لا يمكن أن ينشأ مجتمع مؤمن صالح ومنتظر لصاحب الأمر ويتمكن من القيام بواجباته ومهامه اتجاه دولة العدل الإلهي بدون الترابط بين أبناء المجتمع، فكلما قويت الروابط والأصر الاجتماعية كلما كان المجتمع أقرب إلى الصلاح، والقدرة على تحمل المسؤوليات الكبرى، فالمجتمع هو البيئة التي تنشأ فيها دولة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، وقد وردت نصوص كثيرة تحث الفرد والمجتمع على إيجاد الروابط الصحيحة بين أبناء المجتمع.
منها: ضرورة معاشرة أهل الفضل قال الإمام علي عليه السلام: (عاشر أهل الفضل تسعد وتنبل) [1].
وقال عليه السلام: (بحسن العشرة تأنس الرفاق)[2].
وقد روي عن مولانا الإمام صاحب الأمر عجل الله فرجه الشريف في توقيعه الشريف: (وَلَوْ أَنَّ أَشْيَاعَنَا وَفَّقَهُمُ اَللَّهُ لِطَاعَتِهِ عَلَى اِجْتِمَاعٍ مِنَ اَلْقُلُوبِ فِي اَلْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ عَلَيْهِمْ لَمَا تَأَخَّرَ عَنْهُمُ اَلْيُمْنُ بِلِقَائِنَا وَلَتَعَجَّلَتْ لَهُمُ اَلسَّعَادَةُ بِمُشَاهَدَتِنَا عَلَى حَقِّ اَلْمَعْرِفَةِ وَصِدْقِهَا مِنْهُمْ بِنَا فَمَا يَحْبِسُنَا عَنْهُمْ إِلاَّ مَا يَتَّصِلُ بِنَا مِمَّا نَكْرَهُهُ وَلاَ نُؤْثِرُهُ مِنْهُمْ وَاَللّٰهُ اَلْمُسْتَعٰانُ)[3].
أهمية التكافل الاجتماعي في حركة المنتظرين
ومن الأسس الاجتماعية المهمة في حركة المنتظرين لإمام الزمان عجل الله فرجه الشريف هو مسألة التكافل الاجتماعي وبث روح التعاون بين الغني والفقير فقد روي عن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال: (ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع)[4].
وقد عد القرآن الكريم الإمساك وعدم الانفاق سبيلا للتهلكة بقوله سبحانه وتعالى: (وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[5].
كما نهى القرآن الكريم عن مسألة حجب المال عن وظيفته الاجتماعية.
قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)[6].
وغيرها من النصوص التي تحث على التكافل، وتحذر من عدم الإنفاق، فان مسؤولية المجتمع والمنتظرين في عصر الغيبة الكبرى هو أن يعين الغني منهم الفقير، وانتشار هذه الحالة بين أصناف المجتمع من أهم مواطن الإعداد المهدوي، وهنالك كما هو واضح موارد كثيرة للإنفاق بعضها على سبيل الوجوب من قبيل الخمس، والزكاة، والنذور والكفارات وزكاة الفطرة وبعض موارد الإنفاق على سبيل الاستحباب وتحصيل الثواب كالصدقة، والأوقاف الخيرية والهدية والهبة، فكل هذه تساهم في عملية التوازن والتكافل الاجتماعي.
بحمد الله تعالى أن في واقعنا المعاصر توجد مؤسسات موثوقة تغني المؤمنين عن البحث عن الفقراء والمساكين وذوي الاحتياجات الخاصة من قبيل مؤسسة العين التي لها من الأدوار المهمة في عملية التكافل الاجتماعي، وهذه المؤسسة برعاية المرجعية العليا في النجف الاشرف المتمثلة بآية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله ومن هنا ينبغي تفعيل عملية التكافل الاجتماعي ما بين المنتظرين لأنه معلم يساهم كثيراً في تأليف القلوب، والاستعداد والجهوزية لنصرة صاحب الزمان، فإن الفقير تارة يعيش حالة من الأزمات التي لا يتمكن من خلالها أن يقاوم التحديات الكبرى والمنعطفات التي تحصيل في طريق الانتظار فالمبادرة والمساهمة والسعي لقضاء حوائج هؤلاء الفقراء والمساكين من شيعة أهل البيت عليهم السلام ورفع كاهل الفقر عنهم يجعلهم قادرين على مسايرة الأوضاع مهما كانت ومتمكنين من التواصل في مسيرة الانتظار المهدوي.
الهوامش:------
([1]) غرر الحكم ودرر الكلمج1 ص 645.
([2]) المصدر السابق ج1 ص 299.
([3]) بحار الانوار ج53 ص 172.
([4]) الكافي للكليني ج2 ص 668.
([5]) البقرة الآية 195.
([6]) التوبة الآية 34.
اترك تعليق