تؤكد الروايات إلى أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) أخبر أن الإمام المهدي (عليه السلام) يخرج بالسيف. وهذه الكلمة اتخذها المستهزئون وسيلة للتهريج, فجعلوا يسخرون قائلين: ما فائدة السيف في مقابل الأسلحة الفتاكة التي لا تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته رماداً؟ كالقنابل على اختلاف أنواعها وأقسامها، والصواريخ القريبة والبعيدة المدى, والمدافع والرشاشات والبنادق والمسدسات، والدبابات والمدرعات والمصفحات وغيرها من الوسائل البرية والبحرية والجوية المدمرة المبيدة للبشر.
فما قيمة السيف وما تأثيره أمام هذه الأجهزة و الوسائل السريعة الإبادة؟؟ للإجابة على هذا السؤال لا بأس بذكر مقدمة، لعلها تكون ضرورية ومفيدة:أشارت الروايات وصرّحت بنزول عيسى ابن مريم عليه السلام من السماء، بدليل قوله سبحانه في رد على من أدعى قتله: ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسيحَ عيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذينَ اخْتَلَفُوا فيهِ لَفي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقيناً*بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ﴾ النساء: ١٥٧ــ ١٥٨.
فإنّ الأحاديث دلت على وجود عيسى بن مريم (عليه السلام) في السماء، وانه حي يرزق، وقد مضى على صعوده ما يقرب ألفين سنة، وتقول الأحاديث انه ينزل من السماء عند ظهور المهدي (عليه السلام) وأنّه يقتدي بالإمام (عليه السلام) في الصلاة ويصلي خلفه.
انظر إلى حكمة الله البالغة وتدبيره العظيم، حيث انه رفع عيسى بن مريم (عليه السلام) إلى السماء ليدّخره ليوم عظيم وهدف كبير وغاية أسمى. فما هي الفائدة والحكمة من نزول عيسى بن مريم (عليه السلام) إلى الأرض عند ظهور الإمام المهدي (عليه السلام)، وما العلاقة بين النزول والظهور؟.
ينبغي أنْ لا ننسى أنّ عدد المسيحيين في العالم اليوم هو أكثر من ألف مليون نسمة، بضمنهم، رؤساء وشعوب الدول الأوربية، كلهم أو أكثرهم، ورؤساء الدول الأفريقية وشعوبها، والدول الأمريكية الشمالية منها والجنوبية فإنّهم مسيحيون كذلك.وعقيدة المسيحيين في عيسى بن مريم (عليه السلام) مشهورة ومعروفة.فإذا سمع المسيحيون بأنّ عيسى بن مريم (عليه السلام) قد نزل من السماء، واقتدى بالإمام المهدي (عليه السلام) عند الظهور المقدّس. فهل تبقى في العالم حكومة مسيحية أو شعب مسيحيّ يحارب الإمام المهدي (عليه السلام)؟.
الجواب لا...بل نجد المسيحيين يدخلون تحت راية الامام المهدي عليه السلام ويعتنقون دين الإسلام.وتوجد روايات وأحاديث تشير إلى هذا المعنى:عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال في خبر طويل..."فإذا اجتمع عنده عشرة آلاف رجل، فلا يبقى يهودي ولا نصراني إلا آمن به وصدّقه" .فإذا اجتمع عنده العقد. عشرة آلاف رجل فلا يبقى يهودي ولا نصراني ولا أحد ممن يعبد غير الله تعالى إلاّ آمن به وصدّقه، وتكون الملة واحدة: ملة الإسلام وكل ما كان في الأرض من معبود سوى الله تعالى.
نقول بناء على هذا... سوف تتعطل الأسلحة ـــ بجميع أنواعها وتنتفي الحاجة لاستعمالها.وأمّا اليهود... فإنهم يجتمعون عند الإمام المهدي (عليه السلام) فيخرج لهم ألواح التوراة المدفونة في بعض الجبال، فيجدون فيها أوصاف الإمام وعلائمه، فلا يبقى يهودي إلا ويعتنق دين الإسلام.
روي عن الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام). أنّه قال: "...وإنما سُمي بالمهدي" لانه يهدي إلى أمر خفي، ويستخرج التوراة والإنجيل من أرض يقال لها انطاكية.وفي بعض الروايات انه سمي بالمهدي لانه يهدي إلى أسفار من التوراة فيستخرجها من جبال الشمال، فيدعو لها اليهود، فيسلم على تلك الكتب ــ جماعة كثيرة نحواً من ثلاثين ألفاً.
وفي كتاب (إسعاف الراغبين): "وإنّ المهدي يستخرج تابوت السكينة من غار انطاكيا، وأسفار التوراة من جبل بالشام، يحاجُّ به اليهود فيسلم كثير منهم."
والظاهر انّ الدفعة الأولى التي تدخل في الإسلام من اليهود ــ هم ثلاثون ألفاً، ثم تتوالى الدفعات حتى لا يبقى يهودي إلا ويدخل في الإسلام. هذا بالنسبة إلى اليهود والنصارى.وأمّا سائر الأديان والملل، فمن الواضح أنّ هذا التبدُّل المفاجئ العظيم الذي يجعل في الدول والشعوب سوف يترك أثراً كبيراً على الحكومات اللادينية، كبلاد الصين وروسيا وكثير من بلاد الشرق الأقصى، فهي لا تستطيع أنْ تتجاهل هذه الحقيقة التي تغير مجرى حياة أهل العالم، خاصة وانّ الامام المهدي (عليه السلام) يرسل إليهم الدعاة والمبلغين لكي يدعوهم إلى الإسلام الصحيح الكامل الذي لا زيادة فيه ولا نقصان، فلا تستطيع تلك الدول إلا الخضوع و الانقياد للحاكم الجديد القوي المقتدر، وهناك حديث يشير انه لا يبقى أحد ممن يعبد غير الله تعالى إلا ويؤمن بالإمام المهدي (عليه السلام) ويصدّقه. وأمّا الشيعة... فسوف يأتي الحديث عنهم في الحلقة القادمة إنْ شاء الله.
الباحث الاسلامي الشيخ محمد علي الدكسن
اترك تعليق