فلسفة النهضة الحسينية

النظريات حول سبب خروج الإمام الحسين يوم عاشوراء

اختلفت الأقوال والنظريات في تفسير السبب الحقيقي الذي خرج من أجله الامام الحسين عليه السلام، وهناك نظريات كثيرة ومتعددة نذكرها أهمها :

النظرية الأولى : خروج الإمام الحسين لأجل صراع قبلي دائم

تفترض هذه النظرية ان حركة الامام الحسين عليه السلام، ونهضته انما كانت لاجل (صراع قبلي) محتدم بين قبيلتين قرشيتين ـ بني هاشم وبني امية ـ تصارعتا على السلطة والهيمنة قبل الاسلام واستمر هذا الصراع الى ما بعد الاسلام ومن القرائن قول يزيد لعنه اللّه:

ليت اشياخي ببدر شهدوا             جزع الخزرج عن وقع الأَس

لأهلوا واستهلوا فرحا                    ثم قالوا يا يزيد لا تُشل

إن هذه النظرية لا تصمد حينما ننظر إلى نوعية أصحاب الإمام الحسين عليه السلام، فأنهم من قبائل وثقافات وقوميات ومذاهب مختلفة، لا يمكن ان يجتمع هؤلاء لاجل صراع قبلي، فجون العبد الأسود ووهب النصراني والحر الرياحي كيف يمكن أن يكون إجتماعهم لاجل صراع قبلي.

النظرية الثانية: خروج الإمام الحسين عليه السلام لطلب الحكم

يقول البعض ان الحسين عليه السلام انما خرج يوم عاشوراء لأجل طلب السلطة والحكم وطلب الرئاسة والزعامة، وذهب الى هذه النظرية أغلب المؤرخين الذين كتبوا التاريخ في العصر العباسي أمثال الطبري وغيره ومن حذا حذوهم . إن هذه النظرية مخالفة تماماً لما ثبت في النصوص الشريفة بالتواتر من أن الإمام الحسين عليه السلامكان عالماً بشهادته منذ عهد رسول اللّه’، وقد أفصح عن ذلك في خطاباته المتعددة عند خروجه إلى كربلاء منها في وصيته لأخيه محمد بن الحنفية: (من لحق بي إستُشْهد ومن لم يلحق بي لم يبلغ الفتح)، وكذلك قوله عليه السلام: (شاء اللّه أن يراني قتيلا)، وقوله: (كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء).

النظرية الثالثة: خروج الإمام الحسين مروق عن الدين وفتنة.

إن الامام الحسين عليه السلام خرج على الخليفة الشرعي وهو مارق عن الدين وخروجه خطأ وفتنة وفرقة زعزعت الأُلفة بين المسلمين، قال الخضري: (وعلى الجملة فإن الحسين اخطأ خطأً عظيماً في خروجه هذا الذي جرَّ على الأُمة وبال الفرقة والإختلاف وزعزع عماد إلفتها...).

إن هذه النظرية تخالف موقعية الإمام الحسين عليه السلام في القرآن الكريم والسنة الشريفة، فالإمام الحسين  عليه السلام من أهل آية التطهير، وآية المودة والمباهلة وسورة الدهر، وسورة الفجر والأحقاف، وقال فيه النبي’ (حسين مني وأنا من حسين)... والخ من الروايات الشريفة التي تنص على أنه الإمام الحق ويزيد هو شارب الخمر وقاتل النفس المحترمة.

النظرية الرابعة: خروج الإمام الحسين عليه السلام لأجل الشهادة في سبيل الله تعالى

إن النظرية الحقة التي ثبتت بالأدلة القطعية وعليها مشهور علماء الإمامية هي أن الإمام الحسين عليه السلام إنما خرج لطلب الشهادة التي بها يحصل الفتح ويتحقق الهدف من خروجه وهو إخراج الأمة من الضلال والإنحراف الأموي، قال الإمام الصادق عليه السلام:(وَبَذَلَ مُهْجَتَهُ فِيکَ لِيسْتَنْقِذَ عِبَادَکَ مِنَ الضَّلَالَةِ وَالْجَهَالَةِ، وَالْعَمَی وَالشَّکِّ وَالِارْتِيابِ إِلَی بَابِ الْهُدَی مِنَ الرَّدَی، وَأَنْتَ تَرَی وَلَا تُرَی وَأَنْتَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلَی، حَتَّی ثَارَ عَلَيهِ مِنْ خَلْقِکَ مَنْ غَرَّتْهُ الدُّنْيا وَبَاعَ الْآخِرَةَ بِالثَّمَنِ الْأَوْکَسِ وَأَسْخَطَکَ وَأَسْخَطَ رَسُولَکَ وَأَطَاعَ مِنْ عَبِادِکَ مِنْ أَهْلِ النِّفَاقِ وَحَمَلَةِ الْأَوْزَارِ مَنِ اسْتَوْجَبَ النَّارَ، لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلِي وُلْدِ رَسُولِکَ وَضَاعَفَ عَلَيهِمُ الْعَذَابَ الْأَلِيم ... حتى سفك في طاعتك دمه وأستبيح حريمه اللهم إلعنهم لعناً وبيلا، وعذبهم عذاباً اليما).

الشواهد الدالة على أن خروج الإمام الحسين عليه السلام لأجل الشهادة

الشاهد الأول: العلم المسبق بالشهادة

إن الإمام الحسين عليه السلام كان على يقين بأنه سيقتل ويستشهد في كربلاء وهذا ثابت بالتواتر من خلال ما ورد من أحاديث النبي صلى الله عليه واله وسلم من أقوال وافعال وتقارير تنص على شهادته سواء من ناحية بكاء الأنبياء السابقين عليه، أو إخبارات النبي صلى الله عليه واله وسلم منذ صغره وطفولته التي تنص على شهادته، وكذلك أمه فاطمة وأبيه أمير المؤمنين عليه السلام، فكلهم كانوا يعلمون ويخبرون الإمام بشهادته، وكانوا يبكون عليه ويقيمون العزاء له في مواطن وأوقات وأزمنة متعددة وكثيرة وهذا ثابت في كتب الفريقين، ومن كان بهذا الحد من العلم يكون خروجه لأجل ذلك.

الشاهد الثاني: كلمات الإمام الحسين عليه السلام

إن خطابات الإمام الحسين عليه السلام قبل وحين خروجه نصت على انه خارج للشهادة لا غير، وكان يردد ذلك طوال المسير كقوله في أحد خطبه: (خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة و ما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف وخير لي مصرع أنا لاقيه كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء فيملأن مني أكراشا جوفا وأجربة سغبا لا محيص عن يوم خط بالقلم ، وقوله ( شاء الله أن يراني قتيلا) وقوله (من لحق بي إستُشهد ومن لم يحلق بي لم يبلغ الفتح) وغيرها من الشواهد الدالة على أن الإمام عليه السلام منذ خروجه كان قاصداً للشهادة وعالما بما سيجري عليه وعلى أهل بيته وأصحابه.

 

الشاهد الثالث: كلمات الإمام الحسين عليه السلام

إن خطابات الإمام الحسين عليه السلام قبل وحين خروجه نصت على انه خارج للشهادة لا غير، وكان يردد ذلك طوال المسير كقوله في أحد خطبه: (خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة و ما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف وخير لي مصرع أنا لاقيه كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء فيملأن مني أكراشا جوفا وأجربة سغبا لا محيص عن يوم خط بالقلم ، وقوله ( شاء الله أن يراني قتيلا) وقوله (من لحق بي إستُشهد ومن لم يحلق بي لم يبلغ الفتح) وغيرها من الشواهد الدالة على أن الإمام  عليه السلام منذ خروجه كان قاصداً للشهادة وعالما بما سيجري عليه وعلى أهل بيته وأصحابه.

الشاهد الرابع: عدم تراجع الإمام الحسين عليه السلام

ان الامام الحسين عليه السلام حينما بعث مسلم بن عقيل، ودَّعهُ وداع الشهادة وأخبره بما سيجري عليه، وأنه سيلتحق به عند الرفيق الأعلى، ولما جاءه خبر شهادة مسلم بن عقيل في منطقة يقال لها الثعلبية، وأُخبر بشهادة أخيه من الرضاعة عبد الله بن يقطر ومع ذلك لم يتوقف الامام عليه السلام ولم يرجع بل أصرَّ على المسير، وهذا دليل واضح وجلي وقرينة على أن الإمام الحسين عليه السلام كان قاصداً للشهادة ويعلم علم اليقين أنه لا سبيل لإصلاح الأمة وإنقاذ الإسلام وتهديم عرش المنهج الأموي إلا بالشهادة، وذلك ليهز الضمائر الميتة، ولتكون شهادته شعلة وهّاجة أبد الدهر، وذلك من خلال إعلان مظلوميته من بعده كشعار مستمر حطّم جميع مخططات بني أمية التي إستهدفت تحريف الدين الإسلامي .

: الشيخ وسام البغدادي