مراتب وجوب زيارة الإمام الحسين عليه السَّلام على المكلفين

زيارة الإمام الحسين عليه السَّلام فريضة على كلِّ مسلم

روى ابن قولويه القمِّي في كامل الزيارات بإسناده عن عليِّ بن ميمون قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «لو أنَّ أحدكم حجَّ ألف حجة ثم لم يأتِ قبر الحسن بن عليٍّ عليهما السلام لكان قد ترك حقاً من حقوق رسول الله صلَّى الله عليه وآله»، وسُئل عن ذلك فقال: «حق الحسين عليه السلام مفروض على كلِّ مسلم»[1].

هذه الرواية الشريفة قد وسعت دائرة الوجوب لزيارة الإمام الحسين عليه السلام فشملت (كلَّ مسلم)، وهذه دائرة ومرتبة أوسع، فزيارة الإمام الحسين عليه السلام حقٌّ ثابت ومفروض على كلِّ مسلم، ومن قصَّر في هذا الحق فقد قصَّر في حقٍّ من حقوق رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلّم.

زيارة الإمام الحسين عليه السَّلام واجبة على الرجال والنساء

روى ابن قولويه القمِّي في كامل الزيارات، بسنده عن أبي داود المسترق، عن أُمِّ سعيد الأحمسية، عن أبي عبد الله عليه السلام، قالت: قال لي: «يا أُمَّ سعيد، تزورين قبر الحسين؟» قالت: قلت نعم، فقال لي: «زوريه، فإنَّ زيارة قبر الحسين واجبة على الرجال والنساء»[2].

هذه الرواية صريحة في الوجوب، بل هي وسَّعت دائرة التكليف والوجوب فشملت الرجال والنساء «زيارة قبر الحسين واجبة على الرجال والنساء».

ونلاحظ أنَّ الإمام الباقر عليه السلام بعد أنْ سأل أُمَّ سعيد الأحمسية قائلاً لها «تزورين قبر الحسين؟» أمرها بتكرار الزيارة، (قلت نعم، فقال لي: «زوريه...»، ثمَّ علل ذلك بكون زيارة الإمام الحسين عليه السلام واجبة على الرجال والنساء، وهذا يكشف عن أهمية زيارة قبر الإمام الحسين عليه السلام.

ما هو تكليفنا تجاه فريضة زيارة الإمام الحسين عليه السلام؟

تؤكد توصيات أهل البيت عليهم السلام على جملة من النقاط منها الطهارة البدن واللباس والنية والمعرفة بحق المزور، والالتزام بالزيارات المأثورة وغيرها، ولسنا الآن بصدد بيان هذه الأُمور، لأنَّنا نودُّ بيان أمرين آخرين ذُكرا في بيانات العترة الطاهرة، فأحاديثهم الشريفة والمستفيضة نصَّت على توصيات منها:

(1): زوره.

(2): لا تجفوه.

كما ورد: «... زره ولا تجفه فإنَّه سيد الشهداء...»[3].

ورد عن الإمام الباقر عليه السلام: «... فزوروا قبورنا بالغاضرية»[4].

ونلاحظ أنَّ أُمَّ سعيد الأحمسية عندما سألها الإمام الصادق عليه السلام هل تزورين الإمام الحسين عليه السلام قالت نعم، فقال لها: «زوريه فإنَّ زيارة قبر الحسين عليه السَّلام واجبة على الرجال والنساء»[3]، فعلى الرغم من أنَّ أُمَّ سعيد أجابت بالإيجاب، نرى أنَّ الإمام طالبها بتكرار الزيارة «زوريه».

وهذا التكرار واجب أوجبه الإمام الصادق عليه السلام على أُمِّ سعيد الأحمسية معللاً لها أنَّه واجب على الرجال والنساء.

وما نودُّ أنْ نقوله هنا ونركز عليه هو ثلاث نقاط وهي لا بُدَّ أنْ نزور قبر الحسين عليه السلام، ونكرر الزيارة باستمرار حتى نرفع كلَّ حالة جفاء تتحقق بيننا وبين قبر الإمام الحسين عليه السلام.

 

عقوبة من ترك فريضة زيارة الإمام الحسين عليه السلام

تحدثت الروايات الشريفة المعتبرة عن وجود عقوبات خطيرة جداً تترتب على من ترك زيارة الإمام الحسين عليه السلام عصياناً واستخفافاً، ونحن في هذه الدراسة الخاطفة سنتحدث عن ثلاث منها وهي:

1- إنَّه ليس من شيعة آل محمَّد عليهم السلام.

2- إنَّه عاقٌّ لآل محمَّد عليهم السلام.

3- إنَّه رجل من أهل النار.

وهناك آثار عديدة لعلَّنا نوفق لها في مناسبة أُخرى.

1. من لم يزر الحسين عليه السَّلام فهو ليس من شيعة آل محمَّد عليهم السلام

روى ابن قولويه في كامل الزيارات بسنده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «من لم يأتِ قبر الحسين عليه السَّلام وهو يزعم أنَّه لنا شيعة حتى يموت، فليس هو لنا بشيعة، وإنْ كان من أهل الجنة فهو من ضيفان أهل الجنة»[5].

تبيّن هذه الرواية أنَّ «من لم يأتِ قبر الحسين عليه السلام» فهو ليس من شيعة أهل البيت عليهم السلام، حتى وإنْ زعم «أنَّه لنا شيعة»، ومن الواضح لو لم تكن زيارة قبر الإمام الحسين عليه السلام واجبةً فلا يترتب أثر كهذا على تركها، وأيُّ عقوبة أشد من سلب التشيع؟وهذا ما يدلُّ على أنَّ زيارة الإمام الحسين عليه السلام من أهم الواجبات والفرائض.

والعجيب أنَّ الرواية الشريفة بيّنت حقيقة أُخروية لهذا الفرد التارك لزيارة الإمام الحسين عليه السلام، فمع فرض دخوله للجنة فهو «من ضيفان أهل الجنة»، فبعض المذنبين يدخلون الجنة ولو بعد ألف عام تحت ظروف وشروط خاصة، وهم لا يملكون بيوتاً في الجنة، فهم ضيوف، لأنَّ الجنة مخلوقة من نور الإمام الحسين عليه السلام، فمن لم يزره لا يملك فيها عقاراً ولا داراً.

2. من لم يزر الإمام الحسين عليه السَّلام فهو عاقٌّ لمحمَّد وآل محمَّد عليهم السلام

روى ابن قولويه في كامل الزيارات بسنده عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل قال: قلت: (جعلت فداك، ما تقول فيمن ترك زيارته وهو يقدر على ذلك؟ قال: «أقول: إنَّه عقَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وعقَّنا واستخف بأمر هو له...»)[6].

هذه الرواية صريحة في الدلالة على وجوب زيارة الإمام الحسين عليه السلام، لأنَّها عبّرت عمَّن تركها بأنَّه (عاقٌّ) لرسول الله صلَّى الله عليه وآله، وعاقٌّ لأهل البيت عليهم السلام، وهذا العقوق لا يكون إلَّا بترك الواجب، والعقوق عصيان، وصاحبه مذنب ومذموم.

وتؤكد بيانات العترة الطاهرة أنَّ مرض العقوق له جذر، وجذره قلة التوقير والتعظيم، كما ورد في الحديث «العقوق من قلة توقير الوالدين»[7].

والوالدان صنفان، والد النسب، ووالد النور والدين، وهما محمَّد وعليٌّ والأئمة عليهم السلام، ومن عقَّ الصنف الثاني فلا يجد ريح الجنة كما ورد «لا يجد ريح الجنة عاقٌّ»[8].

 

3. من ترك زيارة الإمام الحسين عليه السَّلام فهو من أهل النار

روى ابن قولويه القمِّي في كامل الزيارات بسنده عن هارون بن خارجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (سألته عمَّن ترك الزيارة، زيارة قبر الحسين بن عليٍّ من غير علَّة، قال: «هذا رجل من أهل النار»[9].

من الواضح جداً أنَّ هذه الرواية تبيّن عقوبة تارك زيارة الإمام الحسين عليه السلام من غير علَّة، وهي أنَّه «من أهل النار»، ولا يكون الفرد من أهل النار إلَّا إذا ترك الواجبات والفرائض العظيمة التي بسبب تركها يستحق دخول النار.

والعجيب أنَّ هناك واجبات يمكن غضُّ الطرف عنها يوم القيامة في قبال بعض الأعمال الصالحة، إلَّا أنَّنا نرى أنَّ الإمام الصادق عليه السلام يؤكد على أنَّ ترك الزيارة يؤدي جزماً حتماً إلى مصير النار نعوذ بالله تعالى.

الهوامش:---------------------------------------------------------------

 

[1] كامل الزيارات: ص357؛ وسائل الشيعة: ج14، ص432.

 

[2] كامل الزيارات: ص237؛ وسائل الشيعة: ج14، ص437

[3] كامل الزيارات: ص184.

 

[4] المصدر نفسه: ص452.

[5] كامل الزيارات: ص 356؛ الوسائل: ج14، ص432.

 

[6] كامل الزيارات: ص246.

 

[7] وسائل الشيعة: ج21، ص503.

 

[8] المصدر نفسه: ج21، ص481.

 

[9] كامل الزيارات: ص 356؛ الوسائل: ج14، ص433.

 

 

المرفقات

: الشيخ حمزة اللامي