تناول ممثل المرجعية الدينية العليا، في خطبة الجمعة، مفهوم الثقافة بمعناها العام، معتبرا التعلم بالحد الادني يمثل مورد مهم من موارد الحصانة وايضاح الرؤيا، وان الانسان اذا كان يتمتع بالحد الادنى من الثقافة فانها ستقف حاجزا بينه وبين ما يقع فيه من خديعة او الخروج عن الطريق الصحيح.
وقال السيد احمد الصافي في الخطبة الثانية لصلاة الجمعة من الصحن الحسيني الشريف اليوم الجمعة (17 /8 /2018)، ان الخراب عادة ما يتسرب لاي مجتمع عن طريق الجهل، مبينا ان الجهل يمثل حالة مقيتة جدا في اي مجتمع سواء اكان صغيرا ام كبيرا، اي اذا كان رب الاسرة جاهلا بما يدير اسرته فهذا الجهل لايصل بالاسرة الى شاطئ الامان، وكذلك في المصنع والمعمل، وكلما كبرت المساحة تكون الاثار اكبر.
واضاف ان الانسان بطبيعة الحال يستقي معلوماته ويتثقف ويرتقي ويتعلم من خلال وجود مصادر موثوق بها، مؤكدا ان تلك المصادر الموثوق بها واضحة وموجودة في كل زمان ومكان وغير معدومة، الا انها تحتاج الى بعض التعب من الشخص الذي يريد ان يتعلم ويتثقف.
واكد ان الحد الاعلى للتعلم أمر مهم ومطلوب، ولكن اذا حاول الانسان ان يحصن نفسه بالحد الادنى سيتمكن من ان يقف حائلا امام انهيارها، لافتا الى ان الجهل دائما ما يتدرع بل يشجع عليه من لا يريد خيرا بأحد.
واشار السيد الصافي الى ان الطب من المسائل المهمة جدا، وقد يرى ان هنالك طبيبا يتعب نفسه مع المريض لغرض اعطاء ثقافة طبية للمريض، لانه بطبيعة الحال اذا تثقف المريض بالثقافة الطبية ستقل مراجعته للطبيب وستكون النتيجة وجود شخص قلما يتمرض، في حين يوجد هنالك طبيبا يتأذى اذا كان المريض يتثقف طبيا، لانه يرى ان بقاء المريض على جهله بالنسبة له افضل ليستفيد منه فترة اطول.
وتساءل السيد الصافي عن الجهة المسؤولة عن التثقيف، وهل هنالك جهة سياسية او اقتصادية او منظمات مجتمع مدني مسؤولة عن ثقافة الفرد، مردفا ان من الطبيعي ان كل فرد مسؤول عن تطوير نفسه وقابلياته ومن الضروري ان يستخدم قابلياته بالاتجاه الصحيح لانه اذا عمل بغير ذلك فانه سيحصل على ثقافة عرجاء هشه وسينقلها للاخرين.
واوضح ان بعض الافراد من الجيل الحالي عند الحديث معه يشعر المقابل ان هنالك فوضى في ذهنه، لانه يعتمد على ثقافات غير معلومة المنشأ، فانه عادة ما يفتح بعض مواقع التواصل ويأخذ المعلومة ويعتبرها رأس مال حقيقي بيده، وعلى ضوئها يتصرف وينقلها للاخرين، معتبرا ذلك ليس من الحكمة لان الانسان لابد ان يعتمد على عقله، مؤكدا على ضرورة ان يراجع الانسان نفسه ويخاف، لان اي كلمة من الكلمات التي يلفظها سيكون مسؤولا عنها يوم القيامة، مستشهدا بقوله تعالى (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ) وفي اية اخرى (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا).
وشدد ممثل المرجعية الدينية العليا على ضرورة ان يكون الشخص حريصا في استخدام عقله، لانه هو من يوصله الى مراحل الرقي الكبيرة وعليه ان يكون متعلما ويعرف مصدر المعلومة، محذرا من ان يكون الشخص كالامعة يردد ما يقرأ، وينقل كل ما يسمع.
ويرى السيد الصافي وجود طريقة او سياسة لعدم الوعي والتجهيل والاستلذاذ ببقاء سطحية الثقافة على هذا المستوى، لان المتعلم اذا تعلم اكثر ستظهر له حقائق ويرفض كثير مما يقال له، وبالتالي فان ابقاءه على هذا المستوى يكون انفع للاخرين.
واكد خطيب جمعة كربلاء ان العراق مجتمع متنور وأصيل ومتحضر وفيه عقول نيّرة، ومن الضروري الارتقاء بثقافة شبابه وتعليمهم علماً حقيقياً، لان الجَهل مدعاة لنفوذ كثير من الامور والناس قد لا تلتفت، مطالبا بضرورة قراءة التاريخ جيداً لوجود مسائل جمّة نشأت بسبب الجهل، مستدركا ان الجهل مرض اخطر من المرض الجسدي.
وبين السيد الصافي ان الجميع مسؤول عن هذا الامر الخطير بدءا من الافراد والاسرة والاباء واجهزة الاعلام وغير ذلك لخطورته، منوها الى ضرورة الارتقاء بالمجتمع وطبقة الشباب علمياً، وعلى الشاب ان يفهم الامور بواقعية لا أن ينقل ويقول، لان شخصية الانسان تظهر من خلال منطقهِ.
واستشهد بشخص جلس عند حكيم فقال له الحكيم: تكلّم لأراك، اي انه يقصد اني اعرف وزنك من خلال كلامك.
وفي ختام خطبته اكد السيد الصافي ان المعلم مسؤول والمدرس مسؤول وان الطالب الذي يبلغ من العمر شيئاً يشعر بالحاجة الى ان تكتمل شخصيته ايضاً وعليه ان يفتش عن معلومة صحيحة وعن مصدر المعلومة، محذرا من مسألة الافتراء والكذب لان مسألة الكذب بعمدٍ او الشخص الذي ينقل الكذب للآخرين وهو لايعلم ويحسب نفسه صادقاً يقع في مشكلة اخرى بالإضافة الى ضلالة نفسه سيضلّ الآخرين.
ولاء الصفار
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق