مشكلة ( الشاكلة) !

قل كلٌّ يعمل على شاكلته

1- لايخيفني من آيات تشبيه الأعمال في الدنيا كقوله تعالى ( قل كلٌّ يعمل على شاكلته) ( الاسراء/84) فإذا كانت ( الشاكلة) تعني : الهيئة ، والطبيعة، والمِثل، والطريقة، والنيّة ، والسجيّة، فهذا يعني أننا نشبه أعمالنا وأعمالنا تشبهنا على نحو المشاكلة، وهذا هو مكمن الخوف.

2- قد تنطلي - في الدنيا- اشكالية المشاكلة - على معظمنا فلا نتبيّن ذئبيّة الذئب الا بعد مراس، ولا حمليّة الحمل الوديع الا بعد معاشرة، ، وبهذا فهيئاتنا الحقيقية ليست أشكالنا الظاهرية، بل محتوياتنا الداخلية، وهذا هو مكمن الرعب.. قد أبدو وسيما في مظهري ومنظري، لكنني في غاية البشاعة في مرآة أعمالي! وهذا مكمن الفزع !

3- ليس اعتباطا أن يمسخ الصيادون من بني اسرائيل الذين اصطادوا الاسماك في يوم تحريم صيدها الى قردة، فمن خصائص القردة ( الفضوليّة) وكانوا فضوليين، وقد يكون الانحدار بهم الى مرتبة دنيا أخذاً بمقولة اصل الأنواع !

4- ليس اعتباطا أيضا أن يصنّف الامام علي بن الحسين (عليه السلام) الناس الى : ( أسد، وذئب، وثعلب، وكلب ، وخنزير، وشاة!)(1) انطلاقا من مقولة آية الشاكلة !

5- هل يمكن من ذلك صياغة او استخلاص قاعدة ( الانسان من جنس العمل) أو قاعدة ( العمل من جنس الطبع)؟! ربما لو قرّبنا زوم الكاميرا أكثر من مواقع التواصل الاجتماعي، لرأينا اليوم- بصورة أوضح من أي وقت مضى - هذه الأشكال والهيئات والطبائع والسجايا والنوايا، لا بل والرزايا!

6- لا نحتاج الى تحليل ( المسخ القرآني) في قصة الصيادين، طالما أن حلّ المشكلة في ( الشاكلة) وفي قوله تعالى ( اعملوا على مكانتكم انا عاملون) (هود/121) !!

الهوامش:---

(1) الرواية كما يأتي؛ الخصال: عن ابن مسرور، عن ابن بطة، عن البرقي، عن أبيه رفعه إلى زرارة بن أوفى قال: دخلت على علي بن الحسين عليهما السلام فقال: « يا زرارة الناس في زماننا ستّ طبقات :

أُسد وذئاب وثعالب وكلاب وخنازير وشياه :

فأما الاُسد فملوك أهل الدنيا ، يحبّ كلّ واحدٍ منهم أن يَغلِب ولا يُغلَب ،

وأما الذئاب فتُجّاركم يذمّون إذا اشتروا ، ويمدحون إذا باعوا ،

وأما الثعالب فهؤلاء الذين يأكلون بأديانهم ، ولا يكون في قلوبهم ما يصفون بألسنتهم ،

وأما الكلاب فيهرّون على الناس بألسنتهم ، فيكرمهم الناس من شرّها ،

وأما الخنازير فهؤلاء المخنّثون وأشباههم لا يُدعون إلى فاحشةٍ إلاّ أجابوا... ،

أما الشياه فهم المؤمنون الذين تجزّ شعورهم ، وتؤكل لحومهم ، وتُكسر عظامهم... » .

ثمّ يتساءل متوجّعاً متألماً مشفقاً على المؤمنين :

« فكيف تصنع الشاة بين أسد وذئب وثعلب وكلب وخنزير... »

*بيان: المراد بالشاة: المؤمن المبتلى بهؤلاء، وجر الشعر: كناية عن الاستيلاء عليهم، وجرهم إلى بيوت الظلمة للدعاوي الباطلة، أو الاستخفاف بهم وفي بعض النسخ بالزاي فهو بالمعنى الأخير، وأكل لحومهم: غيبتهم، وكسر عظمهم: ضربهم وشدة الجور عليهم.

: عادل القاضي