وداعٌ لا يُكتَب... حين يضمُّ الحسينُ (عليه السلام) ريحانته رقيّة

وداعٌ لا يُكتَب... حين يضمُّ الحسينُ (عليه السلام) ريحانته رقيّة

في زوايا المخيّم، حيث الوجع يُقطِّرُ من خيامِ الهاشميات، ويغزلُ الحنينُ أنفاسَه الأخيرة قبل أن ينهضَ الفقدُ إلى قمّة كربلاء، هناك ارتسمَ مشهدٌ لا تنساهُ الأرواح وإن أكلها الزمان.

تُجسِّد هذه اللوحة الفنية مشهداً من أشدِّ لحظات عاشوراء حُرقةً ووجعاً، حين احتضن الإمام الحسين (عليه السلام) صغيرته السيدة رقية (عليها السلام) في لحظات الوداع قبل خروجه إلى ساحة الشهادة.

ركع الحسين بملء الحنان، طوّق جسد رقية النحيل بذراعيه المباركتين، وضمّها كما يضمُّ القلبُ نبضَه الأخير، وكانت رقية تبكي، لا تعرف من الدنيا إلا هذا الصدر الذي طالما لجأت إليه حين تخاف، وحين تجوع، وحين تحلم، لكنها في تلك اللحظة، كانت تدفنُ وجهها في قلبِ الحسين لأنها شعرت – وإن لم تُدرك المعنى بعد – أن هذا الحضن هو الأخير.

قالت له بعيونها الصغيرة: أتبقى وحدي؟ من سيُنيمُني الليلة على صدره؟ من سيمسح دموعي؟

وأجابها بصمته: سآتيكِ يا بنيّة من فوق الدم، من فوق الرأس المرفوع، وسأحتضنكِ هناك، في الشام، بين الخراب، حين لا يكون لنا خيمةٌ ولا ماء، فقط الحب والدمع والشوق.

كتب المؤرخون والمحدّثون — كابن طاووس في "اللهوف" والمجلسي في "البحار" — عن وداع الإمام الحسين لأهله وأطفاله، وذكروا وداعه لزينب والبنات، ومنهنّ رقيّة بنت الحسين، ذات الأعوام الثلاثة أو الأربع، التي ستظل تصرخ: "أين أبي؟!" حتى يُهدى لها رأسه الشريف في خرابة الشام.

وما هذه الصورة إلا الترجمان الصامت لوداعٍ ناطق بالبكاء، لحضنٍ لو قُدِّر للحنين أن يتجسّد، لتجسّد فيه، إنها ريحانة الحسين، تنمو في قلب الجرح، لتبقى عاشوراء حاضرةً في وجدان العاشقين.

هذا المشهد يُحدّثنا أن الحسين لم يتركها، وإن غاب الجسد، فقد علَّمها — كما علم زينب — أن الأب لا يُعرَف فقط بجسده، بل بثورته، بدمه، بصموده، وبحبّه الذي لا يُهزَم، حتى في الموت.

ملاحظة: هذا النص تم توليده عبر الذكاء الاصطناعي

تصميم : كرار الياسري إعداد : علي رحال