النص الكامل للخطبة الاولى
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه أبي القاسم محمد وعلى آله الطيّبين الطاهرين.. الحمد لله الذي ليس لقضائه دافع، ولا لعطائه مانع، ولا كصنعه صنع صانع، وهو الجواد الواسع، فطر أجناس البدائع، وأتقن بحكمته الصنائع، لا تخفى عليه الطلائع، ولا تضيع عنده الودائع.. إخوتي يا فتية الإيمان أبنائي يا أمل الأمّة آبائي يا أصحاب الرأي والمشورة، أخواتي يا قرينات العفّة بناتي يا من مُلئتنّ حياءً أمّهاتي يا من قضيتنّ العمر في تربية جيلٍ من الأبطال والشجعان حموا العباد والبلاد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أوصيكم أحبّتي بتقوى الله تبارك وتعالى، فإنّ تقوى الله حمت أولياء الله محارمه، وألزمت قلوبهم مخافته، حتى أسهرت لياليهم وأظمأت هواجرهم، فأخذوا الراحة بالنصب والريّ بالظمأ، واستقربوا الأجل فبادروا العمل، وكذّبوا الأمل فلاحظوا الأجل..
ابتداءً إخوتي أسعد الله لكم هذه الأيّام المباركة أيّام الله عيد الأضحى المبارك وهذا اليوم -يوم عرفة- سائلين الله تبارك وتعالى لكم دوام التوفيق والتسديد، طبعاً ورد في بعض الأخبار أنّ يوم عرفة أيضاً من أيّام الأعياد، والإنسان يتوجّه فيه الى الله تبارك وتعالى بالدعاء والعبادة، والرواية المعروفة المشهورة التي ذكرها الشيخ القمّي في مفاتيح الجنان عن الإمام زين العابدين(عليه السلام)... أرجو أن نلتفت الى هذه الرواية -اختصاراً للمطلب ولكثرة الزائرين تقبّل الله تعالى طاعتهم سوف نختصر بشكلٍ كبير- أنّ الإمام السجّاد زين العابدين(عليه السلام) سمع في يوم عرفة سائلاً يسأل الناس، يقول: أعطوني تصدّقوا عليّ! فقال له الإمام(عليه السلام): (ويلك!! أتسأل غير الله في هذا اليوم، وهو يومٌ يرجى فيه الأجنّة في الأرحام أن يعمّها فضلُ الله تعالى فتسعد؟!!) هذا اليوم المبارك إخواني ونحن في مكانٍ تتنافس على خدمته ملائكةُ السماء، أوّلاً نحن في مكان سيّد الشهداء(عليه السلام) وما أدراك ما سيّد الشهداء؟! ونحن في يوم الجمعة وهو يومٌ مبارك وهو عيدٌ من الأعياد، ونحن في يوم عرفة هذا اليوم الذي تشخص فيه الأبصار والقلوب استنزالاً لرحمة الله تبارك وتعالى، اختصاراً للحديث نقول للإخوة الأعزّاء أنّ يوم عرفة يوم مليء بالعطاء ويومٌ مليء بالبركات، لذلك لابدّ أن نغتنم هذه الساعات القادمة من زوال هذا اليوم الى غروبه، لابدّ أن نغتنمها اغتناماً كثيراً، بعض الإخوة تحمّلوا وطأة وشدّة السفر وجاءوا الى هذا المكان حتّى يُحيوا عرفة، لأنّهم لم يتمكّنوا من الذهاب الى الحجّ، وهذه الساعات القادمة هي ساعات خاصّة لا تعود علينا إلّا في العام القابل، لكنّنا لا ندري أنكون من أهل العام القابل أم لا؟ ولا ندري إن كنّا نوفّق للعمل أو لا؟ ولا ندري أنكون في هذا المكان حتى نظفر بالبركات أو لا؟ لذلك إخواني المرجوّ من الأعزّة الأحبّة أن يتفاعلوا مع هذه الأعمال ويقدّموا كلّ ما عندهم من تفاعل مع الله تبارك وتعالى، فإنّ نظرة الله تبارك وتعالى إلينا نظرة خاصّة ونظرة رحيميّة، وكلّنا نفتقر الى الالتفاتة الخاصّة من الله تبارك وتعالى، ولا شكّ أنّنا نفتقر أيضاً الى نظرة رحيمة وحانية من وليّ الله الأعظم الإمام المهدي(صلوات الله وسلامه عليه)، ونحن في هذا اليوم نبتهل الى الله تبارك وتعالى أن يعجّل في ظهوره المبارك، وأن يتقبّل أعمالكم وأعمالنا جميعاً، لذلك إخواني دعاء يوم عرفة للإمام الحسين(عليه السلام) ودعاء يوم عرفة للإمام السجّاد(عليه السلام) من الأدعية التي فيها مغانم كثيرة جدّاً، والواقع نحن كنّا قد هيّأنا شيئاً لكن لزحمة الأعزّة الزائرين ارتأينا أن نكتفي بهذا المقدار وحثّ المؤمنين جزاهم الله خيراً على الاهتمام بالساعات القادمة، وهذه الساعات القادمة هناك من ينتظر منكم أن تبذلوا له الدعاء وأن تهتمّوا بهم سواءً كانوا من المقاتلين الأعزّاء أو من المؤمنين في كلّ مكان، كما أنّ هناك عيوناً تشخص الآن الى إخوتكم وأحبّتكم من حجّاج بيت الله الحرام يطلبون منهم الدعاء، كذلك من هذا المكان المبارك نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعمّ فضله علينا كما هي عادته دائماً، وأن لا تنسونا من خالص دعواتكم، سائلين الله تبارك وتعالى لكم دوام التوفيق والتسديد.. وصلّى الله على محمد وآله الطيّبين الطاهرين.
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق