وردت روايات كثيرة عن الأئمة عليهم السلام تحث المؤمنين على الفهم والدراية برواياتهم، ولا يعتمدون على الرواية فقط من دون التدبر، والفهم السليم لها، فلا يكتفي الفرد بقراءة الروايات فقط من دون أن يفهمها ويعمل بها.
روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: (حديث تدريه خير من ألف ترويه ولا يكون الرجل منكم فقيها حتى يعرف معاريض كلامنا)[1].
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: (اعقلوا الخبر إذا سمعتموه عقل رعاية لا عقل رواية فان رواة العلم كثير ورعاته قليل)[2].
وروي عن أبي جعفر عليه السلام قال: (يا بني اعرف منازل الشيعة على قدر روايتهم، ومعرفتهم فان المعرفة هي الدراية للرواية وبالدرايات للروايات يعلوا المؤمن إلى أقصى درجات الايمان إني نظرت إلى كتاب لعلي عليه السلام فوجدت في الكتاب ان قيمة كل امرئ وقدره معرفته ان الله تبارك وتعالى يحاسب الناس على قدر ما آتاهم من العقول في دار الدنيا)[3].
فالفضل ليس أن يكون الإنسان محدثاً للحديث فحسب، بل الفضل في استيعابه ودرايته وفهمه، وذلك لأن كلام أهل البيت عليهم السلام في قمة الفصاحة، والبلاغة فهم عدل القرآن الكريم ففيه العام والخاص والمطلق، والمقيد، والمحكم، والمتشابه والمجمل، والمبين والحقيقة، والمجاز، والكناية والاستعارة وغيرها من وجوه الكلام التي تحتاج إلى تدقيق وفهم سليم.
من هنا فينبغي أن نتعامل مع كلامهم بطريقة سليمة عميقة لا سطحية يمكن من خلالها فهم كلماتهم للاستفادة منها، وهذا في الحقيقة يحتاج إما إلى التخصص الدقيق في فهم روايات اهل البيت عليهم السلام أو من خلال الرجوع إلى اهل الاختصاص في تفسير كلماتهم عليهم السلام.
فإن من أهم تكاليف المؤمنين المنتظرين التفقه في الدين وفهم القرآن الكريم، والسنة الشريفة، لكي يتمكنوا من فهم مسيرة المشروع الإلهي المتمثل بدولة الإمام المهدي في آخر الزمان، فهنالك الكثير من الروايات والأحاديث التي تتحدث عن المشروع المهدوي بجميع تفاصيله وكل هذه تحتاج إلى فهم سليم وصحيح لكيلا يقع الفرد في الاشتباه او التطبيقات الخاطئة، او الفهم الخاطئ.
فإننا في واقعنا المعاصر نجد بعض حركات الضلال وبعض المتحدثين يعتمدون على بعض الروايات الشريفة ويفسرونها بأذواقهم واهوائهم وميولاتهم من دون إتباع للقواعد، والأسس الصحيحة التي رسمها الأئمة عليهم السلام والعلماء والفقهاء من أتباع المذهب الحق، فينبغي على المؤمنين الحذر من هذه الحركات، والتفسيرات الخاطئة، والملتوية للنصوص وخصوصا المتعلقة بحركة الإمام المهدي عجل الله فرجه، فقد راينا البعض ممن يفسر يكثر في نقل الروايات غثها وسمينها من دون تدبر وتأمل في مضامينها ومن دون إتباع القواعد والاسس العلمية الرصينة التي تساهم في تفسير النصوص فهناك العشرات من العلوم تدل كلها في فهم النص كاللغة والادب والبلاغة والنحو والصرف والعقيدة وعلم الأصول والفقه وعلم الحديث من الرجال والدراية فكل هذه العلوم لها دخالة في فهم النص فليس بالأمر السهل، ذكر الروايات وتفسيرها كيفما كان وهذا لا يتحقق الا بالرجوع الى وذلك اهل التخصص من العلماء العدول الثقات والاستاذة وممن انشغل في ذلك من طلبة العلم الذي نثق بدينهم وورعهم وعلمهم وعقيدتهم بالنبي والأئمة عليهم السلام.
الهوامش:-----
[1] معاني الاخبارج1 ص2.
[2] نهج البلاغة ص 567.
[3] معاني الاخبار للصدوق ص 2 ح3 .
اترك تعليق