906 ــ عباس الصفار الزيوري (1253 ــ 1316 هـ / 1838 ــ 1897 م)

عباس الصفار الزيوري (1253 ــ 1316 هـ / 1838 ــ 1897 م)

قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (21) بيتاً:

يُــــــطالبُ في ثارِ الحسينِ وفتيةٍ      قضتْ عطشاً بـ(الطفِّ) مِن آلِ غالبِ

وقد خلّفتْ في (الغاضريةِ) نسوةً      خـماصَ الحشى وآهاً لها مِن سواغبِ

إذا رفعتْ رأساً إلى اللهِ أبصرتْ      رؤوســــــــــــاً تُعلّى كالنجومِ الثواقبِ (1)

الشاعر

الملا عباس بن القاسم بن إبراهيم بن زكريا بن حسين بن كريم بن علي بن كريم بن علي بن عُقلَه الصفار الزيوري البغدادي الحلي (2) ولقبه السماوي بـالكندي وقال هو من ذرية المقداد بن الأسود الصحابي (3)

والزيوري شاعر وأديب وخطيب، ولد في بغداد، ومات أبوه وهو صغير فأخذته أمه إلى أهلها في الحلة، فنشأ بين أخواله وتعلّم الشعر عندهم، (4) وكان يتردد بين بغداد والحلة ثم انتقل إلى كربلاء في عهد السيد أحمد بن السيد كاظم الرشتي المقتول سنة (١٢٩٤ هـ / 1877 م) وله فيه مدائح وتهاني كثيرة، وحج الزيوري بيت الله الحرام مع الرشتي سنة (١٢٩٠ هـ)، ورافقه بعد الحج إلى الاستانة (أسطنبول) ثم تنقل في البلاد اليمنية للسياحة ثم عاد إلى العراق وفي أخريات أيامه سافر إلى ايران لزيارة الإمام الرضا (عليه السلام) ولطبع أشعاره فتوفي في طهران عند الشاه عبد العظيم الحسني، وذهبت قصائده بذهابه وقد تجاوز عمره الستين عاماً. (5)

أولع الزيوري بالتخميس وكانت له اليد الطولى فيه، فخمس علويات ابن أبي الحديد، وهاشميات الكميت، وقصيدة العلامة الفقيه الشيخ حسين نجف التي جارى فيها الهائية الأزرية الشهيرة في مدح أمير المؤمنين (عليه‌ السلام). وله شعر كثير في الأئمة عليهم السلام (6)

قال عنه الشيخ اليعقوبي: (وسمعت من جماعة ممن عاصره من البغداديين والحليين أنه كان من الذاكرين الخطباء ولكن شهرته الأدبية تغلبت على شهرته المنبرية...) (7)

وقال السيد محسن الأمين: (كان أديباً شاعراً ذا بديهة في نظم التاريخ سريعة يقتضبه اقتضاباً كأنه كان معداً عنده له تخميس العلويات السبع والهاشميات السبع والهمزية النبوية وغيرها رأيتها بتصحيحه) (8)

وقال عنه السماوي: (كان أديباً شاعراً، متوسط الطبقة، حسن التاريخ ذا بديهة به سريعة، رأيته قبل وفاته بسنوات، فرأيته يقتضب التأريخ اقتضابا سريعا، فكأنه كان معدا عنده، له تخميس العلويات والسبع والهاشميات السبع والهمزية النبوية وغير ذلك، رأيتها بتصحيحه، وقد نظمه سنة 1298م، سافر إلى اليمن ثم إلى مكة ثم عاد إلى بغداد) (9)

وقال الشيخ علي كاشف الغطاء: (كان أديبا شاعرا مسلطا على نظم التاريخ وكان يقتضبه اقتضابا سريعا كأنه قد أعده لوقته، وكان صاحبا لنا وله شعر كثير في مدح الأئمة،..) (10)

وقال عنه الشيخ جعفر النقدي: (كان أديباً ذكياً شاعراً بديهي النظم له اليد الطولى في التاريخ..) (11)

وقال عنه الخاقاني: (أديب أحاط بالصناعتين وبرع بالنثر كما اشتهر بالنظم..) (12)

سافر الزيوري إلى اليمن ثم رجع إلى بغداد ومنها إلى طوس وفي طريقه إلى العراق مرض في طهران ومات فدفن عند الشاه عبد العظيم الحسني الحلة ج 3 ص 237

شعره

قال من قصيدته التي قدمناها في الإمام الحسين (عليه السلام):

إلى كمْ مداراةِ الـــــــعــــــدى مِن مذاهبي     وحتى مَ ســــلطانُ الهمومِ مُصاحــــبي

أما آن للـــــــوقـــــــــــــتِ الذي توعدوننا      بهِ أن نــــرى فيهِ علوَّ المـــــــــــراتبِ

ويظـــــــهرُ أمرُ اللهِ مــــــــــــــا بينَ أهلهِ      وتُخـــفى أمورٌ سنَّهــــــــــا كلُّ ناصبِ

نـــــــرى الشمسَ في شرقِ البلادِ وغربِها      تــجوبُ الفيافي فـــــي ظهورِ النجائبِ

يحفُّ بــــــــــــهمْ مِن آلِ أحـــــــمدَ أصيدٌ     تحفُّ بـــه الأمــــــــلاكُ مِن كلِّ جانبِ

إذا ما سطا خـــــلتَ الــــــبسيطةَ والـسما      طــــــــــــــواها وعبّا شرقَها بالمغاربِ

يُــــــــــــطالبُ فــــــي ثارِ الحسينِ وفتيةٍ     قضــتْ عطشاً بـ(الطفِّ) مِن آلِ غالبِ

وقد خلّفــــــــــــتْ في (الغاضريةِ) نسوةً     خـمــاصَ الحشى وآهاً لها مِن سواغبِ

إذا رفــــــعتْ رأساً إلــــــى اللهِ أبصرتْ     رؤوســــــــــــــاً تُعلّى كالنجومِ الثواقبِ

وإن طأطأتْ راساً إلى الأرض أبصرتْ      جسوماً كساها البينُ ثوبَ المــــــصائبِ

أو الـــــــــــتفتتْ مْن شجوِها عن يمينِها      ويسرتِها أو بعضِ تلــــــــــــكِ الجوانبِ

رأتْ صبيةً لــــــــــلمرتضى فوقَ هُزَّلٍ      مِن العيسِ تُسبــــــــــى معْ نساءٍ نوادبِ

فيا راكباً كوراً مــــــــــــــعوَّدةً على اقـ     ـتطاعِ الــــــــــفيافي في القفارِ السباسبِ

إذا أدلجتْ في السيرِ تحـــــــــــسبُ نبلةً      قد انتُزِعَتْ في القوسِ عن قوسِ حاجبِ

إذا لاحتِ الأعــــــلامُ مِن سرِّ مَن رأى     فـــــــــــــنادِ بأعلى الصوتِ يا آلَ غالبِ

ألا أينَ قومٌ لو تلاقــــــــــــتْ جموعُهم     لما رجـــــــــــــــــعتْ إلّا بجزرِ الكتائبِ

حسينُكمُ أمسى وحيداً وحـــــــــــــــوله     بنو هاشمٍ والصحــــــــــــــبُ كلٌّ بجانبِ

ينادى ألا هل مــــــــِن نصيرٍ فلا يرى     له ناصراً دونَ السيوفِ الـــــــــقواضبِ

ويدعوهمُ حاموا بنـــــــــــــــاتِ محمدٍ      فــــــــــــليسَ يَرى غير القنا مِن مجاوبِ

فقوموا غضاباً وأدفعوا عن نـــــسائِكمْ     فقد أصبـــــــــحتْ أسرى بأيدي الأجانبِ

متى تملأونَ الأرضَ قسطاً بعدِلكمْ     كما مُلئتْ مِن جورِ ظـــــــــــــــلمِ النواصبِ

وقال يرثي أمير المؤمنين (عليه ‌السلام):

أيا عينُ جودي في دمِ الدمعِ واجمدِ     ويا نارُ قلبي كـــــــــــــــيفَ لمْ تتوقّدِ

وهـــــــذا أميرُ المؤمنينَ أصابَه ابـ     ـنُ ملــــــــــــــــجمَ في محرابِهِ بِمُهنَّدِ

فيا شمسُ غيبي يـــا نجومُ تساقطي     فسرُّ هداكِ مـــــــــاتَ في سيفِ ملحدِ

فمَن لليتامـــــــى والأيامى ومَن بهِ     بــــــــــــــنو مضرٍ تعلو بمجدٍ وسؤددِ

وصـــــــــيُّكَ يا خيرَ النبيينَ رأسُه     لقد شُجّ في المحرابِ في سيفِ مُعتدي

تــهدَّمَ من ذاكَ الحمى اليومَ سورُه     فقُم وانـــــــــشرِ الراياتِ في كلِّ مشهدِ

ونادي بأعلى الصوتِ يا آلَ غالبٍ     غدا الدهرُ فــــــي قطعٍ مِن الليلِ أسودِ

أيُضربُ بالمحرابِ رأسُ عميدِكمْ     ويــــلتذّ منكمْ هــــــــــــــــاشميٌّ بمرقَدِ

سيوفُكمُ فُلّتْ أمِ الخـــــــيلُ عُطّلتْ     أُمِ الــــسمرُ أمــستْ بــــــينكمْ في تأوُّدِ

فواللهِ لا أنسى علياً وشـــــــــــيبُه     يُخضَّبُ مــــــن قاني الدمِ الـــــــمُتورِّدِ

وحفّ به أبــــــــناؤه وتصارختْ     علــــــيهِ اليتامــــــى مِن ذراري محمدِ

وأعولَ جـبريلُ الأمــــينُ تهدَّمتْ     مِن الـــــدينِ أركانٌ بــــها الدينُ يهتدى

الا إنَّ أشقـى الأشقياءِ بـــــــسيفِهِ     تعمّــــــد أتــــــقى الأتقيـــا صهرَ أحمدِ

وكبّرتِ الأمـــلاكُ في أفقِ السما     وكلٌّ ينـــــــادي مــــــاتَ واللهِ ســــيدي (14)

وقال في أبي الفضل العباس (عليه ‌السلام):

أبا الفضــــــلِ يا مَن به يُرتجى     محطّ الخطايا مِن المذنبينْ

فــــــــــــحقّقْ رجائي بما رمته     فــأنتَ المُشفّعُ في العالمينْ

وأنتَ ابنُ قطبِ رحى الكائناتِ     وصيُّ النبيِّ الكتابِ المبينْ

فلا تتركنِّيَ فـــــــــــــــي حيرةٍ     فغيرُكمُ ليسَ لي مِن مُعينْ (15)

وقال في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام):

حداةَ الظعونِ لأرضِ الغري     خذوني فقلبيَ مضنىً شجي

خـــــــذوني وحـثّوا مطاياكمُ     إلــى مرقدٍ للصراطِ السوي

وصيُّ الــــــنبيِّ سميُّ العلي     فنـــعمَ الوصيِّ ونعمَ السمي

عليٌّ عليٌّ تعـــــــــــالى علا     جميـــــعَ الخلائقِ بعدَ النبي

له الكونُ مِن ربِّه نــــــــحلةٌ     وكُلٌّ إليهِ بــــــــــــسرٍّ خفي

وإني برئ إلى اللهِ بــــــــــلْ     إليهِ مِن العجلِ والــسامري (16)

.........................................................

1 ــ أدب الطف ج 8 ص 117 ــ 118

2 ــ الذريعة إلى تصانيف الشيعة للطهراني ج 4 ص 10 / شعراء الحلة ج 3 ص 235

3 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ج 1 ص 114

4 ــ الحسين في الشعر الحلي ج 1 ص 236

5 ــ أدب الطف ج 8 ص 118 ــ 119

6 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 237

7 ــ البابليات ج 2 ص 195

8 ــ أعيان الشيعة ج 7 ص 418

9 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ج 1 ص 114

10 ــ الحصون المنيعة ج 9 ص 316

11 ــ الروض النضير ص 281

12 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 238

13 ــ نفس المصدر ص 237

14 ــ أدب الطف ج 8 ص 121 ــ 122

15 ــ أدب الطف ج 8 ص 122

16 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 248

كما ترجم له:

السيد حيدر الحلي / العقد المفصل ج 2 ص 277

خير الدين الزركلي / الأعلام ج 3 ص 264

رسول كاظم عبد السادة / موسوعة أدباء إعمار العتبات المقدسة ج 2 ص 66 و82

حسين الشاكري / علي في الكتاب والسنة والأدب ج 5 ص 33

كامل سلمان الجبوري / معجم الشعراء ج 3 ص 51

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار