عبد الصاحب مجيد آل طعمة (1353 ــ 1411 هـ / 1934 ــ 1992 م)
قال من قصيدة (شهيد كربلاء)
لهفي على مَن قد قضى ظامي الحشا لهفي على السبطِ شهيدِ (كربلا)
يا مَـــــــــن بكتْ له السماواتُ العلى في آيـــــــــةِ التطهيرِ ذكرُه أتى
مِن أجلِ أن تــــهدي لدينِ المصطفى يا فلذةَ الزهراءِ نجلَ المرتضى (1)
الشاعر
السيد عبد الصاحب بن مجيد بن محمد علي بن مجيد بن سليمان بن أمين بن مصطفى بن أحمد بن يحيى آل طعمة، ولد في كربلاء، وتخرج من دار المعلمين في بغداد وعين معلما في مدارس كربلاء حتى أحيل على التقاعد.
شغف بالأدب ونهل كثيراً من الشعر العربي وتأثر بالمتنبي والشريف الرضي، ونشر قصائده في مجلة (العدل) النجفية، وله ديوان مخطوط بعنوان (فتوح وصروح) أغلبه في أهل البيت (عليهم السلام)، وله دراسة عن ابن خلدون.
قال عنه السيد سلمان هادي آل طعمة: (أحب الشعر منذ يفاعته، وكان له في اللغة باع طويل، فقد درس دواوين الشعراء قاطبة وغاص في أعماقها، وأخرج دررها، حتى كان من الشعراء المعدودين في المدينة...) (2)
وقال عنه السيد صادق آل طعمة: (شاعر ومثقف، مشرق الديباجة، أنيس المجلس، ظريف النكتة، كما كان راوية العربي للشعر يحفظ منه ويستشهد به كثيراً ما جالسته وسامرته، فكنت أستريح إلى مطارحاته العذبة ومناقلاته الخصبة وإلى ومضاته المشرقة، ويومها كان طالبا في ثانوية كربلاء حدود سنة 1952، أصدر نشرة جدارية باسم (لواء العبقرية) وشارك في احتفال أقيم بمناسبة ذكرى استشهاد أبي الأحرار وسید الشهداء الإمام الحسين بن علي بال الذي أقيم في الثانوية إبان ذلك العهد مع من شارك من الأدباء، ثم ما لبث أن ارتدى العمة والقفطان ليلقي قصيدة من قصائده في ليلة العاشر من المحرم مع موكبنا خدمة الروضة الحسينية في مطلع الخمسينيات كل عام.
ومنذ سنة 1954 بدأ يقرض الشعر، ومرت الأيام حتى أخذت الصحف والمجلات العراقية تنشر له قصائده الوجدانية والوطنية والغزلية، فكان موفقاً إلى الغاية من التوفيق، والاستحسان من لدن أساتذته ومحبيه، تملكه الروح التاريخية حتى ليبدو في كل ما يصدر عنه وحتى في أحاديثه العامة كأنه المؤرخ المستقصي ومن جهابذة المحققين.
عرفته سهل الخلق، لين العريكة، دقيق الحس، رفيع النفس، حسن المعاملة، متفائلا أبداً، تتزاحم في رأسه الأفكار كأنها في سباق فيجري في تدوينها على عجل.
له مساهمات شعرية في الندوات والمجالس الأدبية وكان فيها مبرزاً في عطائه، ظاهر الحضور، محفوف المكانة بالتقدير والاحترام.
كان ولا يزال متسما بالتعليق بعظائم الأمور والبعد عن سفاسفها. يحمل فكره جزءاً كبيراً من المشاعر والأحاسيس تجاه الآخرين.
إن حبه مزروع في قلوب أصدقائه، وكثيراً ما كنا نجتمع في المكتبة العامة أو في مكتبة السعادة لصاحبها المرحوم السيد سعيد زيني، فاستمع إلى حديثه الشيق المشبع بالحكمة والعذوبة، فيلذ لي ذلك، هذا إلى هدوء ودماثة مع ميل إلى المرح... ما رأيته يوماً متبرِّماً من الحياة، وكأنه القانع الراضي بما هو فيه دوماً، وقد صحب القلم طوال حياته، وأودع القرطاس جهد أيامه، وكان روح النظم في شعره أقوى من معانيه وأظهر، كنت أراه من المواظبين على شراء مجلة المورد وكان يقرأها من الجلد إلى الجلد لأنها تعنى بالتراث والمعاصرة، وأدبه ينم عن البراعة وطول الباع وسعة الإطلاع) (3)
توفي السيد عبد الصاحب آل طعمة في بغداد ودفن في مسجد براثا بالكرخ.
شعره
قال السيد سلمان آل طعمة: (يتسم شعره بالرقة ورهافة الحس، ويطفح بالرسوخ والمتانة وإجادة التشبيه...) (4)
وقال السيد صادق آل طعمة: (شعره يكشف لك عن الأسلوب المشرق المهذب ورصانة الطبع وصفاء النفس ليترجم عما يجول في فكره وما يجيل به صدره من غير تكلف..) (5)
شعره
قال عنه عبد العزيز البابطين: (ولد في أسرة علم وأدب، نبغ فيها عدد كبير من الكُتَّاب والشعراء. أنهى دراسته الابتدائية والمتوسطة في كربلاء، ثم انتقل إلى بغداد ليتخرج في دار المعلمين الابتدائية. عُيِّن معلماً في مدارس كربلاء.
الإنتاج الشعري:
له قصائد منشورة في جريدة «العدل» النجفية، وديوان «فتوح وصروح» (مخطوط) في حوزة أسرته، منه نسخة بخط يده، ونسخة عنها لدى الشاعر الباحث سلمان هادي آل طعمة.
يفيض شعره بحب النبي وآل بيته الكرام، إلى جانب اهتمامه بقضايا وطنه العربي الكبير، ويبدو متأثرًا بالقيم الشعرية القديمة، يتجلى ذلك في حفاظه على العمود الشعري، وفي تمثله لبعض من النماذج الشعرية الموروثة، منها معارضته لقصيدة الحصري القيرواني: «يا ليل الصب» كما أن له أرجوزة في المديح النبوي) (6)
قال السيد عبد الصاحب آل طعمة من قصيدة في النبي الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله):
يا مُــــــــــلهمَ الأحرارِ والعظماءِ فُزنا بهــــديكَ يا أبا الزهراءِ
يا خاتمَ الرسلِ المبجَّلِ في الورى نِعمَ الــنبيِّ أطلَ في الأرجاءِ
وكريمُ أصــــــلٍ مِن ذؤابةِ هاشمٍ ومُــهيِّجُ الأبطالِ في الهيجاءِ
للهِ درُّكَ مِن هُمـــــــــــــامٍ أروعٍ قد كنتَ للإسلامِ كهفَ رجـاءِ
أفدي رسولَ اللهِ رمزاً للـــــهدى ومنارةً للســـــــــــيرةِ الغرَّاءِ
يا مُلهمَ الأجيالِ جِئتَ إلى الـدنى الله خصَّكَ ليلةَ الإســــــــراءِ
وسموتَ بالأخـــــلاقِ تهدي أمَّةً للدينِ يـا رمزَ الهدى الوضَّاءِ
وحملتَ نبراسَ الفـضيلةِ والتقى لا تخشَ مِن حزنٍ ومِن إيذاءِ
يا حاديَ المثلَ العظــــيمةِ قـدوةً لا زلـتَ مُؤتلقاً كشمسِ سماءِ
بُوركتَ خيرَ مُجاهدٍ ومُـــــجالدٍ تـــــسعى لكلِّ فضيلةٍ ورخاءِ (7)
وقال من قصيدة (سبط الرسالة) وتبلغ (39) بيتاً:
يا ابـنَ الميامينِ قد حاقتـــــكَ أخطارُ وكمْ أحاطتكَ يومَ (الطفِّ) أشــــرارُ
وطـــــــــــــوَّقتكَ بـلـــــيَّاتٌ مُروِّعةٌ غُلــــــــبُ الرجالِ إذا لاقــته ينــهارُ
فـلمْ يغرْكْ ولــــمْ تخنعْ لما نـــــزلتْ به صفــــوفٌ مِن الأهــوالِ أطــوارُ
وما أهمَّكَ ما اقتادوا وما حـــــشدوا وما أرابكَ ما رامـــــوا ومــا جاروا
وللكــــــرامِ دروسٌ رحـــــتَ تلقنها إنّ العـــــــــــــــقيدةَ تــصميمٌ وإيثارُ
يا مَن تـــوهَّمَ جيشُ الـــــبغي أنَّ له سطواً عليكَ ألا يا بــئسَ ما اختاروا
إذ كــنتَ خيرَ مثـــــالٍ للألى سلكوا دربَ الخلودِ فــــــيومُ (الطفِّ) نوَّارُ
أبا علــيٍّ وكــــــــــمْ علَّمتَ مكرمةً عــــــــليَّــــــةُ القومِ والأفلاكُ تحتارُ
أبا عليٍّ وكـمْ خـــــــلّفتَ مأثــــــرةً للصـــــــامـــــدينَ لها الأمجادُ تنهارُ
أبا عليٍّ وكـــــــمْ آتيتَ مُـــــنتصباً يـــــومَ (الطفوفِ) بأنَّ العزمَ إصرارُ
أبا عليٍّ وكمْ عــــلّمـــــتَ موعظةً صحـباً ميامينَ فاختاروا وما انهاروا
أبا عليٍّ وكمْ دنـــــــــتَ القناةَ وكمْ أثبتَّ أنَّــــــــــــــــــــكَ للطغيانِ قهَّارُ
أبا عليٍّ ويومُ (الـــــــطفِّ) ملحمةٌ وللملاحــــــــــــــمِ في التاريخِ أخبارُ
أبا عليٍّ وكمْ في (الطفِّ) مِن عِبرٍ لهــــــــا دروسٌ وأحــــــــــكامٌ وآثارُ
أبا عليٍّ ويــــــــــا رمزَ الفداءِ ويا أعجــــــــــوبةُ الدهرِ إنَّ الدهرَ غدَّارُ
أبا عليٍّ وفــــي الأحشاءِ أيِّ لظىً فــــــــــليبقَ جدّكَ في الأمصارِ جبارُ
أبا عليٍّ ودربُ الــــــمجدِ تضحيةٌ فكنتَ بـــــــــــــــاذلها إذ أنتَ مُختارُ
أبيتَ إلّا اقتحامَ الموتِ مُـــــحتملاً كي لا تصافحَ كــــــــــفاً مسَّها العارُ
فكنتَ أروعَ مَن لمْ يرتـــهبْ جَللاً فمَن كيومِكَ في الأيـــــــــــــامِ تذكارُ
أبا عـــــــــليٍّ وخيرُ القولِ أصدقُه لولا صــــــــــــمودُكَ دينُ اللهِ ينهارُ
أبا عليٍّ ورمـــــــــزُ الصبرِ قافيةٌ جعلتُ ذكرَكَ حتــــــــــى قيلَ تكرارُ
وما توهَّمتُ فالرحــــــمنُ أوردَها بأيِّ آلاءِ ربِّ العرشِ إنـــــــــــــكارُ (8)
وقال من قصيدة (طريق الخلود) وتبلغ (37) بيتاً:
لولاكَ دينُ محمدٍ لا يُـــــــــــــــــــبتنى سـبــــط الرسالةِ يا سليلَ وصيِّنا
للهِ درُّكَ يا حـــــــــــــــــــسينُ مُجاوزاً مـــــا لا يُطاقُ وكانَ عندكَ هيِّنا
إنّ الذي رامَ الــــــخلـــــــــــــودَ تذلّلتْ كلُّ الـصعوباتِ الجسامِ لما عنى
للهِ عــــــزمُ الثائـــــــــــرينَ إذا استوى لا ينتـــــــــــهي حدَّاً ولـن يتلوَّنا
يسعــــــــــــــى ليدرِكَ غــــــايةً خلّاقةً وبذاكَ يُصـــــبحُ للخـلودِ مُعنوَنا
والــــــعزمُ أن يهبَ الــــــعقيدةَ صابراً مُتأسِّياً مُـستبصــــــــــراً مُستيقِنا
أسمـى وأغلى الــــــتضحياتِ مُرخَّصاً حتى يـصيِّرُ مستحيلاً مُـــــــمكِنا
وكذاكَ عزمُــــــكَ بـ(الطفوفِّ) مُكابراً أقـــــــسمتَ إلّا أن تصيرَ مُهيمنا
آمــــــــنتُ بــــــاسمِكَ يا حسينُ مسلّماً للهِ مُــــــــــــــعتزِماً هنا أن أعلِنا
اللهُ ربــــــي والـــــــــــــــــرسولُ نبيُّه وأبوكَ حيــــــــــدرةُ الهمامِ وليُّنا
وعـــــــــــلمتُ شأنكمُ الأجـــــلُّ فديتُه مـــــــأوىً ومــثوى للأنامِ ومأمنا
قد جئتُ ألتــــــــــمسُ الهـــــدايةَ فيكمُ وبيومِكَ الـــــــــسامي أتيتُ مُؤبِّنا
أنا لمْ أزلْ أهواكمُ يـــــــــــــــا معشراً أنتمْ ولاةُ الحقِّ أمـــــــــــــجادٌ لنا
يـــــــــــا ذا الذي ملأ البريةَ ذكـــــرُه واخــــتصَّه الباري القديرُ لأمرِنا
اللهُ أكبــــــــــرُ يا حسينُ لمــــا جـرى لكـمُ بأرضِ (الطفِّ) يا عزَّ المُنى
ما مثل مـا ضحَّيتَ يا خـــــيرَ الورى ضحّى امرؤٌ بلْ أنتَ أوَّلُ مَن بنى
ولـــــــــقد تلقَّيتَ الحـــــتوفَ فأذهِلتْ حرُّ الـــــعقولِ ورحتَ تلتقفُ القنا
ومصيبةُ الطفلِ الـــــرضيعِ تجاوزتْ حدَّ الــــــتصوُّرِ والمصيبةُ ها هنا
وشرعتَ نــــــــهجاً للكرامِ مُـــــخلّداً عزُّ الأنــــــــــــــامِ مفاخراً ومُقنّنا
للسالكينَ إلى الرشــــــــــــــــادِ مُبيِّناً أسمى دروسِ الفـــخرِ رحتَ مُعلّنا
وتركتَ ما لا يتركنَّ إلى الـــــــورى ذكراً قــــــــــــــويماً مُعلَنا ومُسنَّنا
ليسَ الطريقُ إلى الخلودِ مُـــــــــعبَّداً لكنه وعرٌ كثيرُ الـــــــــــــــمُنحنى
إن أنسَ لا أنسى مــــــــــواقفَكَ التي أبديتَ فيــــــــــها ما يجلُّ عنِ الثنا
جلجلتَ صوتَكَ في المواقفِ صرخةً دوّتْ بأسماعِ الــــــــــــلئامِ مُبرِهنا
واللهِ لا أعــــــــــــــــطيكمُ بيدي ولا أرضــــخْ ذليلاً خاضعاً لابنِ الخنا
لا حولَ إلّا بـــــــــــــــالإلهِ وقوةَ الـ ـخلّاقِ بـــــــــــــــارئنا نسلّمُ أمرَنا
يا أيُّها المجدُ المحلّقُ بـــــــــــالهدى قد خصَّكَ اللهُ المــــــــــحبةَ والمُنى
ذكراكَ لا تُمحى على طولِ الــمدى يَفنى الزمانُ وذكرُ مـــجدِكَ ما فنى
فيكمْ هَدانا اللهُ يا خـــــــــــيرَ الورى ولكمْ مودَّتُنا وذلكَ حـــــــــــــــسبُنا
فيكـــــمْ نرومُ رضا الشفاعةِ في غدٍ وبكــــــــــــمْ ننالُ رضا الإلهِ تيمُّنا (9)
وقال من قصيدة (شهيد كربلاء):
سلمتَ رمزاً للإباءِ والـــــــــــــــــــفدا مُـــــخلّدَ الذكرِ حبيبُ المصطفى
سبطُ النبيِّ والبـــــــــــــــطولاتُ الـتي قد خضتها أعطيتَ درساً للورى
عــــــــــــــــــــدا عليكَ القومُ مِن أميَّةٍ وأنـــــــــــتَ خيرُ الناسِ أمَّا وأبا
رعاكَ ربُّ العرشِ مِــــــن جورِ العدا حينَ تـــــصدَّيتَ لهمْ يومَ الوغى
كأنَّكَ الــــــــــــــــطيرُ على رؤوسِهمْ وصلتَ كـــــالليثِ إذا جنَّ الدُّجى
يــــــــــا وقعةً دوَّى صداها في السما وهزَّتِ الكونَ ومــــــــعشرَ الملا
لهفي على مَن قد قضى ظامي الحشا لهفي على السبطِ شــهيدِ (كربلا)
يا مَـــــــــن بكتْ له السماواتُ العلى في آيـــــــــةِ التطــهيرِ ذكرُه أتى
مِن أجلِ أن تــــهدي لدينِ المصطفى يا فلذةَ الزهراءِ نجـــلَ المرتضى
أكـــــــــــبرتُ في شخصِكَ كلَّ ثورةٍ جبَّارةٍ تضربُ فيهـــا مَن عصى
ففي عراصِ الــــطفِّ صلتَ ضيغماً بسيفِكَ المسلولِ تحصـــــــدُ العِدا
بالأهلِ والأصحـــــــابِ ضحَّيتَ ولمْ تخشَ عــــــساكراً ببوغاءِ الثرى
ولــــــــــــــــــــمْ تبايعْ ظالماً وفاسقاً مــــــــثلَ يزيدٍ وهوَ شاربُ الطلا
وقال من قصيدة (ساقي العطاشى):
يا صريـــــــعاً تعساً لمَن صرعوهُ هوَ قد نالهمْ ومــــــــــا نالوهُ
أمـــــــــلُ المرتضى حبيبُ حسينٍ قد أراهمْ ويــــلاً كما عهدوهُ
ليسَ يخشى الردى ولا القتلَ قطعاً مُنذُ صفينٍ كلّهمْ عـــــــــرفوهُ
فأبو الفضلِ حــــــــــازَ خـيرَ لواءٍ في المعالي لبئــسَ ما كـادوهُ
قومُ سوءٍ دعاهمُ شــــــــــــرُّ خلقٍ حينَ لبُّوا النـــــداءَ مَن تبعوهُ
دعــــــــــوا السبطَ مُنقذاً مِن يزيدٍ وأخـــــــــــــيراً تراهمُ خذلوهُ
جحفلُ الشـــركِ والضلالِ أرادوا عن أخيهِ الحسينِ أن يعــزلوهُ
ونسوا أنَّ حـــــــــيدراً رامً ذخراً منه للسبطِ ذاكَ ما جـــــــهلوهُ
حاملُ الرايةِ استـــــــــــوى بإباءٍ فادياً روحَه فمــــــــــا أدركوهُ
وإذا لمْ يحاولوا منه غـــــــــــدراً هدَّ أركــــــــــــانَهمْ وما قتلوهُ
هوَ ساقي الــــــعطاشِ شبلُ عليٍّ قد أصابوا الحسينَ مُذ صـابوهُ
يا لها مِن شهــــــــــــادةٍ ذادَ فيها عــن حياضِ النبيِّ حينَ دعوهُ (10)
وله أرجوزة طويلة في النبي وآله الأطهار (صلوات الله عليهم) قال منها:
ربُّ الــــعلى اختارَ لأمرِ الخلقِ لــــــــــهديهِمْ وهوَ بهمْ ذو رفقِ
فانتجبَ الـــــــهادي لأمرِ العالمِ خيرَ الأنـــــــــامِ وهوَ خيرُ عالمِ
واخــــــتارَ مِن بينِ الأنامِ أحمدا لــــــــــــكي يعلّمَ البرايا الرَّشدا
محمدُ المختارِ أكرمُ الـــــــورى قد اصطفاهُ اللهُ قد بـــــــهِ سرى
سبحانَه ارتضــــــــــــــاهُ للنبوَّةِ فمدَّه بـــــــــــــــــــــعونِه والقوَّةِ
وقد حـــــــــــــباهُ أكرمَ المعاني وبالخصالِ الطــــــــهرِ والقرآنِ
فأنقذَ اللهُ بــــــــــــــــــــه العبادا وقد أزالَ الــــــــــجورَ والفسادا
وهــــــــــوَ كما في خلقِهِ المتينِ ســـــــــمُّوهُ ذا بالـصادقِ الأمينِ
فحطّمَ الأوثانَ والأصـــــــــناما مـــــــــــــــــوحِّداً خالقَنا العلاما
وهوَ بلا إنـــــــكارِ سيدُ العربْ وآله الطهرُ الـــــــميامينُ النُجُبْ
فمِــــــــــنْ عـليٍّ ومِن الزهراءِ بنو محمدٍ بلا استــــــــــــــــثناءِ
مُذ نحوَ حيدرٍ أشارَ يـــــــــوماً مُؤكّداً مِــــــــــــــــن الإلهِ عزما
كلُّ نبيٍّ ولدُه مِـــــــــــن صلبِهِ لـــــــــــــكنَّ ولدي ولدُه أكرمْ به
أئمةُ الخلقِ هـمُ إثـــــــــنا عشرْ أرادهمْ ذو العرشِ قادةَ الـــــبشرْ
أولّـــــــــــــــــهمْ عليٌّ الوصيُّ وهوَ الشهابُ الثاقبُ المــــرضيُّ
في زهدِهِ والعــدلِ أهدى عبراً قاهرَ أهلِ الشركِ داحـــي خـيبرا
إذ قالَ فيه المصطفى خيرَ كلمْ والمصطفى بالخلقِ خيرُ مَن عُلِمْ
مَــــن كنتُ مولاهُ فمولاهُ علي أبيُّ ضــــــيمٍ ولذي الـعرشِ ولي
والِ إلــــــــــهي كلَّ مَن والاهُ وعادِ يا ربَّـــــــــــــــاهُ مَن عاداهُ
ويومُه غديرُه الــــــــــمشهورُ وهوَ لكلِّ الــــــــــــــــخافقينِ نورُ
ومنها:
مـوسى بنُ جعــــفرٍ أبيُّ الضيمِ ثــــابرَ مِن دونِ ضـنىً أو سأمِ
فقـــــارعَ الطغيـــانَ دونَ جبنِ مكافحاً حتـى قضى في السجنِ
ولمْ يُــــــبالي بــــالذي سيحدثُ ولمْ يـــــــــــوالي مُستبدَّاً يعبثُ
ثمَّ تولّى الأمـــرَ بـعدَ أن قضى وللجنانِ الخــــــلدِ حينما مضى
مِن آلِ أحـــــــمدٍ الـرضا عليُّ هوَ ابنُ موســــــى العلمُ الزكيُّ
ثمَّ الجـــوادُ نـــــــــــجلُه محمدْ الورعُ الطـهرُ الـــــنقيُّ الأمجدْ
رمــزُ الـهدى والـجـودِ والأبيْ هدايةُ الأبـرارِ الفذُّ الــــــــــتقيْ
والعسكريُّ نجـله تـــــــــــولّى بعدَ أبــــــــــــيهِ الحسنِ المعلّى
ثم تولّى صاحــــبُ الزمـــــانِ لكنه غابَ عــــــــــــــنِ العيانِ
واللهُ أدرى كــــمْ تطولُ الغيبةْ فهوَ الذي قضى النوى والغربةْ
فهوَ إمـــــــــــامُ للهدى مهديُّ مـــــــــــــحمدٌ للمصطفى سميُّ
يـــهدي الورى وينشرُ الوئاما ولــــــــــــــــمْ يدعْ لفاجرٍ مَقاما
مِن بعدما قد مُلئتْ بـــالــجورِ يمــــــــــــلؤها عدلاً وليُّ الأمرِ
اللهُ يــــــــا ربّاهُ أنـــتَ الخالقُ كــــــــما وأنتَ يا إلهي الرازقُ
اللهُ يا ربَّاهُ يــــــــــــــــا معينُ أنتَ إلـــــــــــــــهي بكَ أستعينُ
صلِّ على النبيِّ والأئــــــــمةْ واكشفْ بـهمْ عنــــا إلهي الغمّة
بهمْ وفيهمْ نرتضي ونغضـبُ كما بحبِّهمْ رضــــــــــاكَ نطلبُ
شفاعةً نرجو بهمْ في الآخرةْ وأنعماً مِن الإلهِ وافـــــــــــــــرة (11)
..............................................................
1 ــ الحركة الأدبية المعاصرة في كربلاء ج 2 ص 128 ــ 129
2 ــ شعراء كربلاء ج 3 ص 58
3 ــ الحركة الأدبية المعاصرة في كربلاء ج 2 ص 132 ــ 133
4 ــ شعراء كربلاء ج 3 ص 59
5 ــ الحركة الأدبية المعاصرة في كربلاء ج 2 ص 134
6 ــ معجم البابطين ج 1 ص 3860
7 ــ شعراء كربلاء ج 3 ص 64 / الحركة الأدبية المعاصرة في كربلاء ج 2 ص 130
8 ــ شعراء كربلاء ج 3 ص 65 ــ 69
9 ــ نفس المصدر ص 62
10 ــ نفس المصدر ص 65
11 ــ نفس المصدر ص 68 ــ 70
اترك تعليق