حلقات مسير الامام الحسين (عليه السلام) الى العراق سنة ٦٠ هجرية (2)

الحلقة الثانية

ما أن هلك معاوية أستلم يزيد الخلافة وكان ذلك في رجب سنة60هـ فأقر عمال أبيه على ولاياتهم ولم يكن له هم الابيعة من تخلف عن بيعته وبالذات الحسين بن علي عليه السلام، ونقل البلاذري عن بعض قريش أن يزيد كتب كتاباً الى عبيد الله بن زياد يبلغه بمسير الحسين عليه السلام الى الكوفة وقال له: (وقد أبتلى به زمانك من بين الازمان وبلدك من بين البلدان وأبتليت من بين العمال وعندها تعتق أو تعود كما يعتبد العبيد)، وكان أمير الكوفة قبله النعمان بن بشير الانصاري الذي عزله يزيد وجمع لابن زياد البصرة والكوفة، وكان النعمان عثمانيا مجاهرا ببغض علي عليه السلام سيء القول فيه.

ولما بلغ شيعة الكوفة أمتناع الحسين عليه السلام بيعة يزيد فكتبوا اليه كتبا اولها من سليمان بن صرد الخزاعي والمسيب بن نجبة الفزاري ورفاعة بن شداد وحبيب بن مظاهر الاسدي وشيعته من المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة ويطلبون قدوم الحسين عليه السلام، وأوضح له انهم لا يجتمعون مع النعمان في جمعة ولا يخرجون معه في عيد، ولو بلغهم أقدام الحسين عليه السلام عليهم لاخرجو النعمان ولحقوه بالشام وارسلوا بالكتاب مع عبد الله بن سبع الهمداني وعبد الله بن وال التميمي ووصلوا مكة في 10 رمضان سنة 60هـ وسلموا الكتاب للحسين عليه السلام .

ثم بعد يومين أرسلوا كتاباً بيد قيس بن مسهر الصيداوي الاسدي وعبد الرحمن بن عبد الله الكدن الارحبي وعمارة بن عبد السلولي فحملوا معهم نحو ((50)) خمسين صحيفة والصحيفة من الرجل والاثنين والثلاثة والاربعة ومما كتبوا: ( ان الناس منتظرون لا امام لهم غيرك فالعجل العجل ثم العجل والسلام).

وقام بعض شخصيات الكوفة في حينها ومنهم شبت بن ربعي التميمي ومحمد بن عمير بن عطار التميمي وحجار بن أبجر العجلي ويزيد بن الحارث بن يزيد الشيباني وعزره بن قيس الاحمسي وعمرو بن الحجاج الزبيدي ومما ذكروا في كتبهم : ( أما بعد فقد أخضر الجناب واينعت الثمار وطمت الجمام فاذا شئت فأقدم علينا فأنما تقدم على جند لك مجند والسلام)، وكان اولئك الشخصيات آخر المكاتبين وأرسلوا كتابهم بيد سعيد بن عبد الله الثقفي.

وكان خروج الحسين عليه السلام من المدينة المنورة يوم 28 رجب سنة 60هـ ووصل الى مكة المكرمة يوم 3 شعبان وكانت الرسل تصل الى الحسين ( في دار العباس بن عبد المطلب وهو في مكة المكرمة.

الحسين عليه السلام يرسل أبن عمه مسلم بن عقيل الى الكوفة ليرى الامر ويخبر الحسين عليه السلام بالحال وكان ذلك في 15 شهررمضان سنة 60 هـ وقد وصل مسلم الى الكوفة يوم 5 شوال سنة 60 هـ ونزل عند هاني بن عروة برواية وعلى مسلم بن عوسجة برواية ثانية واخذت الشيعة تختلف اليه وتبايعه حتى كتب كتابا للحسين عليه السلام سلمه بيد عابس بن ابي شبيب الشاكري قبل أن يستشهد مسلم بـ(27) يوماً ومما جاء فيه (أما بعد فأن الرائد لا يكذب أهله. أن جمع أهل الكوفة معك وأقبل حين تقرأ كتابي )، وفي رواية ثانية ( أما بعد فأن الرائد لا يكذب أهله وقد بايعني من اهل الكوفة ثمانية عشر الفاً فعجل الاقبال حين يأتيك كتابي فان الناس كلهم معك و ليس في آل معاوية رأي ولا هوى والسلام ).

بعد ان سمع يزيد من حزبه في الكوفة وصول مسلم ومبايعة الحسين ( أمر عبيد الله بن زياد أن يطلب مسلم بن عقيل ويقتله أو ينفيه عنها وكان الحسين عليه السلام قد أرسل سفيرا لأشراف البصرة حاملا رسالة لهم وهو سليمان بن رزين مولاه ولكن المنذر بن الجارود احد من وصلهم الكتاب أوشى به الى عبيد الله الذي أمر بقتله فورا لكون بنت الجارود (هند) تحت عبيد الله بن زياد.

 وما أن وصل عبيد الله بن زياد الكوفة حتى خطب في جامعها ومما قال: (أنا لمحسنكم ومطيعكم كالوالد البر وسوطي وسيفي على من ترك أمري وخالف عهدي).

أتخذ ابن زياد اجراءات شديدة واخذ ببث العيون على أبن عقيل وتجرأ فقام بقتل هاني بن عروة شيخ مراد وصاحب مسلم بن عقيل الامر الذي دعا مسلم بن عقيل لان ينتفض ويقسم جيشة الـ( 4000) اربعة الاف ولكن سبحان الله عندما وصلوا القصر الا وهم (300) ثلثمائة وعندما أحاطوا بالقصر وجدوا بعض من أشراف الكوفة تدعوهم للحاق بأهلهم وعدم تعريض أنفسهم للقتل وهذه جنود يزيد قد أقبلت وسيحرم العطاء وسيأخذ البريء بالسقيم والشاهد بالغائب وتكلم البعض الاخر بنحو هذا الامر الذي أدى الى الانصراف وقيام المرأة بسحب أبنها أو اخاها وقيام الرجل كذلك بسحب ابنه أو أخيه ولم يبق مع ابن عقيل سوى(30) ثلاثون شخص صلى بهم في المسجد صلاة المغرب وعندما خرج متوجها الى أبواب كنده لم يبق معه سوى عشرة اشخاص وعندما خرج من الباب واذا ليس معه أي انسان وتنقله المقادير الى بيت امرأة يقال له طوعة وهي (ام ولد كانت للاشعث بن قيس فأعتقها فتزوجها أسيد الحضرمي فولدت له بلال)

وبعد ليلة ظلماء تدور الايام وتسطع خيانة شخصيات الكوفة ويغدر بمسلم بن عقيل ويقتل يوم 8 أو 9ذي الحجة سنة60 هـ وهو اليوم نفسه الذي خرج الحسين عليه السلام من مكة المكرمة الى الكوفة وكان رحمه الله يقول :

اقسمت الا اقتل الا حرا*** وإن رأيت الموت شيئا نكرا

كل أمرئ يوما ملاق شرا*** ويخلط البارد وسخنا مرا

رد شعاع النفس فأستقرا***أخاف أن أكذب أو أغرا.

الحلقة الثالثة

منازل الحجاز

سبحان الله واذا بالمقادير تجري حسب ما رسمها ربنا الاعلى فقد خرج الحسين ( من مكة المكرمة قادما الى الكوفة يوم 8 ذي الحجة سنة 60هـ وهو يوم التروية وبذات اليوم يفعل اهل الكوفة فعلتهم (شيعة معاوية ويزيد) ويقتلون سفير الحسين مسلم عليه السلام ( بعد أن أعطوه الامان ولكن هيهات للفاجر من أمان وكانت مراحل طريق الحسين بن علي ( كما أشارت اليها مصادر المؤرخين كما يلي:

المنزل الاول التنعيم

يذكر ياقوت الحموي انه موضع بمكة في الحل وسمي بذلك لوجود جبلا عن يمينه يقال له نعيم واخر عن شماله يقال له ناعم ويقال للوادي نعمان وفيها مساجد حول مسجد عائشة وسقايا على طريق المدينة ومنه يحرم المكيون بالعمرة وهو اليوم حي من أحياء مكة المكرمة ويبعد عن مركزها 6كم ومتصل للبلد في بدايته للداخل اليه من طريق المدينة المنورة وجده ويقع بين جبال بشم شرقا وجبل الشهيد جنوبا وقد أعترض الحسين ( عند بدء خروجه من مكة رسل عمر بن سعيد بن العاص وهو والٌ ليزيد بن معاوية مع اخيه يحيى ليمنعوه فأبى عليه ومضى وتضاربوا بالسياط وامتنع الحسين عليه السلام واصحابه وساروا في طريقهم حتى التقى الحسين ( عيرا قد بعث بها بحير بن ريسان الحميري الى يزيد بن معاوية وكان عامله على اليمن وتحمل العير (الورس)وهو نبات كالسمسم يُصبغ به ولا يوجد الا باليمن ثم أن الحسين ( قال لاصحاب الابل لا أُكرهكم, من أحب أن يمضي معنا الى العراق أوفينا كِراه وأحسنا معه صحبته ومن أحب أن يفارقنا من مكاننا هذا اعطيناه من الكراء على قدر ما قطع من الارض فمن فارقه منهم حوسب فأوتي حقه ومن مضى منهم معه أعطاه كراءه وكساه.

وقبل خروجه ( طاف بالبيت بين الصفا والمروة وقص من شعره وحل عمرته ثم توجه نحو الكوفة وهو يقول لأصحابه: ( والله لان أقتل خارجا منها بشبر أحب الي من أن أقتل داخلا منها بشبر وايم الله لو كنت في حجر هامه من هذه الهوام لأستخرجوني حتى يقضوا في حاجتهم ووالله ليعتدن علي كما أعتدت اليهود في السبت.

ونقلا عن ليطة بن الفرزدق عن أبيه أنه قال ان أهل ذلك الزمان يتناقلون قتل الحسين ( وينتظرونه يوم وليلة وكان عبد الله بن عمر بن العاص يقول لا تبلغ الشجرة ولا النخلة ولا الصغير حتى يظهر هذا الامر .

المنزل الثاني الصفاح

يقع عند الخروج من أنصاب الحرم وتجاوز ثنية خل ويشرف عليها من الشمال جبل الستار والان هو مدينة حديثه ذات فلل وفيها بلدية واسواق سميت ( الشرائع الجديدة) وقد أتصلت بالمغمس وشملت بعضه بأتجاه عرنه وقد التقى الحسين ( بالشاعر الفرزدق بن غالب الشاعر التميمي فقال له الحسين ( ((بيّن لنا نبأ الناس خلفك)) فقال له الفرزدق من الخبير سألت ( قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني أمية والقضاء ينزل من السماء والله يفعل مايشاء ) فقال له الحسين ( ((صدقت لله الامر والله يفعل مايشاء وكل يوم ربنا في شأن ان نزل القضاء دون الرجاء فلم يعتد من كان الحق نيته والتقوى سيرته)).

وكان الفرزدق قد اسطحب والدته للحج وهو يسوق بعيرها وقد سأل عن الركب الخارج من مكة فقيل له أنه للحسين بن علي ( وعندما جرت المحاورة بينهما سأل الفرزدق الحسين بن علي ( بأبي وامي يا ابن رسول الله ما أعجلك عن الحج؟ فقال له : (( لو لم أعُجل لاخُذت)).

وكان الحسين عليه السلام يقول وهو في مكة (( والله لا يدعونني حتى يستخرجو ا هذه العلقة من جوفي فإذا فعلوا سلط الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من فرم الأَمَة)).

ويذكر البلاذري رواية ثانية أن لقاء الفرزدق بالحسين بن علي عليه السلام كان في ذات عرق فقال له ما ترى أهل الكوفة صانعين فأن معي حملا من كتبهم فقال الفرزدق يخذلونك فلا تذهب فانك تأتي قوم قلوبهم معك وايديهم عليك فلم يطعني

المنزل الثالث ذات عرق

وفيها وصل عون ومحمد أبناء عبد الله بن جعفرالطيار بن أبي طالب حاملين كتابا من ابيهم الى الحسين بن علي جاء فيه (فإني أسألك بالله لما انصرفت حين تنظر في كتابي، فإني مشفق عليك من الوجه الذي توجهت له أن يكون فيه هلاكك واستئصال أهل بيتك، إن هلكت اليوم طفئ نور الأرض، فإنك علم المهتدين ورجاء المؤمنين، فلا تعجل بالمسير فإني في أثر كتابي، والسلام).

وكلم عبد الله بن جعفر عمرو بن سعيد بن العاص – عامل مكة ليزيد- وقال له اكتب كتابا للحسين تجعل له الامان وتمنيه فيه البر والصلة وتوثق له في كتابك وتسأله الرجوع لعله يطمئن الى ذاك فيرجع فقال له عمرو بن سعيد أكتب ما شئت واتني به حتى أختمه فكتب عبد الله بن جعفر الكتاب ثم اتى به عمرو بن سعيد فقال له اختمه وابعثه مع اخيك يحيى بن سعيد فأنه أحرى أن يطمئن نفسه اليك ويعلم انه الجد منك ففعل والتقى الاثنين بالحسين ( وأقراه الكتاب وجهدا به وكان مما اعتذر الحسين اليهما أن قال: ((اني رأيت رؤيا فيها رسول الله ( وأمرت فيها بأمر انا ماض له علي كان أولي)) فقالا له: فما تلك الرؤيا؟ قال: ((ما حدثت أحدا بها وما انا محدث بها حتى ألقى ربى)).

وأدناه الكتب المتبادلة بين الحسين بن علي عليه السلام وعمرو بن سعيد بن العاص عامل مكة؛

1-كتاب عمرو بن سعيد الى الحسين بن علي عليه السلام 

(بسم الله الرحمن الرحيم من عمرو بن سعيد إلى الحسين بن علي اما بعد فاني اسأل الله ان يصرفك عما يوبقك وان يهديك لما يرشدك بلغني أنك قد توجهت إلى العراق واني أعيذك بالله من الشقاق فاني أخاف عليك فيه الهلاك، وقد بعثت إليك عبد الله بن جعفر ويحيى بن سعيد فأقبل إلى معهما فان لك عندي الأمان والصلة والبر وحسن الجوار لك الله علي بذلك شهيد وكفيل ومراع ووكيل والسلام عليك).

2-كتاب الحسين بن علي لعمرو بن سعيد عامل مكة:

((اما بعد فإنه لم يشاقق الله ورسوله من دعا إلى الله عز وجل و عمل صالحا وقال, انني من المسلمين، وقد دعوت إلى الأمان والبر والصلة فخير الأمان أمان الله ولن يؤمن الله يوم القيامة من لم يخفه في الدنيا فنسأل الله مخافة في الدنيا توجب لنا أمان يوم القيامة فان كنت نويت بالكتاب صلتي وبري فجزيت خيرا في الدنيا والآخرة والسلام)).

الحلقة الرابعة

المنزل الرابع الحاجر

من هذا المنزل ومن بطن الرمه تحديدا بعث الحسين بن علي عليه السلام ( رسوله الثاني لاهل الكوفة قيس بن مسهر الصيداوي الاسدي وكتب معه اليهم((بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي إلى إخوانه من المؤمنين والمسلمين، سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو أما بعد: فإن كتاب مسلم بن عقيل جاءني يخبر فيه بحسن رأيكم واجتماع ملئكم على نصرنا والطلب بحقنا، فسألت الله أن يحسن لنا الصنيع، وأن يثيبكم على ذلك أعظم الأجر، وقد شخصت إليكم من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية، فإذا قدم عليكم رسولي فاكمشوا أمركم وجدوا فإني قادم عليكم في أيامي هذه، والسلام عليكم ورحمة الله)).

والحاجر واد بعالية نجد ويجتمع فيه اهل الكوفة واهل البصرة إن أرادوا المدينة ويذكر ياقوت الحموي انه دون فيد.

وعندما وصل السفير قيس بن مسهر الصيداوي الى القادسية اخذه الحصين بن تميم التميمي قائد شرطة أبن زياد وبعثه له فقال له بن زياد اصعد الى القصر فسب الكذاب أبن الكذاب ( يقصد الحسين بن علي عليه السلام) فصعد ثم قال (إن هذا الحسين بن علي خير خلق الله ابن فاطمة بنت رسول الله وأنا رسوله إليكم فأجيبوه، ثم لعن عبيد الله بن زياد وأباه، واستغفر لعلي بن أبي طالب عليه السلام وصلى عليه فأمر به عبيد الله أن يرمى به من فوق القصر، فرموا به فتقطع)فمات رحمه الله.

المنزل الخامس ماء عبد الله بن مطيع

وسار الحسين عليه السلام ومن معه فأنتهى الى ماء من مياه العرب عليه عبد الله بن مطيع العدوي وهو نازل ها هنا فلما رأى الحسين عليه السلام قام اليه فقال: (بأبي أنت وأمي يأبن رسول الله ما أقدمك؟)، فقال له الحسين عليه السلام: ((كتب إلي أهل العراق يدعونني إلى أنفسهم))، فقال له عبد الله بن مطيع: (أذكرك الله يا ابن رسول الله وحرمة الاسلام أن تنهتك، أنشدك الله في حرمة قريش، أنشدك الله في حرمة العرب، فو الله لئن طلبت ما في أيدي بني أمية ليقتلنك، ولئن قتلوك لا يهابوا بعدك أحدا أبدا، والله إنها لحرمة الاسلام تنهتك، وحرمة قريش وحرمة العرب، فلا تفعل ولا تأت الكوفة ولا تعرض نفسك لبني أمية)، فأبي الحسين عليه السلام إلا أن يمضي ويضيف الدينوري ان الحسين عليه السلام قال لابن مطيع: ((أن أهل الكوفة كتبوا اليّ يسألوني أن أقدم عليهم لما رجوا من أحياء معالم الحق وإماتة البدع)) وقال كذلك {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} ثم ودَعه ومضى.

المنزل السادس الخزيمية

تقع قبل زرود من مكة وبعدها للذاهب من الكوفة وهي من منازل الحج وألتقى الحسين( بزهير بن القين حيث نظر ( الى فسطاط مضروب فسأل عنه فقيل له هو لزهير بن القين وكان حاجاً أقبل من مكة يريد الكوفة فأرسل الحسين ( رسولا أن القني اكلمك وبألتماس شديد من زوجته (دلهم بنت عمرو) التي قالت له: سبحان الله، يبعث إليك ابن رسول الله فلا تجيبه؟ فقام إلى الحسين ( فلم يلبث أن انصرف وقد أشرق وجهه! فأمر بفسطاطه فقلع، وضرب إلى لزق فسطاط الحسين ( ثم قال لأمرته أنت طالق فتقدمي مع اخيك الى أن تصلي الى منزلك فأني قد وطنت نفسي على الموت مع الحسين ثم قال لمن كان معه (من أحب منكم الشهادة فليقم ومن كرهها فليتقدم) فلم يقم معه منهم وخرجوا مع المرأة وأخيها حتى لحقوا بالكوفة.

ويذكر البلاذري والطبري وأبن الاثير أن زهير بن القين كان عثمانيا (وقد رد هذه الدعوى زهير رحمه الله و لزم الحسين عليه السلام حتى قتل معه رضوان الله عليه).

ويضيف الطبري أن ابن القين نقل لأصحابه حديثا: إنا غزونا البحر ، ففتح الله علينا وأصبنا غنائم، فقال لنا سليمان الباهلي رضي الله عنه: أفرحتم بما فتح الله عليكم، وأصبتم من الغنائم؟ فقلنا: نعم، فقال: (إذا أدركتم شباب آل محمد فكونوا أشد فرحا بقتالكم معهم مما أصبتم اليوم من الغنائم. فأما أنا فأستودعكم الله).

الحلقة الخامسة

السفير الرابع للحسين عليه السلام

لم تحدد بالضبط مصادر المؤرخين المكان الذين أرسل فيه الحسين عليه السلام سفيرهُ الرابع الى مسلم بن عقيل ع ولكن قطعا سيكون من الخزيمية أو من زرود قبل أن يصل خبر مقتل مسلم وهاني رضوان الله عليهما. كان سفيره هذه المرة هو عبد الله بن يقطر الحميري وكانت أمه حاضنة للحسين عليه السلام ولذلك قيل فيه أنه أخوه من الرضاعة، فتلقته خيل أبن زياد بالقادسية وسرحوا به الى أبن زياد في الكوفة الذي لم يتوان أن امر بألقاءه من فوق القصر بعد أن سب الكذاب أبن سمية، وطلب النصرة للحسين عليه السلام والذي هو قادم في طريقه الى الكوفة، وما أن سقط على الارض حتى تكسرت عظامه وكان به رمق فاتاه عبد الملك بن عمير اللخمي فذبحه فلما عُيب ذلك عليه قال :(إنما أردت أن أريحه) وقد ولي القضاء بعد الشعبي في الكوفة وتوفي سنة 136.

المنزل السابع : زرود

وهي بين الخزيمية والثعلبية بطريق الحاج من الكوفة وتسمى زرود العتيقة وهي دون الخزيمية بميل فيها بركة وقصر وحوض وكان فيها يوم مشهور بين بني تغلب وبني يربوع التميمين ، وفي هذا المنزل اخبر بكير بن المثعبة الاسدي القادم من الكوفة بني عمومته عبد الله بن سليم والمذري بن المشمل العائدان من الحج واللذان لحقا بالحسين ع في ذلك الموقع فسألاه ، عن خبر الكوفة فأجاب بكير بأنه لم يخرج من الكوفة حتى قتل مسلم وهاني بن عروة رضوان الله عليهما ورأى القوم يجرون بأرجلهم فافترقا حيث ذهب بكير لمكة وأبني عمومته سايرا الحسين عليه السلام حيث يسير .

المنزل الثامن: الثعلبية

وهي من منازل طريق مكة من الكوفة بعد الشقوق وقبل الخزيميةوهي ثلثا الطريق وأسفل منها ماء يقال له الضوية على ميل منها مشرف وسميت نسبة الى ثعلبة بن عمرو بن عامر ماء السماء لما تفرقت الازد بينما يذكر الزجاجي وأبن الكلبي أنها سميت نسبة الى ثعلبة بن دودان بن أسد خزيمة.

وفي هذا المنزل أخبر الاسديان الحسين عليه السلام بما حصل في الكوفة ومقتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة رضي الله عليهما فردد الحسين عليه السلام مرارا:(( أنا لله وانا اليه راجعون))، وناشداه الاسديان الانصراف من هذا المكان حيث لا ناصر له بالكوفة ولا شيعة، وعند ذلك وثب بنو عقيل وقالوا: (لا نبرح حتى ندرك ثأرنا أو نذوق ما ذاق اخونا)، فقال الحسين عليه السلام: (( لا خير في العيش بعد هؤلاء)).

وقد وصل الحسين عليه السلام هذا المنزل مساءا، وخرج منه بعد أن أكثر غلمانه من الماء سحرا.

المنزل التاسع: زُبالة

منزل معروف بطريق مكة من الكوفة وهو قرية عامرة بأسواقها بين واقصة والثعلبية حسب وصف الحموي لها وقال أبو عبيدة السكوني أن زبالة بعد القاع من الكوفة وقيل الشقوق وفيها حصن وجامع لبني غاضرة من بني أسد.

وقد وصل الى الحسين عليه السلام مقتل أخيه من الرضاعة عبد الله بن يقطر الحميري، وقد خطب عليه السلام بالناس بعد أن أخرج كتاباً وقرأ: ((بسم الله الرحمن الرحيم فإنه قد أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل، وهانئ بن عروة، و عبد الله بن يقطر، وقد خذلتنا شيعتنا، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف غير حرج، ليس عليه ذمام ))، فتفرق الناس عنه وأخذوا يمينا وشمالا، حتى بقي في أصحابه الذين جاؤوا معه من المدينة.

المرفقات

: السيد طه الديباج