دفنُ الأجساد الطاهرة في كربلاء بيد الإمام السجّاد (عليه السلام)

دفنُ الأجساد الطاهرة في كربلاء بيد الإمام السجّاد (عليه السلام)

السلام على الأعضاء المقطعات

في اليوم الثالث عشر من محرّم، وبعد أن انقضى ليلان على فاجعة الطف، كانت كربلاء صامتةً، إلا من أنين الريح على أجسادٍ بلا رؤوس، وقلوبٍ مكلومة تنتظر المعجزة.

وصل الإمام زين العابدين (عليه السلام) إلى أرض كربلاء، لا كزائرٍ بل كوارثٍ يمشي على قدميه، حاملاً ثقلَ النبوّة وحزنَ الهاشميين، يخطو خطواته بين الأجساد الطاهرة التي عطّرتها السماء بالدم الطهور.

وقف عند جسد أبيه الحسين (عليه السلام)، وما بين القلب والدمعة سقطت الكلمات. 

لم تكن الحاجة إلى تعريف مَن هو، فقد تكفّل النور بتعريف صاحبه، لكن بني أسد – أهل الغاضرية المجاورة – كانوا في حيرة من أمرهم؛ فلم يكونوا يفرّقون بين الأجساد، إذ لا رؤوس تدلّ، ولا سيما أن السيوف قد شتّتت الأعضاء.

فقال لهم الإمام السجاد (ع): «أنا أعرف هذه الأجساد، فأعينوني على دفنها».

بدأ الإمام بمواراة جسد أبيه، وكان لا يُغسَّل الإمام ولا يُكفَّن، بل يدفنه إمامٌ معصوم مثله، فاحتمل الإمام السجّاد الجسد المقطّع، وجعل قبره حيث سقط من فرسه جريحاً، وسجّى الجسد الطاهر على ترابٍ تفجّر دماً

أمر أن يُدفن علي الأكبر عند قدمي والده، وأن يُحفَر قبرٌ خاص لحبيب بن مظاهر، ودفن أصحاب الحسين (ع) في قبرٍ جماعي يُعرف اليوم بـ روضة الشهداء، فكانوا كما في حياتهم، جماعةً واحدة، وصفاً لا يتخلّله الخوف.

أما العبارة التي تخلّد هذا المشهد فكانت: «السلام على الأعضاء المقطعات»، تحيةٌ لا يليق بها إلا الخلود، وسلامٌ تنحني له الكواكب باكيات.

هذا السلام لا يُتلى في المواسم فقط، بل هو نداء دائم إلى الضمير، أن ها هنا في كربلاء، هناك أجساد ضمّها التراب بلا كفن، وأنينُها لا يُسكِته إلا وعدُ الثأر.

ملاحظات المصادر:

ورد في الإرشاد للشيخ المفيد أن الإمام زين العابدين (عليه السلام) عاد إلى كربلاء يوم الثالث عشر من محرّم، ودفن أباه وسائر الشهداء.

كما ذكر الشيخ الطوسي في التهذيب والشيخ الطبرسي في إعلام الورى، أن الإمام عرّف بني أسد الأجساد، وأشرف بنفسه على دفنها.

وأكد العلامة المجلسي في بحار الأنوار، أن الإمام السجاد دفن جسد الحسين (ع) في موضع مصرعه، ولم يُدفنه إلا هو، لأن الإمام لا يدفنه إلا إمام.

خاتمة وجدانية:

في هذا المشهد، لا تُرفع الجنازات على الأكفّ، بل تُحمل على الأنين، هنا حيث وقف الإمام السجاد باكياً، ساجداً، صابراً، دفن أجساداً لم تعرف غير السجود لله، واحتضن تراباً صار أقدس من الجبال.

فطوبى لمن نال شرف السلام عليهم، السلام على الحسين، وعلى علي بن الحسين، وعلى أولاد الحسين، وعلى أصحاب الحسين.

ملاحظة: تم توليد هذا النص عبر الذكاء الاصطناعي

تصميم : كرار الياسري إعداد : علي رحال