إن بنائية الاشكال لدى كثير من الفنانين المحدثين قد اتخذت مسارات جمالية متعددة واللوحة اعلاه تمثل احدى اروع المسارات الجمالية التي تبناها الفنان الحروفي التونسي صفوان ميلاد والناطقة بمنحى جمالي خطي ترجم من خلالها طروحاته الفنية لإظهار الجمال المثالي، اذ رأى الرسام ان الجمال الخالص يتموضع في الخطوط المنحنية والمستقيمة والنقاط والزوايا التي مثلتها الاحرف والكلمات المتشابكة بأشكالها التي تمتلك متعتها الجمالية في ذاتها، دون أن يكون هناك ما يستدعي جمال حسي مقتبس من العالم المادي المتعارف عليه، فهذه الأشكال الخالصة تحاكي جمال مثالي مطلق متسامي عن النسبي ويمكن أن يستخلص من العقل الخالص.
إن بنائية الاشكال لدى كثير من الفنانين المحدثين قد اتخذت مسارات جمالية متعددة واللوحة اعلاه تمثل احدى اروع المسارات الجمالية التي تبناها الفنان الحروفي التونسي صفوان ميلاد والناطقة بمنحى جمالي خطي ترجم من خلالها طروحاته الفنية لإظهار الجمال المثالي، اذ رأى الرسام ان الجمال الخالص يتموضع في الخطوط المنحنية والمستقيمة والنقاط والزوايا التي مثلتها الاحرف والكلمات المتشابكة بأشكالها التي تمتلك متعتها الجمالية في ذاتها، دون أن يكون هناك ما يستدعي جمال حسي مقتبس من العالم المادي المتعارف عليه، فهذه الأشكال الخالصة تحاكي جمال مثالي مطلق متسامي عن النسبي ويمكن أن يستخلص من العقل الخالص.
في هذا العمل الفني سلك صفوان سلوكاً ا ورائيا في رؤيته للجمال حيث رحَل الأنساق البنائية في اللون والخط إلى مدركات عقلية ذهنية.. وأنفصل تماماً عن المدركات الحسية التي تستميل الذهن إلى العالم المرئي وبهذا حقق بجلاء توصيفات الجمال الخالص وتموضعاته في أشكال مثالية الجمال تتجاوز السياقات البنائية ذات المنحى الواقعي، فأبعد عن الشكل كل ما هو متغير وطارئ ليصل إلى الجوهري الخالص عبر توليفات بنائية متعددة الاشكال ليحقق النقاء الخالص والكامن في الشكل التجريدي وبهذا يصل الفنان إلى منظورية صافية في الشكل، فالشكل الفني لديه أصبح شكل رمزي صرف متعال عن أية غرضية نفعية وبهذا المعنى يكون الشكل المجرد الخالص المعيار الوحيد للجمال الفني، الذي نادى به كثير من فلاسفة الجمال في الغرب والشرق حيث اقر في اشكاله الفنية بان الجمال الخالص يكمن في الشكل الخالص.
وعلى وفق بنية الاشكال المجردة في هذا العمل الفني الذي يمثل أحد خلاصات فن الحروف الجمالية التي توصل لها الفنان من خلال بحثه عن الجوهري والنقي الخالص، وجد في الشكل المجرد بخطوطه المنحنية والمستقيمة ونقاطة الملونة المبعثرة حالة من النقاء الخالص واستنفارا للجمال الخالص الكامن فيه ر- فهو جمال في ذاته ولذاته - ، والذي يمكن أن يوظف كمنطلق ومبدأ بنائي تسير وفقه بنائية الشكل من خلال تعارضاته وما ينتج عنها، فقد عوّل ميلاد في معالجاته البنائية للشكل تماماً على الخطوط المنحنية المتداخلة والمتقاطعة عمودياً وأفقياً لتتولد منها منحنيات وزوايا اخاذة لنفس المتلقي .
وهنا نجد إن هذه الخطوط والحروف الناتجة وباتجاهاتها المختلفة وفق هذه الصيغة المجردة، هي تلخيص عن جميع أنواع الخطوط واتجاهاتها كحالات فردية متعددة للخط، ، ليلخصها الفنان بحالة واحدة كلية هي جمالية الخط العربي المتقاطع والمتداخل بين حروفه كحالة جمالية استثنائية، هذا فضلاً عما تمنحه هذه الخطوط من انطباعات مختلفة من تدفق وديمومة للحركة على نحو ثابت وآخر مستمر، لتتسق بدورها مع جوهر الحركة الكونية الشاملة التي هي من خلق الله جل وعلا، ومن المفيد هنا الاشارة الى أن هذه الصيغة في التشييد الفني، عولت كثيراً على الفعل البصري لطاقات الخطوط المنحنية في تركيباتها المتداخلة، لتصبح جزءً من القوانين الكونية من تعارض وتنافر وائتلاف .
ولا يمكن التغاضي عن عنصر اللون في هذا المنجز الفني ، فقد آتى به الفنان استكمالاً لهذه الرؤية الجمالية التجريدية الخالصة ذات الطابع الكلي الشمولي ، فقد اقتصر ميلاد في رسمته الحروفية اعلاه على الألوان الرئيسة الأساسية الثلاث الأصفر والأزرق والأحمر وتدرجاتها المختلفة، إذ إن هذه الألوان لا يمكن اشتقاقها من ألوان أخرى ، فهي تمثل معطى أولي عام وكلي لجميع الألوان الفردية التي يمكن اشتقاقها منها ، وهي بدورها تمتلك جمالا نقيا خالصا في طبيعتها، وهنا نستطيع ان نميز ان بنائية الشكل التجريدي الخالص لدى الفنان ميلاد قد اعتمدت على عناصر بنائية هي نفسها مجردة وخالصة ، فالخط واللون امتلكا الجمال الخالص في طبيعة كيانهما والأشكال الناتجة عنهما لا يمكن أن تحيل العمليات الإدراكية إلى المرجعيات الحسية المباشرة في أشكال العالم المادي، فهذه التراكيب الشكلية المجردة تتجاوز الأحاسيس الفردية وتحيلها الى الماورائيات وبالتالي العودة الى المبدع المصور الاول الله جل شأنه.
اترك تعليق