إياد الأسدي (ولد 1396 هــ / 1976 م)
قال من قصيدة (تذكرة للعروج) وهي في سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام):
لَدَى (كَرْبَلا) مِنْ ذِكْـــرَيَاتِكَ جَنَّةٌ بِهَا عِطْرُ أَغْصَانِ الكِنَايَةِ أَزْهَرَا
تَجَلَّيْتَ يَا كُفْوَ الجِرَاحَـاتِ وَالظَّمَا فَمَــا كُنْــتَ إلَّا لِلسَّمَاوَاتِ مَعْبَرا
وَمَا كُنْتَ إِلَّا بَسْمَــةً وَمَــــــدَامِعَاً بَشِـيْرَاً لِطُــلَّابِ النَّجَــاةِ وَمُـنْذِرَا
بُعِثْتَ كَزَهْرٍ أَحْمَــدِيٍّ لِـ (كربَلا) فَأَمْسَـــتْ شِــفَاءً لِلقُلُـوبِ مُعَطَّرَا
وَآنَسْتَ مَاءً عِنْدَ طُـورِ فُــرَاتِــهَا فُعُدْتَ رَسُــــولاً لِلأُبَــــاةِ وَمِنْبَرَا
وَأَصْبَحَ شَعْبَانُ الـــمُعَظَّــمُ لَوْحَةً تَفِيْضُ عَلَى العُشَّاقِ نُورَاً وَأَنْهُرَا (1)
وقال من قصيدة (ترنيمة الإباء) وهي في أبي الفضل العباس (عليه السلام):
ليلايَ موقِـفُـكَ الأبـيُّ بـ (كربلا) والـجودُ هِندُ
مِـن أيِّ مجدٍ أرتـقـــيـ ـكَ وأنتَ للأمجادِ مجدُ
ألهِم فأنتَ الشِّعرُ، من إيثارِ روحِــــكَ يُستمـدُّ
الشاعر:
أياد بن عبد الكاظم بن جابر الأسدي، من مواليد قضاء الچبايش في محافظة ذي قار عام ١٩٧٦، كتب الشعر في مرحلة الشباب، وأكمل دراسته في جامعة البصرة ليتخرج منها حاصلاً على بكالوريوس آداب لغة عربية عام ٢٠٠٤، يمتهن التدريس الثانوي منذ عام ٢٠٠٥، ويدرس حالياً دراسات عليا في كلية الآداب - جامعة ذي قار ــ له مشاركات عديدة في الكثير من المهرجانات والفعاليات الأدبية والثقافية وله قصائد منشورة في بعض الصُّحف والمجلات الأدبية. ويعمل حالياً على طباعة مجموعته الشعرية الأولى.
هذه السيرة الشخصية (الرسمية) للشاعر تتخللها رؤية أخرى عنه وهي رحلته مع الشعر والتي نستشفّ مراحلها من أنغام موسيقاه المفعمة بالإنفعال والإثارة والفن، والبيئة المؤطرة بلحن الناي الجنوبي الحزين الذي انصهر به ثم انطلق إلى الخيال الخلاق.
وكان لكربلاء أثرها الكبير في نفس الشاعر فاستهلها بتعبير رائع دل على شاعرية خصبة فشبّه قصائده فيها بالدموع المتبتلة، ونجد أن الشاعر كان متفاعلاً تفاعلاً تاماً ومؤثراً في (صلاته) الشعرية حينما يتحدث عن رمز كربلاء الإمام الحسين (عليه السلام) من خلال تعبيره المتماهي مع تياره النفسي والديني يقول:
يُصَلِّي عَلَيْكَ الدَّمْعُ وَهْـوَ قَصَائدٌ وَيَسْعَـى إِلَيْكَ الإِبْتِـــسَامُ مُكَبِّرَا
وَتَسْبَحُ فِي عَـــــلْيَا ثَرَاكَ عُيُونُنَا يُكَحِّلُهَا عِطْرُ الوِصَالِ لِتُبْصِرَا
فَحَاؤُكَ مَــــــعْنَاهُ الحَيَــاةُ وَحُبُّنَا وَسِينُكَ سِلْمٌ مَا يَـــــزَالُ مُيَسَّرَا
وَيَاؤُكَ يَنْبُوعُ الكَرَامَاتِ وَالنَّدَى وَنُونُكَ نَجْوَى عَاشِقَيْـــنِ تَسَتَّرَا
ومثلما يحقق الشاعر تعبيراً ولائياً عميقاً فإنه يضخ في قصائده عناصر أخرى هي مزيج من الحزن الغاضب والألم الصارخ داخله لتتفجر ذات الشاعر الكامنة في الموضوع يقول:
مـا للحدودِ تـنـــــــكَّرت فكري أما للـتـيـهِ حــــــــدُّ
رأسي صهيلُ الخيلِ يمـ ـلـؤهُ وأسـيــــــــــافٌ تـقُـدُّ
فـبأيِّ مُعجِـــــــــــزةٍ أُلا قي الموتَ والأشعارُ غِمدُ
ويتوغل الشاعر في قصيدته (عرس الجرح) أكثر عمقاً:
موتٌ خبا فأضاءَ طفُّ فاغتالَ وجهَ اللهِ نزفُ
لله عرسُ الجـــــــــرحِ فهـ ـوَ لقــابِ قوســيهِ يُــزفُّ
وتناثرتْ مــقــلُ الــــقصـا ئدِ في فراتِ الدمعِ تــطفو
وتضجُّ من عـــــــشقٍ إليـ ـكَ لفرطِ لوعـــتها تــشفُّ
مذ روّعَ الــكونَ الصـــرا خُ بكى وفي أذنيه عــزفُ
أنتَ الحيــــــاةَ وكـــلُّ شـ ـيءٍ منكَ إنّ الماءَ حتـفُ!
كيفَ اشتفتْ منـــكَ السيو فُ وأنتَ رغمَ نَداكَ سيفُ
ومتى غفوتَ؟ وكيفَ نعـ ـقلُ أنّ عينَ اللهِ تـــــــغفو؟
ويقول من قصيدة (قلب القصيد):
مـن مـحـيَّـاكَ يُـبـعـثُ الأنبياءُ فـتـعـي الأرضُ مـا تقولُ السَّـماءُ
قـد تـعـالـيــتَ حدّ انْ تتبـارى كـيـفَ تـنـصاعُ خـلفـكَ العُـظمـاءُ
سِورُ الشعرِ باسمِ قدسِكَ تزهو ثـمّ يـسـوِّد لـونُـــــــــهـا الأسمـاءُ
لغةَ الوردِ كيفَ نشرحُ عطراً نـثّـهُ الـصـبـــــحُ أو بكـاهُ الـمساءُ
كيف نـختارُ من لذيـذِ الحكايا مـا بـه لــلـغــدِ الأصيــــلِ انـتماءُ
يوسفُ القلبِ أيُّ غأصّةِ غدرٍ كـم أحـــــــــــاطوكَ اخـوةٌ أعداءُ
نـفـروا عنكَ يســتعيرونَ ذئباً فبكى الذئب – غدرهم – والوفاءُ
أيّها الـجبُّ يا حليـفَ الخطايا بـيـن جـنبيكَ يـسـتـشيط الـضـيـاءُ
ذا عـلـيٌّ وأيّ حُـبٍّ، تسامـى عـنـدهُ الـعِـشـــقُ كـلّـــه والـنــقـاءُ
هوَ قلبُ القصيدِ يـنبضُ نوراً حـيــــــن تغتالُ وهـجَـه الـظـلماءُ
وفي الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام):
أبداً لسجنِكَ كنتَ ســـــجنا هُمْ مُــبهمونَ وأنتَ معنى
هُمْ صاخبونَ وأنتَ صمتٌ أنّــما صــــــــمتٌ يُغـنّـى
أطـلقتَ بــــــسمتَكَ الـمُهيـ ـبةَ فـاستحالَ الرعبُ أمنا
مُذ أن سخِرتَ مــــن القيو دِ فـأكـــبـرتْكَ ولـمْ تـهِـنّـا
وفي (ترنيمة الإباء)
عزلاءُ قـــــــــــــافيتـــي تشدُّ وجـيــــوشُ مدحِكَ لا تُردُّ
ما بينَ عـينِ قـــصيدتــــي الـ ـعـــــمياءَ والأشياءَ ســــدُّ
ما للـحدودِ تـــــنـــــــــكَّــرتْ فــكـــــري أمــا لـلتيهِ حـدُّ
رأسي صـــهيـلُ الخيـــلِ يمـ ـلـؤهُ وأسـيـــــــــــافٌ تـقُـدُّ
فـبـــــــــأيِّ مُــعـــجِــــزةٍ أُلا قي المـوتَ والأشعارُ غِمدُ
قـد كـــنـتَ نِـدَّ الفخـــــــرِ لم يـكُ بــــــــالأنـامِ لـديكَ نِـدُّ
ولــواك إخـلاصٌ هــــــــــدا هُ لــــذروةِ الـعـلـيـاءِ حـمـدُ
مـــا غير عشقِـكَ يســـــتـفزُّ غـضارتـــــــي فيرفُّ وردُ
لـــيـلايَ موقِــفُـــــــــكَ الأبـ ـيُّ بـ (كربلا) والـجودُ هِندُ
مِـن أيِّ مـجدٍ أرتــــــــــــقيـ ـكَ وأنــتَ للأمجـادِ مجــــدُ
ألهِم فــأنتَ الــشِّــــعــرُ، من إيثارِ روحِكَ يُستـــــــــــمدُّ
يا مـالكَ الــكـــلــــمــاتِ أَعـ ـتِقـهـا فـإنَّ الـحـرفَ عــبـدُ
جُد لي بــخصــــبٍ إنَّ وصـ فَـك مورِقٌ والشِّعر جـــردُ
مـرُّ الـــقوافــــي قـــــد سئمـ ـتُ مذاقَـهُـنَّ وأنـتَ شَــهـدُ
مالـــي ـ ســـوى نَفَحاتِ قُــد سٍ من عُلاكَ ـ إليـــــكَ بدُّ
ظـــــامٍ رَويـــتَ الكـبـــــريا ءَ فلم تَزَل بِـهــــواك تشـدو
فــالفــضــلُ أنَّ الـفـضلَ منـ ـك وفـي سنا عينيك يـــبـدو
والــنـصرُ معتـــــــــــنقٌ لوا ءَك والـفَـخـارُ، لديك جـنـدُ
والـجودُ معنى الـــــــجودِ إذ يـحـمـلـنـــــــهُ هِـمَـمٌ وزنـدُ
تأبى سوى الـــمعنــى الفريـ دِ فأنتَ ـ يا مــــولايَ ـ فردُ
صُعِقَت لِصــولـتِــــكَ الأُلـو فُ كــــــأنَّ حـيــدرةً يـشــدُّ
حتى اغترفتَ العَـــذبَ فاسـ ـتســـــــــــقاكَ إيمانٌ وزهدُ
فـتـركــــــــتَـهُ ظــــــامٍ إلـيـ ـك، الماءُ عــزَّ عـلـيـه وِردُ
ظَمئِت عروقُ الـشعرِ عشـ ـقـاَ سيــــــــــدي فأتاكَ يعدو
للحـــــــــــزنِ مـنكَ لواعجٌ في مهجتـي لـم تُـقـضَ بـعـد
لهفي لـعـــــــــينـكَ إذ أصا بَ جـلالَـهـا بـالـسَّـهـمِ وغـدُ
وجــدي لـجــــــودِكَ إذ أرا قَ زُلالَـــــــــهُ غِــلٌّ وحِـقـدُ
عَـجَـبَـاً لعزمِـكَ تُـقـطَـعُ الـ ـكفَّانِ منـكَ فــــــــــيـسـتـبِـدُّ
وجَعي لصــــــبرِكَ إذ رأيـ ـتَ الجِلفَ بالخَفِـراتِ يحدو
قِدماً عَـــــشِقــتُـكَ مــوقـفـاً وأشـفَّـنـي دَمـــــــــعٌ ووجـدُ
تـقـتـادُنـي حُــرَقُ الــهـوى ويـشُـدُّنـي لِـثــــــــــراكَ ودُّ
فالشِّعرُ بَـوحُ دمــــــي إليـ ـكَ، ولم يزل يتلـوهُ سُـــــهـد
مـولايَ قـرِّبــــــنـي ـ فدَيـ ـتُكَ ـ قد أذابَ الـــقلـبَ بـعـدُ
جَـزِعٌ فـؤاديَ مُــــــذ جَفو تَ، فمالهُ بالصـبـــــرِ عـهـدُ
وفي أبطال الحشد الشعبي:
تقدّم ودعْ نـزفَكَ الأســـمـــــرا يمدّ الـضيــــــــــاءَ لكي تعبرا
ومن طينةِ الهورِ خُــذ قـــــبلةً ومن قـصبِ البـــوحِ ما سطّرا
ترجّل، لتقطـفَ نصــــراً أتـى يليقُ بـجرحِـــــــــــكَ أن تثأرا
وقد تقلعُ الشوكَ كـــفُّ الـندى فـيبـدل ربُّك مـــــــــــــــا قدّرا
تقدّم، أتتكَ شفـــــــــاهُ الـزمانِ لتلثـمَ ســـــــــاعدَكَ الأحـــمرا
لتُجـــري نهراً مــــن الـقبلاتِ وغـيماً يجاريــكَ كـــي يمطرا
فــمـا زلت تعزفُ لـحنَ الحياةِ لــيطفئ ليلُ السهـــــادِ الكرى
ومـا زلتَ تسخرُ من ثلجِـــــنا لتُجريَ – من لهــــبٍ – أنهرا
دعوتَ إلى ربِّ موسى الكبير فأقسمَ فــــــرعــــونُ أن يكبرا
فألقــــــــيتَ قلبكَ وعدَ السماء ليلقف ســــــــــحرهمُ المفترى
فخرّوا سجوداً لصوتِ العذابِ عــلا باسمِ عـــزمكَ إذ زمجرا
فإن جئتَ يخضرُّ وجهُ الحياةِ وإن غـــــــبتَ أوشكَ أن يثمرا
كتبتَ قصائــــــدَك النابضات وحشّدتَ أنفـــــــــاسكَ الشُّعرا
وأبدعتَ شعراً يـفوقُ الجـمالِ بحيـــث ابتـــسمتَ وأنتَ ترى
سهامَ المنيــــــــةِ تسعى إليكَ ومـن عشبِ صـدركَ كانَ القرا
فسنبلةٌ أنتَ عندَ الجيــــــــاع ومـــــــــــــاءٌ حياةٌ حقولٌ قُرى
مساجدُ يقصدُها الطامعــــون بعفوِ السمـاءِ وحـــــمدِ السُرى
تباركتَ طافَ عليكَ القصـيدُ فأنـــتَ المـــذاقُ لِمــــــا أثـمرا
وأنتَ خلاصةُ معنى الحــياةِ ذبُلتَ.. ولــــمّا تزلْ مُقـــــــمِرا
.............................................
1 ــ زودني الشاعر بسيرته وقصائده عبر الانترنيت
اترك تعليق