كيف تفرقت الشيعة الى عدة فرق بعد شهادة الامام الصادق وتولي الامامة الامام موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام ؟!

أختلفت الشيعة بعد شهادة أبي عبد الله الصادق عليه السلام على عدة أقوال؛ الناووسية، الفطحية، الاسماعيلية،

سؤال : كيف تفرقت الشيعة الى عدة فرق بعد شهادة الامام الصادق وتولي الامامة الامام موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام ؟!

الجواب ...

أختلفت الشيعة بعد شهادة أبي عبد الله الصادق عليه السلام على عدة أقوال؛

أولا : الناووسية:

وهؤلاء يقولون إن الصادق عليه السلام لم يمت ولا يموت حتى يظهر فيملأ الأرض عدلا وهم: الناووسية وإنما سموا بذلك لان رئيسهم في مقالتهم رجل يقال له عبد الله بن الناووس .

وقولهم باطل بقيام الدليل على موته كقيامه على موت آبائه عليهم السلام وقد أنقرضت هذه الفرقة بأسرها ولا وجود لها اليوم ...

ثانيا : الفطحية:

وهؤلاء يقولون بإمامة عبد الله بن جعفر والفطحية نسبة لعبد الله لانه كان أفطح القدمين وقولهم يبطل بأنهم لم يعولوا في ذلك على نص عليه من أبيه بالإمامة وإنما عولوا في ذلك على أنه أكبر ولد الامام الصادق عليه السلام أضف الى ذلك انه فيه عيب الفطح والامام لا عيب فيه .

وقد رجعوا عن ذلك إلا شذاذ منهم وانقرضت الجماعة الشاذة أيضا فلا يوجد منهم أحد اليوم وإنما نحكي مذهبهم على فرض السؤال وعلى سبيل التعجب من عبد الله كيف رضي بذلك وأستقبل الناس ودعاهم الى نفسه؟!! .

ثالثا : الأسماعيلية :

وهم على عدة أصناف ...

الصنف الاول الخالصة :

يقولون بإمامة إسماعيل بن جعفر على أختلاف بينهم فمنهم من أنكر وفاة إسماعيل في حياة أبيه وزعموا أنه بقي وان ابيه قد نص عليه وهم شذاذ .

الصنف الثاني القرامطة أو المباركية:

يقولون إن إسماعيل توفي في زمن أبيه غير أنه قبل وفاته نص على أبنه محمد فكان الامام بعده وهؤلاء هم القرامطة نسبوا إلى رجل يقال له قرمطويه ويقال لهم ايضا المباركية نسبوا إلى المبارك مولى أسماعيل ابن جعفر عليه السلام وهم الان ممثلون بمذهب الاسماعيلية وايضا هم منقسمين الان إلى عدة أقسام وحسب علمي كالتالي؛

اولا : النزارية

ثانيا : المستعلية

ثالثا : الدروز

رابعا : البهرة

وقول هؤلاء يبطل من وجهين:

الوجه الاول :

أن مذهبهم يقضي ببطلان حكاية دعوى التواتر عنهم بالنص وذلك أن من أصلهم المعروف أن الدين مستور عن جمهور الخلق وإنما يدعو إليه قوم بأعيانهم لا يبلغون حد التواتر ولا يؤخذ الحق إلا عنهم وأنه لا يحل لاحد من هؤلاء أن يوعز إلى الخلق شيئا منه إلا بعد العهود والايمان المغلظة فقد ثبت فساد قول من أدعى عليهم التواتر وإنما يعولون على أخبار آحاد وتأويلات في معنى الاعداد وقياس ذلك بالسماوات السبع والأرضين والنجوم وغير ذلك من المشهور والأيام مما يجري مجرى الخرافات .

الوجه الآخر:

أن النص لا يكون من الله تعالى على من يعلم موته قبل وقت إمامته من حيث يكون ذلك نقضا للغرض ويكون عبثا وكذبا وبما أن إسماعيل لم يبقى بعد أبيه بطل قول من أدعى له النص بخلافته.

ولا فصل بمن أنكر وفاته في عصر أبيه وأدعى أن ذلك كان تلبيسا وبين من أنكر موت أبي عبد الله عليه السلام من الناووسية.

ومايهمنا هنا ان الامام الصادق عليه السلام كان مدركا لذلك فاراد ان يقيم الحجة عليهم فاشهدهم موت اسماعيل في حياته فقدروى النعماني عن زرارة بن أعين ، أنّه قال : دخلت على أبي عبد اللّه عليه‌ السلام وعند يمينه سيّدُ ولده موسى عليه‌ السلام ، وقُدّامه مرقد مغطى ، فقال لي : « يا زرارة ، جئني بداود بن كثير الرقي ، وحمران ، وأبي بصير ». ودخل عليه المفضل بن عمر ، فخرجت فأحضرت مَنْ أمرني بإحضاره ، ولم يزل الناس يدخلون واحداً إثرَ واحد ، حتى صرنا في البيت ثلاثين رجلاً.

فلمّا حشد المجلس قال : « يا داودُ إكشف لي عن وجه إسماعيل » ، فكشف عن وجهه فقال أبو عبد اللّه عليه‌ السلام : « يا داود أحيٌّ هو أم ميت؟ » قال داود : يا مولايَ هو ميّت ، فجعل يعرض ذلك على رجل رجل ، حتى أتى على آخر مَن في المجلس ، وأنتهى عليهم بأسرهم وكلٌّ يقول : هو ميّت يا مولاي ، فقال : « اللهمّ اشهد » ، ثمّ أمر بغَسْله وحنوطه ، وادراجه في أثوابه.

فلمّا فرغ منه قال للمفضل : « يا مفضّل احسر عن وجهه » ، فحسَر عن وجهه ، فقال : « أحيٌّ هو أم ميّت؟ » فقال : ميّت ، قال : « اللهم اشهد عليهم » ؛ ثمّحُمِل إلى قبره ، فلما وضع في لَحده قال : « يا مفضل اكشف عن وجهه » وقال للجماعة : « أحيٌّ هو أم ميت؟ » قلنا له : ميت فقال : « اللهمّ اشهد ، واشهدوا ، فإنّه سيرتاب المبطلون ، يريدون إطفاء نور اللّه بأفواههم ـ ثم أومأ إلى موسى ـ واللّه متم نوره ولو كره المشركون » ، ثم حثونا عليه التراب ثمّ أعاد علينا القول ، فقال : « الميّت ، المحنَّط ، المكفَّن ، المدفون في هذا اللحد من هو؟ » قلنا : إسماعيل ، قال : « اللهم اشهد » ، ثمّ أخذ بيد موسى عليه السلام  وقال : « هو حقّ ، والحقّ منه ، إلى أن يرث اللّه الاَرض ومن عليها »(1). 

وهو نص واضح وجلي على امامة الامام موسى ابن جعفر الكاظم عليه السلام ....

_________

الهوامش:

(1) النعماني : الغيبة : ٣٢٧ ، الحديث ٨ ، ولاحظ بحار الاَنوار : ٤٨ / ٢١.

: الكاتب عطا العكيلي