التعرف على شخصية الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف

التعرف على شخصية الإمام المهدي الارتباط الوجداني والعاطفي بالإمام المهدي، الارتباط الوجداني والعاطفي بالإمام المهدي، العمل بمتطلبات انتظار الفرج

- التعرف على شخصية الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف

من أولى الواجبات في عصر الغيبة الكبرى هو التعرف على شخصية الإمام المهدي من جميع أبعادها، وتعميق المعرفة به، وأنه حي يرزق، ويطلع على أعمال الناس، وأنه إمام هذا العصر والزمان الذي نعيش فيه، وأنه حجة الله على خلقه، وعلينا الإيمان بكل ذلك ارتكازاً على الأدلة النقلية الصحيحة، والاستدلالات العقلية المنطقية.

«وأهمية هذا الواجب واضحة في ظل عدم الحضور الظاهر للإمام في عصر الغيبة والتشكيكات الناتجة عن ذلك، كما أن لهذه المعرفة تأثيراً مشهوداً في دفع الإنسان المسلم نحو العمل الإصلاحي البناء على الصعيدين الفردي والاجتماعي، فهي تجعل لعمله حافزاً إضافياً يتمثل بالشعور الوجداني بأن تحركه يحظى برعاية ومراقبة إمام زمانه الذي يسره ما يرى من المؤمنين من تقدم ويؤذيه أي تراجع أو تخلف عن العمل الإصلاحي البناء والتمسك بالأحكام والأخلاق والقيم الإسلامية التي ينتظر توفر شروط ظهوره لإقامة حاكميتها في كل الأرض وإنقاذ البشرية بها»(١).

وتشير معظم الأدعية المستحبة قراءتها في عصر الغيبة إلى وجوب التعرف على إمام العصر والزمان حتى لا ينحرف الإنسان عن الطريق المستقيم، فعن زرارة أن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «إن للقائم غيبة وهو المنتظر وهو الذي يشك في ولادته، فقال زرارة: جُعلت فداك إن أدركت ذلك الزمان أي شيءٍ أعمل؟ قال: يا زرارة متى أدركت الزمان فلتدع بهذا الدعاء: اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني»(٢) فمعرفة إمام العصر والزمان، والارتباط به، والسير على نهجه، ضمانة من الانحراف والزيغ والضلال (فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني) فمعرفة الحجة ضمان للاستقامة على طريق الحق.

- الارتباط الوجداني والعاطفي بالإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف

ومن التكاليف والواجبات المهمة التي أكدتها الأحاديث الشريفة لمؤمني عصر الغيبة هو تمتين الارتباط الوجداني بالمهدي المنتظر والتفاعل العملي مع أهدافه السامية والدفاع عنها والشعور الوجداني العميق بقيادته وهذا هو ما تؤكده أيضاً معظم التكاليف التي تذكرها الأحاديث الشريفة. كواجبات للمؤمنين تجاه الإمام مثل الدعاء له بالحفظ والنصرة وتعجيل فرجه وظهوره وكبح أعدائه والتصدق عنه والمواظبة على زيارته وغير ذلك مما ذكرته الأحاديث الشريفة. وقد جمعها آية الله السيد الأصفهاني في كتابه (مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم) وكتابه (وظائف الأنام في غيبة الإمام)»(٣).

ومن أجل أن يكون الارتباط الوجداني بالإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) مؤثراً وفاعلاً ينبغي أن يتحلى المؤمن بإخلاص النية، وعمق العقيدة بوجود الإمام، والإيمان بحتمية الظهور للإمام، والاستعداد النفسي للانخراط في نصرة الإمام مع المؤمنين.

- العمل بمتطلبات انتظار الفرج

أكدت الكثير من الروايات والأحاديث الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) فضل وثواب وأهمية انتظار الفرج، فبعضها تصفه بأنه أفضل عبادة المؤمن كما هو المروي عن الإمام علي (عليه السلام): «أفضل عبادة المؤمن انتظار فرج الله»(٤)، وعبادة المؤمن أفضل بلا شك من عبادة مطلق المسلم، فيكون الانتظار أفضل العبادات الفضلى إذا كان القيام به بنية التعبد لله وليس رغبة في شيء من الدنيا؛ ويكون بذلك من أفضل وسائل التقرب إلى الله تبارك وتعالى كما يشير إلى ذلك الإمام الصادق (عليه السلام) في خصوص انتظار الفرج المهدوي حيث يقول: «طوبى لشيعة قائمنا، المنتظرين لظهوره في غيبته، والمطيعين له في ظهوره، أولئك أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون»(٥) ولذلك فإن «انتظار الفرج من أعظم الفرج»(٦) كما يقول الإمام السجاد (عليه السلام)، فهو يُدخل المنتظِر في زمرة أولياء الله.

وتعتبر الأحاديث الشريفة أن صدق انتظار المؤمن لظهور إمام زمانه الغائب يعزز إخلاصه ونقاء إيمانه من الشك، يقول الإمام الجواد (عليه السلام):«... له غيبة يكثر أيامها، ويطول أمدها، فينتظر خروجه المخلصون، وينكره المرتابون، ويستهزئ بذكره الجاحدون، ويكذب فيه الوقاتون، ويهلك فيه المستعجلون، وينجو فيه المسلمون»(٧) وحيث إن الانتظار يعزز الإيمان والإخلاص لله عز وجل والثقة بحكمته ورعايته لعباده، فهو علامة حسن الظن بالله، لذا فلا غرابة أن تصفه الأحاديث الشريفة بأنه: «أحب الأعمال إلى الله»(٨)، وبالتالي فهو «أفضل أعمال أمتي»(٩) كما يقول رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم).

والانتظار يرسخ تعلق الإنسان وارتباطه بربه الكريم، وإيمانه العملي بأن الله عز وجل غالب على أمره، وبأنه القادر على كل شيء، والمدبر لأمر خلائقه بحكمته الرحيم بهم، وهذا من الثمار المهمة التي يكمن فيها صلاح الإنسان وطيه لمعارج الكمال، وهو الهدف من معظم أحكام الشريعة وجميع عباداتها وهو أيضاً شرط قبولها، فلا قيمة لها إذا لم تستند إلى هذا الإيمان التوحيدي الخالص الذي يرسخه الانتظار، وهذا أثر مهم من آثاره الذي تذكره الأحاديث الشريفة نظير قول الإمام الصادق (عليه السلام): «ألا أخبركم بما لا يقبل الله عز وجل من العبادة عملاً إلا به... شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، والإقرار بما أمر الله، والولاية لنا والبراءة من أعدائنا ـ يعني الأئمة خاصة ـ والتسليم لهم، والورع، والاجتهاد، والطمأنينة، والانتظار للقائم (عليه السلام)»(١٠).

وتصريح الأحاديث الشريفة بأن التحلي بالانتظار الحقيقي يؤهل المنتظر -وبالآثار المترتبة عليه المشار إليها آنفاً- للفوز بمقام صحبة الإمام المهدي كما يشير إلى ذلك الإمام الصادق في تتمة الحديث المتقدم حيث يقول: «من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر» وكذلك يجعله يفوز بأجر هذه الصحبة الجهادية وهذا ما يصرح به الصادق (عليه السلام) حيث يقول: «من مات منكم على هذا الأمر منتظراً له كان كمن كان في فسطاط القائم (عليه السلام)»(١١) ويفوز أيضاً بأجر الشهيد كما يقول الإمام علي (عليه السلام): «المنتظر لأمرنا كالمتشحط بدمه في سبيل الله»(١٢) بل ويفوز بأعلى مراتب الشهداء المجاهدين، يقول الإمام الصادق (عليه السلام): «من مات منكم وهو منتظر لهذا الأمر كمن هو مع القائم في فسطاطه؛ قال الراوي: ثم مكث هنيئة، ثم قال: لا بل كمن قارع معه بسيفه، ثم قال: لا والله إلا كمن استشهد مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم)»(١٣).

والأحاديث المتحدثة عن آثار الانتظار كثيرة ويفهم منها أن تباين هذه الآثار في مراتبها يكشف عن تباين عمل المؤمنين بمقتضيات الانتظار الحقيقي، فكلما سمت مرتبة الانتظار تزايدت آثارها المباركة وبالطبع فإن الأمر يرتبط بتجسيد حقيقة ومقتضيات الانتظار، ولذلك يجب معرفة معناه الحقيقي(١٤).

الهوامش:-----

(١) أعلام الهداية: الإمام المهدي المنتظر خاتم الأوصياء، المجمع العالمي لأهل البيت، قم - إيران، الطبعة الأولى ١٤٢٢هـ، ص ١٨٣ - ١٨٤.

(٢) أصول الكافي، الشيخ الكليني، دار التعارف للمطبوعات، بيروت - لبنان، طبع عام ١٤١٩هـ - ١٩٩٨م، ج١، ص ٣٩٦، رقم ٥.

(٣) أعلام الهداية: الإمام المهدي المنتظر خاتم الأوصياء، ص ١٨٤ و١٨٥.

(٤) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج ٥٢، ص ١٣١، رقم ٣٣.

(٥) إكمال الدين وإتمام النعمة، الشيخ الصدوق، المطبعة الحيدرية، النجف - العراق، طبع عام ١٣٨٩هـ - ١٩٧٠م، ص ٣٤٤.

(٦) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج٥٢، ص ١٢٢، رقم ٤.

(٧) إكمال الدين وإتمام النعمة، الشيخ الصدوق، المطبعة الحيدرية، النجف - العراق، طبع عام ١٣٨٩هـ - ١٩٧٠م، ص٣٦٢.

(٨) الخصال، الشيخ الصدوق، ج ٢، ص ٦١٠.

(٩) إكمال الدين وإتمام النعمة، الشيخ الصدوق، المطبعة الحيدرية، النجف - العراق، طبع عام ١٣٨٩هـ - ١٩٧٠م، ص ٦٠٤.

(١٠) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج ٥٢، ص ١٤٠، رقم ٥٠.

(١١) إكمال الدين وإتمام النعمة، الشيخ الصدوق، ص ٦٠٣.

(١٢) إكمال الدين وإتمام النعمة، الشيخ الصدوق، ص٦٠٤.

(١٣) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج ٥٢، ص ١٢٦، رقم ١٨.

(١٤) أعلام الهداية: الإمام المهدي المنتظر خاتم الأوصياء، ص ١٨٧ - ١٨٨.(بتصرف بسيط).

: الشيخ عبدالله اليوسف