اخوتي اخواتي.. تكلمنا سابقاً عن موضوع من يتصدى للخدمة وذكرنا بعض الامور المتعلقة بذلك، ثم ذكرنا الغضب وآثارهُ الايجابية في إحقاق الحق.
الآن نتكلم عن موضوع مهم ايضاً ألا وهو موضوع الثقافة بمعناها العام أو ثُقل التعلّم.
التعلّم بالحد الأدنى لا شك هو من موارد الحصانة وموارد وضوح أو إيضاح الرؤية، ان الانسان اذا كان يتمتع بثقافة معينة بالحد الأدنى منها هذه الثقافة ستقف حاجزاً بينه وبين ما يقع فيه من خديعة او ما يقع فيه من خروجه عن الطريق الصحيح وعادة ما يتسرّب الخراب لأي مجتمعٍ عن طريق الجهل، والجهل حالة مقيتة جداً، في أي مجتمع صغير او كبير، اُسرة اذا كان رب البيت جاهلا ً بما يُدير اسرتهُ فهذا الجهل لا يصل بالاسرة الى شاطئ الامان.. في مصنعٍ في معملٍ.. وكلّما كبرت هذه المساحة كلما الاثار كانت اكثر، ولذلك سأفتح المطلب بعض الشيء والكلام هو كلام اجتماعي.
ان الانسان من أين يستقي معلوماته يعني من أين يتثقف ومن أين يرتقي ومن اين يتعلم؟! لابد من وجود مصادر موثوق بها حتى يتعلم الانسان وهذه المصادر الموثوق بها في كل زمان ومكان هي واضحة، نعم تحتاج الى بعض التعب من الذي يريد ان يتعلم ومن الذي يريد ان يتثقّف لكنها عادة ً غير معدومة.
الانسان اذا حصّن نفسهُ بالتعلّم بالحد الأدنى.. طبعاً هو الحد الأعلى مطلوب لكن اقول بالحد الأدنى يعني الممكن فإنه سيقف حائلا ً أمام انهيار نفسهِ، الجهل دائماً ما يتدرّع بل يشجّع عليه من لا يريد خيراً بأحد.
اذكر مثل بسيط وهذا المثل لا يعني القدح بأحد، طبعاً الطب من المسائل المهمة وطب الابدان مهم جداً لكن قد تجد طبيباً يُتعب نفسه مع المريض الغرض منه حتى يعطي ثقافة طبية للمريض فالمريض اذا تثقّف ثقافة طبية ستقلّ مراجعتهُ للطبيب لأن كثير من الاشياء سيعتني بها، لكن سنحصل على مريض او شخص قلّما يتمرض، وتارة طبيب يتأذى اذا كان المريض يتثقف طبياً! بقاء المريض على جهله بالنسبة له أفضل لأنه اذا بقي على الجهل ممكن ان يستفيد منه لفترة أطول.
انا اقول هذه حالة ولا أتكلم عن الطب ارجو ان يكون كلامي واضحاً.
في أي مجتمع من المسؤول عن التثقيف؟ هل هناك جهة مسؤولة سياسية اقتصادية منظمات مجتمع مدني أي شيء.. ومن المسؤول عن ثقافة الفرد؟
انا كفرد ايضاً مسؤول عن تطوير نفسي وتطوير قابلياتي، لكن انا عندما لا استخدم قابلياتي بالاتجاه الصحيح سأحصل على ثقافة عرجاء هشّة وسأنقل هذا الجهل الذي اعتقده علم انقله الى الاخرين.
طبعاً بعض ابنائنا وهذا جيلنا -عَلِمَ الله من باب الحرص الاكيد عليهِ- عندما تتكلم مع بعضهم ترى فوضى في ذهنه ومُخهِ لأنه يعتمد على ثقافات ما معلوم منشأها! هذا يفتح بعض المواقع او مواقع التواصل ويأخذ المعلومة يعتبرها رأس مال حقيقي بيده وعلى ضوءها يتصرف وينقل ما فيها الى الاخرين وهذا ليس من الحكمة.
أهم شيء عند الانسان عقله..
والانسان عَلِمَ الله اخواني وهذا شيء خاص بِنا عندما نتكلم هذه الخطبة الاولى او الثانية لا يفرق المهم اصل الكلمة.. الانسان كثيراً ما يراجع نفسه ويخاف لأن أي كلمة من الكلمات مسؤول عنها الانسان يوم القيامة.. وقفوهم انهم بالمعنى العام، (ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنهُ مسؤولاً)، حرص على ابنائنا هذا العقل الذي عندك احسن استخدامه في ان يوصلك الى مراحل رُقي كبيرة كُن متعلماً واعرف مصدر المعلومة لا تكن امعّة تردد ما تقرأ وتنقل ما تسمع..
انا لا اريد ان ادخل في مسائل اخرى لكن واقعاً هناك سياسية او طريقة في حالة من التجهيل وعدم الوعي كأنه هناك استلذاذ ببقاء سطحية الثقافة على هذا المستوى والمتعلم اذا تعلّم أكثر ستظهر لهُ حقائق ويرفض كثير مما يُقال لهُ لكن ابقائه على هذا المستوى أنفع لآخرين، العراق مجتمع متنور ومجتمع أصيل، ثقافة شبابنا لابد ان ترتقي ولابد ان نتعلم علماً حقيقياً، الجَهل مدعاة لنفوذ كثير من الامور والناس قد لا تلتفت.. اقرأوا التاريخ جيداً وسترون ان هناك مسائل جمّة نشأت بسبب الجهل.. الجهل مرض اخطر من المرض الجسدي.. ولذلك عندما تسمع بعض كلام ابنائنا عندما تلتقي عندما تسأل وتشاهد بعض اساليب نقل المعلومة واقعاً تُصاب بإحباط حالة من الجهل اشبه بالتفشي..!!
طبعاً انا لا اقول هذه مسألة أحد ابداً الكل مسؤول عنها انا وانت واجهزة الاعلام والاسرة والاب وهي ليست مسألة سياسية هي مسألة اجتماعية لكن هذه المسألة الاجتماعية عندما تتسع تكون خطرة..
العراق شعب متنور وشعب متحضر يفهم فيه عقول نيّرة.. الافراد والاسر والنساء والرجال والاباء الكل عليهم ان يستثمروا في ان نرتقي بالمجتمع علمياً ان ترتقي هذه الطبقة من الشباب ترتقي علمياً ويفهم الامور بواقعية لا أن ينقل ويقول، شخصية الانسان تظهر من خلال منطقهِ..
جلس احدهم عند حكيم فقال له الحكيم: تكلّم لأراك..اعرف وزنك من خلال كلامك..
المعلم مسؤول المدرس مسؤول الطالب الذي يبلغ من العمر شيئاً يشعر بالحاجة الى ان تكتمل شخصيته ايضاً عليه ان يفتش عن معلومة صحيحة وعن مصدر المعلومة والا مسألة الافتراء والكذب انبياء كُذّب عليهم وصُلحاء كُذّب عليهم.. مسألة الكذب بعمدٍ او تكذب على شخص بنائها انت تصدق فينقل كذبك للآخرين وهو يحسب نفسه صادقاً يقع في مشكلة اخرى بالإضافة الى ضلالة نفسه سيضلّ الآخرين..
اعتقد اخواني هذا الموضوع في غاية الاهمية وانا لا اريد ان ادخل اكثر مما ذكرت لكن الجهل مدمّر.. الانسان اذا اراد ان يحمي نفسه ويحصّن نفسه عليه ان يتعلم بالحد الأدنى..
علمّنا الله تعالى وإياكم ما ينفعنا في الدنيا والاخرة وحفظكم الله تعالى من كل سوء اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات تابع اللهم بيننا وبينهم بالخيرات وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..
حيدر عدنان
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق