونان والمسلمين
وإجالة سريعة في كتاب الخطابة لأرسطو تجعلك تؤمن بأنَّه جعل الميدان الأفضل للحجاج هو الخطابة، بل تساوي الإقناع عنده، فقال: ((يمكن أنْ نحدَّ الخطابة بأنَّها الكشف عن الطرق الممكنة للإقناع في أيّ موضوع كان))[7]، وعنده الحجاج والإقناع يتوزّعان على مفاصل الحياة المتنوّعة، نحو: الطبّ والهندسة، وغيرها من العلوم والفنون[8]، وقسَّم الخطابة على ثلاثة أنواع، هي:
1ـ المشاجرية: وتقوم على الجدل والإقناع للقاضي، وإزاحة الخصم على وفق الحجج.
2ـ المشاورية: وتقوم على الإقناع من لدن الخطيب في التجمعات الشعبية.
3ـ الاحتفالية: والتي تُلقى في المحافل العامة.
وتقوم هذه الأنواع على فن الإقناع، وهي ((مقامات مخاطبة الجموع مخاطبة شفوية بغاية الإقناع وتحفيز الفعل))[9].
وتغطية النوع الأول عِبْر ما سمَّاه الحجج التصديقات غير الصناعية، أي: التي لا دخل للخطيب في صناعتها وإنَّما هي جاهزة، ((أما التصديقات فبعضها غير صناعية، وبعضها صناعية. وأقصد بالأُولى تلك التي لم نأت بها))[10]، فكانت عنده على أنواع وهي: الشهود، والعقود، والاعترافات المنتزعة بالتعذيب، والقوانين، والأيمان، وهي وسائل التأثير في القاضي ودفع الخصم[11].
أما الحجج المشاورية فهي تعتمد على الحجج الصناعية، وهي ما يصنعها الخطيب بحيلته. وتتوقف تلك التصديقات على أركان الخطاب: الايتوس الباثّ، والباتوس المُسْتَقْبِل، واللوغوس النص[12]. واعتنى كثيراً بالباثّ، وضرورة توافر ثلاث خصال فيه: ((ولا بد للخطيب أنْ يتحلى بثلاث خصال كيما يحدث الإقناع ـ لأنَّه بصرف النظر عن البراهين فإنَّ الأُمور التي تؤدي إلى الاعتقاد ثلاثة ـ وهذه الخصال هي: اللب، والفضيلة، والبر... حتى أنَّ الخطيب الذي يبدو أنَّه يملك هذه الخصال الثلاث سيقنع سامعيه لا محالة))[13].
ونخلص إلى أنَّ الفكر اليوناني وظّف الحجاج في إقناع المتلقّي، وأسهب أرسطو بتفصيل هذا الأمر، وجعل الحجاج طريقاً للإقناع.
أمّا بالنسبة للمسلمين فقد عالجوا المسألة أيضاً في تراثهم، ومثالنا هو نجم الدين الطوفي في كتابه علم الجذل في علم الجدل الذي أُلّف لأداء المناظرة، والمجادلة، والمحاججة بتعبيرنا، وغايته بيان جدل القرآن وحجاجه. وقسَّم كتابه على خمسة أبواب، الأربعة الأُولى منها نظرية، والخامس تطبيقي على القرآن الكريم، يبيِّن فيه كيف يدعو القرآن المتلقي إلى دعوة ما، ثم يدلي النص بحججه.
وسبق تلك الأبواب مقدمة بيَّن فيها اشتقاقات الجدل، واللافت للنظر أنَّه رادف بين الجدل والحجاج من خلال الموازنة بينهما في عملية الاشتقاق؛ إذ يرى الجدل تارة مشتقاً من الجَدْل، وهو الشدّ، فيقول: ((ولا شك أنَّ في الجدَل معنى الشدّ والإحكام؛ لأنَّ كلاً من الخصمين يشتد على خصمه ويضايقه بالحجة التي اجتهد في إحكامها)).
ويراه أُخرى مشتقاً من الجدالة وهي الأرض، فيقول: ((كأنَّ كل واحد من المتجادلين يقصد غلبة صاحبه وصرعه في مقام النطق، كما يجدل الفارس قِرنه أنْ يرميه بالجدالة)).
أو مشتقاً من الجَدال وهو البلح: ((كأنَّ كل واحد من المتجادلين يقصد الاستعلاء والارتفاع على صاحبه في الحجة حتى يكون منه كموضع الجدال وهو البلح من النخلة))[14].
إلى غير ذلك من الاشتقاقات التي تقارب بين الجدل والحجة، ولا يقف الطوفي عند هذا الحد، بل يلتقي في تعريفه للجدل مع الحجّة، تماماً ومع وظيفتها في العصر الحديث، فيقول: ((أما رسم الجدل في الاصطلاح، فقيل: هو قانون صناعي يعرف أحوال المباحث من الخطأ والصواب على وجه يدفع عن نفس الناظر والمُناظر الشك والارتياب))[15].
وقد يريد بلفظة: صناعي ما يصنعه المجادل أو المحاجج، وهو هنا يلتقي مع أرسطو كما رأينا، ويلقي بالأمر على عاتق المتكلم ومهارته في جعل المتلقي يذعن لمقولاته، وهذا ما جاءت به وسجَّلته نظريات الحجاج الحديثة، ومنها نظرية شايم بيرلمان Chaïm Perelman.
وجدير بالذكر أنَّ الطوفي يلتقي مرة أُخرى بأرسطو حينما أشار إلى العناصر الخطابية في عملية الحجاج التي رصدتها اللسانيات الحجاجية لاسيما مايير Mayer، وهي: المتكلم، والمتلقي، والنص الحامل للحجة[16]، وسمَّاها المستدِل ((ذاكر الدليل، يطلب به الوصول إلى مطلوبه)). والمستدَل عليه ((هو الحكم المطلوب بالدليل))، والمستدَل له، و((يصح إطلاقه على السائل المعترض))[17]. فيكون التقابل على الوجه الآتي:
المستـدِل: المتكلم. والمستدَل عليه: النص. والمستدَل له: المتلقي.
وسلّط الطوفي الضوء على أنواع الحجج في بحثه لأنواع الاستدلال المتعددة، ومنها الاستدلال الشرعي المتكوّن من الاستدلال بالقرآن، والحديث الشريف، والإجماع، والقياس.
ووضع شرائط للاحتجاج بهذه الأنواع، فلا يحتج بالقرآن إذا كان مجملاً، قال: ((إنْ كان الاستدلال بالكتاب فهو؛ إما نص أو ظاهر أو مجمل، والمجمل لا يحتج به ما لم يبيّن. أما النص والظاهر فكلاهما متواتر، فلا اعتراض عليهما من جهة السند))[18]. ((وإنْ كان الاستدلال بالسُّنة، فهي؛ إما تواتر أو آحاد، فإنْ كان تواتراً، فحكمه في نصه وظاهره حكم الكتاب في السؤال والجواب، وإنْ كان آحاداً ورد على نصه وظاهره ما وَرَدَ على نص الكتاب ومتواتر السُّنة وظاهرها... ))[19].
وكذلك يشترط التحقيق في استدلال الإجماع: ((وإنْ كان الاستدلال بالإجماع، وَرَدَ عليه بالجملة أسئلة بحسب النزاع في تحقيقه ومسائله، كما عُرف في أُصول الفقه))[20]. ((وإنْ كان الاستدلال بالقياس، فيحتاج إلى بيان حقيقته وأركانه، ثم إلى ذِكر الاعتراضات الواردة عليها وجوابها))[21].
وبعيداً عن الإطالة في أنواع الحجج وسرد تفصيلاتها، نصل إلى النتيجة المهمة، وهي: تماشي الحجاجيين المحدَثين مع الطوفي في رصد الحجج للبرهنة والاستدلال على ما يلتزمه المستدِل، وهذا ما وجدته لدى شايم بيرلمان Chaïm Perelman في الحجج المؤسسة لبُنية الواقع حينما ركز على الاستشهاد والتبيين[22].
وحملت نظرية شايم بيرلمان Chaïm Perelman تصورات حجاجية تقوم على المقدمات، وهي: الوقائع، والحقائق، والافتراضات، والقيم، وهرميتها، والمواضع، وكل واضح من مدلوله. ثم ينطلق من تقنيات حجاجية اتصالية تهتم بإقامة روابط علاقية بين العناصر، وانفصالية تعتمد على الابتعاد بين تلك العناصر. وقسّم الاتصالية على حجج شبه منطقية، وضمّت: التناقض، والتعدية، والتماثل التام. وحجج مؤسَّسَة على بنية الواقع، وأُخرى مؤسِّسَة له[23].
ويمكن وصف نظرية بيرلمان Perelman وزميلته بأنَّها منطقية بلاغية، يقابلها نظرية اوزفالد ديكرو بالفرنسية: Oswald Ducrot، وهي نظرية لسانية الطراز ((تهتم بالوسائل اللغوية وبإمكانات اللغات الطبيعية التي يتوافر عليها المتكلم، وذلك بقصد توجيه خطابه وجهة ما، تُمَكِّنه من تحقيق بعض الأهداف الحجاجية، ثم إنَّها تنطلق من الفكرة الشائعة التي مؤداها أنَّنا نتكلم عامة بقصد التأثير))[24].
إنّ المرتكزات الرئيسة لهذه النظرية، هي: العوامل اللغوية: يقيناً، أحياناً، تقريباً، وغيرها، والروابط الحجاجية: بل، لكن، لأنَّ، كي، وغيرها، والسلالم الحجاجية تعدد الحجج مع مرتبيتها في التأثير والقوة[25].
هاتان أبرز نظريتين في اللسانيات الحجاجية الغربية، وتوجد هناك نظريات أُخر، منها: نظرية المساءلة لميشال مايير Michael Mayer الفيلسوف البلجيكي، المُنْطَلِقة من أنَّ كلّ كلامنا يقوم على التساؤلات التي تنطلق من الافتراضات المسبقة لدى المستمع، وهذا ما سمّي المبدأ الافتراضي في النظرية، ومبدأ الاختلاف الإشكالي داخل الأقوال، أي: الأقوال المختلفة[26]، ويمكن تلخيص أهمّ الركائز فيها على وفق الآتي:
الركيزة الأُولى: المجاز والبلاغة، والثانية: السؤال والجواب، والثالثة: الضمني والمصرّح به.
والمتطلع لهذه النظرية يصاب بالإحباط بسبب تقصير الدراسات العربية والترجمة بإيصال مفهومها، فقد اقتصرت على التركيز على الأمر الأول، وبيانه، وتفصيل القول فيه.
والمجاز لدى مايير Mayer يؤدي إلى خلق تساؤل لدى المتلقّي، ويبحث عبر المسافة التأويلية إلى احتمال مطروح كما في زيد أسد، فما هي العَلَاقة بين زيد والأسد، ومن أيِّ جهة تتم المشابهة[27].
ويرى هذا الفيلسوف أنَّ طبيعة الكلام المبنية على السؤال والجواب هي المنتجة للحجاج، ذلك أنَّ السؤال والجواب يولِّدان النقاش والتفاوض بين المتحاورين، والذي بدوره يمثل الحجاج[28]. وهو هنا يلتقي مع أرسطو في ما سمَّاه بالحجاج الجدلي الذي يقوم بالتركيز على السؤال والسائل أكثر من المجيب[29]. ((وقد ضبط أرسطو قواعد صياغة الأسئلة وقواعد ترتيبها، وعرض القواعد التي ينبغي على المجيب أنْ يراعيها، وذكر المواطن التي يسمح له فيها أنْ يستفسر أو يعترض))[30]، وقد وضع تلك القواعد أيضاً الطوفي وأضاف إليها فيما يتوجب على السائل[31]، وهذا الزوج السائل والمجيب يقودك إلى ما يسمَّى بالمعنى الضمني والمصرّح به، ((فالمصرّح به هو ظاهر السؤال، أما ما هو ضمني فتلك الإمكانات المختلفة للإجابة عن السؤال الواحد))[32].
يقوم السؤال والجواب كما يبدو على أدوات الاستفهام المعروفة، لاسيَّما وأنَّ العرب خلطوا بين السؤال والاستفهام، ولم يفرِّقوا بينهما عند شرح ماهية الاستفهام وأدواته، فعبَّروا عن المستفهم بـالسائل، وعن المتلقّي بـالمسؤول، وعن الموضوع بـالمسؤول عنه، والأداة بـأداة السؤال[33].
2ـ مفهوم الخطاب مطلقاً
لا أُريد الإطالة في مفهوم الخطاب، ومعالجة إشكاليته، ومدى تداخله مع النص، وعرض وجهات النظر في ذلك، بل بإيجاز، نقول: ((يُطلق الخطاب منذ بنفينيست Benveniste على النص الملفوظ الملموس مقابل اللغة ـ النظام ـ وتوجد مدارس خاصة في العالم الإنجليزي ـ الأمريكاني ـ تقصد به الخطاب الشفوي مقابل النصوص المكتوبة))[34].
ولا يصمد هذا التعريف أمام النقد أو التفنيد، لخواء منطلقه أو معياره القائم على الشفوية؛ إذ هنالك من المكتوب كثير ممَّا يطلق عليه خطاباً، ويكفينا حجة القرآن الكريم، فهو الكتاب المكتوب، أو شعر التشيّع الواصل إلينا من العصور القديمة وغير ذلك. وأظن أنَّ هذا من مخلّفات اللسانيات الوظيفية؛ لأنَّها نظرت إلى الخطاب بوصفه ما تجاوز الجملة من المكتوب أو المسموع[35].
وله مفهوم لساني يدل فيه على المعنى المضمر واستجلائه بناء على التحليل، وهذا ((يتصل بما لاحظه الفيلسوف ﻫ. ب. غرايس H.P.Grice عام 1975م من أنَّ للكلام دلالات غير ملفوظة يدركها المتحدث والسامع دون علامة معلنة أو واضحة. ومثال ذلك أنْ يقول شخص لآخر: ألا تزورني؟ فلا يفهم السامع من الجملة أنَّها سؤال، على الرغم من أنَّ ذلك هو شكلها النحوي، وإنَّما يفهم أنَّها دعوة للزيارة))[36].
يدل الخطاب على مجال استعماله، أو الجملة، أو النص، يقول فوكو في ذلك: ((اعتقد أنَّنِي أضفت معاني جديدة على مفهوم الخطاب اعتبرته أحياناً المجال لكل الأقوال الخبرية، وأحيانًا مجموعة من الأقوال الخبرية الفردية، وأحياناً أُخرى ممارسة منظمة تحمل عدداً من الأقوال الخبرية))[37].
وبناءً على الشطر الأول من تعريف فوكو يكون الخطاب أوسع من النص، أي: الإيديولوجيا المحرِّكة له، فيكون عندها المجال السياسي والاقتصادي والعلمي والأدبي والديني والفلسفي، ويسمَّى في هذه الحال الخطاب السياسي، والخطاب الاقتصادي، والخطاب التربوي، وهكذا... ويقول عنه في الوقت نفسه ـ وقوله مصداق لهذا التحليل ـ:((بأنَّه شبكة معقدة من العَلَاقات الاجتماعية والسياسيّة والثقافية التي تبرز فيها الكيفية التي ينتج فيها الكلام كخطاب ينطوي على الهيمنة والمخاطر))[38].
الخطاب الحسيني
وتأسيساً على ما سبق ينظر إلى كلام الإمام الحُسين عليه السلام على أنَّه خطاب؛ بفعل منابعه المعرفية المتعددة من سياسة واقتصاد وفقه وشريعة وأخلاق وتربية روحية للفرد وإنسان موظِّفاً في غضون ذلك الجزئيات اللغوية لخدمة تلك المجالات، فجمع بين الفكر والنص الثري بالصوت والصرف والنحو والمعجم وعَلَاقاته الدلالية، والبلاغة والسياق، والأبعاد التداولية والحجاجية، وغير ذلك.
وفي سياق الحديث عن حجاجه يجدر التنويه إلى سبب لجوئه إلى إبداء الحجج، لا سيما في وقت قتاله دفاعاً عن دينه، مع أنَّه يعلم بمصيره المحتوم؛ فالله فوقه، والعدو أمامه، والموت يطلبه كما يعبر هو، ولكنْ حيال ذلك طرح حججه على المتلقي الأبدي، وعلى خاصته؛ بغية إقناعه واحتراماً لرسالته، وعلى أعدائه؛ لأنَّه يفكر فيهم وبمصيرهم الأُخروي، فتمنَّى عليهم الاقتناع والتراجع عمَّا هم فيه من موقف معادٍ له، على وفق ما قدَّمه من حجج، وليس عن طريق الإكراه والقمع الذي يؤمنون به. ولجأ إلى حجج متنوعة، منها استعمال السؤال، أو المساءلة من خلال إثارة الضمير فيهم عن طريق الاستفهام التقريري؛ لمِا يحمله من شحنة حجاجية في لحظة علم المتلقي بالجواب، فيكون الاستفهام حجة عليه بعد تذكيره بالبديهيات المعروفة؛ ليُذكِي تصورات المخاطَب، ويدعوه لإعادة ترتيب أفكاره، وهذه أهمّ سمة أكّدها مايير Mayerمن حيث ((أنَّ مايير يشترط في السؤال الحجاجي أنْ يكون حاملًا لطرافة فكرية يكون بحثُ المخاطب عن دلالاتها مصدرَ متعةٍ له من جهة، وتأييداً منه لمضمون الفرضيات المقدمة من جهة أُخرى))[39]، هذا من جهة، ومن جهة أُخرى ((يجعل المخاطَب في حالة اضطرار إلى الجواب... فهو يجعل المخاطب يجيب في الاتجاه الذي يرسمه السؤال))[40].
فضلًا عن هاتين الميزتين ـ ميزة الطرافة والعلم بالجواب ـ في حجاجه هنالك ميزة ثالثة هي أنَّه كان خاصّاً بموقف، وانحسر هذا في مساحات واسعة من خطابه في الطف، وقلَّ تقريباً في الباحات الأُخر نحو: الوصايا، والحِكَم، والأحاديث الخاصة به.
ثم آخر ميزات سؤاله الحجاجي أنَّه لم يأت في أدوات الاستفهام المعروفة كلها، بل لم أجد استعمالًا لـإيان مثلاً، ومع ذلك دخول الهمزة على النفي بكثرة شكلت ظاهرة في خطابه.
جاءت السؤالات في أنماط خطابية معينة، وغابت في أُخريات، ومن المستحسن تسجيل ما توارد فيه السؤال الحجاجي على وفق الآتي:
1ـ الخطب: وهي كثيرة في واقعة الطف يوم عاشوراء، ومنها ما جاء في خطبة له أكثر فيها من توبيخ القاتلين، فبعد أنْ حمد الله، قال: ((أمّا بعد، فانسبوني، فاُنظروا مَن أنا، ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها، واُنظروا هل يصلح لكم قتلي وانتهاك حرمتي))[41].
2ـ الأدعية: ولا سيَّما في دعاء عرفة، وأدعية الصباح والمساء، يقول في دعاء عرفة بعد كلام طويل: ((وبسريرتي فلا تخزني، وبعملي فلا تبتلني، ونعمك فلا تسلبني، وإلى غيرك فلا تكلني، إلهي إلى مَن تكلني؟ إلى قريب فيقطعني؟ أم إلى بعيد فيتجهّمني؟[42] أم إلى المستضعفين لي، وأنت ربي ومليك أمري؟))[43].
3ـ الرسائل: ومنها رسالته إلى معاوية التي بيَّن فيها جرائمه البشعة، قال عليه السلام: ((أما بعد، فقد بلغني كتابك، تذكر أنه قد بلغك عني أُمور أنت لي عنها راغب، وأنا لغيرها عندك جدير،... أ لستَ القاتل حجر بن عدي أخا كندة، والمصلين العابدين؟))[44].
4ـ الوصية: ومنها ما ورد في اتخاذ الزهد متاعاً في الدنيا: ((يا بن آدم، تفكّر، وقل: أين ملوك الدنيا وأربابها الذين عمروا واحتفروا أنهارها، وغرسوا أشجارها، ومدّنوا مدائنها؟))[45].
5ـ المحاورة: ومنها محاورته مع عبد الله بن عمر: ((هيهات يا بن عمر! إن القوم لا يتركوني... أما تعلم يا عبد الله! أن ّمن هوان هذه الدنيا على الله تعالى أنه أُتي برأس يحيى بن زكريا عليه السلام إلى بغية من بغايا بني إسرائيل، والرأس ينطق بالحجة عليهم؟))[46].
6ـ الحديث: قال في مسيره إلى كربلاء: ((إنَّ هذه الدنيا قد تغيّرت وتنكّرت وأدبر معروفها... ألا ترون أنَّ الحق لا يُعمَل به، وأن الباطل لا يُتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله مُحِقّاً، فإنِّي لا أرى الموت إلّا سعادة ولا الحياة مع الظالمين إلّا برماً، إنَّ الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درَّت معائشهم، فإذا محّصوا بالبلاء قلَّ الديَّانون))[47].
7ـ السؤال والجواب: منه ما جاء في سؤال رجل له: كيف أصبحت؟، فقال الإمام عليه السلام: ((أصبحت ولي ربٌّ فوقي، والنار أمامي، والموت يطلبني، والحساب محدق بي، وأنا مرتهن بعملي، لا أجد ما أحب، ولا أدفع ما أكره، والأُمور بيد غيري، فإنْ شاء عذبني، وإن شاء عفا عني، فأيّ فقير أفقر مني؟!))[48].
المحور الثاني: أدوات السؤال الحجاجي في الخطاب الحُسيني
حَمَلَ السؤال قيمة حجاجية في خطاب الإمام الحُسين عليه السلام، وجاء بأدوات الاستفهام المعروفة في مبحث علم المعاني، بشَكليها المتعارف عليهما، وهما: حرفا الاستفهام، وأسماء الاستفهام.
وتكون دراسة الحجاج على وفق خطاطة معينة، وهي تشخيص الأداة، والعَلَاقات الخطابية التي أسهمت في التشكّيلة الخطابية بحسب الموضوع أو النصاللوغوس. وما يعنينا هنا البحث عن الشكلين المتعارفين من أدوات الاستفهام: وهما حرفا الاستفهام، والاسم:
1ـ حرفا الاستفهام
أ الهمزة
مثّلت الهمزة حضوراً واضحاً في الخطاب الحُسيني، وحملت طاقة حجاجية عالية، ولمتلقّين متنوّعين، ومنهم الله عز وجل، كما في دعائه عليه السلام: ((سيدي ومولاي، أ لمقامع الحديد خلقت أعضائي؟ أم لشُرب الحميم خلقت أمعائي؟ إلهي، لئن طالبتني بذنوبي لأُطالبنّك بكرمك))[49].
إنّ لحاظ طبيعة مقام المتلقي الله تعالى تحدد المتكلم الحُسين بنمط خطابي مؤدَّب من جانب، وتذللي توسّلي من جانب آخر؛ بغية النيل من كرمه تعالى ولطفه، كأنه يميل بالسؤال الحجاجي نحو التوظيف العاطفي للحجة واستمالة المتلقّي تعالى نحو تخليصه من أثقال الحديد، والشراب الحميم الذي يُجهد الأمعاء، وهو على يقين من ذلك لكرمه عزّ وجلّ. هذا في سياق المتلقّي المفرد.
وقد يوجد سؤال حجاجي بالهمزة لمتلقٍ خاص ـ ولعله تكون مجموعة خاصة ـ كإرادة أهل الكوفة في احتجاجه عليهم لِما فعلوه به، فقال ـ بعد أنْ حمد الله وأثنى عليه ـ: ((أما بعد، فانسبوني، فاُنظروا مَن أنا؟! ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها، فاُنظروا هل يحلُّ لكم قتلي، وانتهاك حرمتي؟! ألستُ ابن بنت نبيكم؟!، وابن وصيه وابن عمه؟!... أوَ ليس حمزة سيد الشهداء عم أبي؟! أوَ ليس جعفر الشهيد الطيار ذو الجناحين عمي؟! أو لم يبلغكم قول مستفيض فيكم: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال لي ولأخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة؟!))[50].
إن المتلقّي هنا أيضاً فرض عليه طبيعة حجاجية تبلورت في تكرار الأداة الحجاجية الهمزة مرات عدة للتكثيف من طاقتها؛ بغية إقناعهم بعدم مقاتلته؛ لكونه يتمتع بشرف الانتساب، الذي بيَّنه بطريقة الإجمال، فقال: ((فاُنظروا مَن أنا؟... فاُنظروا هل يحلُّ لكم قتلي، وانتهاك حرمتي؟))، ثم فصَّل، وأوضح المجمل بذكر أُمّه أولاً، وأبيه ثانياً، وعمّه ثالثاً، وقول الرسول صلى الله عليه وآله فيه وفي أخيه.
ثم يقدّم حجة أُخرى بعد أنْ يأس منهم، تنسجم هذه الحجة مع طريقة تفكيرهم، وثقافتهم، وهي تهمة الثأر، وسرقة المال، فقال: ((أخبروني أتطلبوني بقتيل منكم قتلته، أو بمال لكم استهلكته، أو بقصاص من جراحة؟))[51].
وفي خطاب له ينصح أهل الكوفة بعدم خذلانه، والتوجُّه نحو نصرته، وترك نصرة الشذّاذ من أعدائه، فيغيّر من طريقة سؤاله الحجاجية، فيستعمل الهمزة لمرة واحدة بعد توبيخهم، وذمهم: ((تبّاً لكم أيَّتُها الجماعة وترحاً وبؤساً لكم! حين استصرختمونا ولهين، فأصرخناكم موجفين، فشحذتم علينا سيفاً كان في أيدينا، وحمشتم علينا ناراً أضرمناها على عدوكم وعدونا، فأصبحتم إلْباً على أوليائكم، ويداً على أعدائكم... فهلّا لكم الويلات إذ كرهتمونا والسيف مشيم، والجأش طامن، والرأي لم يستحصف... أ فهؤلاء تعضدون، وعنّا تتخاذلون؟!))[52].
فطرح السؤال عليهم بعد بيان حقيقتهم وتقديم النصيحة إليهم؛ دعوة منه إليهم لمؤازرته، وإثارتهم للتخلّي عن بني أُميّة من خلال الإشارة الازدرائية لهم أ هؤلاء، والمقارنة بقيمة أهل البيت المسكوت عنها في جملة وعنّا تتخاذلون.
وفي تشكيلة خطابية له عليه السلام يخاطب متلقّياً خاصاً، وهم قادة الجيش الذين كتبوا إليه قبل قدومه، حيث يقول: ((يا شِبْث بن رِبْعي، يا حجَّار بن أبجُر، يا قيس بن الأشعث، ويا يزيد بن الحارث، أ لم تكتبوا إليَّ أنْ قد أينعت الثمار، واخضرّ الجنابُ، وطمّت الجِمام، وإنَّما تقدِم على جند لك مجند، فأقبِل؟))[53]. هنا يُغيّر استراتيجيته بندائهم بحرف النداء، وذِكْر أسمائهم، ومن ثمَّ الهمزة الحجاجية لتتخذ وظيفة إقناعهم بخيانتهم، وانسحابهم ليس إلَّا، وإنْ جاء النص في سياق مخاطبته أهل الكوفة بعدم مقاتلته.
واستطاع الإمام عليه السلام أنْ ينوِّع استعمال الهمزة، وينوع استعمالها الحجاجي والإقناعي من خطاب الجمع إلى خطاب المفرد، فيخاطب معاوية في رسالة جوابية ردّاً على رسالة أرسلها معاوية له يحذِّره فيها من الخروج عليه، أو مناصرة أهل الكوفة، أو دعوته لتطبيق بنود الصلح التي تعهّد بها معاوية[54]. فيقول الإمام الحُسين عليه السلام في خطابه: ((ألستَ القاتل حُجر بن عدي أخا كندة، والمصلين العابدين الذين ينكرون الظلم ويستعظمون البِدَع...؟! أوَ لستَ قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله العبد الصالح، الذي أبلته العبادة، فنحل جسمه وصفرت لونُه؟!... أوَ لستَ المدَّعي زياد بن سميّة المولود على فراش عبيد ثقيف، فزعمت أنَّه ابن أبيك؟!... أوَ لستَ صاحب الحضرميين الذين كتب فيهم ابن سُميّة أنّهم كانوا على دين علي عليه السلام؟! فكتب إليه أن اقتل كلّ مَن كان على دين عليّ، فقتلهم ومثلهم))[55].
فالسؤال بالهمزة التي شكّلت سلَّماً حجاجيّاً حملت طبيعة هجومية وتقريعية عكس ما جاء في بدء استعمالها مع الله تعالى. فهنا جاء ليقدح في مخيلة معاوية تلك الجرائم التي قام بها تجاه العباد المخلَصين، علَّه يقتلع من نفسه حالة الانبهار بها وبقدرته على محاربة الحُسين والكيد له، لا سيَّما وأنَّه قد هدَّد الحُسين لمَّا فسّر خطوة الإمام على أنّها عمل عدائي له، فجاءت كلمات الإمام لتحتقره وتفضحه أمام نفسه، وتقنعه بنقضه بنود الصلح، ما سبب قتل هؤلاء ((ولعمري، ما وفيت بشرط. ولقد نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والأيمان والعهود والمواثيق))[56].
ب حرف الاستفهام هل
استعمل الإمام عليه السلام هل في البرهنة على منزلته، وعلى انتمائه للدين الإسلامي الحنيف، وعليه هو يستحق أنْ ينال الخلافة والإمارة على المسلمين، وهذا جزء من استرداد حقه من العصابة الشرّيرة، وكان ذلك في خطبة له قبل أنْ يأتي إلى كربلاء ناشد بها متلقّياً جماعيّاً، وهم بنو هاشم رجالاً ونساءً قبل موت معاوية بسنتين في منى؛ ليعدّهم إعداداً صالحاً، بعد كلام طويل فاستخدم هل؛ لإقناعهم بذلك الحق، وكسْبِ تأييدهم، وولائهم، قال: ((أنشدكم هل تعلمون أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله اشترى موضع مسجده ومنازله، فابتناه ثم ابتنى عشرة منازل تسعة له، وجعل عاشرها في وسطها لأبي، ثم سدَّ كل باب شارع إلى المسجد غير بابه؟))[57].
وبقي محور الانتساب للأُسرة المقرّبة عند المولى تعالى، وتاريخها الحافل بالمكرمات والاستشهاد في سبيله، بقي محرّكاً أساسيّاً في خطاب الإمام الحُسين عليه السلام، وعوّل عليه بوصفه حجة يحتج بها على المخاطَب، وهم الأعداء يوم عاشوراء في سبيل إقناعهم بالتراجع عن استباحة دمه مستعملاً هل في هذا الخطاب بصورة مكررة، وكل مرة ترد في سياق بعدها حجة أقوى من حجة، مرتبة على شكل سُلَّم حجاجي؛ طمعاً في التأثير فيهم في خطبة طويلة: ((أنشدكم بالله هل تعرفوني؟ قالوا: نعم، أنت ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسبطه، قال: أنشدكم بالله هل تعلمون أنَّ جدي رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قالوا: نعم. قال: أنشدكم بالله هل تعلمون أنَّ أمي فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله؟ قالوا: اللهم نعم. قال: أنشدكم بالله هل تعلمون أنَّ أبي علي بن أبي طالب عليه السلام؟ قالوا: اللهم نعم. قال: أنشدكم بالله هل تعلمون أنَّ جدتي خديجة بنت خويلد أول نساء هذه الأُمّة إسلاماً؟ قالوا: اللهم نعم. قال: أنشدكم بالله هل تعلمون أنَّ سيد الشهداء حمزة عم أبي؟ قالوا: اللهم نعم... قال: فَبِمَ تستحلِّون دمي، وأبي الذائد عن الحوض غداً يذود عنه رجالاً، كما يُذاد البعير الصادي عن الماء؟!))[58].
2ـ أسماء الاستفهام
امتاز البحث في أدوات الاستفهام بأنَّه ابتعد عن التصورات البلاغية والبحث عن الدلالات المجازية الكامنة وراء أدوات هذا الأُسلوب، وإنَّما تكفَّل بالتفتيش عن القيم الحجاجية لتلك الأدوات بشقّيها الحروف والأسماء، وقد رأينا ذلك في حَرْفَيه، وسنرى هذه المرة في أسماء الاستفهام، بحسب نوع المتلقّي، الذي هو الله تعالى، أو الإنسان الكوني، أو الإنسان المفرد.
فجاء المتلقي الله في سياق أحد أدعية الإمام عليه السلام باسم الاستفهام ما مضافاً إليها اسم الإشارة: ذا، ثم كررت، وبعدها الاسم الموصول، وبطريقة العكس والتبديل: ((أنت الذي أشرقت الأنوار في قلوب أوليائك حتى عرفوك ووحّدوك... ماذا وجد مَنْ فقدَك؟! وما الذي فَقَدَ مَنْ وجَدَك؟!))[59].
ان المحتوى القضوي للنص هو بيان عظمة الخالق تعالى والحثّ على التمسك بها، والانبهار بها، والتعجب ممن يتخلّى عنها، فجاءت هذه الموضوعة مفتاحاً لتوسله عن طريق الاستفهام بـما[60] عن صفات مَن فقد تلك العظمة، وعن صفات من وجدها وما الذي خسره عند التمسك بها، ليكون له هذا الاستفهام حجة عليه تعالى للتوسل وقَبُول الاعتراف، ومن ثمَّ الاستثابة.
وجاء الاستفهام بـمَن من المتلقي الله تعالى في سياق دعاء عرفة الذي تقدم: ((وبسريرتي فلا تُخزني وبعملي فلا تبتلني، ونعمك فلا تسلبني، وإلى غيرك فلا تكلني، إلهي، إلى مَن تكلني؟ إلى قريب فيقطعني؟ أم إلى بعيد فيتجهمني؟ أم إلى المستضعفين لي، وأنت ربي ومليك أمري)).
فكان السؤال في طور تحديد عجز البشر عموماً عن إدارة شؤونهم؛ لتمتعهم بخصال فضح السريرة، وسلب النعم، وغير ذلك. وهذا السؤال للإقناع بالاعتراف بهذه الصفات له فقط، والطلب منه بعدم تركه والتخلّي عنه؛ لأنَّه يعترف بألّا أحد يسيّر أُموره سواه تعالى، وهي الحجّة نفسها في استعمال اسمي الاستفهام: متى وكيف في الدعاء نفسه: ((إلهي، ترددي في الآثار يوجب بُعد المزار، فاجمعني عليك بخدمة توصلني إليك، كيف يُستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك؟! أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون المظهر لك؟! متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك؟! ومتى بعُدتَ حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك؟! عمِيَت عين لا تراك عليها رقيباً))[61].
أومأ إلى أنّ وجود الإنسان لا يكون إلّا بوجوده تعالى، ويجعل روح التأبيد في وجوده وحفظه له من خلال متى، فهو يجعل إقراره بالوجود القاصر للإنسان طرائق تضرّع للاستغفار أو العناية العالية منه تعالى تجاهه، أو تجاه الداعي.
وفي الدعاء نفسه يخاطب المولى بالاعتراف بعجزه، وكشف حقيقته، ويرجو شموله برعايته؛ لأنَّه ليس بإمكان العبد إنكار ما يقوم به، ولا يتسنّى له جحود ذلك في أيِّ حال، وفي أيِّ زمان، وعاور بين أداة الزمان متىبالأداة أنَّى للمبالغة في عدم توافر الزمان: ((فها أنا ذا بين يديك يا سيدي، خاضعاً ذليلاً حقيراً، لا ذو براءة فأعتذر، ولا ذو قوة فأنتصر، ولا حجّة لي فأحتجّ بها، ولا قائل: لم أجترح ولم أعمل سوءاً. وما عسى الجحود لو جحدت يا مولاي ينفعني؟! وكيف وأنّى ذلك وجوارحي كلها شاهدة عليَّ بما قد عَمِلت؟!))[62].
وفي اليوم العاشر من المحرم يدعو الله تعالى ويتضرّع إليه بأنْ يرزقه الصبر، والقوة على البلاء والكرب الذي حلَّ فيه في ذلك اليوم المهول ممَّا رآه من جرائم بشعة، مستعملاً الأداة كم؛ لبيان حجم التوكّل عليه، والضَّعْف عنده، والتسليم إليه في كل المواقف؛ ليكون حجّة قوية في دعمه: ((اللهمّ أنت ثقتي في كلّ كرب، ورجائي في كل شدة، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدّة، كم من همٍّ يضعف فيه الفؤاد، وتقلّ فيه الحيلة، ويخذل فيه الصديق، ويشمت به العدو أنزلته بك وشكوته إليك))[63].
والمتلقي الجمهور أو الكوني سجل حضوره مخاطَباً بالأداة أين في وصيّة للإمام يعظه فيها بالتفكّر، ويطرح عليه سؤالاً يقود جوابُه إلى الإقناع بعدم بقاءِ ملوك هذه الأرض؛ لذا هذا الأمر مدعاة للتواضع والزهد في الدنيا: ((يا بن آدم، تفكّر، وقل: أين ملوك الدنيا وأربابها الذين عمروا واحتفروا أنهارها، وغرسوا أشجارها، ومدَّنوا مدائنها؟))[64].
وفي الموضوع نفسه والحجة نفسها يخاطب المتلقّي العام بالأداة كيف: ((يا بن آدم، اذكر مصارع آبائك وأبنائك كيف كانوا وحيث حلّوا؟))[65].
إلّا أنَّ حضور المتلقي الجمهور قليل لو قيس بالمتلقي المولى تعالى أو المتلقي الخاص المفرد الذي خوطب بأسئلة ذات موضوعات وأدوات متنوعة، منها الأداة ما في وداع أبي ذر حين نفته السلطة الجائرة، ليقنعه بتفاهة ما منعوه منه من أُمور زائلة ودنيوية، ويقنعه أيضاً بالقيمة العليا لموقفه الذي اتخذه ضدهم؛ ليهدّئ من روعه ويقلل من حجم الألم الذي لحقه، فقال الإمام عليه السلام له: ((يا عمّاه، إنَّ الله تبارك وتعالى قادر أنْ يُغيّر ما قد ترى، إنَّ الله كل يوم هو في شأن، وقد منعك القوم دنياهم، ومنعهتم دينك، فما أغناك عمّا منعوك؟ وأحوجهم إلى ما منعتهم؟ فاسأل الله الصبر، واستعذ به من الجشع والجزع))[66].
وتأتي الأداة أي متّخذة على عاتقها إقناع المتلقي الذي سأله حاله: كيف أصبحت؟، فأخذ بإقناعه بأنَّه فقير إلى الله تعالى في كل أحواله، وهذا الفقر مصدر قوة له؛ لأنَّه مسدد من الله تعالى: ((أصبحت ولي ربٌّ فوقي، والنار أمامي، والموت يطلبني، والحساب محدق بي، وأنا مرتهن بعملي، لا أجد ما أحبّ، ولا أدفع ما أكره، والأُمور بيد غيري، فإنْ شاء عذبني، وإن شاء عفا عني، فأيُّ فقير أفقر مني؟))[67].
وأما معاوية فهو الرجل الذي شغل بال الإمام الحُسين عليه السلام، وأخذ حيّزاً من تفكيره، لا سيما في سعيه لأخذ البيعة منه ومن سائر المسلمين لابنه يزيد، فاستخدم الإمام عليه السلام في خطابه الحجاجي طريق الأداة كيف لتذكي في داخله فعل التراجع عما يقوم به؛ لأنَّ الحكم والخلافة للرسول صلى الله عليه وآله ولذريته انطلاقاً من قوله للمهاجرين: ((لا يعمل عليكم بعد اليوم غيري))، الوارد في قول الحسين عليه السلام الذي جاء في رواية طويلة عن حادثة يقصّها ابن قتيبة حول اجتماع الحسين عليه السلام وعبد الله بن عباس بمعاوية، فقال الإمام الحسين عليه السلام: ((... فقال صلى الله عليه وآله: لا جرم يا معشر المهاجرين، لا يعمل عليكم بعد اليوم غيري، فكيف تحتج بالمنسوخ من فعل الرسول في أوكد الأحكام وأولاها بالمجمع عليه من الصواب؟! أم كيف صاحبت بصاحب تابعاً وحولك مَن يؤمن في صحبته، ويعتمد في دينه وقرابته، وتتخطاهم إلى مسرف مفتون؟))[68].
وختاماً تجد أنَّ منتوج الإمام الحسين عليه السلام خطاب ديني وسياسي، له أجناس عدة وهي: الرسالة والخطبة والحديث والجواب على سؤال، ومن حيث آليته هو خطاب حجاجي تعدّد متلقّيه من كونيّ وهم: البشرية جمعاء، إلى خاص وهم: أهل الكوفة، وبعض الأفراد نحو: معاوية، أو أحد السائلين، أو أبو ذر الغَفَاري، أو غيرهم، والمتكلم واحد هو الإمام، وقد توافرت عليه خصال الركن الأول من أركان الحجاج وهو الصدق، وهدف الإقناع بعيداً عن السفسطة في موضوعات ذات بعد إسلامي، فيه من القيم الوجودية والتربوية، وبعض القيم التي تحقق ديمومة الفرد تجاه خالقه تعالى، وأوصل تلك القيم عن طريق توظيف تقنيات الحجاج الكثيرة. وما يعنينا منها أدوات السؤال التي أعطاها قيماً حجاجية، مع الارتكاز أحياناً على السلَّم الحجاجي في توارد الأسئلة بحسب طبيعة المتلقي، فإذا كان الله تعالى كان الهدف التذلل، والتوسل، والتضرع طلباً للمغفرة، وإن كان خصماً كان الهدف الإقناع والدعوة نحو سبيل الخير.
الكاتب: د. خالد حويِّر
مجلة الإصلاح الحسيني – العدد الثامن
مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية
________________________________________
[1] اُنظر: لسان العرب، مادة (حجج). ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، (موضوع الخطاب الحجاجي السياسي): ص20.
[2] د. طه عبد الرحمن، اللسان والميزان أو التكوثر العقلي: ص231.
[3] عبد الهادي ظافر الشهري، استراتيجيات الخطاب مقاربة لغوية تداولية: ص456.
[4] عبد الله صولة، (الحجاج، أُطره ومنطلقاته وتقنياته من خلال مصنف في الحجاج، الخطابة الجديدة، لبيرلمان وأولبريشت تيتيكا)، بحث ضمن كتاب (أهم نظريات الحجاج في التقاليد الغربية من أرسطو إلى اليوم)، إشراف: حمّادي صمّود: ص299. واُنظر للمقارنة: عبد الهادي ظافر الشهري، استراتيجيات الخطاب مقاربة لغوية تداولية: ص256 ـ 267.
[5] اُنظر: أبو بكر العزاوي، اللغة والحجاج: ص15.
[6] اُنظر:د. طه عبد الرحمن، في أُصول الحوار وتجديد علم الكلام: ص65.
[7] أرسطو، الخطابة، ترجمة: د. عبد الرحمن بدوي: ص29.
[8] اُنظر: المصدر السابق.
[9] محمد الولي، مدخل إلى الحجاج أفلاطون وأرسطو وشايم بيرلمان، بحث منشور في مجلة عالم الفكر: ص25.
[10] أرسطو، الخطابة، ترجمة: د. عبد الرحمن بدوي: ص29.
[11] اُنظر: المصدر السابق: ص93 ـ 101.
[12] اُنظر: المصدر السابق: ص29.
[13] اُنظر: المصدر السابق: ص103.
[14] نجم الدين الطوفي الحنبلي، علم الجذل في علم الجدل: ص2 ـ 3.
[15] المصدر السابق: ص3.
[16] اُنظر: محمد علي القارصي، البلاغة والحجاج من خلال نظرية المساءلة لميشال مايير، بحث ضمن كتاب (أهم نظريات الحجاج في التقاليد الغربية من أرسطو إلى اليوم) إشراف: حمّادي صمّود: ص398.
[17] نجم الدين الطوفي الحنبلي، علم الجذل في علم الجدل: ص20.
[18] المصدر السابق: ص51.
[19] المصدر السابق.
[20] المصدر السابق: ص54.
[21] المصدر السابق.
[22] اُنظر: عبد الله صولة، الحجاج أُطره ومنطلقاته وتقنياته من خلال مصنف في الحجاج، الخطابة الجديدة، لبيرلمان وأولبريشت تيتيكا)، بحث ضمن كتاب (أهم نظريات الحجاج في التقاليد الغربية من أرسطو إلى اليوم)، إشراف: حمّادي صمّود: ص337.
[23] اُنظر: المصدر السابق: ص298، وما بعدها.
[24] أبو بكر العزاوي، اللغة والحجاج: ص14.
[25] اُنظر: أبو بكر العزاوي، الحجاج والمعنى الحجاجي، بحث ضمن كتاب (التحاجج طبيعته ومجالاته ووظائفه)، تنسيق: حمّو النقاري: ص63. صابر الحباشة، التداولية والحجاج مداخل ونصوص: ص71.
[26] اُنظر: د. نعمة دهش فرحان الطائيّ، الملمح التداولي في النحو العربي، بحث منشور في مجلة العميد، العدد: 8، ص466 ـ 467.
[27] اُنظر: محمد علي القارصي، البلاغة والحجاج من خلال نظرية المساءلة لميشال مايير، بحث ضمن كتاب (أهم نظريات الحجاج في التقاليد الغربية من أرسطو إلى اليوم)، إشراف: حمّادي صمّود: ص396 ـ 397.
[28] نعيمة يعمرانن، الحجاج في كتاب (المثل السائر) لابن الأثير: ص44.
[29] اُنظر: د. محمد سالم محمد الأمين الطلبة، الحجاج في البلاغة المعاصرة بحث في بلاغة النقد المعاصر: ص52.
[30] هشام الريفي، الحجاج عند أرسطو، بحث ضمن كتاب (أهم نظريات الحجاج في التقاليد الغربية من أرسطو إلى اليوم)، إشراف: حمّادي صمّود: ص125.
[31] اُنظر: نجم الدين الطوفي الحنبلي، علم الجذل في علم الجدل: ص27 ـ 37.
[32] محمد علي القارصي، البلاغة والحجاج من خلال نظرية المساءلة لميشال مايير، بحث ضمن كتاب (أهم نظريات الحجاج في التقاليد الغربية من أرسطو إلى اليوم)، إشراف: حمّادي صمّود: ص39 ـ 395.
[33] اُنظر: سيبويه، الكتاب: ج1، ص99. د. أحمد مطلوب، معجم المصطلحات البلاغية وتطورها: ج1، ص182. نجم الدين الطوفي الحنبلي، علم الجذل في علم الجدل: ص27 ـ 29.
[34] لسانيات النص أو ما بعد لسانيات الجملة وما قبل الخطاب، بحث ضمن كتاب (مقالات في تحليل الخطاب): ص72.
[35] اُنظر: د. أحمد المتوكل، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية: ص485.
[36] د. ميجان الرويلي، د. سعد البازعي، دليل الناقد الأدبي، إضاءة لأكثر من سبعين تياراً ومصطلحاً نقدياً: ص155.
[37] نورمان فاركلوف، تحليل الخطاب، التحليل النصي في البحث الاجتماعي، ترجمة: د. طلال وهبة: ص234.
[38] د. ميجان الرويلي، د. سعد البازعي، دليل الناقد الأدبي، إضاءة لأكثر من سبعين تياراً ومصطلحاً نقدياً: ص155.
[39] د. محمد سالم محمد الأمين الطلبة، الحجاج في البلاغة المعاصرة بحث في بلاغة النقد المعاصر: ص135.
[40] البلاغة العربية في ضوء البلاغة الجديدة أو الحِجَاج، بحث ضمن كتاب (الحجاج مفهومه ومجالاته): ج1، ص47.
[41] ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج4، ص561. يوسف بن حاتم الشامي، الدرّ النظيم: ص552.
[42] اللفظة مشتقة من (جهم)، ومعناه كثير اللحم، ويُقال: تجهمت الرجل وجهمته إذا استقبلته بوجه مكفهر، وقيل: هو أن تغلظ له القول. اُنظر: الزمخشري، أساس البلاغة: ج1، ص160 ـ 161.
[43] إبراهيم الكفعمي، البلد الأمين والدرع الحصين: ص253.
[44] الطوسي، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي): ج1، ص252.
[45] الحسن بن محمد الديلمي، إرشاد القلوب: ج1، ص30 ـ 31.
[46] أحمد بن أعثم الكوفي، الفتوح: ج 5، ص25.
[47] ابن شعبة الحراني، تحف العقول عن آل الرسول صلى الله عليه وآله: ص245.
[48] الصدوق، الأمالي: ص707.
[49] الخوارزمي، الموفق بن أحمد المكي، مقتل الحسين عليه السلام: ج1، ص1
اترك تعليق