دور العتبة الحسينية المقدسة في نصرة القرآن الكريم والعترة الطاهرة

العتبة الحسينية المقدسة، بما تمثله من رمزٍ عظيم في تاريخ الإسلام، تواصل تحقيق رسالتها السامية في نصرة القرآن الكريم والارتباط الوثيق بالعترة الطاهرة. إنها مكان نوراني، يسطع في قلب كربلاء، يحمل رسالة الإسلام الخالدة عبر الأجيال. ومن خلال جهودٍ متواصلة وعطاءٍ مبارك، أصبحت العتبة الحسينية مركزًا عالميًا يُعنى بنشر تعاليم القرآن الكريم، إذ تُعد دار القرآن الكريم جزءًا لا يتجزأ من هذه الجهود المباركة التي تسعى لتعزيز مكانة القرآن الكريم في قلوب المسلمين وتوسيع دائرة الوعي بأهميته في حياة الأمة.

---

الربط بين القرآن الكريم ونهج العترة الطاهرة

إن الربط بين القرآن الكريم والعترة الطاهرة ليس مجرد فكرة بل هو مسار حياة ومسؤولية تتجسد في كل جوانب التعاليم الإسلامية. العترة الطاهرة، التي تشمل أهل بيت النبي محمد (صلى الله عليه وآله) هم المعصومون الذين تجسدوا في شخص الإمام علي (عليه السلام)، فاطمة الزهراء (عليها السلام)، الحسن والحسين (عليهما السلام)، وبقية الأئمة الأطهار (عليهم السلام).

لقد أكد النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في حديثه الثابت "إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي"، ما يعكس العلاقة العميقة بين القرآن الكريم والعترة الطاهرة. هذا الربط هو أساس للهداية، وهو الطريق الأمثل لفهم القرآن وفهم الرسالة السماوية التي جاء بها الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) فالقرآن الكريم، بآياته الباهرة وأسراره العميقة، هو كتاب الهداية، وهو ما يرشد الأمة نحو الحق والصواب.

في الوقت نفسه، العترة الطاهرة هي مصدر التفسير الصحيح للقرآن، لأنهم هم الذين كانوا أقرب الناس إلى الرسول الكريم، وبالتالي فهم أكثر دراية وتأصيلًا بمعاني القرآن وأحكامه. ومن خلال هذا الربط بين القرآن والعترة، تُبنى قاعدة صحيحة لفهم الرسالة الإلهية.

---

حديث عن الإمام الحسين في القرآن الكريم والعترة الطاهرة

إن الإمام الحسين (عليه السلام) الذي وقف بكل عزم في يوم عاشوراء دفاعًا عن الحق، يُعد رمزًا من رموز الجهاد في سبيل الله، وقد تَجلَّت مكانته الرفيعة في القرآن الكريم وفي نصوص العترة الطاهرة. إن آية "إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا" (الأحزاب: 33) تعدّ من أبلغ الآيات في بيان مكانة أهل البيت (عليهم السلام)، وخصوصًا الإمام الحسين الذي تجسد في حياته الطاهرة مفهوم الصبر والجهاد من أجل نصرة الحق، وكان مصدرًا للحكمة والموعظة.

ويقول الإمام علي (عليه السلام) في نهج البلاغة: "الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة"، وهو ما يعكس بجلاء مكانته العظيمة في الإسلام. لم يكن الإمام الحسين (عليه السلام) مجرد قائد في معركة كربلاء، بل كان أنموذجًا حيًا للالتزام بتعاليم القرآن الكريم التي تدعو إلى العدالة والحق.

 

اليوم العالمي للقرآن الكريم في دار القرآن الكريم بالعتبة الحسينية المقدسة: إشراقة عالمية بنور الوحي

في أجواء روحانية مفعمة بالإيمان، تحتضن العتبة الحسينية المقدسة مناسبة اليوم العالمي للقرآن الكريم، الذي تنظمه دار القرآن الكريم. هذا الحدث المبارك يجمع المؤمنين من شتى بقاع العالم،ليبرزوا رسالة الإسلام الخالدة ويُظهروا جمال الوحدة التي تجسدها تعاليم القرآن الكريم، مستلهمين قوله تعالى: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا" (آل عمران: 103).

تحت رعاية واحتضان المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة، سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي، تسعى هذه الفعالية إلى توحيد صفوف المسلمين حول كتاب الله وعترته الطاهرة، وتجسيد معاني الوحدة والرحمة والتسامح التي يدعو إليها القرآن الكريم.

---

القرآن الكريم: منهج حياة ورابط أممي

القرآن الكريم هو المعجزة الإلهية التي نزلت لهداية البشرية، جامعًا الأمم على كلمة التوحيد والمحبة. قال تعالى: "إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ" (الإسراء: 9).

يمثل القرآن منهج حياة شاملًا لكل فئات المجتمع، حيث جاءت تعاليمه لتشمل الكبير والصغير، العسكري والمدني، ليكون نورًا وهدايةً لكل إنسان، على اختلاف ظروفه ومواقعه. في هذه المناسبة العظيمة، تتجلى جهود دار القرآن الكريم في جمع الحفظة والمفسرين والقراء من مختلف أنحاء العالم تحت سقف واحد في ضيافة الإمام الحسين (عليه السلام) ليربطوا القلوب بنور الوحي الإلهي، ويجسدوا المعاني السامية للوحدة والتآخي.

 

دور العتبة الحسينية المقدسة في نصرة القرآن والعترة الطاهرة

من خلال دار القرآن الكريم التابعة للعتبة الحسينية المقدسة، تُعزز الجهود المباركة لربط الأمة بكتاب الله وعترة النبي صلى الله عليه وآله، من خلال تنفيذ حديث النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: "إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي أَبَدًا".

تحت إشراف ورعاية سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي، أضحت الدار منارة علمية وروحية تنير درب السالكين، وتجمع القلوب حول تعاليم القرآن الكريم والعترة الطاهرة، من خلال الأنشطة والفعاليات التي تسهم في نشر هذه الرسالة.

فعاليات اليوم العالمي للقرآن الكريم

تتضمن هذه المناسبة سلسلة فعاليات هادفة لتعزيز الوعي القرآني وإبراز دور العترة الطاهرة في حفظ القرآن الكريم:

1- محافل قرآنية دولية: تجمع قراءً من مختلف البلدان لتلاوة آيات الله، مُظهرين جمال صوت الوحي وانتشار نوره في أرجاء العالم.

2 - ندوات علمية وتفسيرية: تُلقي الضوء على عظمة القرآن وأسراره، مع التركيز على آيات أهل البيت (عليهم السلام)، مثل آيات الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف).

3- مسابقات قرآنية ودورات تحفيظ: تنظيم مسابقات في حفظ آيات القرآن الكريم وفهم مضامينها، بالإضافة إلى إطلاق دورات لتحفيظ القرآن.

4- تكريم حفظة القرآن الكريم: تقديرًا لجهودهم في صون كتاب الله وترسيخ مكانته في القلوب، وتأكيدًا لدورهم في نشر رسالة الإسلام.

5- مؤتمرات تثقيفية: تسليط الضوء على العلاقة بين القرآن الكريم والعترة الطاهرة، ومكانتهم في حفظ الرسالة الإسلامية.

رسالة اليوم العالمي للقرآن الكريم

يحمل هذا اليوم رسالة سامية تهدف إلى تعزيز الوحدة بين المسلمين، وإبراز القيم القرآنية التي تدعو إلى المحبة والتسامح والسلام. قال تعالى: "وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ" (النحل: 89).

كلمة شكر وتقدير

نتوجه بخالص الشكر والتقدير لسماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي على رعايته واهتمامه بتنظيم هذا الحدث المبارك، ولسماحة الشيخ خير الدين علي الهادي على جهوده المباركة في الإشراف على تفاصيل هذا المشروع العظيم، وللعاملين فقط  في دار القرآن الكريم بالعتبة الحسينية المقدسة. إن جهودهم المخلصة كانت وما زالت مصدر إشعاع نور القرآن في قلوب الناس، وتعزيز مكانته في حياتهم، وهم نبراس يضيء الطريق للمسلمين

في جميع أنحاء العالم.

 

: الباحثة : أمونة جبار الحلفي : دار القرآن الكريم