الالوان مؤثرات نفسية ومحفزات فسلجية..

إن اللون ليس انعكاساً بصرياً بحتاً وصفة ذاتية للمادة الملونة والمظهر الخارجي للأشياء يدل عليها ويميزها فقط ، بل هو أيضاً رمز ومعنى مركب ، أي انه أكثر من اهتزاز ضوئي ووجود مادي فقط ، فهذه التأثيرات تختص ببحث تأثيرات اللون على نفسية المتلقي ، وطبقاً لما يعتقده بعض الباحثين في هذا المجال أنه عندما تدخل طاقة الضوء أجسامنا ، فأنها تنبه الغدة النخامية والصنوبرية ، وهذا بدوره يؤدي إلى إفراز هرمونات معينة ، تقوم بإحداث مجموعة من العمليات الفسيولوجية ، وهذا يشرح لماذا الألوان لها تلك السيطرة المباشرة على أفكارنا ومزاجنا وسلوكياتنا.

وومن ذلك فان استجابة وردود أفعال المتلقين تكون مختلفة ومتباينة إزاء الألوان على الرغم من وحدة الاستقبال لديهم، ويبدو ان هذا يعزى إلى تباين الشعوب وتوجهاتهم الدينية والعرقية والفئات العمرية والخبرة والمستوى الاجتماعي والثقافة والخلفيات الحضارية واللاشعور وحتى الحاجات الصحية العضوية والنفسية ، ومن الممكن ان يرتبط ميل الأفراد بزمان أو مكان بذاته أو بمؤثر معين دون الاخر، وحين يزول المؤثر أو العامل فلا يميلوا كل الميل أو يبقوا على حالهم أو ينفروا إلى غيره ويتضح ذلك في عمليات التجديد أو التحديث، والألوان يمكن أن تمتلك تأثيراً على العواطف ذلك أن الطب النفسي الآن يستخدمها وبكثرة في علاج الحالات العصبية.

وتقسم التأثيرات السيكولوجية للون إلى تأثيرات مباشرة وأخرى غير مباشرة، فالتأثيرات المباشرة تستطيع أن تظهر شيئاً ما أو تظهر تكويناً ما بمظهر الحزن أو الفرح أو الخفة أو الثقل ، أما التأثيرات غير المباشرة فهي تتغير تبعاً للأشخاص ويرجع مصدرها للترابطات العاطفية والانطباعات الموضوعية وغير الموضوعية المتولدة عن تأثير اللون، وقد تكون الهزة السيكولوجية للألوان متولدة من تمثيل الأشياء بألوان عرفت بها من قديم الزمان، فلو ركزنا الاهتمام بالوان الرايات سواء كانت رايات انتمائية كأعلام الدول والعشائر او الرايات العقائدية الممثلة لاتجاهات روحية او دينية معينة لوجدنا انها مختلفة التعبير على اختلاف الاماكن والزمن الذي تكون فيه فمنها ما تدل على الحزن ومنها ما يدل على الثأر ومنها ما يدل على السلم والسلام.

لهذا فأن الفنان والمصمم عادة ما يبحثان عن التأثير البصري لإثارة الغريزة المثالية للرؤية ، للتوفيق بين الغرض الوظيفي والبناء الجمالي لصورة الشكل من خلال اختيار الألوان وتوزيعها وتحديد قيمها ونصوعها ، إضافة إلى جعل الالوان معبرة عن مدلولات العمل من خلال تداخلها مع الشكل والعناصر الأخرى المؤسسة والمكونة للعمل الفني، فاللون يحقق قوة جذب النظر بواسطة حوافز خارجية موضوعية ، تتصل بقوته وقيمته، فضلاً عن ذلك فأن اللون له قدرة التعبير عن الأفكار والمضامين أو الإيحاء بها.

       وهناك مسلمات وثوابت علمية تشير الى ان المدلول النفسي ممكن ان يتغير تبعاً لدرجة اللون وكثافته، فمثلاً نجد للون الأزرق النقي تأثيراً مخالفاً عن الأزرق المخضر الذي لا يماثله في الدرجة ، فالألوان المختلفة تثير استجابات متباينة وبصرف النظر عن التأثيرات النفسية والانطباعات التي تتركها الألوان فان لها تأثيرات خداعة،  فتبدو الألوان الفاتحة كالأصفر أوسع مساحة من مساحتها الحقيقية واكبر من حجمها الحقيقي ، ولاسيما أن اللون الأصفر والبرتقالي نراهما واضحين عن بعد ، أما الأخضر واللون الأزرق الغامق فتبدو واسعة كمساحة كبيرة وكحجم عن قرب ولكنها تبدو صغيرة عن بعد. 

وقد أظهرت التجارب السيكولوجية ان للون ثلاثة أوجه لرؤيته يتحدد  الوجه الاول منها بأن اللون يمكن أن يؤثر على الحالة النفسية لأي شخص ، اما الوجه الثاني فيتحدد  بأن الألوان ذات تأثيرات قوية ومحددة على بعضها ، بينما يتحدد الوجه الثالث بأن الالوان ذات الإشراقة القوية والتشبع العالي تنتج عنها الإثارة بفاعلية أكثر من اللون قليل التشبع والإشراق.

ومن ذلك نستنتج بان هذا التأثير السايكولوجي هو عبارة عن تأثير عصبي مباشر للطاقة الضوئية على السلوك فللألوان قوة تأثيرية كامنة على سلوكنا وانفعالاتنا من خلال الاتصال البصري معها وتتمثل قوتها في سلطانها على الأحاسيس والمشاعر.

كاتب : سامر قحطان القيسي