عند بناء أول أجزاء الهكيل الحديدي لموكب (الحوراء زينب "عليها السلام") في منطقة حي النقيب، وسط مركز مدينة كربلاء المقدسة، كان (عباس) أبن مدينة قلعة سكر التابعة لمحافظة ذي قار، يكفكف دموعه، وكأنه لم يكن مصدقا أنه في هذا المكان، وسيقدم الخدمة لزوار الإمام الحسين (عليه السلام) خلال الاربعين لهذا العام، بسبب عدة تحديات أبرزها تفشي فيروس (كورونا)، وإجراءات حظر التجوال التي شهدها العراق لعدة أشهر.
عباس الابراهيمي، وهو شاب، تحدث للموقع الرسمي حيث قال، إن "الكثير منا لم يكن يتوقع أنه سيستطيع أن يؤدي الخدمة لزوار الإمام الحسين (عليه السلام) خلال زيارة الاربعين لهذا العام، حيث حرمنا من الزيارة لمدة أشهر بسبب حظر التجوال جراء أنتشار فيروس (كورونا)، الا ان الله تعالى استجاب لدعواتنا ووفقنا لخدمة الزوار كما في كل عام".
وأضاف أن "البعض تعذر عليه الحضور لعدة اسباب منها وقائية، فقمنا بحمل دعواته معنا فضلا عن تأدية الزيارة نيابة عنه".
وتابع وهو يبكي "أنتهت مراسيم الزيارة والخدمة، ونتمنى من العلي القدير أن يرفع عنا هذا الوباء، ويمكننا من العودة مرة أخرى هنا في هذا المكان، ونكون بالخدمة مجددا دون أن نفقد عزيزا علينا".
وكان قسم الشعائر والمواكب والهيئات الحسينيّة في العراق والعالم الإسلامي التابع للامانتين العامتين للعتبتين المقدستين الحسينيّة والعباسية، أكد مشاركة (10) آلاف موكب حسيني من داخل العراق لاحياء مراسيم زيارة الاربعين لهذا العام 1442 هـ، من بينها (20) موكبا من (8) عربية واجنبية، فيما بين أن مواكب الخدمة بلغ عددها (8800) موكب.
مراسيم الزيارة هذا العام، كانت تحمل معها أرواح الاموات قبل أجساد الاحياء، فانتشرت صورهم في مواكب الخدمة داخل مدينة كربلاء المقدسة، وكأنهم جزءً من تلك الخدمة التي كانوا يقدموها كل عام بأنفسهم.
وقال الشاب حيدر الواسطي، أحد خدمة موكب هيئة شباب النعمانية من محافظة واسط، إن "أحد مؤسسي موكبنا قد توفى قبل الزيارة، وهو كان الراعي لكل الخدمات التي كنا نقدمها، وكوفاء للعهد منا قمنا بطبع صورته حتى يكون حاضرا معنا هنا في أيام الزيارة".
وأضاف أن "موته لم يغيب خدمته الكبيرة لزوار الاربعين خلال السنوات السابقة، ونحن اليوم في مكانه، وأهدينا ثواب الكثير من الخدمات لروحه التي كانت ومازالت حاضرة دوما معنا".
مشهد آخر لزيارة الاربعين وخدمة المواكب، حيث طرزت صور شهداء العراق من القوات الأمنية وملبي فتوى (الدفاع الكفائي) والشباب الذين أستشهدوا خلال التظاهرات التي يشهدها العراق المطالبة بالإصلاح.
وقال الشاب (حسين) من أهالي البصرة، إن "لي اخوين أحدهما أستشهد أثناء معارك الشرف ضد المجاميع التكفيرية ملبيا لفتوى (الدفاع الكفائي)، والآخر أستشهد خلال التظاهرات المطالبة بالإصلاح، وقد كانا سابقا معنا يقدمون الخدمة مع رفاقهم الشهداء لزوار سيد الشهداء (عليه السلام)".
وتابع "كجزء من الوفاء لهم علقنا صورهم كما هي كانت دوما معلقة في قلوبنا، وقدمنا الخدمة للزوار وروحهم تطوف حولنا، فهم شهداء احياء معنا، فالف رحمة ونور على تلك الارواح الخالدة، ارواح شهداء العراق جميعا".
أنتهى موسم زيارة اربعينية الامام الحسين (عليه السلام) هذا العام 1442هـ، بخدمات مميزة من قبل العتبات المقدسة والجهات الحكومية وغير الحكومية والمواكب الحسينية، وأهالي كربلاء وجميع المحافظات العراقية، في ظل تحديات عدة ابرزها أنتشار جائحة (كورونا).
فارس الشريفي
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق