التوكل على الله تعالى عند مواجهة المنعطفات الكبرى

 من أهم الأمور التي تساعد على الثبات في عصر الفتن هو الاتكال على الله تعالى في جميع الأمور وعدم الخوف من المؤامرات مهما بلغ حدها فإذا اقتصر الأمل على الله تعالى فلا يكون للخوف مجال في الواقع، وهو مصدر القوة الحقيقية لنصرة دولة العدل الإلهي، ودل على ذلك نصوص كثيرة منها قوله تعالى: ( وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)[1]، وحسبه يعني يكفيه من كل شيء فإن الله يكفي من كل شيء ولا يكفي عنه شيء، وعن أمير المؤمنين عليه السلام  قال: (من كان متوكلاً على الله لم يعدم الاعانة)[2]، وعنه عليه السلام أيضاً: (من توكل على الله ذلت له الصعاب وتسهلت عليه الأسباب)[3]، وقد يفهم البعض أن التوكل على الله تعالى يعني الاتكال على الآخرين أو القعود من غير عمل جاد وتفكير وتخطيط لمسيرته في الحياة ومواجهته للفتن وأن تترك الأمور من دون حركة هادفة وفعالة فهذا في الحقيقة ليس المراد من التوكل روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه مرَّ بقوم أصحّاء جالسين في زاوية المسجد فقال: (من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكّلون قال عليه السلام: لا بل أنتم المتأكّلة فإن كنتم متوكّلين ما بلغ بكم توكّلكم؟ قالوا: إذا وجدنا أكلنا وإذا فقدنا صبرنا قال عليه السلام: هكذا تصنع الكلاب عندنا) قالوا: فما نفعل؟ قال: كما نفعل قالوا: كيف تفعل؟ قال عليه السلام: إذا وجدنا بذلنا، وإذا فقدنا شكرنا)[4]

  نعم فأن التوكل يعني الحركة والعمل، ويضع تصرفه وحركته تحت أرادة الله تعالى وقدرته يوجهه كيف يريد، وهذا في الحقيقة أمر مهم في المؤمنين ، وكذلك في حركة الانتظار للإمام المهدي # لا يعني انك تجلس وتقول: ( أتوكل على الله ) وانما ينبغي أن تعمل وتستعد، وتجهز جميع الظروف لمن تنتظره لا أن تقعد وتتكل على الآخرين أو تنعزل عن المجتمع، ولذا فان التوكل هو أحد أهم الأسباب التي تصون الفرد والمجتمع من الفتن والانعطافات الخطيرة التي قد تصيب الأمة قبل عصر الظهور الشريف، فإن الفتن تحتاج إلى أشخاص يفكرون، ويخططون ويعملون على كيفية النجاة منها ثم يضعون تلك الحركة تحت رعاية الله وأرادته فعندها يحصل التصويب والتأييد من الله عز وجل.

 

 

الهوامش:-----

[1] الطلاق الآية 3.

[2] ميزان الحكمة للريشهري ج4 ص 3360.

[3] المصدر السابق.

[4] مستدرك الوسائل ج11ص 220.

: الشيخ وسام البغدادي