اختتم مؤتمر الأكاديميّين الدولي الثامن المنعقد ضمن فعاليات مهرجان ربيع الرسالة الثقافي التاسع تحت شعار (من نهج النبوّة نستلهم سبل التعايش والسلام) فعالياته بجملة من التوصيات أُلقاها بالنيابة عن الباحثين الدكتور نبيل حسن الحسني قائلاً : أجمع المشاركون على أنّ شخصية الرسول الأعظم محمد(صلّى الله عليه وآله) بأبعادها الغيبية والإنسانية هي مفتاح السعادة وباب النجاة للبشرية جمعاء، فهو قدوة القادة والمصلحين ومصدر إلهام البناة والمربّين ولابدّ لكلّ ذي لبٍّ من التعرّف عليه والنهل من معين بحور علمه وعظيم خلقه،مضيفاً كما أوصي المؤتمر باستثمار وسائل التعليم والإعلام والتربية كافة لنشر القيم الأصيلة والأمثلة المشرقة التي جسّدتها عملياً شخصيات نالت ثقة الأمّة واحترامها بأطيافها واتجاهاتها المختلفة وعلى رأسها شخصية الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الكرام وصحبه المنتجبين.
"مبيناً" أن المؤتمر أشار إلى الأثر العظيم الذي تركته مدرسة الإمام الصادق(عليه السلام) في تاريخ الأمّة حضارياً وفكرياً وعلمياً واجتماعياً ولاسيّما في جانب التفاعل الإيجابي الذي عزّز صلات الأخوّة بين فئات المسلمين وطوائفهم وعلى اختلاف مشاربهم واتّجاهاتهم بروح من الأخوّة والاحترام والتعايش والسلام وهو ما يدعو اليوم إلى تعزيزه ونشره بوصفه ثقافة إسلامية أصيلة تحترم الآخر وتحفظ الهوية فلا تعصّب وانتقام، موضحاً أن تجربة الأحداث الأخيرة التي شهدها العراق وما حوله أثبتت الحاجة الماسّة إلى مؤسّسة أبويّة تسمو على كلّ التوجّهات والانتماءات وتحضر إذا غاب الآخرون، وهي التي تمثّلت عملياً بالمرجعية الدينية التي جمعت الكلمة وألّفت الأمّة وحفظت البلاد والعباد، مجسّدة أجمل صور التعايش السلمي والتكاتف لحفظ النفوس وصيانة القيم والمقدّسات من خلال خطاب وطنيّ جامع ورؤية رسالية إنسانية محمدية، لذا نوصي كلّ حريصٍ على هذا البلد وشعبه والدين وأهله أن يعمل على ترسيخ أسس هذه المؤسّسة لتبقى صمام أمان .
ويتابع الحسني قوله :إنّ الوظيفة الاجتماعية الإصلاحية البنّاءة التي تتطلّع بها العتبات المقدسة اليوم باتت معلماً من معالم الحركة الفكرية والاجتماعية وحتى الاقتصادية، ليس بالعراق فحسب بل في المنطقة عموماً، وما ذلك إلّا ومضة من ومضات النور النبويّ العظيم الذي نعيش في ظلّه ونحيى بفضله، فحريّ بكلّ حريص على دينه وأمّته أن يسهم في تعزيز هذه الوظيفة للعتبات المقدسة لتبقى مناراً للعقول ومساراً لخير وصول، مؤكداً أنّ التواصل والتعاون بين المؤسسات العلمية الأكاديمية والمؤسسات الدينية يثمر توازناً في بناء الإنسان في جانبه المادي والروحي؛ لذلك نوصي بإدامة التعاون بين وزارتنا والمؤسّسات الدينية الأصيلة وتنميته خدمةً للوطن والمواطن، منفتحين على المحيط الإقليمي والإسلامي لمواجهة دعوات الفتنة وحركات النّفاق والفرقة والتكفير المدعومة من أهل الأهواء والأغراض الدنيئة لأعداء الإنسانية من الظلاميّين والمنافقين، ولابدّ من مواجهتهم بالفكر الإسلامي الأصيل الذي أمرنا الله تعالى به في قوله عزّوجلّ: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ).
مشيراً إلى أنّ اشتراك مثقّفين واعين من أديان وطوائف مختلفة في مؤتمرنا هذا، يثبت أنّ المواجهة الحقيقية هي بين أهل العدل والإيمان من جهة وأهل الجور والنفاق من جهة أخرى، فالقيم الدينية عموماً لا تأبى التعايش والتعاون في بناء الأوطان بل هي داعية إلى ذلك، ومن هنا فلابدّ من العمل على بناء مؤسّسات اجتماعية جامعة تتبنّى مواثيق للسلم واحترام المواطنة وصيانة الحقوق.
ويختم الحسني التوصيات بدعوة المشاركين في هذا المؤتمر الى إطلاق مسابقة سنوية تتوّج في المولد النبويّ الشريف باختيار أفضل كاتب عن شخصية الرسول الأعظم(صلّى الله عليه وآله) يعالج الموضوعات التي عني بها المهرجان ويحقّق بها الأهداف التربوية التي تتوخّاها منه من خلال الأسوة الحسنة والخلق العظيم والقيادة الواعية للرسول الأعظم(صلّى الله عليه وآله) الذي هو عنوان هذه الأمة ومثلها الأعلى.
ناقلاً شكره لكلّ من أسهم في إنجاح هذا المهرجان، بارك الله في سعيكم ورفع قدركم ببركة الصلاة على محمد وآله منوهاً إلى أنّ المؤتمر القادم سيكون بالتعاون مع جامعة ذي قار، نسأل الله أن يوفّقهم لما يحبّه ويرضاه.
أثير رعد
الموقع الرّسميّ للعتبة الحسينيّة المقدّسة
اترك تعليق