العربة.. رفيق درب السائرين تحمل تعبهم وامتعتهم

تصاحبهم في مسيرتهم على طول الطرق المؤدية الى كربلاء المقدسة فعائلات جلبتها لتحمل الطفل الرضيع الذي ينام فيها ويصحو ويلعب ويضحك ويناغي الزائرين في بانوراما يدخل فيها عالم اخر غير بيت عائلته، وعائلات اخرى جعلتها لأطفال اكبر من الرضع يتناوبون عليها في المسير مئات الكيلومترات ليأخذوا قسطاً من الراحة تعينهم على اكمال مسيرتهم الحسينية نحو كربلاء البطولة والشموخ، وأخريات جعلنها مساعداً لهن يضعن فيهن امتعتهن من الحقائب والاكياس او الملابس ليخف حملهن ويسهل سيرهن لان حمل المرأة للحقائب قد يعيق حركتها او يهتك سترها، وعاجزون ومعاقون يمضون بها غير مبالين بالجهد الذي يبذلونه هم او من يدفعهم، لأنهم عزموا الامر على المسير ليثبتوا ان الكل مستعد للتضحية في سبيل قضيته الانسانية العادلة، ومسنات يستعن بها في المناطق القريبة من الحرمين المقدسين لأنهن لا يقوين على المسير بعد ايام من السعي نحو تسجيل اسمائهن في سجل الزائرين، تلك هي العربة التي ترافق الزائرين في مسيرتهم المقدسة.

اصحاب عبد الله الرضيع

تقود عربة مزدوجة وضعت فيها طفلين احدهم يغفو مطمئناً والاخر يرضع حليباً صناعياً، تسير بخطى متسارعة مع ابنتيها الصبيتين، قلت لها "زيارة ليش معذبة الاطفال وياج" ؟ردت " ام حسين" بشيء من الاستغراب "لا خوية كول اريدهم يمشون لابو عبد الله يستقبلون عبد الرضيع، هذوله اصحابه مثل ما للحسين اصحاب"، هزني هذا الرد وقلت لها، وكيف تتحملين مشقة السير ومعك هذه الثلة من الاطفال؟، فقالت "زوجي مقاتل في الجيش العراقي وهو من يشجعني كل عام فنسير سوية وهذا العام تعذر عليه المجيء الى البيت فاقسم علي ان اخذ كل ابنائنا وبناتنا واذهب الى قبلة الاحرار، فاستعين بهذه العربة المزدوجة لأضع طفلي التوأم فيها ونضع حقائبنا معهم، وتسير معي بنتاي الصبيتين وجئنا من الحصوة نمشي لمدة يومين ونبيت ليلتنا في احد مواكب جيراننا ثم نكمل السير الى كربلاء، مشيرة الى ان عهدها وزوجها مع الحسين "ع" ان نربي ابنائنا على منهجه ومبادئ ثورته.

 

سفر خفيف وشرعي

ثلاث نساء وصبي يدفعن عربة ملئنها بثلاث حقائب وربطن عباءاتهن على خصرهن كما ربطن جباههن بقطعة قماش خضراء "كتب عليها "لبيك يا زينب"، باغتهن بسؤال فوجئن به " العربة للأطفال فلماذا تضعن فيها الحقائب" ردت "عبير عبيد" جئنا سيراً على الاقدام من منطقة الحسينية في بغداد والمسافة طويلة واذا حملنا حقائبنا على ظهرنا فسنصاب بالإجهاد لذلك اصطحبنا عربة الاطفال لتكون معيناً لنا في سفرنا"، وتكمل صديقتها "ام عبير" ان المرأة ملزمة بالالتزام بالحجاب الشرعي والاخلاق الاسلامية وحمل المرأة لحقيبة على ظهرها قد يؤدي الى الضغط على عباءتها او ملابسها فيظهر منها ما يهتك سترها او حجابها، لذا نجعل العربة رفيقة دربنا في سفرنا ويكون سفرنا خفيف وشرعي.

قهر العجز

بترت ساقاه بتفجير ارهابي واصبح عاجز على السير فاعتمد على عربة مدولبة في تنقله داخل مدينة الصدر ببغداد، لكنه ومنذ عشر اعوام يصر على قهر العجز والارهاب فيسير من بيته الى مدينة كربلاء المقدسة سيراً بعربته التي يدفعها ولده سجاد، يشير جعفر سعدون (56 عاماً) ان للعربة الفضل الكبير في تسهيل زيارته الى كربلاء المقدسة وتسجيل اسمه في سجل الزائرين، فعجزه يمنعه من السير او حتى السفر بالسيارة الا ان العربة التي يدفعها ولده توصله الى كربلاء المقدسة، مشدداً انا اتحدى الارهاب و"داعش" والعجز والعوق لأني اعلم اني اصابتي ومن اصيب على شاكلتي بجرائم الارهاب لغاية واحدة هي ترك طريق محمد وآل محمد وهيهات ان نتركهم او نختلى عن منهجهم، ويضيف ارى عطفاً وفرحة وهمه في عيون الكثير من السائرين، كما اصبحت انا ومن يسير عاجزاً بعربته مثالاً ونموذجاً يقتدى به، وتلك بمفردها بركة وكرامة من الحسين "ع" لنا.

توصيلة عربة الخشب

جلسن متراصات ثلاثتهن في عربة خشبية من التي تستخدم في نقل البضائع والسلع في الاسواق التجارية يقودها شاب اسمر، قلت لهن "ها زايرات بس لا تعبتن"، فردت فرحة حمود " بعد روحي المسافة البقت بيهه ازدحام واحنه نتعب من تمشي على كيفها العالم، ونركب بالعربانة ويه جنطنه حتى نوصل براحة"، بينما يؤكد صاحب العربة احمد عليوي انهم ينقلون المئات من المسنات وكبار السن والعائلات التي لديها اطفال في اخر مناطق القطع ليوصلهم الى قرب المراقد المقدسة بأجور زهيدة ونساعدهم على اتمام زيارتهم".

كربلاء ــ قاسم الحلفي

تصوير ــ عمار الخالدي

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

المرفقات