اخوتي اخواتي اعرض بخدمتكم الأمر التالي :
امير المؤمنين (عليه السلام) مرّ في حياتهِ كما هو المعلوم من سيرته العطرة بمجموعة من الامور بعضها فِتن وبعضها توجيهات الى الامّة وحياتهُ الشريفة كيف كانت وعلاقته بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)...
هناك مقطع زمني مرّ فيه امير المؤمنين (عليه السلام) كان فيه بعض الفتن، دخل عليهِ رجل اسمهُ الحارث وهذا الحارث بدأ يُرادد امير المؤمنين في أمر، امير المؤمنين (عليه السلام) ذكرَ لهُ هذه المقولة الرائعة والخالدة التي هي طريّة في كل زمان ومكان، قال لهُ أي للحارث : (يا حارث انك ملبوسٌ عليك، ان الحق والباطل لا يُعرفانِ بالناس ولكن اعرف الحق تعرف أهله واعرف الباطل تعرف من أتاه).
ملبوس: يعني انت اشتبهت عليك الامور، لماذا اشتبهت عليك الامور؟ لأنك عندك قصور او عندك تقصير، الامام (عليه السلام) اراد ان يرفع هذه المسألة بيّن هذه الكلمة على وجازتها.
قال الامام (عليه السلام) : (ان الحق والباطل لا يُعرفانِ بالناس ولكن اعرف الحق تعرف أهله واعرف الباطل تعرف من أتاه).
وسائل المعرفة الآن التي نملك الاستدلالات على المعارف تختلف، امير المؤمنين (عليه السلام) يريد ان ينبّه هذا القائل الى قضية في الفهم تعنينا جميعاً.. أن انتَ عندما تتخذ موقفاً معيناً او عندما تعتقد أمراً معيناً ما هي الوسائل التي تُبقيك غير متزلزل؟ يعني كيف تتعامل مع المعرفة حتى عندما يمر بك ظرف لا تكونَ متزلزلاً؟
الطريقة هناك طريقان احدهما خطأ والآخر صح، ما هو الخطأ وما هو الصح؟
عندي واقع هذا الواقع هو الحق، وعندي شخص يتلبس بهذا الواقع صدقاً او كذباً فأرى الواقع من خلالهِ ستكون عندي حالة من الفهم الخاطئ قد ما اشعر بها الان لكن عندما اتزلزل وعندما ابدأ بحالة من الريبة والشك يُستبان انني واقعاً غير مُكتنز وغير مملوء من الحق كان عندي حالة من الشباهة بالحق وليس الحق، كان عندي امر ملبوس عليَّ وانا لا افهم.
امير المؤمنين (عليه السلام) يقول هذه الطريقة في الفهم خطأ لا يمكن ان تعرف الحق من خلال الرجال.
لاحظوا قضية مهمة حتى عند الانبياء افضل طبقة عندنا هي الانبياء، كيف استدل على النبي؟ انا الان افرض في زمن النبي، كيف استدل على ان هذا نبي؟ لاحظوا لابد من ان اعرف الحق اولا ً ثم اعرف ان هذا النبي يدّعي هذه الدعوة مُطابقة او غير مطابقة مع كونه نبي، ولذلك ماذا يقول العلماء، يقول العلماء فائدة المُعجز ما هي لماذا النبي يحتاج الى مُعجز؟ لأنهُ ممكن انا اُطالبهُ اقول لهُ من قال انكَ نبي؟! انت تدعي النبوة..
قطعاً عقلي يقول ليس كل من ادعى شيئاً يُصدّق ابتداءً، تدعي النبوة ما هو الدليل على ادعائك؟ النبي نعم هذا اسلوب عُقلائي الله تبارك وتعالى ايضاً لابد ان يدعم النبي ولابدَ ان يبين ان هذا نبي لابد ان يُزوّد، بعد ان جاءَ بمُعجز والمعجز دليل مُطابق للدعوى بعد ذلك عرفتُ الحق عرفتُ ان هذا النبي بعد ان نَسَبَ نفسهُ الى الله والله صدّقهُ في هذه النسبة عرفتُ هذا الحق فكل ما جاء بهِ بعد ذلك انا مُطمئن.
بدأت اعرف الحق وهذا الحق عندما اعرفهُ لهُ واقع، هل يأتي احد مُدعي الحق؟ يُمكن، هل هناك شخص يأخذ بعض الحق ويترك البعض؟ مُمكن، عندما اعرف الحق اعرف الموقف وعندما اعرف الباطل اعرف الموقف، ان الحصانة التي يجب ان اتحصّن بها هي في معرفتي للحق اعرف الحق تعرف اهله وانتم تعلمون هُناك مكاسب اقتصادية ومكاسب سياسية ومكاسب اجتماعية كلٌ يريد ان يصل اليها لكن بطريقته الخاصة فكيّف احمي نفسي عن المُزوّر والمُدعي وعن الحقيقي، انا اتحدث عن تاريخ بشري كامل فيه هذه الاشياء من أين اعرف ان هذا الموقف موقف صح وموقف حق لابد ان اعرف الحق..، ما هي وسائل معرفة الحق؟ وسائل سهلة يحتاج لها، ان الانسان اذا عرفَ الحق تميّزت عندهُ الأمور، امير المؤمنين (عليه السلام) يقول يا هذا الأمر ملبوسٌ عليك طريقة معرفتك للحقائق طريقة خاطئة ولذلك قلقتَ ولذلك شككت ولذلك لم تكن متزناً بمجرد عندما ترى فتنة تسقط.
واعتقد اخواني هذه المسألة في كل زمان ومكان نرى الان بعض الناس موقفه صباحاً شيء وعصراً شيء آخر لماذا؟ لأن هذا لا يعرف الحق وانما عرف الناس يتصور ان الحق يدور مدار الناس، لا، المسألة ليست هكذا، نعم في بعض القضايا العقدية لها شيء آخر والكلام ليس فيها..
انا اتكلم بالحياة الاجتماعية العامة التي فيها قضايانا المتعارفة هذا التزلزل وعدم الثبات ينشأ من هذه القضايا انهُ نحن نعرف الحق من خلال الناس وهذا ليس امراً صحيحاً لابد ان نعرف الحق حتى اعرف من يدعيه، نعم اقول عرفت الحق هذا رجل يدعي الحق وهو صادق وعرفت الباطل فاجتنب الباطل فإذا ادعاه احد اقول هذا من اهل الباطل لأنني عرفت الباطل، كما انسان يعرف السموم حتى يتجنب كما يعرف الدواء يعرف السم حتى يتجنب..، الانسان امير المؤمنين يأمرهُ بأن يعرف قال اعرف الباطل تعرف من اتاه..
هذا التميز بين الحق والباطل مهم اخواني لأن الانسان في حياته الدُنيا لابد ان يعرف الحق ولا يضُرّهُ اتبعَ الحق قليلٌ أم كثير، القرآن الكريم في بعض الايات (أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ) وانا هنا اتكلم عن مفردة الحق لأنهُ معرفة الحق يحتاج التزامات، وفي بعض الحالات الانسان يعرف الحق ولكن يُكابر وهذا شيء آخر المهم الحُجّة عليهِ حجة الحق اعرف الحق تعرف اهله..
هناك أمر آخر احببت ان اُنوه اليهِ على وجه السرعة، طبعاً لا يخفى على حضراتكم الوضع الصحي الذي يُهدد العالم بما يُعرف بفيروس كورونا نسأل الله بدءاً السلامة وان الله تعالى يحمي البلاد والعباد منهُ..
طبعاً الجهات المعنية هي المسؤولة عن بيان مخاطره وطرق العلاج والوسائل وتوسعة ذلك على نحو الثقافة العامة لكافة الناس يعني الجهات الصحية معنية بذلك، اُحب ان انوّه الى قضية مختصرة وهي في نفس الوقت مُناشدة أن مؤسساتنا الصحية عندنا فيها مشاكل ولابد ان تكون هناك حلول جذرية حقيقية لهذه المؤسسات..
لاحظوا الانسان عندما يتعامل مع واقع لهُ افضل حتى يُحدد المشكلة ثم يبدأ بحلّها، قطعاً الاستعدادات التي نُريدها لابد ان تكون استعدادات بمستوى هذا الخطر الذي نسأل الله تعالى ان لا يأتينا لكن بالنتيجة الوقاية خيرٌ من العلاج، لابد من الانتباه ولابد من التحذّر نُناشد جميع الجهات المعنية ان تكون بمستوى المسؤولية وان ترفع قدرات هذه المؤسسات الى اعلى ما يُمكن تجنباً للبلاد والعباد من هذا الخطر..
نسأل الله تعالى التوفيق للجميع وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..
حيدر عدنان
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق