علي بن أحمد الجدحفصي (توفي 1181 هـ / 1767 م)
قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (94) بيتاً:
للهِ وقــعـة (كربلا) فــي تـربِـهـا كـم مـن شـمـوسٍ كوّرت لمحمدِ
وبـدورِ تـمٍّ أشــرقــتْ أنـــوارُها بسما العُلى رِيعتْ بخسفٍ مُخمدِ
أفدي الحسينَ وناصريهِ وحولهمْ جـيـشٌ لـهـامٌ كـالـخـضـمِّ المزبدِ (1)
وقال من حسينية أخرى تبلغ (61) بيتاً:
وإنْ أنسَ لا أنسى جسوماً بـ (كربلا) تضيءُ ضياءً كالبدورِ الـزواهرِ
لـهـا الـوحـشُ أنـسٌ والـفيافي مـلاحدٌ وأكفانُها من نسجِ أيدي الضوامرِ
بهمْ عمرتْ أرجاءُ عــرصةِ (كربلا) وعُـطّـلَ مـن أبـيـاتِـهـمْ كلُّ عامرِ (2)
وقال من أخرى تبلغ (82) بيتاً:
لـم يـبقَ بعدكَ دمـعٌ في العيونِ إلى سِواكَ إلّا لمنْ في (كربلا) قتلوا
أبناءُ فـاطـمةَ الزهراءَ الذينَ قضوا بـجـانـبِ الـنهرِ لم تبردْ لهمْ غُللُ
قضوا عطاشا وجاري النهرِ مُبتذلٌ لـغـيـرِهم منه ما علّوا وما نهلوا (3)
وقال من حسينية أخرى تبلغ (61) بيتاً:
قِـفْ بـالـطـفـوفِ مُـبـجِّـلاً ومُعظّما ومُــهـلِّـلاً ومــكــبِّــراً ومُــســلّــمـا
فـلـنـا بـهـا الـقـمـرُ الـمُـكـوَّرُ نـورُه والــسـيِّـدُ الـمـقـتـولُ ظـلـماً بالظما
وبـغـوا عـلـيـهِ إذ بـغــوهُ مُـبـايـعــاً صـبـراً فـأسـرجَ لـلـقـتــالِ وألـجما (4)
وقال في رثائه (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (73) بيتاً:
حللتِ يا (كربلا) في سعدِ أخبيةٍ دون البقاعِ بـسـعدِ الذبحِ مقرونِ
فكنتِ مهبطَ أملاكٍ ومـنـقــذَ هلـ ـاكٍ وكشفَ العنا عن كلِّ مغبونِ
سقى الإلهُ قـبـوراً فـيـكِ رحـمتَه وبـلَّ أجـداثَ حـربٍ وبْـلَ سجينِ (5)
الشاعر
السيد علي بن أحمد بن عبد الرؤوف بن حسين بن عبد الرؤوف بن أحمد بن حسين بن محمد بن حسن بن يحيى بن علي الحسيني الجد حفصي البحراني، ولد في مدينة جد حفص ونُسب إليها، وهي مدينة تقع في شمال البحرين.
نشأ في ظل أسرة عرفت بالعلم والأدب، فكان والده أحمد (1060 ــ 1131 هـ / 1650 ــ 1718 م) وجده عبد الرؤوف (توفي 1006هـ / 1597 م) ووالد جده حسين وعمه حسين كلهم من علماء وشعراء البحرين الكبار. وقد ترجمنا لهذه الأسرة في موضوعي الشيخ عبد الرؤوف، وابنه الشيخ أحمد ــ والد الشاعر ــ
شعره:
نشر له الكرباسي خمس قصائد في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) وقد قدمناها:
يقول من الأولى:
يـتـسـابـقـونَ إلـــى قـتـالِ عـدوِّهـمْ سبقَ الـفراشِ إلى السراجِ الموقدِ
ظـامـيـنَ مـا بـلّوا غليلَ صدورِهم حـتـى قضوا قتلاً بشاطي الموردِ
أضحوا على وجهِ البسيطةِ مركزاً لـمـثــقـــــفٍ وضـريـبـةً لـمـهـنّـدِ
وتـجـرَّعـوا رغماً على أنفِ العُلا صـهـبَـا حـسـامٍ لا سلافةَ صرخدِ
أجسامهمْ مـجـرى السوابقِ للعدى من مصـدرٍ عـنـهـا وآخـرَ مـوردِ
ورؤوسُهم فوقَ الـرمـاحِ كأنّها الـ أقـمـارُ بـيــن مــصـوَّبٍ ومـصـعَّدِ
وقال من الثانية:
رمـوهُ بـجـرَّارِ الـخـمـيـسِ كـأنّـــه ركـامُ سـحـابٍ وابـلِ الـمـوتِ مـاطـرِ
فـنـازلـه فـي صـحـبِـه الغرِّ ظامئاً من الماءِ أبدى الحربَ عن نابِ كاشرِ
فللهِ صــحــبٌ مــا أشــدَّ ثـبـاتِـهـم وأربـطـهـمْ جـأشــاً لـزحـفِ الـعـساكرِ
كـأنَّـهـمُ والـحـربُ نـاهـضـةٌ بـهمْ عـلـى ظـهـرِ أصلابِ الجيادِ الضوامرِ
فكمْ تركوا من راجلٍ تحتَ ضامرٍ وكـم صـيَّـروا مـن دارعٍ تحتَ حاسرِ
نـفـوسٌ أبـتْ ذُلّ الـحـياةِ فأدركتْ مِـن الـمـوتِ عـزّاً بـاقـيـاً في الأواخرِ
وقال من الثالثة:
أمـامَ نـجـــلِ عـلـيٍّ بـعـدمـا وردتْ إليهِ مِن كوفةِ الركبانُ والـرسـلِ
قادَ المقائدَ أقـصـى شـربِـهــا نـهـلٌ على الشكيمِ وأدنى سيرِها عـجلُ
حتى أقامَ على أرضِ الطفوفِ وفي أرجائِها جحفلٌ ضاقتْ به السبلُ
وحرَّموا دونَـه الـمـاءَ الـمُـبــاحَ فـيا لله أمـرٌ عـظـيـمٌ فــــادحٌ جــلــلُ
وقال من الرابعة:
قِـفْ بـالـطـفـوفِ مُـبـجِّـلاً ومُعظّما ومُــهـلِّـلاً ومــكــبِّــراً ومُــســلّــمـا
فـلـنـا بـهـا الـقـمـرُ الـمُـكـوَّرُ نـورُه والــسـيِّـدُ الـمـقـتـولُ ظـلـماً بالظما
وبـغـوا عـلـيـهِ إذ بـغــوهُ مُـبـايـعــاً صـبـراً فـأسـرجَ لـلـقـتــالِ وألـجما
وعلتْ على الخيلِ الملا وتكنَّفَ الـ موتُ الورى واشتد بالنـاس الـظـما
وحكى النهارُ الليلَ والأرضُ السما والمشـرفـيَّـةُ فـي الـعـريـكـةِ أنجما
والـخـيـلُ تردي والفوارسُ شُخَّصٌ والسيفُ يضحكُ والطلى يبكي دما
وابـنُ الـمـطـهَّـرةِ الـزكـيَّـةِ فـاطــمٍ يـرنـو الصحابَ على الجنادلِ جُثّما
وقال من الخامسة:
لما جرى يومَ عاشورا وهلْ ذكرتْ نفسٌ لـه فاستلذتْ مضجعَ العينِ
يـومٌ بـهِ انـتـكبَ الأرزاءَ وانتشرتْ سحـبُ الهلاكِ على أبناءِ ياسينِ
يـضـمُّـهـمْ فـيـلـقٌ كـالـبـحـرِ ملتطمٌ بالبيضِ يفري الفيافي فاقدَ الأينِ
يـقـودُه أسَـدٌ نــجــلٌ لـحـيـــــــــدرةٍ صعبُ العريكةِ مفتولُ الذراعينِ
حـتـى أقــامَ عـلـى سـاحـاتِ دارِهمُ فـمـا رأى غـيـر تـنـكيلٍ وتهوينِ
وكـافـحَ الـقـومَ بـالأسْـدِ الوثائبِ فو قَ الصافناتِ حسينٌ خيرُ ميمونِ
من كلِّ أخمصَ مأمونِ العثارِ علا عـلـيـهِ كلُّ صبيحِ الوجهِ مـأمـونِ
.....................................................
1 ــ ديوان القرن الثاني عشر ج 1 ص 321 ــ 329
2 ــ نفس المصدر ج 2 ص 99 ــ 105 عن موسوعة شعراء البحرين ج 3 ص 366
3 ــ نفس لمصدر ج 2 ص 301 ــ 309
4 ــ نفس المصدر ج 3 ص 12 ــ 19
5 ــ نفس المصدر ج 3 ص 184 ــ 193
اترك تعليق