يعتقد الإمامية أن الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السلام معصومة كعصمة الانبياء والاوصياء وذلك لأنها حجة إلهية كمريم بنت عمران، فقولها وفعلها وتقريرها حجة على البشرية وقود وردت ادلة كثيرة على ذلك نذكر منها:
الاول: عصمة الصديقة فاطمة عليها السلام في آية التطهي
ومن الآيات القرآنية المهمة التي تدل على موقعية السيد فاطمة عليها السلام في الدين و التي تدل على عصمتها بما يساوي عصمة النبي وعلي، والحسن، والحسين هي آية التطهير قال تعالى:{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}[1] فهذه الآية الكريمة باتفاق المسلمين أنها نزلت في محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، وأنها دالة وبكل وضوح على ان الله أذهب وابعد عن السيد الزهراء كل رجس وفاقة ونقص وذنب ، وهذا ان دل على شي فأنه يدل على موقعيتها في الدين حيث لا يعطى أحد هكذا المنزلة الا ان كان حجة الهية يحتج بقوله وفعله وتقريره على الخلق.
الثاني: روايات الغضب والرضا والأذى
ورد في كتب الفريقين عن النبي صلى الله عليه واله وسلم أنه قال:( فاطمة بضعة مني من اغضبها فقد اغضبني)[2] فاذا كان غضبها موافقاً لغضب الله في جميع الأحوال وكذلك رضاها فهذا يعني أن رضاها وغضبها يوافقان الموازين الشرعية في جميع الأحوال وأنها لا تعدو الحق في حالتي الغضب والرضا، وفي ذلك دليل ساطع على عصمتها (عليها السلام)[3] .
وفي نص آخر: ( من اذى فاطمة فقد آذاني ومن أسخطها فقد أسخطني ومن اغضني فقد أغضب الله، ومن آذاني فقد أذى الله تعالى)[4] وهذه الروايات ثابتة لا مجال للنقاش فيها أو ردها، وهي تدل وبكل وضوح على عصمة الصديقة فاطمة عليها السلام وذلك لأن الله تعالى قرن اذيتها وسخطها بغضبه وسخطه فكيف يمكن أن يعقل بان الله تعالى يغضب ويسخط لأجل غضب إنسان عاصي ومذنب بحيث يترتب على ذلك إدخال من يغضب السيدة فاطمة عليها السلام الى النار وفي مصاف من أذى الله ورسوله وقد اوضح القران الكريم عواقب من يؤذي الله ورسوله حيث قال تعالى: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا. وكذلك قال تعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاءه جهنم خالد فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيما)[5] .
الثالث: قوله تعالى ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي القربى ...﴾[6]
إن كل الأنبياء السابقين لم يطلبوا أجرا من أقوامهم إنما كان قولهم ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا على رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[7] لقد ذكر ذلك في القرآن على لسان الأنبياء نوح وهود وصالح ولوط وشعيب[8]. ولكن نبينا الأعظم أمره الله عز وجل بأن يسأل أمته المودة في القربى ولكن لا لكي يستفيد هو بل لتستفيد أمته ، لأنه ليس بدعاء من الرسل ليطالب بأجر لرسالته من دون الرسل ، كما أنه ليس من المتكلفين كما جاء على لسانه قوله تعالى: ﴿ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِين ﴾[9]، ودليلنا على أن الفائدة من هذا الأجر الذي طلبه منا تعود علينا نحن قوله تعالى ﴿ قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ... ﴾[10] ، وبنظرة أخرى إلى آيات القرآن الحكيم نجد أن هذا الأجر المتمثل في مودة القربى هو السبيل إلى الله تعالى في قوله عز وجل ﴿ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إلى رَبِّهِ سَبِيلًا ﴾ ، وهو الذكرى للعالمين كما يقول تعالى ﴿ ... قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذكرى لِلْعَالَمِينَ ﴾[11]. إذا مودة القربى هي الذكرى وهي السبيل الذي يقول عنه تعالى ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾[12] والسبيل إلى الله لا بد أن يكون قويما لا عوج فيه يعني باتباعه نضمن أننا على الصراط المستقيم ونهايتنا الجنة بمعنى أقرب لا بد أن يكون معصوما وقد تجسد في القربى وهم أهل البيت عليهم السلامكما هو المسلم به عند جميع المسلمين فيما يرتبط بنزول الآية في أهل البيت عليهم السلام وفاطمة عليها السلام عماد ذلك البيت فوجب أن تكون معصومة لأنها أحد مصاديق ذلك السبيل.
الهوامش:----
[1] [الأحزاب: 33]
[2] صحيح البخاري 3/1144)
[3] (أنظر سيدة النساء فاطمة الزهراء ص89 ) .
[4] البحار ج43 ص 55.
[5] سورة النساء: 93.
[6] سورة الشورى (42)، الآية: 23، الصفحة: 486.
[7] سورة الشعراء (26)، الآية: 164، الصفحة: 374.
[8] مراجعة الآيات (109 ـ 127 ـ 132 ـ 145 ـ 164 ـ 180) من سورة الشعراء
[9] سورة ص (38)، الآية: 86، الصفحة: 458
[10] سورة سبإ (34)، الآية: 47، الصفحة: 433.
[11] سورة الأنعام (6)، الآية: 90، الصفحة: 138.
[12] سورة الانسان (76)، الآية: 3، الصفحة: 578.
اترك تعليق